الأسهم السعودية تستقبل تداولات «الأجانب» على تراجع.. و«التأمين» الرابح الوحيد

إجمالي ما يمكن استثماره من قبل المؤسسات الأجنبية يبلغ 56 مليار دولار

متداولون يتابعون حركة مؤشر سوق الأسهم السعودية في الرياض أمس (تصوير: خالد الخميس)
متداولون يتابعون حركة مؤشر سوق الأسهم السعودية في الرياض أمس (تصوير: خالد الخميس)
TT

الأسهم السعودية تستقبل تداولات «الأجانب» على تراجع.. و«التأمين» الرابح الوحيد

متداولون يتابعون حركة مؤشر سوق الأسهم السعودية في الرياض أمس (تصوير: خالد الخميس)
متداولون يتابعون حركة مؤشر سوق الأسهم السعودية في الرياض أمس (تصوير: خالد الخميس)

في الوقت الذي باتت فيه سوق الأسهم السعودية مفتوحة أمام المؤسسات المالية الأجنبية، اعتبارًا من يوم أمس الاثنين، أغلقت جميع قطاعات السوق المدرجة على تراجعات متفاوتة، باستثناء قطاع «التأمين» الذي أغلق على اللون الأخضر، وسط تحسن جيد في معدلات السيولة النقدية المتداولة.
وتعتبر السيولة النقدية المتداولة في سوق الأسهم السعودية يوم أمس، أعلى سيولة نقدية يتم تداولها خلال تعاملات الشهر الحالي، وسط مؤشرات أوليّة تؤكد على أنها سيولة داخلية، ولم تأت عبر مؤسسات مالية أجنبية، إذ ما زالت المؤسسات الأجنبية ترصد فرص السوق الاستثمارية، وتترقب نتائج النصف الأول من العام الحالي.
وفي جولة لـ«الشرق الأوسط» على عدد من صالات تداول البنوك التجارية في العاصمة الرياض يوم أمس، أكد متداولون في سوق الأسهم المحلية، أن السوق السعودية تعتبر السوق الأكثر جاذبية في المنطقة، وقالوا «لا نعوّل كثيرًا على المؤسسات المالية الأجنبية في رفع مؤشر السوق من عدمه خلال هذه الأيام، الجميع هنا ينتظر الفرص الاستثمارية، وبطبيعة أسواق المال في العالم، فإن الفرص دائمًا تتجدد».
وفي الشأن ذاته، تدخل سوق الأسهم السعودية عقب نحو 14 يومًا، فترة الإعلان عن نتائج النصف الأول من العام الحالي، وسط مؤشرات مالية تؤكد أن النتائج الجديدة للربع الثاني من هذا العام، ستشهد تحسنًا عما كانت عليه في الربع الأول من العام ذاته.
وتتداول سوق الأسهم السعودية حاليًا عند مكررات ربحية قريبة من مستويات 20 مكرر، وهو المستوى الذي يأتي في منطقة الأمان بالنسبة لكثير من المتداولين، حيث يتداول مؤشر السوق عادةً بين مكرر 15 و25 مكررًا، إلا أنه في مطلع العام 2006 تجاوز هذه المستويات عقب اقتراب مؤشر السوق من ملامسة حاجز الـ21 ألف نقطة، قبل أن يدخل في مرحلة تصحيح حادة جدًا، وهو ما يسمى بانهيار فبراير (شباط) الشهير.
وفي ضوء هذه المستجدات، أنهى مؤشر سوق الأسهم السعودي جلسة يوم أمس الاثنين دون مستوى 9600 نقطة، على تراجع بنسبة 0.9 في المائة، مغلقًا بذلك عند مستويات 9562 نقطة، وسط تداولات نشطة مقارنة بالجلسات الماضية بلغت قيمتها الإجمالية نحو 6.5 مليار ريال (1.7 مليار دولار).
وما إن سمحت هيئة السوق المالية السعودية للمؤسسات الأجنبية بالشراء والبيع المباشر في السوق المحلية، إلا وأعلنت عن فرض غرامات مالية على 15 شركة مدرجة، أكبرها كان على شركة سند للتأمين بمبلغ 700 ألف ريال (186.6 ألف دولار)، وهي الغرامة التي تعتبر من أكبر الغرامات التي تفرضها هيئة السوق على شركة مدرجة، حيث ارتكبت الشركة الكثير من المخالفات تتعلق إجمالا بالتأخر في الإفصاح عن معلومات وأحداث مهمة وعدم إعلانها في الوقت المحدد للجمهور والهيئة.
