مجلس الأمن يندد بالعنف في ليبيا ويطالب بالانتخابات سريعاً

دعا غوتيريش إلى تعيين ممثله السنغالي عبد الله باتيلي «فوراً»

جانب من الدمار في العاصمة الليبية طرابلس الذي سببه الصراع المسلح 27 أغسطس (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في العاصمة الليبية طرابلس الذي سببه الصراع المسلح 27 أغسطس (أ.ف.ب)
TT

مجلس الأمن يندد بالعنف في ليبيا ويطالب بالانتخابات سريعاً

جانب من الدمار في العاصمة الليبية طرابلس الذي سببه الصراع المسلح 27 أغسطس (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في العاصمة الليبية طرابلس الذي سببه الصراع المسلح 27 أغسطس (أ.ف.ب)

طالب مجلس الأمن كل الأطراف الليبية بالكف عن أعمال العنف وتنفيذ وقف إطلاق النار «بشكل كامل»، وبانسحاب كل المقاتلين الأجانب والمرتزقة من البلاد، محذرين من أن لجنة عقوبات الأمم المتحدة مخولة بملاحقة الأفراد والكيانات الذين يهددون عملية الانتقال السياسي في البلاد، بما في ذلك عن «طريق عرقلة أو تقويض الانتخابات» التي ينبغي إجراؤها «في أسرع وقت ممكن».
وفي خطوة متزامنة مع البيان الذي دعا إلى تعيين ممثل خاص للمنظمة الدولية في ليبيا «على الفور»، وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رسالة إلى أعضاء مجلس الأمن يعلمهم فيها أنه «ينوي» تعيين السنغالي عبد الله باتيلي ممثلاً له في ليبيا، طاوياً بذلك صفحة خلافات استمرت نحو عشرة أشهر بين أعضاء مجلس الأمن على تعيين خلف للمبعوث الخاص السابق يان كوبيش الذي استقال في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي.
وشهدت الأشهر الماضية خلافات بين أعضاء مجلس الأمن، لا سيما بين الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من جهة، وروسيا والصين من الجهة الأخرى، على تحديد طبيعة البعثة الأممية في ليبيا وطريقة تقسيم العمل في قيادتها وفي قيادة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل). ودخلت الدول الأفريقية الأعضاء في مجلس الأمن على خط هذه الخلافات، مطالبة بأن يكون المبعوث الجديد من القارة. ونظراً إلى استحسام هذه الخلافات، عيّن الأمين العام القائمة السابقة بأعمال رئيس البعثة ستيفاني ويليامز مستشارة خاصة له قامت عملياً بدور المبعوث الخاص. وهذا ما أثار غضب روسيا من غوتيريش.
وأصدر أعضاء مجلس الأمن بياناً ليل الخميس، نددوا فيه بـ«الاشتباكات العنيفة التي ارتكبتها الجماعات المسلحة» في طرابلس في 27 أغسطس (آب) الماضي، والتي أدت إلى سقوط ضحايا مدنيين وتدمير للبنية التحتية المدنية». ودعوا كل الأطراف إلى «الحفاظ على الهدوء السائد على الأرض»، وطالبوها أيضاً بـ«احترام القانون الدولي، لا سيما فيما يتعلق بحماية المدنيين». وحضوا كل الأطراف على «السماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ومن دون عوائق وتسهيله»، بالإضافة إلى «الامتناع عن العنف أو أي أعمال أخرى من شأنها تصعيد التوترات وتقويض العملية السياسية أو وقف إطلاق النار» الذي جرى التوصل إليه في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2020، مشددين على أنه «ينبغي تنفيذه بالكامل، بما في ذلك من خلال انسحاب جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة من البلاد من دون مزيد من التأخير».
وأكد أعضاء مجلس الأمن في بيانهم أنه «لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري» في ليبيا، مطالبين كل الأطراف بأن «تتفق بتيسير من الأمم المتحدة على مسار لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في كل أنحاء البلاد في أقرب وقت ممكن من خلال الحوار والتسوية والمشاركة البناءة بطريقة شفافة وشاملة». وطلبوا من الأمين العام للأمم المتحدة تعيين ممثل خاص له «على الفور». وأكدوا أهمية «الحوار الوطني الشامل والجامع وعملية المصالحة التي تهدف، من بين أمور أخرى، إلى تشكيل حكومة ليبية موحدة قادرة على الحكم في كل أنحاء البلاد وتمثيل الشعب الليبي بأسره». ودعوا إلى «المشاركة الكاملة والمتساوية والفعالة والهادفة للمرأة على كل المستويات، بما في ذلك في المناصب القيادية، وفي كل النشاطات واتخاذ القرارات المتعلقة بالانتقال الديمقراطي وحل النزاعات وبناء السلام، ودمج الشباب وتمثيل المجتمع المدني». وأشاروا إلى أن التدابير المنصوص عليها في القرار 1970 لعام 2011، بصيغتها المعدلة بقرارات لاحقة، «تنطبق على الأفراد والكيانات التي تحددها لجنة عقوبات الأمم المتحدة بشأن ليبيا للمشاركة في أو تقديم الدعم للأعمال التي تهدد السلام أو الاستقرار أو الأمن في ليبيا أو عرقلة أو تقويض الاستكمال الناجح لعملية انتقالها السياسي، بما في ذلك عن طريق عرقلة أو تقويض الانتخابات». وطالبوا كذلك بـ«الامتثال الكامل من كل الدول الأعضاء لحظر الأسلحة المفروض بموجب القرار 1970 بصيغته المعدلة بقرارات لاحقة. وكرروا مطالبتهم بأن تمتثل كل الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي»، مشددين على «وجوب محاسبة المسؤولين عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي وانتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان».


