الحكومة المصرية على خط مواجهة الغلاء

قررت زيادة دعم السلع الغذائية... ومنح قروض مدرسية

رئيس الوزراء المصري خلال مؤتمر صحافي للحديث عن الحزمة الاجتماعية الاستثنائية الجديدة...  (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري خلال مؤتمر صحافي للحديث عن الحزمة الاجتماعية الاستثنائية الجديدة... (مجلس الوزراء المصري)
TT

الحكومة المصرية على خط مواجهة الغلاء

رئيس الوزراء المصري خلال مؤتمر صحافي للحديث عن الحزمة الاجتماعية الاستثنائية الجديدة...  (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري خلال مؤتمر صحافي للحديث عن الحزمة الاجتماعية الاستثنائية الجديدة... (مجلس الوزراء المصري)

دخلت الحكومة المصرية على خط مواجهة موجة غلاء في البلاد. وقامت بمساع عدة لتحد من وطأة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على المواطن المصري، عبر قرارات بهدف زيادة دعم السلع الغذائية، وتقديم مساعدات مالية مباشرة للأسر المصرية.
وتؤكد الحكومة أن «الدولة المصرية قادرة على التعامل مع كل التحديات الكبيرة والأزمات التي تواجهها، كما أن الدولة ستكون مستعدة لأي تدخلات من شأنها حماية المواطن المصري».
وفي خطوة تعد الأحدث، أعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، عن ملامح الحماية الاجتماعية التي اعتمدتها الحكومة المصرية. وقال خلال مؤتمر صحافي (الخميس)، إن «من بين حزمة إجراءات من شأنها تخفيف الأعباء على المواطن، تقرر إضافة 100 إلى 300 جنيه مصري على البطاقة التموينية ابتداء من أول سبتمبر (أيلول) المقبل». وتم تحديد الفئات التي تضمنتها الزيادة بالفعل اسمًا وموضوعًا، وفقًا لبيانات حكومية، لتشمل الأسر الأكثر احتياجا، مثل الذين يحصلون على معاش «تكافل وكرامة»، ومعاش حكومي أقل من 2500 جنيه، وراتب أقصاه 2700 جنيه، وأصحاب الأمراض المزمنة، فضلًا عن الأرامل والمطلقات.
تُقدر الفئة المعنية بـ8 ملايين بطاقة تموينية من إجمالي 22 مليون بطاقة على مستوى المحافظات المصرية، ليستفيد منها نحو 36 مليون مواطن. حسب تصريحات متلفزة أدلى بها محمد سعد الله، وكيل وزارة التموين بالإسكندرية.
ساعات فصلت بين قرار الحكومة، وقرار آخر أعلن عنه الأزهر، بـ«مضاعفة منحة شهر سبتمبر لمستحقي الزكاة والصدقات». وحسب بيان الأزهر فقد حدد السبب بـ«تخفيف العبء على المواطنين مع بدء العام الدراسي الجديد». أيضاً اتجه القطاع المصرفي نحو خطة للحد من آثار الأزمة الاقتصادية وتخفيف حدتها بالتزامن مع بدء العام الدراسي، لتقدم عدد من البنوك المصرية قروضًا تحت اسم «سداد المصروفات المدرسية والجامعية».
من جانبه، يعلق المحلل الاقتصادي المصري، مصباح قطب، مستشار وزير المالية الأسبق، على الإجراءات السابقة، ويصفها بـ«الواعية». ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة تدفع بهذه الإجراءات لمساعدة الأسر المصرية التي تواجه صعوبات معيشية». ويردف «حزمة الإصلاحات الاجتماعية ليست وليدة اليوم، بينما منذ مارس (آذار) الماضي وثمة محاولات من قبل الحكومة، بدأت بضخ 130 مليار جنيه مصري لتعزيز الخدمات الاجتماعية، وشملت زيادات في المرتبات والمعاشات»، مضيفاً «الآن لا تزال الأزمة الاقتصادية العالمية تلقي بظلالها على الجميع، ومعدلات التضخم طالت اقتصاديات الدول العظمى».
وكان رئيس الوزراء المصري قد أكد (الخميس) أنه «يتابع بصورة يومية مع وزير التموين أرصدة السلع الغذائية الرئيسية... وأرقام الاحتياطيات كلها مُطمئنة»، مضيفاً «كانت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي واضحة، وهي أن تبقى أرصدة السلع الرئيسية دائماً في الحدود الآمنة (6 أشهر)»، مؤكداً أن «احتياطياتنا من السلع تتوافر بالفعل في حدود الـ6 أشهر؛ بل إن احتياطي القمح يكفي لأكثر من 7 شهور». وقال رئيس الوزراء المصري «سنبدأ مطلع سبتمبر المقبل تنفيذ الحزمة الاجتماعية الاستثنائية الجديدة التي وجّه بها الرئيس السيسي».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم