العراق يغلي... 15 قتيلاً في بغداد واضطرابات في مناطق أخرى

بعد قرار مقتدى الصدر اعتزال العمل السياسي

مؤيدون لمقتدى الصدر يسعفون جرحى من رفاقهم في بغداد (إ.ب.أ)
مؤيدون لمقتدى الصدر يسعفون جرحى من رفاقهم في بغداد (إ.ب.أ)
TT

العراق يغلي... 15 قتيلاً في بغداد واضطرابات في مناطق أخرى

مؤيدون لمقتدى الصدر يسعفون جرحى من رفاقهم في بغداد (إ.ب.أ)
مؤيدون لمقتدى الصدر يسعفون جرحى من رفاقهم في بغداد (إ.ب.أ)

قتل 15 من أنصار مقتدى الصدر بالرصاص، الإثنين، في المنطقة الخضراء ببغداد في أعمال عنف اندلعت إثر إعلان الزعيم الشيعي اعتزاله العمل السياسي، الأمر الذي أثار الغضب بين أنصاره الذين اقتحموا القصر الحكومي، فيما فرض الجيش حظر تجول شاملاً.
وأفاد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية بأن إطلاق نار بالذخيرة الحية سُجل عند مداخل المنطقة الخضراء التي تخضع لحراسة مشددة، وتضم مقرات حكومية وسفارات.
ومساء الاثنين، سقطت في المنطقة نفسها سبع قذائف هاون على الأقل، حسب مصدر أمني، طلب عدم كشف اسمه، وتعذر عليه الإدلاء بحصيلة لهذا القصف الذي لم تتضح في الحال الجهة التي تقف خلفه.
وقالت مصادر طبية لوكالة الصحافة الفرنسية، إن 15 من أنصار مقتدى الصدر قتلوا، وأصيب 270 من المتظاهرين الآخرين، بعضهم بالرصاص وآخرون جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع.
وكان شهود عيان قد تحدثوا عن تبادل لإطلاق النار بين أنصار التيار الصدري وخصومهم في «الإطار التنسيقي» الذي يعد موالياً لإيران.

نقل جريح في بغداد (إ.ب.أ)
وأعلن الجيش فرض حظر التجول في بغداد اعتباراً من الثالثة والنصف بعد الظهر، ومن ثم في جميع أنحاء العراق في السابعة مساءً، وسُيرت دوريات للشرطة في العاصمة، بعد أن تعمقت الأزمة في العراق الذي يعيش في مأزق سياسي منذ انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2021 التشريعية.
وتدهور الوضع في وسط العاصمة العراقية، واقتحم المئات من أنصار التيار الصدري بعد الظهر مقر رئاسة الوزراء، بعد إعلان مقتدى الصدر، أحد أهم الفاعلين في السياسة العراقية، بصورة مفاجئة، اعتزاله العمل السياسي بشكل «نهائي».
وقال مصدر أمني إن قوات الأمن تدخلت وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين عند مداخل المنطقة الخضراء المحصنة، فيما اجتاح أنصار الصدر غرف المكاتب، وجلسوا على الأرائك، أو قفزوا في المسبح، أو راحوا يلتقطون صور «سيلفي».
ودعت بعثة الأمم المتحدة في العراق، ومقرها داخل المنطقة الخضراء، المتظاهرين إلى مغادرة المنطقة، وحضّت جميع الأطراف على التزام «أقصى درجات ضبط النفس». ووصفت الوضع بأنه «تصعيد شديد الخطورة»، محذرة من أن «بقاء الدولة نفسها بات على المحك».
ووصف البيت الأبيض الوضع بأنه «مقلق»، ودعا إلى الهدوء والحوار.
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كما نقل عنه المتحدث باسم الرئاسة بسام راضي، «أتابع باهتمام الموقف الراهن بالعراق، وأحزنني ما آلت إليه التطورات الحالية في هذا البلد الشقيق». وأكد «دعم مصر الكامل لأمن واستقرار العراق وسلامة شعبه الشقيق»، داعياً «كافة الأطراف العراقية إلى تغليب المصلحة العليا لوطنهم من أجل تجاوز الأزمة السياسية عبر الحوار، وبما يحقق الاستقرار والأمن والرخاء للعراقيين».
وبدا أن حظر التجول مطبق في وسط بغداد مساء، إذ فرغت الطرق والشوارع من المارة والمركبات.