مقالات ذات صلة

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال التصويت على مشاريع قرارات بشأن القضية الفلسطينية (إ.ب.أ)

غالبية أممية ساحقة تطالب بوقف فوري للنار في غزة

أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأكثرية ساحقة الوقف الفوري للنار في غزة مؤكدة على دعم وكالة «الأونروا» وسط اعتراضات أميركية وإسرائيلية.

علي بردى (واشنطن)

كيف ترى مصر اتفاق المصالحة الصومالية - الإثيوبية؟

الرئيس التركي يتوسط نظيره الصومالي ورئيس وزراء إثيوبيا (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس التركي يتوسط نظيره الصومالي ورئيس وزراء إثيوبيا (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

كيف ترى مصر اتفاق المصالحة الصومالية - الإثيوبية؟

الرئيس التركي يتوسط نظيره الصومالي ورئيس وزراء إثيوبيا (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس التركي يتوسط نظيره الصومالي ورئيس وزراء إثيوبيا (وكالة الأنباء الصومالية)

أنهى اتفاق صومالي - إثيوبي برعاية تركية بشكل مبدئي خلافاً تصاعدت وتيرته على مدار نحو عام بين البلدين، بدأ مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي عقب اتفاق بين أديس أبابا وإقليم أرض الصومال الانفصالي يمنح إثيوبيا منفذاً بحرياً، عدّته مقديشو انتهاكاً لسيادتها، ولاقى رفضاً عربياً خاصة من القاهرة.

ورغم توتر العلاقات بين مصر وإثيوبيا، فإن السفير محمد العرابي وزير الخارجية المصري الأسبق، ورئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، قال في حديث لـ«الشرق الأوسط»إن «القاهرة يهمها استقرار منطقة القرن الأفريقي وسترحب بأي اتفاق يدفع نحو الاستقرار والتنمية».

الطرح نفسه أيده دبلوماسيون مصريون سابقون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، وسط توقعات بأن تكون هناك تفاهمات مع القاهرة، خاصة وهي تجمعها علاقات متنامية بتركيا والصومال، لافتين إلى أن المخاوف المصرية من المواقف الإثيوبية، يمكن أن تنتهي إذا «حسنت نيات» أديس أبابا، بإبرام اتفاق نهائي يحقق مطالب مقديشو ولا يهدد مصالح دول المنطقة.

ووقعت إثيوبيا اتفاقاً مبدئياً في يناير 2024 مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي عن الصومال، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمّن ميناءً تجارياً، وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولةً مستقلة، وهو ما قوبل برفض صومالي وعربي، لا سيما من القاهرة التي لديها مخاوف من تهديدات إثيوبية لأمنها عبر البحر الأحمر.

تبع الرفض توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو في أغسطس (آب) والموافقة على المشاركة في البعثة الأفريقية لحفظ السلام المقررة في 2025 - 2029، تلاه مد الصومال بأسلحة ومعدات لمواجهة حركة «الشباب» الإرهابية، وصولاً إلى إعلان وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي استبعاد القوات الإثيوبية (المقدرة بنحو 4 آلاف جندي منذ 2014) من بعثة حفظ السلام المقبلة، بسبب «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال»، وطلبه في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي مغادرتها البلاد «وإلا فسيعد بقاؤها احتلالاً».

