أعلنت موسكو أن قواتها نجحت في صد هجوم أوكراني واسع على مدينة خيرسون، فيما أعلن الجيش الأوكراني أن خط روسيا الدفاعي الخارجي في منطقة خيرسون، جرى اختراقه في العديد من الأماكن.
وبعد مرور أكثر من 6 أشهر على بدء الحرب، تستخدم أوكرانيا الآن أسلحة متطورة قدمها الغرب لضرب مستودعات الذخيرة وخطوط الإمداد الروسية. وأفاد بيان أصدرته وزارة الدفاع الروسية بأن الجيش الأوكراني «خسر أكثر من 1200 فرد وعشرات المدرعات عند تصدي القوات الروسية لهجوم مضاد في خيرسون الاثنين». وقال الناطق العسكري الروسي إنه «نتيجة سحق الهجوم الذي نفذته القوات الأوكرانية بناء على تعليمات شخصية من (الرئيس الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي على محور نيكولايف - كرفوي روغ ومحاور أخرى، تكبد العدو خسائر كبيرة». وأوضح أن «الإجراءات الفعالة لمجموعة القوات الروسية» أدت إلى تدمير 48 دبابة، و46 عربة مشاة قتالية، و37 عربة قتالية مصفحة أخرى، و8 سيارات رباعية الدفع مزودة بمدافع رشاشة ثقيلة، كما تم القضاء على أكثر من 1200 جندي أوكراني، خلال اليوم الماضي.
وذكر المتحدث أنه عند صد الهجوم المعادي، دحرت القوات الروسية وحدات من «لواء الهجوم الجبلي المنفصل 128» للقوات الأوكرانية، تم نقلها من غرب أوكرانيا للمشاركة في العملية، مضيفاً أن 5 من جنود اللواء استسلموا للقوات الروسية.
وفي إيجاز لحصيلة العمليات خلال اليوم الأخير، قال الناطق إن أسلحة أرضية عالية الدقة أصابت نقطة انتشار مؤقتة ومستودع ذخيرة تابعين لـ«لواء الدبابات الأول» للقوات الأوكرانية في منطقة دنيبروبتروفسك، ما أدى إلى «مقتل أكثر من مائتي مسلح؛ بينهم نحو 40 مرتزقاً أجنبياً، وتدمير أكثر من 20 عربة مصفحة وعدد كبير من قذائف المدفعية». وفي دونيتسك لقي أكثر من 100 مسلح حتفهم؛ وفقاً لمعطيات الجيش الروسي، إثر توجيه «ضربات استهدفت نقطة انتشار مؤقتة لمرتزقة من تنظيم (الفيلق الأجنبي)، وكذلك مركز قيادة لتنظيم (كراكن) القومي المتطرف».
وفي مدينة كريفوي روغ بمقاطعة دنيبروبتروفسك، دمرت القوات الجوية الروسية ورشات مصنع «إنترفزريفبروم»، التي قالت موسكو إنها «كانت تنتج متفجرات ومنتجات أخرى للجيش الأوكراني».
وأصابت الضربات الجوية والصاروخية والمدفعية الروسية خلال يوم 5 مواقع قيادة أوكرانية، و52 وحدة مدفعية وقوات ومعدات عسكرية في 142 منطقة.
وأشارت القيادة العسكرية في كييف إلى أنها بدأت عمليات لاستعادة السيطرة على مناطق في أنحاء الجنوب، بينما تنشر القليل من التفاصيل.
وقال الجيش الأوكراني إن خط روسيا الدفاعي الخارجي في منطقة خيرسون، جرى اختراقه في العديد من الأماكن. ولم يلمح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الهجوم إلا في خطابه الليلي مساء الاثنين، حيث قال إنه سيكون من غير المسؤول الحديث عن «تفاصيل». وأكد: «لكن يجب أن يعلم المحتلون أننا سنطردهم إلى الحدود. إلى حدودنا التي لم يتغير خطها. يعلم الغزاة ذلك جيداً». ودعا زيلينسكي الجيش الروسي إلى «الهرب» و«العودة إلى الوطن».
وأفادت الرئاسة الأوكرانية، الثلاثاء، بأن «معارك كثيفة» بين القوات الأوكرانية والجيش الروسي تدور في «معظم أرجاء» منطقة خيرسون المحتلة في جنوب البلاد حيث تشن كييف هجوماً مضاداً. وقالت الرئاسة في إحاطتها الصحافية الصباحية: «سجل دوي انفجارات عنيفة طوال يوم (الاثنين) وطوال الليل في منطقة خيرسون، وتجرى معارك عنيفة في غالبية أرجاء المنطقة». وأضافت: «شنت القوات الأوكرانية المسلحة هجمات في اتجاهات عدة»، مؤكدة تدمير «عدد من مخازن الذخيرة» و«كل الجسور الكبرى» التي تسمح للآليات بعبور نهر دنيبر.