وشملت الشركات التي تمت مخالفتها من قبل هيئة السوق المالية السعودية أمس، كلا من: شركة «دار الأركان للتطوير العقاري»، و«الأحساء للتنمية»، ومجموعة «السريع التجارية الصناعية»، وشركة «الكابلات السعودية»، وشركة «مجموعة الطيار للسفر القابضة»، وشركة «إسمنت المنطقة الجنوبية»، وشركة «تبوك للتنمية الزراعية»، والشركة «الأهلية للتأمين التعاوني»، وشركة «إسمنت تبوك»، وشركة «إسمنت أم القرى»، وشركة «سيوليدرتي السعودية للتكافل»، وشركة «سند للتأمين وإعادة التأمين التعاوني»، وشركة التعدين العربية السعودية «معادن»، وشركة «الصقر للتأمين التعاوني»، والشركة «السعودية للأسماك».
من جهة أخرى، أكد فيصل الروقي وهو مستثمر في سوق الأسهم السعودية، أن دخول المؤسسات المالية الأجنبية للأسهم السعودية سيحدث نقلة نوعية على مستوى إدارات الشركات، والجمعيات العمومية، مضيفًا «في السوق السعودية فرص حقيقية، إلا أن ما ينقص السوق هو الأداء الإيجابي من قبل إدارات الشركات، ولنا فيما حدث لشركة (موبايلي) عبرة، فالشركة كانت تربح بشكل إيجابي، إلا أنها تحولت إلى منطقة الخسائر بشكل سريع وغريب».
ولفت الروقي الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» في إحدى صالات التداول من أمس، أن المستثمرين السعوديين الذين ضخوا أموالهم في سوق الأسهم المحلية لا يعولون كثيرًا على المؤسسات المالية الأجنبية في قيادة مؤشر السوق نحو الارتفاعات، وقال في هذا السياق «مؤشر السوق ظل فترة طويلة يتداول بين مستويات 9200 نقطة، و9800 نقطة، وباعتقادي أنه سيستمر في هذه المنطقة حتى تُعلن الشركات عن نتائج النصف الأول».
من جهة أخرى، أكد محمد بن تميم، وهو متداول آخر في سوق الأسهم السعودية، أن تراجع مؤشر السوق في أول أيام فتح أبوابه أمام المؤسسات المالية الأجنبية، دليل واضح على أن السيولة الأجنبية لم تأت بعد، وقال «توقعنا تحسنا في مؤشر السوق، لكن الحقيقة أنه تراجع، على الرغم من تحسن قيمة السيولة النقدية المتداولة».
وفي شأن ذي صلة، قالت شركة «الرياض المالية» يوم أمس، إنه بالنظر إلى الحد المسموح به للمستثمرين الأجانب المؤهلين والبالغ 10 في المائة من القيمة السوقية للأسهم السعودية، فإن إجمالي ما يمكن استثماره يبلغ 56 مليار دولار.
وتوقعت «الرياض المالية» في تقرير لها حول فتح سوق الأسهم السعودية للمؤسسات المالية الأجنبية، أن يكون دخول المستثمرين الأجانب المؤهلين تدريجيا، الأمر الذي قد يرفع كمية الأسهم المتداولة ونسبة الاستثمار المؤسسي في السوق، مشيرة إلى أنها تنظر إلى السوق السعودية على أنها ذات طابع استثماري طويل المدى.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي أكد فيه محمد الجدعان رئيس مجلس هيئة السوق المالية السعودية - أخيرا - أن هناك أهدافا عدة ترمي المملكة لتحقيقها عبر السماح للمؤسسات المالية الأجنبية المؤهلة بالاستثمار في الأسهم المدرجة بالسوق المالية السعودية، أهمها استقطاب مستثمرين متخصصين لتعزيز الاستثمار المؤسسي ورفع مستوى البحوث والدراسات عن السوق المالية السعودية.
وأضاف الجدعان حينها قائلا «هيئة السوق تسعى منذ إنشائها إلى تطوير السوق المالية السعودية، وقرار السماح للمستثمرين الأجانب سيسهم في تحقيق ذلك من خلال أهداف عدة على المدى القريب والبعيد، تشمل إضافة خبرات المستثمرين الدوليين المتخصصين للسوق المحلية، وتعزيز مساعي الهيئة نحو زيادة الاستثمار المؤسسي في السوق»، لافتًا النظر إلى أن المستثمرين الأجانب المتخصصين يتوقع أن يسهموا في الحد من التذبذب الكبير في الأسعار، كما سيعملون على تعزيز كفاءة السوق وتحفيز الشركات المدرجة نحو تحسين مستوى الشفافية والإفصاح وممارسات الحوكمة.



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.