اتهامات لانقلابيي اليمن بالتلاعب في نتائج امتحانات الثانوية العامة

عمال يمنيون يجهزون مقاعد وطاولات استعداداً للسنة الدراسية الجديدة (إ.ب.أ)
عمال يمنيون يجهزون مقاعد وطاولات استعداداً للسنة الدراسية الجديدة (إ.ب.أ)
TT

اتهامات لانقلابيي اليمن بالتلاعب في نتائج امتحانات الثانوية العامة

عمال يمنيون يجهزون مقاعد وطاولات استعداداً للسنة الدراسية الجديدة (إ.ب.أ)
عمال يمنيون يجهزون مقاعد وطاولات استعداداً للسنة الدراسية الجديدة (إ.ب.أ)

بعد أن أعلنت الميليشيات الحوثية مؤخرا نتيجة امتحانات الثانوية العامة بمناطق سيطرتها وزعمت أنها بنسبة نجاح بلغت 86 في المائة كشفت مصادر تربوية في العاصمة صنعاء عن عملية تلاعب غير مسبوقة شهدتها نتائج امتحانات الثانوية العامة هذا العام في عموم المدن الواقعة تحت نفوذ الجماعة الانقلابية.
واتهمت المصادر القيادي في الجماعة يحيى الحوثي المعين وزيرا للتربية وهو شقيق زعيم الجماعة، ونائبه قاسم الحمران أحد القيادات المُتشددة في ولائها للجماعة، بالتلاعب المتعمد في نتائج هذا العام واستخدامها كعادتهم كل مرة لتحقيق أهداف انقلابية خاصة.
وأوضحت المصادر أن من ضمن تلاعب الميليشيات بالعملية الامتحانية منحها أفضلية في الدرجات العلمية لعناصر وفئات معينة، ومقايضتها طلبة آخرين بالذهاب إلى الجبهات مقابل منحهم نسب نجاح عالية، إلى جانب تعمدها هذا العام إسقاط نحو 20 ألف طالب من الذكور، من أجل مقايضتهم لاحقا وتحويلهم إلى مجندين في جبهاتها.
وتقول المصادر التربوية إن ذلك يأتي ضمن خطة حوثية منظمة هدفها إجبار الطلبة على التوقف عن مواصلة التعليم إلى مرحلة الجامعة، وبالتالي يسهل عليها استقطابهم وغسل أدمغتهم وتحويلهم مع الوقت إلى مقاتلين في الجبهات.
وكانت وزارة التعليم الخاضعة للانقلاب في صنعاء أعلنت قبل أيام عن نتيجة اختبارات الثانوية العامة للعام الدراسي 2021/ 2022 ، وزعمت أنها بنسبة نجاح 86.91 في المائة.
وذكرت الوزارة الحوثية أن إجمالي عدد الطلاب المتقدمين لاختبارات الثانوية بلغ 187 ألفاً و 878 طالباً وطالبة، وأنه حضر الاختبار 175 ألفاً و 85 طالبا وطالبة وغاب عنها 12 ألفا و 793 طالبا وطالبة ونجح 152 ألفا و 185 طالبا وطالبة فيما رسب في الاختبار 22 ألفا و927 طالبا وطالبة .
في غضون ذلك، اتهم أكاديميون ونشطاء الميليشيات بالتلاعب بالنتائج والاختبارات وقيامها قبيل بدء الامتحانات بتجميع طلاب مخصصين يكنون الولاء والطاعة للجماعة في قاعة واحدة ومنحهم نماذج امتحانية خاصة وتسهيل عملية الغش لهم.
وأفاد الأكاديميون والناشطون في منشوراتهم على منصات التواصل الاجتماعي بأن نتائج الثانوية بمناطق الحوثيين أظهرت هذا العام تراجعا كبيرا للتعليم الحكومي لصالح التعليم الأهلي.
وأكدوا أنها تعبر عن حالة الإهمال المتعمد من قبل الجماعة للتعليم الحكومي بعد أن قطعت رواتب موظفي الدولة منذ 6 أعوام بمن فيهم المنتسبون لقطاع التعليم.