وكانت السلطات الأوكرانية أعلنت الاثنين أنها تشن هجوماً مضاداً في هذه المنطقة الواقعة في جنوب البلاد التي احتلتها روسيا منذ مطلع النزاع في فبراير (شباط) الماضي، لاستعادة السيطرة على مدينة خيرسون التي كان عدد سكانها 280 ألف نسمة قبل بدء النزاع.
وهذه المنطقة حيوية للزراعة الأوكرانية واستراتيجية كذلك لأنها تقع عند الحدود مع شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في مارس (آذار) 2014 وتستخدمها قاعدة خلفية لغزوها أوكرانيا.
وقال الجيش البريطاني إنه لم يتضح بعد إلى أي مدى توغلت القوات الأوكرانية داخل الأراضي التي تسيطر عليها القوات الروسية، مع بدء الهجوم المضاد الذي تهدد به كييف منذ فترة طويلة في جنوب البلاد. وقالت وزارة الدفاع البريطانية في تحديثها الاستخباراتي بشأن الحرب، إن «العديد من الألوية التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، زادت من نيران مدفعيتها في قطاعات الخطوط الأمامية عبر جنوب أوكرانيا». وأضافت أن «الضربات الأوكرانية الدقيقة بعيدة المدى، تستمر في تعطيل (خطوط) إعادة الإمداد الروسية»، والتي وصفتها لندن بأنها «هشة». ولكنها حذرت بأنه «ليس من الممكن بعد تأكيد مدى حجم التقدم الأوكراني».
وأعلنت القيادة الجنوبية الأوكرانية أن قواتها بدأت تحركات هجومية في اتجاهات عدة، منها منطقة خيرسون التي تقع إلى الشمال من شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014. وقالت المتحدثة باسم القيادة، رافضة الإدلاء بتفاصيل عن الهجوم، إن أوكرانيا قصفت أكثر من 10 مواقع في الأسبوع الماضي و«أضعفت العدو بلا شك»، لكن القوات الروسية في الجنوب ما زالت «قوية للغاية». وقال أوليكسي أريستوفيتش، وهو مستشار كبير لزيلينسكي، في وقت سابق، إن القوات الأوكرانية تقصف العبارات التي كانت روسيا تستخدمها لتزويد جيب من الأراضي على الضفة الغربية لنهر دنيبرو في منطقة خيرسون بالإمدادات.
وفي سياق متصل؛ التقى وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في العاصمة التشيكية براغ، الثلاثاء، لإجراء محادثات تركز على إعداد برنامج تدريب عسكري للجنود الأوكرانيين. وأعرب جوزيب بوريل؛ الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، الذي سيرأس المحادثات في الاجتماع غير الرسمي، عن دعمه فكرة تدريب الجيش الأوكراني بوصفها «منطقية».
وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قد طرحوا قبل 6 أشهر فكرة توفير تدريب عسكري للقوات الأوكرانية وسط نقاشات أوسع نطاقاً بشأن المساعدات العسكرية أثناء المراحل المبكرة من الغزو الروسي.
وعاد المقترح ليطرح بقوة حالياً على جدول الأعمال، في ظل تولي جمهورية التشيك، الداعمة القوية لأوكرانيا، الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي التي توجه جدول أعمال سياسة التكتل، علاوة على تغير الوضع على الأرض تماماً. وذكرت مصادر دبلوماسية لوكالة الأنباء الألمانية أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيدعمون سياسياً وقف اتفاق لتسهيل حصول الروس على تأشيرات تم إبرامه في 2007، بسبب حرب أوكرانيا.
*مناورات روسية
من جهة أخرى، تنطلق الأربعاء في مناطق أقصى الشرق الروسي مناورات عسكرية واسعة النطاق تشارك فيها دول عديدة وتهدف لتطوير أداء القوات المسلحة الروسية وتعزيز التعاون مع «الحلفاء التقليديين».
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن مناورات «فوستوك 2022» التي تبدأ مطلع شهر سبتمبر (أيلول) المقبل وتستمر حتى السابع منه «ليست موجهة ضد أي بلدان أو تحالفات، وهي مناورات دفاعية بحتة». وقال نائب وزير الدفاع الروسي، ألكسندر فومين، خلال اجتماع عقده مع ممثلي الملحقيات العسكرية للدول الأجنبية لدى روسيا، إن المناورات «لها طابع دفاعي، والهدف منها تطوير أداء القوات المسلحة لضمان أمن روسيا وحلفائها في المنطقة الشرقية».
وأضاف أن المناورات تجرى تحت إشراف رئيس أركان الجيش الروسي في المنطقة العسكرية الشرقية، وبمشاركة أكثر من 50 ألف عسكري؛ ما بين قيادات هيئات ركن، وغرف عمليات مشتركة، ووحدات عسكرية، من دول «منظمة معاهدة الأمن الجماعي» و«منظمة شنغهاي للتعاون» ودول «حليفة لروسيا» هي: أذربيجان والجزائر وأرمينيا وبيلاروسيا والهند وكازاخستان وقيرغيزستان والصين ولاوس ومنغوليا ونيكاراغوا وسوريا وطاجيكستان. وتشمل المناورات تدريبات برية وبحرية وجوية، وسوف تستخدم خلالها؛ وفقاً للمعطيات الروسية، نحو 5 آلاف قطعة من المعدات العسكرية الثقيلة والخفيفة.
