«مو»... تجربة مهاجر فلسطيني إلى هيوستن على شاشة طالما غُيّبت عنها

مو يعطي العاملة قطعة خبز بالزيت (نتفليكس)
مو يعطي العاملة قطعة خبز بالزيت (نتفليكس)
TT

«مو»... تجربة مهاجر فلسطيني إلى هيوستن على شاشة طالما غُيّبت عنها

مو يعطي العاملة قطعة خبز بالزيت (نتفليكس)
مو يعطي العاملة قطعة خبز بالزيت (نتفليكس)

حقق مسلسل «مو» الذي تعرضه شاشة «نتفليكس» نسب مشاهدة عالية في أسبوع عرضه الأول، لينضم إلى قائمة الـ(Top 10) لأفضل ما يوصى بمشاهدته على تلك الشاشة.
«مو» هو قصة محمد، المهاجر الفلسطيني المسلم إلى هيوستن في ولاية تكساس الأميركية، المسلسل كوميدي على شكل سيرة ذاتية، مؤلف من ثمانية أجزاء يلعب دور البطولة محمد عامر، الذي يتشارك الإنتاج مع رامي يوسف.
المسلسل يتناول حياة المهاجر العربي المسلم بشكل عام، والفلسطيني خصوصاً، واللافت هو أن «نتفليكس» تسلط الضوء على المهاجر الفلسطيني تحديداً ولأول مرة.
بعيداً عن القضية الفلسطينية ومعاناة الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، تُعرض حياة الفلسطيني في الغربة بكل حذافيرها، ولكن بشكل فكاهي لا يخلو من الدراما.
تبدأ القصة مع عائلة فلسطينية اضطرت لترك فلسطين والعيش في الكويت، حيث ولد محمد أو «مو» وعاش إلى جانب شقيقته الكبرى وشقيقه الذي يعاني من التوحد.
بعد حرب الكويت اضطرت العائلة للسفر إلى هيوستن في الولايات المتحدة، وبقي الوالد في الكويت ليكتشف مو عندما أصبح بالغاً بأن أبيه الذي توفي لاحقاً، كان قد تعرض للتعذيب في أحد السجون في الكويت مما جعله يعاني من حالة نفسية صعبة.

محمد عامر في دور مو وفرح بسيسو في دور أمه (نتفليكس)

مو شخص ودود ومحب لعائلته، تربطه علاقة قوية بوالدته التي تؤدي دورها فرح بسيسو. أوصاه والده بالاهتمام بأخيه وبباقي أفراد العائلة وهكذا حصل. عاش كل حياته يلعب دور الأب والأخ والصديق، ظروفه الحياتية لم تكن سهلة منذ انتقاله للعيش في أميركا، وهو في التاسعة من العمر. عانى من مشكلات كثيرة، على رأسها عدم حصوله وعائلته على أوراق رسمية، ليبقى وضعهم في البلاد وإقامتهم غير شرعية، ما اضطر مو للقيام بأشغال لا تتوافق مع القانون، كبيع السلع المقلدة، وأعمال أخرى لا تتوافق مع دينه المسلم، كالعمل في نادٍ للعراة.
مو يتكلم اللغة الأميركية وبالطبع بطلاقة وبلكنة أميركية بحتة، وهذا الأمر بديهي لشاب عاش منذ صغره فيها. في حين نرى والدته متمسكة بجذورها وبلهجتها الفلسطينية ولكنتها الإنجليزية التي تُدخل فيها الكثير من المفردات العربية، وضعٌ لا يفهمه إلا الجيل العربي الأول من المهاجرين. جيلٌ يعيش حالة من التناقض ما بين مجتمعين لا يمتان بصلة إلى بعضهما بعضاً، والأسوأ، أنه يشعر وكأنه لا ينتمي إلى أي من هذين المجتمعين، فقد عاش في أميركا وعايش الأميركيين، وفي الوقت نفسه، يعيش في كنف العادات الفلسطينية، وأم تؤمن بأن زيت الزيتون هو الغذاء والدواء، وتحمل قارورة من زيت فلسطين في حقيبتها أينما حلّت، ومرّرت هذا الموروث إلى ابنها الذي تبنى التقليد وأصبح سفيراً لزيت فلسطين أينما حل.
مسلسل «مو» يعكس واقعاً حقيقياً للأجيال العربية التي تعيش في الغربة، والتي تعاني من وابل التناقض والمتناقضات، على سبيل المثال علاقة مو بحبيبته المكسيكية المسيحية، فتربطه بها علاقة حب وجنس، وعندما يتكلم معها عن الزواج، يبين نيته بالطلب منها تغيير دينها، وربما ارتداء الحجاب لكي تقبل والدته بها وتبارك زواجهما.

الكوميدي الفلسطيني الأميركي محمد عامر (نتفليكس)

