لم تعد جماهير نادي نابولي الإيطالي تشعر بالقلق، بشأن كيفية نطق اسم خفيشا كفاراتسخيليا. فعندما تم الإعلان عن انتقال اللاعب الجورجي إلى نابولي في أبريل (نيسان) الماضي، طُلب من رئيس النادي، أوريليو دي لورينتيس، المساعدة، فرد قائلاً: «سألجأ إلى حيلة جديدة وأطلق عليه اسماً جديداً، وسوف نسميه زيزي، فهذا الاسم ليس سيئاً».
وتم اعتماد اختصار أكثر وضوحاً في مكان آخر، وأصبح اسم «كفارا» اختصاراً مقبولاً. وبعد المشاركة في مباراتين في الدوري الإيطالي الممتاز في وقت لاحق، ظهر اسم جديد، وتم تداوله من أزقة الحي الإسباني في نابولي إلى عناوين الصحف الوطنية، وكان هذا الاسم هو «كفارادونا».
ربما استخدم عدد قليل من المتفائلين هذا اللقب قبل وصول اللاعب، واضعين ثقتهم في التقارير الاستكشافية التي وعدت الجماهير برؤية لاعب شاب جريء، لديه قدرة كبيرة على المراوغة والاحتفاظ بالكرة. ونال كفاراتسخيليا إشادة كبيرة من زميله في منتخب جورجيا، زوريكو دافيتاشفيلي الذي وصفه بأنه «ميسي الجورجي».
وأظهرت الإحصائيات المتعلقة بالفترة التي قضاها في نادي روبين كازان الروسي، أنه يلعب بالطريقة نفسها التي يلعب بها النجم البرازيلي نيمار في باريس سان جيرمان، فيما يتعلق بمراوغة المدافعين في المواقف الفردية.
وعلى الرغم من ذلك، كانت معظم جماهير نابولي لا تصدق كثيراً مما يقال بشأن اللاعب البالغ من العمر 21 عاماً، وكانت تريد أن ترى بأعينها الدليل على أن هذا اللاعب يمتلك القدرات التي تشير التقارير إليها. وأتيحت الفرصة لنحو 1000 من هذه الجماهير لرؤية المباراة الافتتاحية للموسم الجديد للدوري الإيطالي الممتاز، وهي المباراة التي أقيمت على ملعب بنتيغودي، والتي فاز فيها نابولي على فيرونا بخمسة أهداف مقابل هدفين.
سجل كفاراتسخيليا هدف نابولي الافتتاحي من رأسية، ليدرك التعادل لفريقه في الشوط الأول. ومع بداية الشوط الثاني، صنع النجم الجورجي هدفاً لبيوتر زيلينسكي لتصبح النتيجة تقدم نابولي بثلاثة أهداف مقابل هدفين. لقد صنع كفاراتسخيليا هذا الهدف بتمريرة سحرية، تعكس ثقته الهائلة في نفسه، وكأنه يلعب مع هذا الفريق منذ سنوات.
فكيف يمكن لذلك أن يحدث؟ ألم يكن من المفترض أن يمر نابولي بفترة انتقالية صعبة، بعد رحيل قائد الفريق لورنزو إنسيني، وثاني قائد في الفريق كاليدو كوليبالي، والهداف التاريخي للنادي عبر كل العصور دريس ميرتنز؟
وطوال الصيف، كانت جماهير نابولي تحتج على ما ترى أنه تقصير من جانب النادي في التعاقد مع بدلاء لهؤلاء النجوم الذين رحلوا. وقاطع رجل المدير الفني لنابولي، لوسيانو سباليتي، خلال تقديم عناصر الفريق في معسكره التدريبي في ديمارو، وصرخ في وجهه قائلاً: «استيقظ!».
