دخل الفنان اللبناني شارل مكريس الأسواق المصرية من بابها العريض إثر إطلاقه أغنية «الإمبراطور». فهو أراد من خلالها أن يفتح طاقة اتصال مع المصريين الذين يحبون هذا النوع من الأغاني المدرج في خانة «أغاني المهرجانات». وكان مكريس قد انضم إلى شركة «يونيفرسال ميوزك مينا» وأطلق معها عمله الجديد.
وبعيد صدورها تم تداولها بشكل ملحوظ على وسائل التواصل الاجتماعي، بحيث هنأه البعض عليها، فيما اعتبرته شريحة أخرى يقلّد من خلالها الفنان المصري محمد رمضان.
الأغنية هي ذات إيقاع شعبي محبوب في مصر. كما أن عنوانها «الإمبراطور» ولّد موضوع تشابك من نوع آخر. فقد ربطه البعض بأغنية «مافيا» لرمضان ويؤديها على طريقة الـ«راب» المشهور فيها. ويعلق مكريس لـ«الشرق الأوسط»: «لا مجال للمقارنة بين أسلوبي في الغناء وذلك الذي يقدمه محمد رمضان. فهو يؤدي أغانيه على طريقة الراب، فيكرر كلام الأغنية على خلفية موسيقية من دون أن يغنيها. وهي تقنية معروفة في عالم الغناء، ولا يمكن لاثنين أن يختلفا عليها، أما أنا فأقدم أغنية شعبية بصوتي ورغبت في أن تكون من نوع (المهرجانات) الرائجة في الفترة الأخيرة في مصر».
ويعترف مكريس بأن أغنيته قد تشبه «إلعب يلا» لأوكا وأرتيغا، التي ذاع صيتها في عام 2017، فحققت نجاحاً منقطع النظير لا يزال صاحباها يحصدانه حتى اليوم.
«هو أسلوب غناء معروف بالمهرجانات استوحيته من هناك ومن موسيقى عبد السلام. مشواري مع الغناء يعود إلى 22 سنة حين كنت عضواً في فريق (ميليشيا) الغنائي. كنا نحيي الحفلات ونغني في الشوارع بأسلوب شبابي جميل، ولكننا مع الأسف لم نأخذ حقنا كما يجب، إذ كنا سباقين في تصورنا الفني والناس لم تتقبل هذا التغيير يومها».
واشتهر شارل مكريس بالتدريب على الرقص، وتعاون معه نجوم كثر كان يمرنهم ويرافقهم في تقديم لوحات تتألف من فريقه. ومن بينهم راغب علامة، والشاب خالد، وهيفاء وهبي، وسعد لمجرد، وتامر حسني، وكاظم الساهر وغيرهم. ويعلق لـ«الشرق الأوسط»: «علّمت كثيرين الرقص لأنه فن يكمل الغناء وهو اليوم بات يتصدر أي فيديو كليب غنائي نشاهده».
ومن التدريب على الرقص، قرر مكريس أن يتجه نحو الغناء. وقدّم قبل سنوات أغنية «كلاشينكوف» لفليمون وهبي. واليوم تأتي أغنيته «الإمبراطور» ليشق طريقه في مجال الغناء رسمياً. «هذه الفكرة تراودني منذ زمن، وبالفعل بدأت في تحضير الأغنية، إلا أن الجائحة من ناحية، والأزمات في لبنان من ناحية ثانية أخرتني».
ويرى مكريس أنه في بداياته عندما كان يغني ويرقص على خشبة المسرح وفي الحفلات، لم يكن كثيرون يستسيغون الموضوع. «في الماضي اعتاد الناس على الفنان الذي يقف وراء الميكروفون للغناء فقط. أما اليوم فالغناء لم يعد محصوراً بهذه الوقفة، وغالبية الفنانين يركنون إلى الرقص لتلوين إطلالتهم».
