استقلالية الأطفال التي دمّرتها «كورونا»... كيف نساعدهم على استرجاعها؟

الحجر الصحي والإغلاق التام والتعلم عن بعد إجراءات وضعت قيوداً مرهقة على الحريات الجسدية للأطفال (رويترز)
الحجر الصحي والإغلاق التام والتعلم عن بعد إجراءات وضعت قيوداً مرهقة على الحريات الجسدية للأطفال (رويترز)
TT

استقلالية الأطفال التي دمّرتها «كورونا»... كيف نساعدهم على استرجاعها؟

الحجر الصحي والإغلاق التام والتعلم عن بعد إجراءات وضعت قيوداً مرهقة على الحريات الجسدية للأطفال (رويترز)
الحجر الصحي والإغلاق التام والتعلم عن بعد إجراءات وضعت قيوداً مرهقة على الحريات الجسدية للأطفال (رويترز)

من بين العديد من الآثار المدمرة طويلة المدى لـ«كوفيد 19» على المجتمعات والأسر، سلّطت شبكة «سي إن إن» في تقرير، الضوء على تأثير الجائحة على استقلالية الأطفال ومدى تحملهم المسؤوليات؛ خصوصاً مع بدء العام الدراسي الجديد الذي قد يتيح للأهل فرصاً أكبر لمساعدة الأطفال على أن يصبحوا أكثر اعتماداً على أنفسهم.
فالحجر الصحي والإغلاق التام والتعلم عن بعد، كلها إجراءات وضعت قيوداً مرهقة على الحريات الجسدية للأطفال، ما حدّ من فرصهم على القيام بمفردهم بأي نوع من الأنشطة خارج المنزل، علماً بأن تعلم الاستقلالية يكون أكثر صعوبة عندما لا يبتعد الأطفال أبداً عن الوالدين ومقدمي الرعاية، بحسب التقرير.
فالأهل ومقدمو الرعاية، فكروا في كيفية البقاء على قيد الحياة خلال الجائحة، وليس ما هو أفضل على المدى البعيد، وفقاً للتقرير.
وفي هذا الإطار، قالت كارين فان أوسدال، كبيرة مديري جمعية من أجل التعلم الأكاديمي والاجتماعي والعاطفي ومقرها شيكاغو، إن أحد أهم جوانب النضج هو تعلم كيفية «اتخاذ قرارات مستقلة والتعامل مع المواقف الصعبة بمفردك عند الضرورة».
وأوضحت أنه قد يشعر البعض أن تعليم الأطفال الصغار وضع ملابسهم المتسخة في الغسيل ليس فعلياً نوع الاستقلالية التي سيحتاجون إلى إتقانها في سن البلوغ، لكنها أكدت أن هناك صلة، إذ يتعلم الأطفال في سن صغيرة أن يثقوا بغرائزهم وأن يتعاملوا، بالمعنى الحرفي والمجازي، مع أمورهم الخاصة.
فما طرق تشجيع الأطفال على الاستقلالية التي تهدف إلى تلبية الاحتياجات الفردية لكل طفل؟
طور مهارات جديدة من خلال بناء العلاقات
قال موريس جيه إلياس، أستاذ علم النفس في جامعة روتجرز، والمؤلف المشارك لكتاب «تربية الذكاء العاطفي: كيفية تربية طفل منضبط ذاتياً ومسؤول وماهر اجتماعياً»: «نحن البشر لم يكن من المفترض أن نكون مستقلين وهي حقيقة بيولوجية واجتماعية... فنحن نتوق ونحتاج إلى التعلق بأشخاص آخرين وبالمؤسسات (المنزل، والمدرسة، والعمل، والمجتمع، والدين) التي تعطي لحياتنا معنى وهدفاً».
ووفقاً للتقرير، على الأهل «وضع إطار» لمهارة جديدة يقوم بها طفلهم، ما يشعره بأنه يؤدي دوراً أكبر في عائلاته ومجتمعه. على سبيل المثال على الأهل تعليم الطفل كيفية ترتيب سريره بنفسه أو تنظيف غرفته، وأضاف إلياس: «إذا ذهب أطفالك إلى السوبرماركت بمفردهم، فلا تنس أن تحضرهم للانخراط والتفاعل مع الآخرين. واسألهم هل أبقوا الباب مفتوحا أمام الشخص الذي يقف خلفهم؟ هل قالوا (من فضلك) و(شكراً)؟».
خطوة تلو الأخرى
لا تتسرع في تعويض الوقت الضائع، بحسب الخبراء، تحرك ببطء واحترم حالة الطفل العاطفية وكفاءته العملية. ووفقاً لإلياس: «لقد فقد الأطفال إحساسهم بالثقة... حاول السماح لهم بالبدء بشيء سينجحون فيه، بدلاً من رميهم في تحدٍّ صعب».
خطوة إلى الوراء
نصح فان أوسدال الأهل بمنح الأطفال مساحة لاستكشاف استقلاليتهم، وقال: «المفتاح هو أن يوفر الآباء مساحة للتجربة والخطأ اللازمين... نعم، ستكون هناك بعض الأخطاء، لكنها في النهاية ستسير الأمور بسرعة أكبر».
كن منظماً
وقالت أنيا كامينتز، مؤلفة كتاب «العام المسروق: كيف غيّر كورونا حياة الأطفال وإلى أين نذهب الآن»: «لا تقلل أبداً من قوة الروزنامة العائلية أو الرسم البياني في العائلة». واقترحت الاعتماد على جداول لإنشاء روزنامة للمسؤوليات الجديدة التي سيتحملها الأطفال. وأضافت: «بدأ عام دراسي جديد، لذا فالوقت مناسب لإعادة الضبط».
ووفقاً لها، يستطيع الأهل دعوة أطفالهم لاجتماع عائلي، ووضع أمامهم ما تحتاج الأسرة إلى القيام به في المنزل، ثم يسألون أطفالهم «ما الذي تستطيع القيام به؟»، موضحة أن «هذه الأمور تساعد الأطفال على رؤية جميع المهام التي تساعد في استمرار عمل المنزل».


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».