دائماً ما كانت العلاقة بين رئيس النادي، أوريليو دي لورينتيس، والجماهير، مشحونة. لقد أزعج دي لورينتيس مجموعات مختلفة من الجماهير في أوقات مختلفة بتصريحاته الغريبة (فقد أشار ذات مرة إلى أن سكان نابولي لا يعرفون كيفية طهي البيتزا) وأسعار التذاكر المرتفعة؛ لكن العداء الأكبر جاء من أولئك الذين يعتقدون أنه مهتم بإثراء عائلته، أكثر من اهتمامه بقيادة النادي للفوز بالبطولات والألقاب، أو تحسين البنية التحتية للنادي.
من منظور آخر، قد تبدو مثل هذه الانتقادات سخيفة؛ حيث أعاد دي لورينتيس نابولي من الإفلاس في عام 2004. وتحت رئاسته، عاد النادي للعب في الدوري الإيطالي الممتاز في غضون 3 سنوات، وفاز منذ ذلك الحين بكأس إيطاليا 3 مرات، بالإضافة إلى احتلال أحد المراكز الثلاثة الأولى في جدول ترتيب الدوري الإيطالي الممتاز في 8 من المواسم الـ12 الماضية.
لكن الصورة معقدة بسبب استثمار عائلته في نادٍ إيطالي ثانٍ؛ حيث استحوذت شركة «فيلمورو» التي يمتلكها دي لورينتيس، والتي تعمل في مجال الإعلام، على نادٍ إيطالي آخر، تراجع كثيراً بعدما كان له تاريخ طويل، وهو نادي باري، في عام 2018. ونجح نادي باري الذي يترأسه ابنه، لويغي دي لورينتيس، في الصعود من دوري الدرجة الثالثة لدوري الدرجة الثانية، ثم لدوري الدرجة الأولى.
وتم سن لوائح جديدة تحظر على أي جهة أو شخص امتلاك ناديين في الوقت نفسه. وكانت الفوضى التي سببها صعود نادي ساليرنيتانا، المملوك من قبل لرئيس نادي لاتسيو، كلاوديو لوتيتو، إلى الدوري الإيطالي الممتاز الموسم الماضي، مثالاً حياً على المشكلات التي يمكن أن يسببها امتلاك شخص واحد لناديين يلعبان في المسابقة نفسها. ومع ذلك، نجحت شركة «فيلمورو» في الحصول على إعفاء يسمح لها بامتلاك نابولي وباري حتى عام 2028، ما دام الناديان لا يلعبان في المسابقة نفسها.
ومع رحيل إنسيني وكوليبالي وميرتنز، كان من السهل على مشجعي نابولي الاعتقاد بأن ناديهم قد تم إهماله. وأطلقت الجماهير على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ «#A16»، في إشارة إلى الطريق السريع الذي يربط نابولي وباري. وكان المشككون يريدون رحيل دي لورينتيس بلا عودة.
لكن بعد ذلك بدأ الموسم الجديد، ولم يكن كفاراتسخيليا هو اللاعب الوحيد الذي أثار إعجاب الجماهير في المباراة التي فاز فيها نابولي على فيرونا؛ حيث سجل فيكتور أوسيمين هدفاً، وصنع هدفاً آخر، وسيطر ستانيسلاف لوبوتكا على خط الوسط تماماً. وقدم لاعب جديد آخر، وهو كيم مين جاي، أداءً جيداً للغاية، في أول مشاركة له كقلب دفاع.
وتبع نابولي هذه النتيجة بمزيد من التعاقدات؛ حيث ضم مهاجم منتخب إيطاليا البالغ من العمر 22 عاماً، جياكومو راسبادوري من ساسولو، وتانغوي ندومبيلي من توتنهام، وجيوفاني سيميوني الذي سجل 17 هدفاً وصنع 5 أهداف أخرى الموسم الماضي، من فيرونا. وفجأة، أصبح لدى سباليتي الكثير من الخيارات الهجومية الرائعة في الخط الأمامي.