وفي مشهد داخل متجر كبير، يدور مشكل ما بين شخصين، يقع مو ضحيته، ويُصاب بطلق ناري في كتفه، وعند طلب سيارة الإسعاف يرفض الذهاب إلى المستشفى لأنه لا يملك أوراقاً شرعية، فيتوجّه إلى صديقه الذي يملك محلاً للوشم ليُطهر جرحه ويضمّده. الجرح وقع حيث رسم مو وشماً يحمل اسم والده؛ لكنه لم يخبر والدته به، لأن الوشم حسب معتقداتها عار. وعندما يصل المنزل تسمع والدته بأنه تعرض لرصاصة، واللافت والمضحك هنا أنها لم تأبه للجرح والإصابة (التي كانت قد تودي بحياته)، إنما فقدت صوابها لحظة رؤية الوشم. وهذا الأمر، من ضمن التناقضات التي يعيشها أبناء المهاجرين العرب بشكل عام.
وعندما ذهب مو للتبضع في السوبرماركت عرضت عليه إحدى العاملات بأن يجرب منتجاً جديداً للحمص بالشوكولاته، ليعود الدم الفلسطيني وينتفض في عروق مو وبقوة، فيعترض على هذه الخلطة المهينة لتقاليده وعاداته، ويبدأ بشرح تاريخ الحمص وأهميته في بلده الأم، ولم يكتفِ بذلك، لا بل أخرج قارورة زيت الزيتون التي يحملها في جيبه دائماً، وغمس قطعة من الخبز بها وأعطاها للعاملة لكي تتعرف على محصولات بلده وتتلذذ بمذاقها.
المسلسل جميل، والأجمل هو أداء محمد عامر، الذي صنع لنفسه اسما في عالم الكوميديا؛ فهو من الكوميديين المعروفين بالـ(Standup Comedy) في الولايات المتحدة، ولديه أعمال عدّة مثل (Mo Amer The Vagabond)، ومحمد في تكساس، وفي أعماله يمزج وبذكاء ومهارة حياة الجيل العربي المهاجر الأول إلى الولايات المتحدة.
يتكلم مو في المسلسل العربية مع عائلته وأصدقائه العرب، ويتكلم الإنجليزية والإسبانية بطلاقة. عاش معظم حياته في الولايات المتحدة، ولكن علاقته بذويه في فلسطين لا تزال متجذرة داخله. تتصل والدته عن طريق الفيديو أو «فايس تايم» مع شقيقتها في فلسطين، ليدخل مو على الخط لتعليم خالته بعض الأشياء التي لها علاقة بالتكنولوجيا التي لا تزال في مستهل طريقها إليها.
المسلسل مزيج من الخيبات والدراما والهجرة المرّة مع التطلع لحياة ومستقبل أفضل، والعمل والجهد لكسب العيش في بلد يحرمك من الأوراق الثبوتية بمجرد أنك مهاجر، فتجد نفسك تتعذب وتقاتل من أجل هويتك الضائعة أصلاً، وتقوم بأعمال ليست من شيمك وشيم عائلتك التي ربتك على صنع الخير والتمسك بالأدب، فمو تعلم من والده مهندس الاتصالات الكثير، وعمل في مستهل الحلقة الأولى في محل لتصليح الهواتف ليخسر وظيفته ويُطرد، بعد أن خاف صاحب المحل بأن يكتشف أحدهم بأنه يعمل بطريقة غير شرعية.
يشدّك المسلسل منذ الحلقة الأولى، وأداء الممثلين رائع، يفهمه كل من يعيش في بلاد الغربة. يلمح إلى السياسة ولا يغوص فيها، يتكلم عن الخيبات ولا يقع في مأساتها. فيه الكثير من الحب، والدين من دون تعصب، فيه الفكاهة والحزن، باختصار فيه يوميات كل عربي مهاجر إلى بلاد الله الواسعة.


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

بلان: لا أحب أيام «الفيفا»

بلان اعترف أن فريقه لم يقدم مباراة رائعة أمام الفتح (تصوير: عدنان مهدلي)
بلان اعترف أن فريقه لم يقدم مباراة رائعة أمام الفتح (تصوير: عدنان مهدلي)
TT

بلان: لا أحب أيام «الفيفا»

بلان اعترف أن فريقه لم يقدم مباراة رائعة أمام الفتح (تصوير: عدنان مهدلي)
بلان اعترف أن فريقه لم يقدم مباراة رائعة أمام الفتح (تصوير: عدنان مهدلي)

أكد لوران بلان مدرب فريق ‫الاتحاد أنه لا يحب المواجهات التي تعقب أسبوع «الفيفا» بسبب صعوبة الإعداد لها «يومين أو ثلاثة فقط»، وكونها أمراً ليس احترافياً، إضافة إلى حضور بعض المفاجآت من ناحية الإصابات وتحركات اللاعبين والسفر.

وتابع بلان: «أقدّم التهنئة للاعبين، لم نؤدِّ مباراة رائعة اليوم، ولكن الأهم أننا لم نستقبل أهدافاً. أحياناً يجب أن تكون سعيداً بالقليل».

وعن رأيه باللاعب ماريو ميتاي وهل كان المدير الرياضي مَن اختار اللاعب أو هو كمدرب، رد على سؤال «الشرق الأوسط» قائلاً: «ماريو لاعب جيد وشاب لا بد أن يعمل أكثر للتطور. دفاعياً جيد جداً، ولكن أفضل ما يميزه هو جانب التوقع، وهو أفضل مهارة لديه. فنياً اللاعب جيد جداً».

وأكمل: «كان لدينا ثلاثة خيارات في خانة المواليد، وأنا أصررت على هذا اللاعب؛ لأنه يستطيع أن يخدمنا في أكثر من مركز، فكان بالنسبة لنا هو أفضل خيار من الخيارات الثلاثة التي طُرحت».

وعن غياب الفرنسي بنزيمة قال: «كريم تدرب مع الفريق السبت بشكل جماعي، ولكن برأيي الشخصي أن مشاركته اليوم كانت مخاطرة؛ لذلك فضّلت استبعاده لكي يستعد لمباراة ‫الاتفاق المقبلة».

أما عن غياب الظهير فواز الصقور فتحدث بلان قائلاً: «فواز غاب لمدة 4 أسابيع وعاد للتدريب، ولكن لم يدخل للتدريبات الجماعية، والمدة قصيرة قبل مباراة الاتفاق؛ لذلك لا أعتقد أنه سيكون جاهزاً لها».