أوكرانيا... حرب استنزاف للطرفين

جانب من الدمار في إقليم دونيسك شرق أوكرانيا أمس (أ.ب)
جانب من الدمار في إقليم دونيسك شرق أوكرانيا أمس (أ.ب)
TT

أوكرانيا... حرب استنزاف للطرفين

جانب من الدمار في إقليم دونيسك شرق أوكرانيا أمس (أ.ب)
جانب من الدمار في إقليم دونيسك شرق أوكرانيا أمس (أ.ب)

يسود اعتقاد في الغرب أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان يقدر أن العملية العسكرية في أوكرانيا التي بدأت في فبراير (شباط) 2022 كانت ستنتهي سريعاً عبر استسلام أو حتى سقوط حكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لكن هذا لم يحدث بسبب المقاومة الشرسة من جانب أوكرانيا والكميات الكبيرة من الأسلحة الغربية، خصوصاً الأميركية، التي تم نقلها إلى أوكرانيا.
وفي هذا الصدد، يقول الكاتب مارك كاتز، أستاذ الحكم والسياسات بجامعة جورج ماسون والزميل في المعهد الأطلسي، في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، إنه بعد مضي ستة أشهر، أصبحت الحرب، حرب استنزاف طاحنة. وكما اعترف زيلينسكي، تحتل القوات الروسية 20 في المائة تقريباً من أراضي أوكرانيا. ولكن بينما قد تتمكن القوات الأوكرانية المدعومة من الغرب من منع القوات الروسية من تحقيق مزيد من التقدم، يبدو أيضاً أن كييف غير قادرة على دفع قوات بوتين وإعادتها إلى ما وراء حدود روسيا. ويبدو أن الجانبين غير مستعدين لوقف لإطلاق النار، ولذلك سوف تستمر الحرب، ربما لأشهر أو حتى سنوات.
ورغم ذلك، فإن الحروب تنتهي بالفعل في نهاية المطاف. فكيف يمكن أن تنتهي هذه الحرب؟ من الممكن، ورغم الصعوبات التي تواجهها روسيا الآن، أن تتمكن من تحويل الأمور لصالحها وتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في فرض استسلام أو سقوط حكومة زيلينسكي. وعلى الجانب الآخر، ربما تتمكن القوات الأوكرانية المدعومة من الغرب بطريقة ما من طرد القوات الروسية من مساحات كبيرة من الأراضي، إن لم يكن من كل الأراضي الأوكرانية التي احتلتها بالفعل. ويرى كاتز أن الحروب لا تنتهي بالضرورة بانتصار أحد الطرفين عسكرياً على الآخر، فهناك طرق أخرى يمكن من خلالها أن تنتهي حروب الاستنزاف، مثل الانهيار الداخلي نتيجة مقتضيات الحرب، مثلما حدث في ألمانيا في نهاية الحرب العالمية الأولى، أو عدم تمكن أي من الطرفين من تحقيق النصر على الطرف الآخر بعد سنوات من الحرب، ورغبة الطرفين في قبول وقف لإطلاق
النار بسبب التكاليف غير المقبولة لاستمرار الحرب بالنسبة لكل منهما، كما حدث في الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت من عام 1980 وحتى عام 1988.
وفي حقيقة الأمر، فإنه إذا لم تتمكن روسيا أو أوكرانيا من هزيمة أي منهما الأخرى عسكرياً خلال في أي وقت في القريب العاجل - وهو ما يبدو مرجحاً، سوف تستمر الحرب بينهما إلى أن ينهار أي من الطرفين أو يتخلى كل منهما عن محاولة هزيمة الآخر. وتساءل كاتز، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية، قائلاً: كيف إذن سيكون حال حرب استنزاف بين روسيا وأوكرانيا مستمرة لشهور أو حتى سنوات؟ وما هي نقاط القوة والضعف لدى كل جانب في صراع طويل المدى، التي من المرجح أن تجعله يتجنب أن يكون الخاسر، حتى إذا لم يكن قادراً على أن يكون الفائز؟


مقالات ذات صلة

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.


روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».