مؤيدون للصدر في حوض السباحة ضمن مجمع القصر الحكومي (د.ب.أ)
وانتقلت الاضطرابات إلى مناطق أخرى، ففي محافظة ذي قار في جنوب العراق، سيطر أنصار الصدر على مبنى ديوان المحافظة الواقع في مدينة الناصرية.
وأفاد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية وشهود، بأن أنصار الصدر رفعوا لافتة كبيرة على البوابة الرئيسية للمبنى كتب عليها «مغلق من قبل ثوار عاشوراء». كما اقتحم آخرون مقرات حكومية.
وقال عضو مجلس شركة «نفط ذي قار» ثائر الإسماعيلي إن المتظاهرين الصدريين «قاموا بغلق منشآت نفطية في المحافظة، ووضعوا لافتات على البوابات كتب عليها: مغلق بأمر ثوار عاشوراء».
وفي محافظة بابل جنوب بغداد، أفاد شهود بأن متظاهرين من أنصار التيار الصدري سيطروا على مبنى المحافظة في مدينة الحلة. وقطع آخرون الطرق الرئيسية التي تربط الحلة، مركز المحافظة، بالعاصمة بغداد وبقية المحافظات الجنوبية.
ومنذ قرابة سنة، لم تتمكن الأقطاب السياسية العراقية من الاتفاق على اسم رئيس الوزراء الجديد، ومن ثم، فإن العراق، أحد أكبر منتجي النفط في العالم، ما زال من دون حكومة جديدة أو رئيس جديد منذ الانتخابات التشريعية.
وللخروج من الأزمة، يتفق مقتدى الصدر والإطار التنسيقي على نقطة واحدة هي الحاجة إلى انتخابات مبكرة جديدة. لكن فيما يصر مقتدى الصدر على حل البرلمان أولاً، فإن خصومه يريدون تشكيل الحكومة في البدء.
ومساء الاثنين، ندد الإطار التنسيقي بـ«الهجوم على مؤسسات الدولة»، داعياً أنصار الصدر إلى «الحوار».
وبعد اجتياح القصر الحكومي، علق رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي اجتماعات مجلس الوزراء «حتى إشعار آخر»، ودعا إلى اجتماع أمني طارئ في مقر القيادة العسكرية، بعد أن دعا مقتدى الصدر إلى «التدخل بتوجيه المتظاهرين للانسحاب من المؤسسات الحكومية».
متظاهرون مؤيدون للصدر قرب مبنى حكومي في البصرة (أ.ف.ب)
والصدر، الذي يتمتع بنفوذ كبير، لم يتوقف عن التصعيد في الأسابيع الأخيرة؛ فمنذ شهر، يخيم أنصاره خارج البرلمان، حتى أنهم منعوا لفترة وجيزة الدخول إلى مجلس القضاء الأعلى.
وعلى نحو مفاجئ، قال الصدر في بيان مقتضب الاثنين، «إنني الآن أعلن الاعتزال النهائي». كما أعلن إغلاق كل المؤسسات المرتبطة بالتيار الصدري «باستثناء المرقد الشريف (لوالده محمد الصدر المتوفى عام 1999)، والمتحف الشريف وهيئة تراث آل الصدر». ولاحقاً أعلن تياره أن الصدر قرر الإضراب عن الطعام إلى أن تحَلّ الأزمة سلمياً.
والزعيم الشيعي هو أحد أبرز رجال الدين ذوي الثقل السياسي ويتمتع بنفوذ كبير. كما أنه من أبرز القادة السياسيين القادرين على تصعيد الأزمة أو حلها بفضل قدرته على تحريك قسم كبير من الوسط الشيعي الذي يشكل أكبر مكونات الشعب العراقي.
وتصدر التيار الصدري نتائج الانتخابات الأخيرة ليشغل 73 مقعداً (من 329 مجموع مقاعد البرلمان)، لكن عندما لم يتمكن الصدر من تحقيق أغلبية تمكنه من تشكيل حكومة، أعلن في يونيو (حزيران) استقالة نوابه في البرلمان.
وبتوجيه من الصدر، طالب أنصاره المعتصمون أمام البرلمان منذ نحو شهر بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة من أجل السير بالبلاد على طريق الإصلاحات.
ويدعو الصدر إلى «إصلاح» أوضاع العراق من أعلى هرم السلطة إلى أسفله، وإنهاء «الفساد» الذي تعاني منه مؤسسات البلاد.
وكان الصدر أمهل السبت جميع الأحزاب الموجودة على الساحة السياسية منذ سقوط صدام حسين، بما في ذلك حزبه «72 ساعة» للتخلي عن المناصب الحكومية التي تشغلها وإفساح المجال للإصلاحات.
والصدر، المولود عام 1974، لم يحكم قط. لكن نفوذه قوي بعد غزو تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة العراق في مارس 2003، لا سيما من خلال تشكيل «جيش المهدي» للقتال ضد المحتلين.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

