هل تصل الفاشية الإيطالية إلى السلطة على أكتاف برلوسكوني؟

موسوليني  -  ماتاريلا (أ.ف.ب)  -  برلوسكوني (رويترز)
موسوليني - ماتاريلا (أ.ف.ب) - برلوسكوني (رويترز)
TT

هل تصل الفاشية الإيطالية إلى السلطة على أكتاف برلوسكوني؟

موسوليني  -  ماتاريلا (أ.ف.ب)  -  برلوسكوني (رويترز)
موسوليني - ماتاريلا (أ.ف.ب) - برلوسكوني (رويترز)

بعد 15 سنة على سقوط الحكومة الرابعة، التي رأسها سيلفيو برلوسكوني بعد فوزه في انتخابات العام 2018، يتأهب اليمين الإيطالي المتطرف للعودة إلى الحكم إذا صدقت الاستطلاعات التي ترجّح فوزه في الانتخابات العامة أواخر الشهر المقبل. ويحمل الائتلاف، الذي يضمّ أحزاب «فورتسا إيطاليا» (إلى الأمام يا إيطاليا) و«الرابطة» و«إخوان إيطاليا»، مجموعة من الاقتراحات التي تستهدف الحد من صلاحيات المفوضية الأوروبية. منها؛ محاربة الهجرة الشرعية، وانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب في محاولة أخيرة شبه يائسة من سيلفيو برلوسكوني للوصول إلى الرئاسة الأولى التي عصيت عليه لسنوات بسبب الملاحقات القانونية التي كان يتعرّض لها والأحكام القضائية التي صدرت بحقه وحرمته لفترة من حقوقه السياسية.
كان برلوسكوني قد صرّح هذا الأسبوع أنه في حال تعديل المادة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب، يتوجب على الرئيس الحالي سرجيو ماتاريلا، الذي أعيد انتخابه أخيراً لولاية ثانية، التنحّي وإفساح المجال لانتخاب رئيس جديد. هذا الكلام أثار انتقادات شديدة من أحزاب الوسط واليسار التي حذّرت من خطورة وصول الأحزاب اليمينية إلى الحكم بعد جنوحها نحو المواقف المتطرفة، وفي مثل هذه المرحلة التي تشهد خلالها أوروبا اضطرابات سياسية واقتصادية وأمنية تهدد بإعادة تشكيل التوازنات الإقليمية والدولية.
وعلى الرغم من التصريحات المتكررة التي تصدر عن قيادات الأحزاب اليمينية المتطرفة بالتخلي عن المبادئ الفاشية والتزام قواعد العمل السياسي الديمقراطي واحترام الحريات الأساسية، لا تزال الشكوك تحوم حول الأهداف الحقيقية لهذه الأحزاب في حال وصولها إلى السلطة. خصوصاً في ضوء تحالفاتها خارج الإطار الأوروبي مع الجناح الراديكالي في الحزب الجمهوري الأميركي، والمنظّر اليميني المتطرف ستيف بانون في الولايات المتحدة، ومع الدائرة الآيديولوجية المتشددة المحيطة بفلاديمير بوتين في روسيا.
ولقد تنامت هذه الشكوك والمخاوف في الأيام الأخيرة بعدما عاد حزب «إخوان إيطاليا» إلى رفع شعار «الله - الوطن - العائلة» عنواناً لحملته الانتخابية، وهو الشعار الذي رفعه الفاشيون الطليان في ثلاثينات القرن الماضي. وكانت جيورجيا ميلوني قد دافعت عن هذا الشعار، الذي وصفته بأنه «أجمل بيان للحب عبر الأجيال»، وأرجعته إلى تعاليم شيشرون في ذروة نفوذ الإمبراطورية الرومانية. وفي المهرجان الانتخابي الحاشد الذي نظّمه «إخوان إيطاليا» نهاية الأسبوع الماضي في بلدة لاتينا، القريبة من روما، حيث أطلق موسوليني الحزب الفاشي، قالت ميلوني: «هذا الشعار هو أساس الحضارة الغربية التي هي مصدر تقاليدنا وثقافتنا وهويتنا وانتمائنا». ودافعت عن «الجذور المسيحية المقدسة» في معركتها على الصعيد الأوروبي. وأنهت كلمتها بالقول: «هنا نستنشق نسائم المحبة والوطنية، والقيم الأساسية والتقليدية التي سنواصل الدفاع عنها، برغم كل ما يقال عنّا».
في هذه الأثناء، يحذّر كثيرون من أنه إذا كان برلوسكوني قد لجأ إلى التحالف مع الفاشيين الجدد للوصول إلى السلطة أواخر القرن الماضي ومطالع هذا القرن، فإن الفاشيين الجدد وورثتهم - الذين يمسكون بزمام اليمين الإيطالي اليوم - يستدرجون برلوسكوني وما تبقّى له من شعبية متضائلة لبلوغ الهدف الذي يخططون له منذ اندثار الحزب الديمقراطي المسيحي، مطلع تسعينات القرن الماضي وظهور برلوسكوني في المشهد السياسي.