ووسط تلك التوترات، قادت تركيا جولتي وساطة بين إثيوبيا والصومال لحل الخلاف ترجمت الأربعاء في محطة محادثات ثالثة، باتفاق الجانبين على «احترام سيادة كل من بلديهما ونبذ خلافاتهما»، والإقرار بـ«الفوائد المحتملة التي يمكن جنيها من وصول إثيوبيا الآمن إلى البحر، مع احترام سلامة أراضي الصومال»، وإعلان «بدء مفاوضات تقنية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي في غضون 4 أشهر، بمساعدة تركية»، وفق ما أوردته «وكالة الأنباء الصومالية»، الخميس.

ويرى العرابي أن القاهرة لن تكون لديها مشكلة مع أي شيء يحقق استقرار المنطقة، مؤكداً أن الاتفاق لم يتضح بعد لكن الدولة المصرية ليست لديها مشكلة معه «شريطة ألا يتعارض مع مصالحنا واتفاقاتنا السابقة مع الصومال»، مؤكداً أنه لا يمكن في ظل توترات المنطقة وحالة عدم اليقين توقع نجاح مفاوضات الاتفاق من عدمه.

ويوضح عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، أن أحد ثوابت السياسية الخارجية المصرية، دعم الاستقرار في المنطقة، وأي جهد يبذل في تحقيق الغاية سيكون محل تأييد من مصر، خاصة أن التوتر في منطقة القرن الأفريقي، مقلق ويهدد الأمن القومي المصري والعربي والدولي.

وباعتقاد نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية ومساعد وزير الخارجية الأسبق السفير صلاح حليمة، أن ذلك الاتفاق المبدئي يعد خطوة أولى نحو بدء محادثات لاحقة بين الجانبين، ويحمل إشارة لاحترام سيادة الصومال وتجنب زعزعة الاستقرار، ومن ثمّ يكون الاتفاق يسعى لتجنب مذكرة التفاهم مع أرض الصومال وهذا مطلب مصري سابق، مرجحاً أن يكون الاتفاق تم «ربما بنوع من التفاهمات المسبقة بين مصر وتركيا والصومال لمراعاة مخاوفهم في ظل العلاقات المتميزة بينهم».

ولم يصدر تعليق رسمي عن مصر، غير أن القاهرة كانت استضافت الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين مصر وتركيا حول أفريقيا، واتفق الجانبان على «تعزيز التعاون من خلال أطر ومسارات متعددة لتحقيق أهدافهما المشتركة بالقرن الأفريقي والبحر الأحمر، ومواصلة دعم الجهود الصومالية في مكافحة الإرهاب»، وفق بيان صحافي لوزارة الخارجية المصرية في 13 نوفمبر الماضي.

وفي مؤتمر صحافي الأربعاء، وصف الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، اتفاق الصومال وإثيوبيا بأنه «تاريخي»، ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي، وعدّه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، «وضع حداً للخلاف»، وأكد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد «تسوية سوء التفاهم الذي حدث»، مؤكداً أن «إثيوبيا تريد وصولاً آمناً وموثوقاً به إلى البحر وهذا الأمر سيفيد جيراننا بالقدر نفسه».

وفي رأي حليمة، أن الاتفاق فيه إشارة إلى أن يكون لإثيوبيا منفذ بحري ولكن على أساس من التعاون واحترام سيادة ووحدة الدول، وهذا سيترجم خلال المفاوضات المنتظرة وسنرى كيف سيتم، لافتاً إلى أن مصر دولة كبيرة بالمنطقة وحريصة دائماً على روح التعاون وسترحب بأي موقف يكون قائماً على احترام المواثيق الدولية وسيادة ووحدة الدول.

ويتوقف مستقبل ذلك الاتفاق وتقبله من مصر على حسن نيات أديس أبابا، وفق تقدير حليمة، مؤكداً أن العلاقات بين مصر والصومال وكذلك تركيا متميزة، وأنقرة لها دور كبير بمقديشو وأديس أبابا، وإذا خلصت النيات الإثيوبية، يمكن إنهاء أزمة المذكرة ويمكن أن يدفع ذلك أنقرة لبحث إنهاء ملف السد أيضاً، خاصة أن الاتفاق الأولي الحالي يعني عودة للالتزام الدولي والتراجع عن فرض الأمر الواقع والتصريحات الأحادية، وهذا مطلب مصر أيضاً.

ويعتقد الحفني أن تحسن العلاقات الصومالية الإثيوبية والتوصل لاتفاق نهائي يصبان في تكريس الاستقرار بالمنطقة، مؤكداً أن مصر دائماً تحض على التفاهم واحترام سيادة الدول والاستقرار.