ألمانيا تبحث عن نموذج جديد لإصلاح سوق الطاقة

خزانات الغاز تمتلئ «أسرع من المتوقع»

إحدى محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في ألمانيا (د.ب.أ)
إحدى محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في ألمانيا (د.ب.أ)
TT

ألمانيا تبحث عن نموذج جديد لإصلاح سوق الطاقة

إحدى محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في ألمانيا (د.ب.أ)
إحدى محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في ألمانيا (د.ب.أ)

اقترح وزير الاقتصاد الألماني معالجة ارتفاع تكاليف الطاقة على المدى الطويل من خلال إصلاح أسواق الطاقة بشكل يوقف اقتران الأسعار بالمورد الأعلى تكلفة. وقال إن الحكومة تعمل بجد لإيجاد نموذج جديد للسوق.
وفي النظام الحالي، يحصل منتجو الطاقة من المصادر ذات التكاليف المنخفضة؛ مثل الرياح أو الطاقة الشمسية، على الأسعار نفسها المقدمة لمنتجي الطاقة من المصادر ذات التكاليف المرتفعة مثل مشغلي محطات الطاقة التي تعمل بالغاز.
وقال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، في مقابلة مع «بلومبرغ»: «يمكن تغيير حقيقة أن السعر الأعلى دائماً ما يحدد أسعار جميع أشكال الطاقة الأخرى».
وأضاف: «نحن نعمل بجد لإيجاد نموذج جديد للسوق»، موضحاً أن الحكومة يجب أن تكون حريصة على عدم التدخل كثيراً. وقال: «نحن بحاجة إلى أسواق عاملة، وفي الوقت نفسه؛ نحتاج إلى تحديد القواعد الصحيحة حتى لا تجري إساءة استخدام الأوضاع في السوق».
وتعمل المفوضية الأوروبية بالفعل على مقترحات لإصلاح سوق الطاقة، ولكن إجراء أي تغييرات قد يستغرق أشهراً عدة للموافقة عليها وتنفيذها.
وصرح مسؤولون لـ«بلومبرغ» الأسبوع الماضي بأن الائتلاف الحاكم يفكر في فرض نوع من الضرائب الإضافية على الأرباح التي تحققها شركات الطاقة على نحو غير متوقع. كما أنه يعد حزمة ثالثة من الإجراءات لتخفيف العبء عن الأسر والشركات، بالإضافة إلى مساعدة تبلغ قيمتها نحو 30 مليار يورو (9.‏29 مليار دولار) تم الاتفاق عليها بالفعل.
قال هابيك: «أود أن أقول إنه من الممكن أن تخضع الأرباح غير العادية، والأرباح التي لم تحلم بها الشركات، لضريبة أعلى قليلاً، والتي يمكن إعادتها إلى المستهلك العادي».
في الأثناء، أعلنت الحكومة الألمانية، الأحد، أن ملء خزانات الغاز يجري في وقت «أسرع من المتوقع»، رغم الانخفاضات الحادة في الإمدادات الروسية. وقال وزير الاقتصاد والمناخ، روبرت هابيك، في بيان: «رغم الظروف الصعبة (...) فإن الخزانات تمتلئ في وقت أسرع من المتوقع». وأوضحت الوزارة أن هدف التخزين الذي حددته الحكومة لأكتوبر (تشرين الأول) عند 85 في المائة «يجب أن يتم الوصول إليه مطلع سبتمبر (أيلول)». وأضافت أن احتياطات الغاز تبلغ حالياً 82 في المائة من قدرتها.