مقالات ذات صلة

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

في عملية واسعة النطاق شملت عدة ولايات ألمانية، شنت الشرطة الألمانية حملة أمنية ضد أعضاء مافيا إيطالية، اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت السلطات الألمانية أن الحملة استهدفت أعضاء المافيا الإيطالية «ندرانجيتا». وكانت السلطات المشاركة في الحملة هي مكاتب الادعاء العام في مدن في دوسلدورف وكوبلنتس وزاربروكن وميونيخ، وكذلك مكاتب الشرطة الجنائية الإقليمية في ولايات بافاريا وشمال الراين - ويستفاليا وراينلاند – بفالتس وزارلاند.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

أصبح برنامج «تشات جي بي تي» الشهير الذي طورته شركة الذكاء الاصطناعي «أوبن إيه آي» متاحا مجددا في إيطاليا بعد علاج المخاوف الخاصة بالخصوصية. وقالت هيئة حماية البيانات المعروفة باسم «جارانتي»، في بيان، إن شركة «أوبن إيه آي» أعادت تشغيل خدمتها في إيطاليا «بتحسين الشفافية وحقوق المستخدمين الأوروبيين». وأضافت: «(أوبن إيه آي) تمتثل الآن لعدد من الشروط التي طالبت بها الهيئة من أجل رفع الحظر الذي فرضته عليها في أواخر مارس (آذار) الماضي».

«الشرق الأوسط» (روما)
العالم إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

في الخامس والعشرين من أبريل (نيسان) من كل عام تحتفل إيطاليا بـ«عيد التحرير» من النازية والفاشية عام 1945، أي عيد النصر الذي أحرزه الحلفاء على الجيش النازي المحتلّ، وانتصار المقاومة الوطنية على الحركة الفاشية، لتستحضر مسيرة استعادة النظام الديمقراطي والمؤسسات التي أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم. يقوم الدستور الإيطالي على المبادئ التي نشأت من الحاجة لمنع العودة إلى الأوضاع السياسية التي ساهمت في ظهور الحركة الفاشية، لكن هذا العيد الوطني لم يكن أبداً من مزاج اليمين الإيطالي، حتى أن سيلفيو برلوسكوني كان دائماً يتغيّب عن الاحتفالات الرسمية بمناسبته، ويتحاشى المشاركة فيها عندما كان رئيساً للحكومة.

