كيف تسببت موجة الحر في خريف أوروبا الكاذب؟

دراسة سويسرية تنبأت بالمشهد قبل عامين

درجات الحرارة المرتفعة أدت إلى ظاهرة «الخريف الزائف» (أ.ف.ب)
درجات الحرارة المرتفعة أدت إلى ظاهرة «الخريف الزائف» (أ.ف.ب)
TT

كيف تسببت موجة الحر في خريف أوروبا الكاذب؟

درجات الحرارة المرتفعة أدت إلى ظاهرة «الخريف الزائف» (أ.ف.ب)
درجات الحرارة المرتفعة أدت إلى ظاهرة «الخريف الزائف» (أ.ف.ب)

هل تستطيع تناول المزيد من الطعام بعد الوصول إلى حد الشبع عقب تناول وجبة دسمة؟ الإجابة بالقطع لا.
استحضر هذا المشهد جيداً وأنت ترى أوراق الأشجار في أوروبا وقد بدأت تتساقط مبكراً معلنةً عن «خريف مبكر» تعيشه القارة العجوز، حيث استهلكت موجة الحر غير المسبوقة مقدار التمثيل الضوئي الذي تقوم به الأشجار خلال موسم النمو مما أدى إلى تغير لون الأوراق وسقوطها.
ويحوّل التمثيل الضوئي في الأوراق ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي إلى مركبات الكربون التي تستخدمها الشجرة للعيش والنمو، وإذا لم تعد الشجرة قادرة على استخدام المزيد من الكربون، فإنها تتوقف عن الحفاظ على أوراقها وتسقط، وهو ما يحدث في أوروبا هذه الأيام.
وبدلاً من اللون الأخضر، المميِّز للحدائق والمتنزهات والغابات في هذا التوقيت من العام، أصبحت العيون تغرق في بحر من اللون البرتقالي والأصفر والأحمر والبني، مع سجاد كثيف من الأوراق على الأرض.
وتنبأت دراسة سويسرية نشرتها دورية «ساينس» في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2020 بهذا المشهد، لتربك نظرية كانت سائدة فحواها أن درجات الحرارة الأكثر دفئاً تؤخِّر بداية الخريف.
وكانت النظرية السائدة تقول إنه «سيتم امتصاص المزيد من ثاني أكسيد الكربون في المناخ الدافئ بواسطة الأشجار والنباتات الأخرى، مما يؤدي إلى تأخير بداية الخريف»؛ لكن الدراسة التي أجراها فريق بحثي من معهد علم الأحياء التكاملي بالمعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا، قلبت هذه النظرية رأساً على عقب، بالقول إن «هناك حداً لمقدار التمثيل الضوئي الذي يمكن أن تقوم به الشجرة خلال موسم النمو، وعندما تصل لهذا الحد تتخلص من أوراقها، وهو ما دعمته مشاهد الخريف المبكر في أوروبا والذي يحلو للبعض أن يسميه (الخريف الكاذب)، والذي أضاف تأثيراً سلبياً آخر لموجة الحر غير المسبوقة التي شهدتها أوروبا».
وارتفعت درجات الحرارة فوق 40 درجة مئوية لأول مرة في الكثير من الدول الأوروبية في شهر يوليو (تموز) الماضي، وهو ما أدى إلى موجة جفاف هي الأسوأ، منذ 500 عام، حسب تقرير لـ«المرصد العالمي للجفاف»، التابع للمفوّضيّة الأوروبيّة، في 23 أغسطس (آب) الماضي.
ووفق الدراسة التي قادها كونستانتين زونر، بمعهد علم الأحياء التكاملي بالمعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا، فإنه «في مقابل كل زيادة بنسبة 10% في نشاط التمثيل الضوئي خلال فصلي الربيع والصيف، تتخلص الأشجار من أوراقها، في المتوسط، قبل ثمانية أيام من الموعد المعتاد».
وتوصل زونر وزملاؤه إلى هذه النتيجة بعد دراسة بيانات سقوط أوراق الخريف من 1948 إلى 2015 لستة أنواع من الأشجار المعتدلة، بما في ذلك البلوط، عبر ما يقرب من 4 آلاف موقع في وسط أوروبا، ثم أجروا تجربتين لمعرفة الدور الذي يلعبه ثاني أكسيد الكربون وضوء الشمس في توقيت سقوط الأوراق، حيث قارنوا في الأولى الأشجار في غرف قريبة من مستويات ثاني أكسيد الكربون الموجودة في الغلاف الجوي اليوم، مع تلك الموجودة في ضعف هذه الكمية، بينما اختبروا في الأخرى تأثير الظل.
وبتجميع النتائج معاً وضع الباحثون نموذجاً لما سيحدث إذا ظلت انبعاثات الكربون البشرية مرتفعة، وبدلاً من التوقع الراسخ بأن الخريف الأكثر دفئاً سيجلب موسم نمو أطول مع سقوط الأوراق بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من الموعد المعتاد، وجد فريق زونر أنه «من المحتمل أن يحدث قبل الموعد المعتاد».