«اجتماع الدوحة» يناقش «المرحلة الإنسانية» من صفقة وقف النار في غزة

فتاتان فلسطينيتان تسيران في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة الأحد (رويترز)
فتاتان فلسطينيتان تسيران في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة الأحد (رويترز)
TT

«اجتماع الدوحة» يناقش «المرحلة الإنسانية» من صفقة وقف النار في غزة

فتاتان فلسطينيتان تسيران في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة الأحد (رويترز)
فتاتان فلسطينيتان تسيران في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة الأحد (رويترز)

أفادت تقارير إسرائيلية، الأحد، بأن المفاوضات بشأن وقف النار في غزة وصفقة تبادل الأسرى مع حركة «حماس» بلغت مرحلة حاسمة وتم جسر مزيد من الخلافات، ولذلك تقرر إرسال رئيس جهاز الاستخبارات الخارجي «الموساد»، ديفيد برنياع، الذي يترأس فريق التفاوض الإسرائيلي، الاثنين، إلى العاصمة القطرية الدوحة لإتمام بنود الصفقة.

وقالت مصادر سياسية إن هناك توقعات بأن يشهد منتصف الأسبوع الجاري إنجاز معظم، وربما كل الملفات، بين «حماس» وإسرائيل، وأشارت إلى أن هذه المفاوضات شهدت أجواء إيجابية وتقدماً، بفضل قيام وفد حركة «حماس» بالتعاطي بإيجابية ومرونة في ملف الرهائن لديها. وجاء هذا وسط حديث عن تمسك «حماس» بإنهاء الحرب والإفراج الشامل عن أسراها.

«المرحلة الإنسانية»

لكن صحيفة «يديعوت أحرونوت» أشارت إلى أن التقدم يتركز في المرحلة الأولى من الصفقة، التي تسمى بـ«المرحلة الإنسانية»، والتي كان يبدو أنه تم التوصل إلى تفاهمات حول معظم تفاصيلها خلال الأشهر الماضية. ونقلت الصحيفة عن «مصدر رفيع في إحدى الدول الوسيطة» (لم تسمه) قوله إن «إسرائيل تحاول مجدداً إتمام صفقة جزئية تشمل عدداً محدوداً من الرهائن مقابل عدد قليل من الأسرى الفلسطينيين تشمل وقف إطلاق نار لأسابيع قليلة، وربما قليلة جداً».

وذكرت الصحيفة أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تسعى لإبرام صفقة على غرار جميع الصفقات التي أبرمتها إسرائيل لتبادل الأسرى خلال الخمسين عاماً الماضية، «أسرى مقابل أسرى» في عملية «سريعة نسبياً»، وتهدف إلى تنفيذها قبل عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. وأفادت بأن إسرائيل تهدف إلى «تأجيل النقاشات المركزية التي تبدو حالياً غير قابلة للحل، إلى المرحلة التالية»؛ ولفتت الصحيفة إلى تحذيرات صادرة عن الدول الوسيطة وكبار المسؤولين في أجهزة الأمن الإسرائيلية: «صفقة كهذه قد تعرض حياة سائر الرهائن إلى خطر أشد».

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني إسرائيلي رفيع قوله إن صفقة كهذه قد تفتح الباب أمام مزيد من الصفقات المستقبلية، «لكن قد يحدث العكس كذلك، ولدى معظمنا، يبدو أن الاحتمال الأكبر هو أن الصفقة الصغيرة، إذا تم التوصل إليها، ستكون الوحيدة لفترة طويلة جداً. إذ يستبعد أن يبقى من نحررهم».

الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية على شمال قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

«توافق واسع»

ولفتت الصحيفة إلى «توافق واسع» في أوساط كبار المسؤولين والمفاوضين والجهات الاستخباراتية المعنية بجمع معلومات عن الأسرى في غزة على أنه «من الأفضل السعي فورياً إلى صفقة شاملة، (الجميع مقابل الجميع)، حتى لو شمل ذلك إنهاء الحرب على صعيد الإعلان».