واعتبروا أن ما يحدث اليوم في قطاع التعليم من إهمال وانهيار هو تدمير ممنهج للتعليم الحكومي تتحمل مسؤوليته الميليشيات الانقلابية باعتبارها سلطة الأمر الواقع في المناطق المحتلة ولا يمكن إعفاؤها من مسؤوليتها والأخلاقية.
وكشفت نتائج هذا الموسم بمجملها عن فضيحة حوثية غير مسبوقة، حيث أظهرت نسبة نجاح 86 في المائة، تصدر منهم 21 طالبًا من مدرسة واحدة قائمة الأوائل، و5 أوائل آخرين من قاعة امتحانية واحدة.
وذكر الدكتور طه الروحاني - وهو رئيس جامعة أهلية في صنعاء - أن كبرى المدارس الثانوية الحكومية في اليمن خارج حلبة المنافسة بعد تصدرها لعقود ماضية.
وقال في منشور على حسابه بـ«فيسبوك»، «إن ثانويات الكويت وأروى وابن ماجد وعمر المختار وسالم الصباح وهائل سعيد في أمانة العاصمة صنعاء وكبرى المدارس الحكومية في اليمن المتصدرة لقوائم الأوائل لعقود أصبحت اليوم خارج حلبة المنافسة، وكذلك أغلب المحافظات».
وقال: «وفي استحواذ ثلاث مدارس فقط من إجمالي 3000 ثانوية وأكثر من 50 في المائة من مقاعد أوائل الجمهورية لا يعني إلا انحياز القائمين على إدارة الامتحانات إلى نماذج الامتحانات التي وضعها المدرسون في تلك المدارس، وكان لطلبتها ذلك العدد».
وتابع، قائلا: «إن الخلل واضح ولا يحتاج إلى تفسير أو شرح، ابتداء من هجرة الكفاءات لهذه المدارس بسبب انقطاع مرتبات المعلمين، وانتهاء بعجز السلطة والوزارة عن التعويض وتأهيل كفاءات جديدة ورفد المدارس الحكومية بها، ناهيك من انعدام موازنات التشغيل».
وأضاف أن «قوائم أوائل الثانوية اليوم وقبلها أوائل الشهادة الأساسية ناقوس خطر ينذر بجرف الملايين من أبنائنا الملتحقين بالتعليم الحكومي الى هاوية الجهل دون رجعة، ومؤشر احتكار التعليم والتفوق على أبناء الذوات وأصحاب المال».
وعلق ناشط يمني آخر مستنكرا بالقول «إن 21 طالبا من الأوائل من داخل قاعة اختبار واحدة، و5 أوائل أيضا من مدرسة أهلية واحدة ومن مركز امتحاني، تلك فضيحة كبيرة لم تحدث على الإطلاق في تاريخ اليمن والعالم، فماذا نسمي ذلك... تعليم الغش الجماعي؟!».
وتعمل الجماعة الحوثية منذ انقلابها على تكريس التخلف والجهل، ومارست في المقابل سياسة تدميرية تجاه قطاع التعليم، حيث وضعت كثيرا من التحديات والمعوقات أمامه، من بينها تجميد الإنفاق العام على التعليم وإيقاف دفع الرواتب التي مثلت أخطر التحديات أمام العملية التعليمية، إلى جانب استهدافها للمدارس واستخدامها لأغراض عسكرية، وإغلاق أكثر من 2500 مدرسة، وحرمان مئات آلاف الطلبة من التعليم ، بحسب تقارير محلية ودولية.
وكانت نقابة المعلمين اليمنيين اتهمت في أوقات سابقة الميليشيات باستغلالها امتحانات ونتائج الشهادتين الأساسية والثانوية لغرض تجنيد آلاف الطلاب للقتال بجبهاتها.
وكشفت مصادر تربوية في صنعاء العام الماضي عن قيام قطاع التربية والتعليم الذي يديره شقيق زعيم الجماعة يحيى الحوثي بتسريب امتحانات بعض مواد الثانوية العامة لأبناء قادة ومشرفين في الجماعة بغية تمكينهم عبر بوابة الغش من تصدر قائمة الطلبة الأوائل والمتميزين.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.