وفي منتصف أغسطس (آب) الحالي، أبدت «الوكالة الفيدرالية لشبكات الطاقة»؛ الجهة المنظمة للطاقة، تشكيكها بشأن قدرة البلاد على تحقيق هذه الأهداف.
غير أن «الإجراءات الوقائية» التي اتخذتها برلين في الأسابيع الأخيرة، خصوصاً في إطار اقتصاد الطاقة، إضافة إلى «شراء كميات ضخمة من الغاز» من موردين آخرين، سمحت بـ«إحراز تقدم كبير»، وفق الحكومة.
وتعتمد ألمانيا بشكل كبير على الغاز الروسي الذي شهدت البلاد انخفاضاً حاداً في إمداداته منذ بداية الحرب على أوكرانيا.
وانخفض تدفق الغاز بنسبة 20 في المائة عبر خط أنابيب الغاز «نورد ستريم»، فيما اتهم الاتحاد الأوروبي موسكو باستخدام الطاقة «سلاحاً» في النزاع.
وفي مواجهة خطر النقص، حددت برلين في يوليو (تموز) الماضي سلسلة من الأهداف لمخزونات الغاز تصل إلى 95 في المائة بحلول 1 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، قبل بداية الشتاء.
وللقيام بذلك، تبنت الحكومة سلسلة من تدابير توفير الموارد، بما في ذلك زيادة استخدام الفحم وتقليل استهلاك المباني العامة وحوافز للشركات.
كذلك، أصدرت برلين حزمة استثنائية بقيمة 1.5 مليار يورو لشراء الغاز الطبيعي المُسال لضمان إمداداته من قطر والولايات المتحدة خصوصاً.
وفي هذا السياق، قال هابيك: «تمكنا من استبدال جزء كبير جداً من الغاز الروسي»، فيما يعدّ استراتيجية ناجحة.
على المدى المتوسط؛ جرى التخطيط لمشروعات إنشاء 5 محطات للغاز الطبيعي المسال في البلاد، بهدف استيراد الغاز مباشرة عبر البحر. ومن المفترض أن تشغل المحطة الأولى هذا الشتاء في ميناء فيلهلمسهافن على بحر الشمال.
وتسبب التضخم المرتفع في ألمانيا في التهام زيادات الأجور التي حصل عليها الألمان مؤخراً.
فقد أعلن «مكتب الإحصاء الاتحادي» في فيسبادن، الاثنين، أن الأجور؛ بما في ذلك المدفوعات الخاصة، ارتفعت بنسبة 9.‏2 في المائة في الربع الثاني من عام 2022 على أساس سنوي.
وبسبب ارتفاع التضخم بنسبة 6.‏7 في المائة خلال هذه الفترة، تراجعت الأجور الحقيقية بنسبة 4.‏4 في المائة.
وفي الربع الأول من العام الحالي، تراجعت الأجور الحقيقية بنسبة 8.‏1 في المائة على أساس سنوي.
يُذكر أن الموظفين في ألمانيا تكبدوا خلال عامي الجائحة 2020 و2021 خسائر في الأجور الحقيقية بعد سنوات عديدة من الانتعاش.
وظل التضخم فوق 7 في المائة لأشهر خلال العام الحالي، حتى لو كان هناك بعض الخفوت في الآونة الأخيرة بفضل المساعدات الحكومية، لكن من المتوقع أن يرتفع التضخم في ألمانيا مرة أخرى في الخريف.


مقالات ذات صلة

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها؛ حيث كافح البنك للتوسع وجعل المشروع مربحاً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقالت 3 مصادر مطلعة مباشرة على الأمر إن البنك الذي يركز على آسيا، توقّف عن إصدار بطاقات جديدة، ويعمل على تقليص الخدمة المقدمة لجزء كبير من العملاء الصينيين. وقال اثنان منهم إن الإغلاق المخطط له يأتي بعد محاولات فاشلة لبيع الأعمال.

وقالت المصادر إن البنك الذي لا يزال في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على الخطط، قد يستمر في خدمة بطاقات الائتمان لشريحة صغيرة من العملاء «المميزين». وقال أحد المصادر إن عملاء بطاقات الائتمان «المستقلين» لدى البنك، أولئك الذين لا يستخدمون خدمات «إتش إس بي سي» المصرفية في الصين، لن يتمكنوا من تجديد بطاقاتهم عند انتهاء صلاحيتها، مضيفاً أن هؤلاء العملاء يشكلون جزءاً كبيراً من الأعمال في البلاد.

ويؤكد قرار الانسحاب، الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً، على التحديات التي يواجهها البنك في توسيع نطاق وجوده في الصين كجزء من تعهده بالتحول إلى آسيا وتعميق وجوده في الاقتصادات الإقليمية الرئيسية.

ورفضت المصادر الكشف عن هُويتها لأنها غير مخوّلة بالتحدث إلى وسائل الإعلام. وقال متحدث باسم الشركة لـ«رويترز»، دون الخوض في التفاصيل: «كجزء من خدماتنا المصرفية الخاصة المتميزة والعالمية في البر الرئيسي للصين، نواصل تقديم خدمات بطاقات الائتمان التي تركز على السفر الدولي وميزات نمط الحياة».

وتمثل هذه الخطوة تراجعاً عن طموح البنك في تنمية أعمال بطاقات الائتمان في الصين بسرعة بعد إطلاقها في أواخر عام 2016 كجزء من محوره الآسيوي وتوسيع خدماته المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الصين.

وتُظهر بيانات من إصدارات البنك أن «إتش إس بي سي»، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن، والذي يحقق الجزء الأكبر من إيراداته في آسيا، كان لديه نحو مليون مستخدم لبطاقات الائتمان الخاصة به في الصين بحلول سبتمبر (أيلول) 2019.

وقال أحد المصادر إنه في غضون 18 شهراً من إطلاق الخدمة، شهد بنك «إتش إس بي سي» وصول الأعمال إلى 500 مليون دولار من الرصيد المستحق، قبل أن يتوقف النمو وتنخفض المعاملات بسبب عمليات الإغلاق الصارمة الناجمة عن كوفيد في الصين... ومنذ ذلك الحين، شدد المستهلكون الصينيون الإنفاق في ظل تباطؤ الاقتصاد، مما أدى إلى انكماش سوق بطاقات الائتمان بشكل أكبر.

ووفقاً لبيانات من «إنسايت آند إنفو كونسالتينغ»، نما إجمالي إصدار البطاقات في 6 سنوات متتالية ليصل إلى ذروة بلغت 800 مليون بطاقة في عام 2021، وانخفض إلى 767 مليون بطاقة بحلول عام 2023.

وقالت مصادر إن «إتش إس بي سي» واجه أيضاً منافسة شديدة وقيوداً تنظيمية في أعمال بطاقات الائتمان في الصين لم يواجهها من قبل في أسواق أخرى، مثل القواعد المتعلقة بتسعير أسعار الفائدة وكيفية تعامل البنوك مع التخلف عن السداد. وأضافوا أن هذه القيود، إلى جانب ارتفاع تكلفة اكتساب العملاء والاحتيال، قوضت آفاق الأعمال.

وبصرف النظر عن نظرائها المصرفيين الصينيين، تواجه البنوك الأجنبية مثل «إتش إس بي سي» أيضاً تحديات من المنصات الرقمية الصينية التي توسعت بسرعة لتقديم خدمات القروض الاستهلاكية بتكاليف أقل بشكل حاد. ولا تقدم سوى حفنة من البنوك الأجنبية خدمات بطاقات الائتمان في الصين، بما في ذلك «ستاندرد تشارترد» وبنك شرق آسيا.

كما يراجع بنك «إتش إس بي سي» النفقات والضوابط التشغيلية في أعمال الثروة الرقمية الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى تسريح العمال، حسبما ذكرت «رويترز»، الشهر الماضي.

وتُعد منطقة الصين الكبرى، التي تضم هونغ كونغ وتايوان، أكبر مصدر للدخل للمجموعة، لكن الصين هي السوق الوحيدة عالمياً التي لم تحقق فيها أعمال الثروة والخدمات المصرفية الشخصية في «إتش إس بي سي» أرباحاً بعد. وفي النصف الأول من عام 2024، أعلنت الوحدة عن خسارة قدرها 46 مليون دولار مقارنة بـ90 مليون دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.