ويرى مسؤولون في أجهزة الأمن الإسرائيلية أنه «لن تكون هناك مشكلة للعودة إلى القتال في غزة في حال انتهاك (حماس) للاتفاق»، وقال مسؤول رفيع إنه إذا تم التوصل إلى صفقة على عدة مراحل، «لن تنفذ منها إلا مرحلة واحدة»، وذلك في ظل إصرار تل أبيب على مواصلة الحرب.

وقال مسؤول رفيع إنه «حتى في حال التوصل إلى صفقة جزئية، سيتعين على الجيش الإسرائيلي الانسحاب من غزة، ومن المحتمل أن يكون من الصعب على إسرائيل العودة إلى القتال وستقلص وجودها في الميدان. وبالنتيجة سيتراجع الضغط على (حماس) التي ستمتنع عن تقديم تنازلات».

وذكرت الصحيفة أن جزءاً من الأزمة يكمن في القيود التي تفرضها القيادة السياسية في إسرائيل على فريق المفاوضات، بحيث يصر نتنياهو على التوصل إلى صفقة متعددة المراحل، مع الامتناع عن مناقشة الجزء الحاسم الذي يتضمن الانسحاب من غزة وإنهاء الحرب.

وقال مصدر رفيع في الدول الوسيطة: «كل ما عليك فعله هو الاستماع إلى خطب قادة إسرائيل من جانب، وقادة (حماس) من الجانب الآخر. في إسرائيل يقولون: سنعود إلى القتال بالتأكيد، وفي (حماس) يقولون إنهم مستعدون للمرونة في الجدول الزمني». وتابع: «بمعنى أن (حماس) لا تهتم بمعرفة عدد القوات التي ستنسحب وفي أي يوم، لكنها لن تقبل بصفقة إذا لم تكن شاملة، حتى لو كانت على مراحل، تتضمن تفاصيل واضحة تشمل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة أو غالبيته، وإنهاء الحرب، والإفراج الشامل عن الأسرى». ولفت التقرير إلى أن نتنياهو يصر على عدم مناقشة هذه الملفات الجوهرية بالنسبة لحركة «حماس» إلا في منتصف المرحلة الأولى من الصفقة المحتملة، وبالتالي سيكون بإمكانه أن يقول لشركائه في اليمين المتطرف إنه «لم يكن ينوي المضي إلى ما بعد المرحلة الأولى».

فلسطينيات ينعين أقارب لهن قُتلوا بالقصف الإسرائيلي خارج «مستشفى شهداء الأقصى» في دير البلح وسط قطاع الأحد (أ.ف.ب)

اجتماع حكومي مصغر

لكن نتنياهو، بحسب مصدر سياسي مقرب من الحكومة الإسرائيلية، دعا إلى اجتماع مصغر مع شركائه في الائتلاف، للبحث في التطورات الجديدة، على أن يضم الاجتماع كلاً من «وزير الدفاع يسرائيل كاتس، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ورئيس حزب شاش أرييه درعي». وفي ضوء هذه المداولات يسافر رئيس الموساد ديفيد برنياع، الذي يعد كبير المفاوضين ورئيس الفريق الأعلى للمفاوضات. ويفترض أن يقدم الرد الإسرائيلي الأخير على مسودة اتفاق.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن وزير الثقافة والرياضة، ميكي زوهار، قوله إنه والوزراء من حزب الليكود سيؤيدون صفقة تبادل أسرى «التي يقودها رئيس الحكومة نتنياهو»، ودعا باقي الوزراء إلى تأييدها، وأضاف أن «هذا واجبنا الأخلاقي ولا توجد فريضة أهم من افتداء الأسرى».

وكان نتنياهو قد تحدث إلى والدي الجندية الإسرائيلية الأسيرة لدى «حماس»، ليري الباغ، التي ظهرت في شريط بثته الحركة، وقال إنه يعمل بكل قوته حتى يحررها مع بقية الرهائن. لكن عائلة أخرى قالت إنها التقت أحد أعضاء فريق التفاوض الذي قال لها إن «الرهائن ليسوا على رأس سلم الأولويات لدى الحكومة». وأضاف: «نحن نعرف هذه الحقيقة المرة ونصعق كل مرة من جديد ونحن نشاهد كيف تهمل حكومتنا الأبناء. لكن أن يؤكد لنا هذه الحقيقة مسؤول في وفد المفاوضات، فذلك يزعزعنا ويطير النوم من عيوننا».