في رأيه يعزز الرقص مشهدية الأغنية، وهذا الأمر ليس بالحديث. الرحابنة ومنذ بداياتهم لجأوا إلى هذا الفن برقي، وقدموه في مسرحياتهم وأعمالهم، كما يقول مكريس لـ«الشرق الأوسط». ويتابع: «هي موجات تذهب وتعود، لذلك رأينا اللوحات الراقصة ترافق غالبية برامج الهواة التلفزيونية. يومها لاقت شهرة واسعة في (ستار أكاديمي)، و(ديو المشاهير) و(يلا نرقص) الذي كنت عضواً في لجنته التحكيمية».
وعن سبب اختياره «الإمبراطور» عنواناً لأغنيته الجديدة يرد: «وجدت فيه عنواناً رناناً. وهي كلمة جذابة ويمكن حفظها بسرعة». أما الأغنية فهي من ألحان وتأليف أحمد الشبكشي وتوزيع مصطفى حسن.
كليب الأغنية الذي وقّع إخراجه شارل نفسه، يدور في سجن منظم، ولم يجسد شخصية الإمبراطور التقليدية، بل داخل السجن بمشهدية سينمائية جديدة. ويؤدي فيه لوحات راقصة تواكب بحركتها وإيقاعاتها موسيقى الأغنية.
لشارل مكريس أسلوب خاص إن بالرقص أو بالغناء يعتز به. ويقول إنه منذ كان في السادسة عشرة من عمره أطلق فيديوهات مصورة. وعن سبب انتقائه أغنية مصرية من أول الطريق يوضح لـ«الشرق الأوسط»: «أحببت أن أغني بالمصرية بهدف تحقيق انتشار أوسع في مصر. كما أصررت على إطلاق أغنية خاصة بي، فهي فكرة تراودني منذ زمن وتسكنني. كنت أخبئ هذه الرغبة في أعماقي، واليوم حان الوقت لإخراجها إلى النور».
يعتب شارل على فنانين تعاون معهم ولم يكلفوا خاطرهم بتوجيه التهنئة له إثر إطلاقه عمله الجديد. «هي خيبة أمل أصابتني منهم، لا أريد أن أذكر أسماء، ولكنني سأستخدم تصرفات الإمبراطور في تعاوني معهم بعد اليوم، لأن بعضهم يستأهل هذا الأسلوب».
يحضّر شارل مكريس لعمل جديد ينوي إطلاقه بعد نحو ثلاثة أشهر، ويصفه بالعمل العالمي الذي يغنيه باللهجة البيضاء. «لا شك أنني لا أزال في أول الطريق كي يلمس الناس موهبتي الفنية. في الماضي عندما غنيت «كلاشينكوف» اعتقد كثيرون أنني أتسلى ولن أمارس هذه المهنة. ولكنني أقول سأكمل طريقي، وهناك الكثير لأخرجه من أعماقي، وأرغب في أن أفرح بنفسي».
تأثر مكريس في مشواره الفني بالراحل فليمون وهبي، الذي سبق وغنى له «كلاشينكوف». ويقول في هذا الموضوع: «لم أتعرف يوماً إلى الراحل فليمون وهبي، ولكنه لطالما لفتني بعبقريته الفنية في مجال التلحين والتمثيل وحتى الرقص.
وعندما رأيته في إحدى أغنياته، شعرت بأن هناك أوجه شبه بيننا، فهو فنان شامل. البعض يرى بأن لكل فن أربابه، ولكنني أستطيع التأكيد بأن الفنان الموهوب يمكنه أن يقوم بأكثر من عمل في مجاله. بالنسبة لي، فليمون وهبي هو شخصية لبنانية لن تتكرر، وعندما غنيت (كلاشينكوف) وتقمصت دوره على المسرح، شعرت بأن القوة التي أتمتع بها، أستمدها منه لأنه مصدر وحي لي».
يعطي مكريس أمثلة عديدة عن فنانين يملكون أكثر من موهبة ونجحوا. «هناك الفنان زياد برجي الذي يغني ويلحن ويمثل، وسعد لمجرد الذي أكن له كل إعجاب، وكذلك تامر حسني وغيرهم». ويختم: «لا أريد أن أتقيد بخانة فنية واحدة، فأنا صاحب مدرسة تعلم الرقص، كما أنني أمثل، وسبق وشاركت في أعمال للرحابنة وبالتالي عندي موهبة الإخراج، وأغني في الوقت نفسه».