وفي مباراة نابولي أمام مونزا، فضل سباليتي الاعتماد على المجموعة نفسها التي تدربت تحت قيادته طوال فترة الإعداد للموسم الجديد، وهو ما كان يعني الدفع بكفاراتسخيليا في التشكيلة الأساسية مرة أخرى، وقدم اللاعب الجورجي أداء استثنائياً في أول مباراة له على ملعب دييغو أرماندو مارادونا، وسجل هدفين، وقاد فريقه للفوز برباعية نظيفة.
وأحرز كفاراتسخيليا أول أهدافه في هذه المباراة، على طريقة اللاعب الذي حل محله في مركز الجناح الأيسر لنابولي؛ حيث توغل من على اليسار وأطلق تسديدة منحنية في الزاوية اليمنى العليا للمرمى، على طريقة إنسيني الشهيرة؛ بل وذهب الجمهور إلى أن إنسيني نفسه لم يحرز كثيراً من الأهداف بهذه الطريقة الجميلة.
كان هذا هو الهدف الأول في المباراة. وأضاف أوسيمين الهدف الثاني، قبل أن يعود كفاراتسخيليا لهز الشباك من جديد، مستخدماً مهارته وبراعته الكبيرة في المراوغة؛ حيث تظاهر بأنه سيسدد الكرة في المرمى بقدمه اليمنى؛ لكنه بدلاً من ذلك عاد بالكرة للخلف، وهو ما أصاب المدافع الذي يقف أمامه بحالة من عدم التوازن، قبل أن يضع الكرة في الشباك بلمسة سحرية من قدمه اليسرى.
وفي مباراتين فقط، أحرز الجناح الجورجي 3 أهداف (هدف برأسه، وهدف بالقدم اليمنى، وآخر بالقدم اليسرى) وهو ما يعد أمراً رائعاً بالنسبة للاعب انضم للتو مقابل مبلغ بسيط قدره 10 ملايين يورو.
ويعد هذا دليلاً على العمل الرائع الذي يقوم به المدير الرياضي لنابولي، كريستيانو جيونتولي الذي تحرك بشكل حاسم لإنهاء الصفقة من دينامو باتومي في أبريل الماضي. وكان كفاراتسخيليا قد انضم إلى النادي الجورجي قبل شهر واحد، ورحل عن روبين كازان، بعد أن أصدر الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) قراراً يسمح للاعبين الأجانب في روسيا بفسخ عقودهم بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
ويعتقد سباليتي أن كفاراتسخيليا لم يظهر حتى الآن القدرات الهائلة التي يمتلكها؛ حيث قال المدير الفني الإيطالي: «لا يزال هناك كثير من الضغوط على كاهله. وبمجرد أن يحرر نفسه من هذه الضغوط، سيظهر للناس القدرات الهائلة التي يمتلكها».
من الواضح أن هذا الأداء الهجومي القوي من جانب نابولي سوف يجعل الفرق المنافسة تشعر بالقلق؛ خصوصاً أن نابولي سجل 9 أهداف في أول مباراتين، وأشار سباليتي إلى أن راسبادوري وسيميوني لديهما القدرات والإمكانيات التي تؤهلهما للتألق مع الفريق الأول.
لكن في الوقت نفسه، يجب الاعتراف بأن فيرونا ومونزا لم يكونا قويين من الناحية الدفاعية، وسوف يواجه نابولي خصوماً أقوى من ذلك بكثير. لقد بدأ نابولي الموسم الماضي بثمانية انتصارات متتالية، قبل أن يخسر أمام إنتر ميلان، وتعرض الفريق لهزة كبيرة بعد الإصابة القوية التي تعرض لها أوسيمين.
ومع ذلك، هناك حماس وإثارة لرؤية المزيد من هذا الفريق الرائع. لقد أعلن «كفارادونا» عن نفسه في الدوري الإيطالي الممتاز، كما تألق كيم وسجل الهدف الرابع لنابولي، في اليوم الذي حصل فيه اللاعب الذي حل محله، كاليدو كوليبالي، على بطاقة حمراء مع تشيلسي. وقال سباليتي: «نحن نسير على الطريق الصحيح. والآن نحن بحاجة إلى الاستمرار».