مقالات ذات صلة

تقرير: مناخ بريطانيا ازداد حرّاً ومطراً

أوروبا أشخاص يستمتعون بالطقس الدافئ في لندن (رويترز)

تقرير: مناخ بريطانيا ازداد حرّاً ومطراً

توقع تقرير، نُشر اليوم (الخميس)، تزايد موجات الحر والمطر في المملكة المتحدة، في إطار تحليله عواقب الاحترار المناخي الناجم عن الأنشطة البشرية على مناخ بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رجل إطفاء يعمل على إطفاء حريق لون روك المشتعل في سبراي بولاية أوريغون بالولايات المتحدة في 21 يوليو 2024 في لقطة الشاشة هذه التي تم الحصول عليها من مقطع فيديو (رويترز)

العالم يسجل اليوم الأكثر سخونة على الإطلاق

كان الأحد 21 يوليو (تموز) اليوم الأكثر حرارة على الإطلاق على مستوى العالم، وفقاً للبيانات الأولية الصادرة عن خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا شرطيون صينيون في قارب من المطاط يبحثون عن متضررين أو محاصَرين في منطقة أغرقتها مياه الأمطار في تشونغ تشينغ (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 قتلى و8 مفقودين في أمطار طوفانية في الصين

أدت الأحوال الجوية القصوى التي تشهدها الصين خلال الصيف إلى مقتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا الأمطار تغرق مناطق بأكملها في بلدة الشيخ جلال بأفغانستان (أرشيفية - رويترز)

35 قتيلاً على الأقل جراء أمطار غزيرة في شرق أفغانستان

قضى 35 شخصاً على الأقل وأصيب 230 آخرون اليوم الاثنين جراء أمطار مصحوبة بعواصف عنيفة في مدينة جلال آباد وضواحيها في شرق أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (كابول)
يوميات الشرق الطقس العاصف في اليمن يزيد من المخاطر الجسيمة على الأرواح وتعطيل سبل العيش (إعلام محلي)

الأرقام القياسية للحرارة تتهاوى حول العالم في 2024

شهد العام 2024 تسجيل الكثير من الأرقام القياسية الجديدة في درجات الحرارة حول العالم، مع استمرار تأثير زيادة غازات الدفيئة في الغلاف الجوي على مناخ الكوكب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

ميلوني تصل إلى الصين في زيارة رسمية

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (رويترز)
رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (رويترز)
TT

ميلوني تصل إلى الصين في زيارة رسمية

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (رويترز)
رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (رويترز)

أعلنت وسيلة إعلام رسمية صينية أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني وصلت بعد ظهر اليوم (السبت) إلى الصين في زيارة رسمية، وذلك لتحفيز العلاقات التجارية، والتطرق إلى الحرب في أوكرانيا، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وهي الزيارة الأولى لميلوني إلى الدولة الآسيوية، منذ توليها منصبها عام 2022.

ومن المقرر أن تلتقي المسؤولة الإيطالية خلال زيارتها التي تستمر 5 أيام، وتنتهي الأربعاء، الرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس الوزراء لي تشيانغ، بحسب بكين.

وقال تلفزيون «سي جي تي إن» الصيني على موقع «ويبو» الاجتماعي: «وصلت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني بعد ظهر (السبت) 27 يوليو (تموز) إلى بكين في زيارة رسمية».

وأرفقت القناة رسالتها بصورة لطائرة تابعة للجمهورية الإيطالية على مدرج المطار.

قال مصدر حكومي إيطالي إن الهدف من الزيارة هو «إعادة تحريك العلاقات الثنائية في القطاعات ذات الاهتمام المشترك».

وذكر المصدر أن مباحثات ميلوني مع كبار القادة الصينيين ستركز على «القضايا الرئيسية المدرجة على جدول الأعمال الدولي بدءاً بالحرب في أوكرانيا».

وبالإضافة إلى بكين، ستزور ميلوني شنغهاي (شرق) عاصمة الصين الاقتصادية.

انسحبت إيطاليا من الاتفاقية مع الصين بشأن طرق الحرير الجديدة العام الماضي، بعد أن كانت الدولة الوحيدة في مجموعة السبع المشاركة في هذا البرنامج الاستثماري الضخم من جانب بكين في البنى التحتية بالخارج.

قبل وصولها إلى السلطة، رأت ميلوني أن الالتزام بهذا البرنامج، وهو حجر الزاوية لطموحات الرئيس شي جينبينغ لزيادة تأثير بلاده في الخارج، كان «خطأ جسيماً».

وتضمنت مذكرة التفاهم غير الملزمة بين روما وبكين تعهدات تعاون واسعة النطاق في المجالات اللوجستية والبنى التحتية والتمويل والبيئة.

لكن التفاصيل كانت نادرة، وأدَّت قلة الشفافية إلى عدم ثقة حلفاء إيطاليا.

ومنذ ذلك الحين، سعت إدارة ميلوني إلى تحسين العلاقات مع الصين، الشريك التجاري الرئيسي.

وأعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني في أبريل (نيسان) أن «علاقاتنا مع الصين إيجابية حتى لو كان هناك منافسة بيننا وتباين في مواقفنا بشأن بعض القضايا».

وشدد على أن انسحاب روما من مشروع طرق الحرير الجديدة «لم يكن خطوة عدائية تجاه الصين».