شوقي الريّس (روما)
شمال افريقيا تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

أعلنت الحكومة المصرية عن عزمها تعزيز التعاون مع إيطاليا في مجال الاستثمار الزراعي؛ ما يساهم في «سد فجوة الاستيراد، وتحقيق الأمن الغذائي»، بحسب إفادة رسمية اليوم (الأربعاء). وقال السفير نادر سعد، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء المصري، إن السفير الإيطالي في القاهرة ميكيلي كواروني أشار خلال لقائه والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، (الأربعاء) إلى أن «إحدى أكبر الشركات الإيطالية العاملة في المجال الزراعي لديها خطة للاستثمار في مصر؛ تتضمن المرحلة الأولى منها زراعة نحو 10 آلاف فدان من المحاصيل الاستراتيجية التي تحتاج إليها مصر، بما يسهم في سد فجوة الاستيراد وتحقيق الأمن الغذائي». وأ

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
TT

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا، كما أيّد تصدي المملكة العربية السعودية للمتمردين الحوثيين في اليمن.

في المقابل، أدان روبيو هجوم حركة «حماس» في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على غلاف قطاع غزة، وأعرب بقوة عن دعمه لإسرائيل و«عن حقها في الدفاع عن النفس»، داعياً إلى القضاء التام على «حماس» في القطاع الفلسطيني المحتل.

وعندما سُئل عما إذا كانت هناك طريقة ما لوقف «حماس» من دون التسبّب في خسائر بشرية جسيمة في صفوف مدنيي غزة، قال روبيو - بالحرف - إن إسرائيل لا تستطيع التعايش «مع هؤلاء المتوحشين... يجب القضاء عليهم». وتابع في الاتجاه نفسه ليقول: «إن (حماس) مسؤولة بنسبة 100 في المائة» عن الخسائر البشرية الفلسطينية في غزة.

أما فيما يتعلق بإيران فالمعروف عن روبيو أنه يدعم العقوبات الصارمة وإلغاء الاتفاق النووي معها. وإزاء هذه الخلفية يرى محللون أن اختياره لمنصب وزير الخارجية ربما يعني تطبيقاً أكثر صرامة للعقوبات النفطية على كلّ من إيران وفنزويلا.

ومن جهة ثانية، بصفة ماركو روبيو نائباً لرئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ وعضواً في لجنة العلاقات الخارجية، فإنه يناقش في الكثير من الأحيان التهديدات العسكرية والاقتصادية الأجنبية، ولعل من أبرزها ما تعدّه واشنطن تهديد الصين. وهو يحذّر بشدّة من أن كلاً من الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا تتعاون بشكل متزايد ضد الولايات المتحدة. وسبق له أن قال في خطاب ألقاه خلال مارس (آذار) الماضي: «إنهم جميعاً يشتركون في هدف واحد. إنهم يريدون إضعاف أميركا، وإضعاف تحالفاتنا، وإضعاف مكانتنا وقدراتنا وإرادتنا».

وحول الصين بالذات، فيما يتعلق بالأمن القومي وحقوق الإنسان، فإنه يحذر من الصين. وفي حين يأمل روبيو بنمو اقتصادي أكبر نتيجة للتجارة معها، فإنه يعتقد أن على واشنطن دعم الديمقراطية والحرية والاستقلال الحقيقي لشعب هونغ كونغ.

أما بالنسبة لروسيا، فقد أدان روبيو غزو روسيا لأوكرانيا، خلال فبراير (شباط) 2022، بيد أنه صوّت مع 15 جمهورياً في مجلس الشيوخ ضد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 95 مليار دولار لأوكرانيا وإسرائيل وشركاء آخرين جرى تمريرها في أبريل (نيسان).

ثم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وصف الأوكرانيين بأنهم «شجعان وأقوياء بشكل لا يصدق»، لكنه قال إن الحرب في أوكرانيا وصلت إلى «طريق مسدود»، و«يجب إنهاؤها» عبر التفاوض لتجنب المزيد من الضحايا، بدلاً من التركيز على استعادة كل الأراضي التي استولت عليها موسكو.

في المقابل، يدعم وزير الخارجية المرشّح الشراكةَ التجارية والتعاون مع الحلفاء عبر المحيط الهادئ، ويدعو إلى تعزيز الوجود العسكري الأميركي في تلك المنطقة، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة «تخاطر بالاستبعاد من التجارة العالمية ما لم تكن أكثر انفتاحاً على التجارة».