على صعيد مواز، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن «الطريق نحو عالم متعدد الأقطاب» سوف تتصدر أجندة أعمال «المنتدى الاقتصادي الشرقي» في روسيا هذا العام.
وقال بوتين، في كلمة وجهها للمشاركين في «المنتدى الاقتصادي الشرقي السابع»، الذي يعقد في فلاديفوستوك خلال الفترة من 5 إلى 8 سبتمبر المقبل، إن «(المنتدى) يتمتع بمكانة دولية عالية، ويساهم في بناء العلاقات التجارية بين روسيا ودول منطقة آسيا والمحيط الهادي». وأضاف أن «هذا المنتدى يشجع على جذب الاستثمارات والابتكارات التكنولوجية، كما يكشف =الإمكانات الاقتصادية والاجتماعية الغنية في مناطق الشرق الأقصى الروسي».
وأكد أن الموضوع الرئيسي لـ«المنتدى» هذا العام هو «الطريق إلى عالم متعدد الأقطاب»، حيث «يجري الاستبدال بالنموذج أحادي القطب الذي عفا عليه الزمن، ووضع نظام عالمي جديد قائم على المبادئ الأساسية للعدالة والمساواة، مع الاعتراف بحق كل دولة وشعب في مسار التنمية السيادي الخاص به».
ولفت إلى أنه «يتم تشكيل مراكز سياسية واقتصادية قوية في منطقة آسيا والمحيط الهادي». وأشار إلى أهمية التخطيط خلال المنتدى لإبرام العقود التجارية والاتفاقيات طويلة الأجل بمشاركة دوائر الأعمال والسلطات الإقليمية.
في السياق، أعلن رئيس إدارة تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الروسية، أليكسي دروبينين، أن بلاده «مستعدة للحوار مع الغرب، لكن ذلك لن يكون على حساب مصالحها».
وزاد في حوار مع مجلة «الشؤون الدولية» التي تصدرها الوزارة وتتناول قضايا السياسة الخارجية والأمن القومي الروسي، أن روسيا «مهتمة بالتعاون الدولي، والمسارات الغربية والأوروبية هي جزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية الروسية، استنادا لمبدأ حسن الجوار في القارة». وأضاف أنه «عاجلاً أم آجلاً، سيتعين علينا الجلوس والتفاوض، لكن يجب على الشركاء والمحاورين أن يفهموا أن المصالح الروسية لن يُضحى بها، ولن يجري تقديمها إرضاء لرغبات ومطالب غير معقولة من أي طرف من الأطراف»، مؤكداً أن روسيا مستعدة دائماً لإجراء محادثات؛ على أن تتسم بـ«الندية».
على صعيد آخر، سارت روسيا خطوة أخرى باتجاه خفض شحنات الغاز الروسي إلى فرنسا، مع إعلان مجموعة «إنجي» عن خفض إضافي في إمدادات شركة «غازبروم» العملاقة، مما أثار مخاوف بشأن الوضع في فصل الشتاء رغم وجود كميات كبيرة مخزنة. وأعلنت شركة الطاقة الفرنسية «إنجي»، في بيان مقتضب، أن «غازبروم» أبلغتها بخفض إضافي وفوري لشحناتها من الغاز «بسبب خلاف بين الطرفين على تطبيق العقود».
وكانت شحنات الغاز الروسي إلى «إنجي» انخفضت بشكل كبير منذ بداية النزاع في أوكرانيا؛ حيث بلغت مؤخراً 1.5 تيراواط في الساعة فقط شهرياً. ويرتبط هذا الرقم بـ«إجمالي الإمدادات السنوية في أوروبا الذي يزيد على 400 تيراواط/ ساعة» كما يقول مورد الغاز الرئيسي في فرنسا الذي تملك الدولة الفرنسية حصة فيه بنحو 24 في المائة. وفي نهاية يوليو (تموز) الماضي؛ أكدت «إنجي» أنها خفضت بشكل كبير «انكشافها المالي والمادي للغاز الروسي» الذي لم يعد يمثل سوى نحو 4 في المائة فقط من إمداداتها.
وقالت المديرة العامة للشركة، كاثرين ماكغريغور، في حينه: «هذا ضمن هامش مرونة محفظتنا الاستثمارية، لذلك لسنا قلقين على الإطلاق». وكانت روسيا خفضت في وقت سابق إمدادات الغاز إلى عدد من البلدان الأوروبية.
موسكو تعلن إحباط هجوم واسع في خيرسون
تستعرض عضلاتها العسكرية وقدرات حلفائها في مناورات «فوستوك 2022»
موسكو تعلن إحباط هجوم واسع في خيرسون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة