بدور القاسمي: لا بد من تعلم المهارات الحديثة وتنشيط ترجمة الكتاب العربي

رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين تتحدث لـ {الشرق الأوسط} عن واقع النشر وآفاقه عربياً وعالمياً

الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين (تصوير: إيفانا ماجليوني)
الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين (تصوير: إيفانا ماجليوني)
TT

بدور القاسمي: لا بد من تعلم المهارات الحديثة وتنشيط ترجمة الكتاب العربي

الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين (تصوير: إيفانا ماجليوني)
الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين (تصوير: إيفانا ماجليوني)

ترأس الشيخة بدور القاسمي الاتحاد الدولي للناشرين، وهي الرئيسة التنفيذية والمؤسسة لـ«مجموعة كلمات»، التي من أهدافها «التأكيد على أهمية الكتاب، وغرس حب المعرفة والقراءة لدى الأجيال الجديدة من الأطفال واليافعين»، كما قادت من خلال هذه المؤسسة عدداً من الحملات لتوفير آلاف الكتب للأطفال اللاجئين والمتأثرين بالحروب والصراعات والصعوبات في جميع أنحاء العالم.
في إطار رؤيتها تجاه قطاع النشر، أطلقت سلسلة من المبادرات، كان أبرزها تأسيس «PublishHer» في عام 2019 كـ«مبادرة للتواصل والتفاعل لتعزيز دور المرأة في المناصب القيادية لصناعة النشر». وأطلق الاتحاد الدولي للناشرين خلال فترة رئاستها مبادرة «الصندوق الأفريقي للابتكار في النشر» بالتعاون مع «دبي العطاء» لدعم المشروعات التي تهدف لتعزيز التنمية المستدامة والتعليم والنشر في القارة الأفريقية. ومن المبادرات الأخيرة، تأسيس «أكاديمية الاتحاد الدولي للناشرين» في مارس (آذار) 2022 بالتعاون مع «مركز النشر» التابع لكلية الدراسات المهنية في جامعة نيويورك بالولايات المتحدة، و«مركز أكسفورد العالمي للنشر»، و«المركز التدريبي للنشر» في المملكة المتحدة.
هنا حوار معها عن واقع النشر العربي والدولي وآفاقه المستقبلية، والتطورات التقنية المتسارعة وما تحدثه من تحولات نوعية في ثقافة العمل والحياة، ومدى استفادة قطاعات النشر من ذلك، ومنها قطاع النشر العربي...

> تؤكدين دائماً أنك مطمئنة على مستقبل النشر، ما أسباب هذا الاطمئنان؟
- دعونا في البداية أن نعرف ونوصّف النشر، كيف نشأ؟ ولأي غاية؟ وما هي محركات نموه الذاتية والموضوعية؟ بالتحليل البسيط نستطيع القول إن الإنسان اخترع النشر ليوثق تجاربه الفردية والمجتمعية، ولكي يحفظ معارفه التي يكتسبها من علاقاته بكل مكونات الحياة، وأيضاً لكي يجد وسيلة يعبر بواسطتها عن إبداعه ومشاعره، ويخاطب من خلالها الآخرين ويتواصل معهم ويوثق علاقاته بهم. والنشر توثيق للذاكرة الإنسانية وتعميمها وأداة لتتناقلها الأجيال، فالبشرية ستعاني كثيراً من دون ذاكرة موثقة، لأنها ستكون بحاجة لمواجهة التجارب من دون خبرة وكأنها تخوضها في كل مرة للمرة الأولى.
استعان البشر قبل النشر برواية الحكاية شفهياً، ثم جاء الورق البدائي، وباختراع الطباعة أصبح الوجدان البشري أكثر تقارباً وتكاملاً، وأصبح للتعليم أدواته ووسائله التي تستند لتجربة تاريخية طويلة، وبشكل عام أصبح النشر مساهماً أساسياً في تحفيز العلم والإبداع وتطوير الأعمال والارتقاء بشكل الوجود الإنساني.
ومع تطور التقنيات، دخلنا مرحلة متقدمة من النشر، فقد أصبح الوصول للكتاب أكثر سهولة، ويمكن تحقيقه عبر الهاتف المحمول أو الجهاز اللّوحي؛ ومن ليس لديه وقت كافٍ للجلوس في المكتبة أو البيت للقراءة، بات بإمكانه الاستفادة من الكتب المسموعة، هذه السهولة أدت إلى زيادة نسبة القراء وارتفاع ساعات القراءة، ورسخت محبة المعرفة لدى الناس، فلا يوجد كتاب في العالم لا يمكن الوصول إليه من أي مكان، حتى محبو الكتب الورقية بإمكانهم الحصول عليها بسهولة من خلال طلبها من على منصات البيع الإلكترونية.
على صعيد آخر، صرنا نشهد تنامياً في أهمية المعرفة العامة والمتخصصة في جميع القطاعات ومختلف المستويات، الأعمال اليوم تعتمد على المواهب والأفكار الإبداعية أكثر من اعتمادها على الموارد التقليدية، وهذه الحالة أكدت أهمية القراءة لتحقيق النجاح الفردي والمؤسساتي والاجتماعي بشكل عام، فمهما كان تخصص الفرد هناك كتب تتناول هذا التخصص، وتضيف كثيراً من المهارات والأفكار للقراء، فالقراءة والمعرفة تخلق الرواد والمبدعين، ونحن في زمن الريادة، وأتذكر هنا كلام «فولتير» عندما سُئِلَ من سيقود الجنس البشري أجاب: «الذين يعرفون كيف يقرؤون».
إن التطورات المتسارعة وما تحدثه من تحولات نوعية في ثقافة العمل والحياة بشكل عام تذهب لصالح قطاع النشر، في تقرير لموقع «The Business Research Company» من المتوقع أن ينمو حجم سوق النشر العالمي من 84.54 مليار دولار في عام 2021 إلى 89.25 مليار دولار في عام 2022، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 5.6 في المائة. والتقرير نفسه أشار إلى أنه من المتوقع أن يصل سوق النشر إلى 105.27 مليار دولار في عام 2026 بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 4.2 في المائة، وهذا معدل يتفوق على كثير من القطاعات.
> لكن ما هي مساحة قطاع النشر العربي؟ وما التحديات الذي تواجه الناشرين العرب؟
- في البداية لا بد من التأكيد على حقيقة أن انفتاح الأسواق وتطور تقنيات التواصل ومنافذ البيع الإلكترونية، والكتاب الصوتي والإلكتروني، وما ترافق معها من تداخل في الأعمال، وتنقل للمهارات والشركات والمؤسسات بين القارات والدول، جميعها تؤسس بشكل تدريجي لمجتمع نشر عالمي موحد، ولن يكون مجتمع النشر العربي بمنأى عنه، وسيستفيد من كل مقومات النمو التي ذكرناها سابقاً.
كما تجب الإشارة إلى أن تجربة النشر العربي ثرية ومهمة جداً، نتيجة التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي رافقت مسار النشر وما أحدثته التطورات والتحولات على الرواية والشعر والقصة، ونمتلك في الوطن العربي أسماء ثقافية كبيرة نفخر ونعتز بها، وناشرين لهم بصمات واضحة على المشهد الثقافي العربي بشكل عام، وهذا يعني أن للقطاع تراثه وجذوره التي يمكن البناء عليها لتحقيق مزيد من التطور.
لكن من أجل ضمان التطور، لا بد من تحديد التحديات وحشد الجهود لمواجهتها، فخلال السنوات الماضية شهد مجتمع النشر العربي حراكاً نشطاً ونقاشات داخلية أدت إلى مزيد من التأكيد على دور مجتمع النشر في تحفيز الحالة الثقافية والإبداعية بشكل خاص، ودعم مساعي التنمية للمجتمعات العربية بشكل عام، من خلال تعزيز مساهمة القطاعات الإبداعية، وتفيد الدراسات أنه يشكل نسبة 10 في المائة من حجم مداخيل الدول المتقدمة.
ومن خلال أنشطتي وزياراتي رئيسةً للاتحاد الدولي للناشرين، التقيت بعدد كبير من الناشرين في السعودية والمغرب وتونس ومصر وغيرها من البلدان العربية، وكان المشترك في حواراتي معهم جميعاً هو الشغف بالعمل والابتكار وتطوير قطاع النشر وأدواته والاستثمار في المواهب المحلية وتشجيع المحتوى المحلي.
وفي المقابل، لمسنا قلقاً من التحديات التي تواجههم، وبشكل خاص حماية الملكية الفكرية ومخاطر القرصنة الإلكترونية، وذلك في ظل تنامي النشر الرقمي، وتزايد قدرات القراصنة على اختراق مواقع النشر الرسمية ذات المصداقية. كل تقدم علمي يمكن أن تكون له سلبيات، لكننا على ثقة بإمكانية معالجتها والحد من آثارها بالعمل وفق خطط مستدامة ومتصاعدة، ولعل أول خطوة لمواجهة هذا التحدي هي تنفيذ حملات مكافحة القرصنة تشمل جميع الأطراف في عملية النشر بما فيها الجمهور، بل يجب التركيز على توعية وتثقيف الجمهور بمخاطر القرصنة واستعمال الكتب التي يتم الاستيلاء عليها بالطرق غير القانونية، وأنا على ثقة أن وعي الجمهور سيشكل سياجاً حصيناً يحمي الناشرين والمؤلفين وحقوقهم، فهذا القطاع وجد لخدمة المصالح العليا للمجتمعات ودعم المساعي نحو التنمية والازدهار والتقدم.
وتوجد حاجة أيضاً إلى سن مزيد من القوانين والتشريعات الصارمة، ويجب أن تكون تداعيات القرصنة وخيمة على من يخالفون القوانين والمواثيق، ويتعدون على حقوق المؤلف والناشر ويتجاوزن أنظمة الحفاظ على الملكية الفكرية، فمثلما استطاعت البلدان والحكومات أن تحد كثيراً من الجنح والجرائم بالقوانين والإجراءات الصارمة، يجب التعامل بحزم مع قضايا القرصنة.
ويضاف إلى ذلك أهمية رصد عمليات القرصنة وجمع البيانات اللازمة لتحسين وتطوير آليات النشر الإلكتروني الشرعية، وهذا يستوجب التعاون الجاد بين أصحاب المصلحة كافة ليكونوا عيون المعرفة وضميرها وحراسها.
في هذا السياق، يهمني أن أؤكد دائماً على حقيقة أن التحديات تقود التطور. فالتحديات تحثّنا على الاكتشاف والتطور وابتكار سبل جديدة للعمل، وهذا كان واضحاً خلال الجائحة، حيث أبدع الناشرون في كثير من البلدان مبادرات وفعاليات وآليات عمل للحفاظ على مكانة النشر ووظيفته، وكان «الاتحاد الدولي للناشرين» نموذجاً لإبداع الحلول والتكيف والتطور للتغلب على تحديات الجائحة، فكما شهدنا أطلق الاتحاد كثيراً من المبادرات في تلك المرحلة، مثل تقرير «من جهود التصدي للجائحة إلى التعافي منها»، هذا التقرير الذي كان بمثابة حشد لجميع آراء الناشرين وتصوراتهم للتعاون من أجل تخطي آثار الجائحة.
وبالإضافة إلى العمل على مواجهة التحديات، هناك حاجة ماسة لتعزيز ركيزتين أساسيتين، الأولى هي تعلم المهارات الحديثة، التي تشمل استخدام الأدوات الرقمية في الإنتاج والتسويق وبناء الشراكات، أما الثانية فهي تنشيط حركة الترجمة من العربية للغات الأخرى، لإيصال الكتاب العربي إلى المجتمعات الأخرى باختلاف ثقافاتها ولغاتها.
إن الترجمة هي نوافذ الثقافة والمعرفة والوجدان المفتوحة على فضاء العالم، وهي ليست فقط لرفع مبيعات الكتب المحلية في الأسواق العالمية، لكنها تخدم أيضاً مساعي العالم نحو الاستقرار والتفهم للاختلاف والتعاون على مواجهة التحديات المشتركة، لهذا لا يمكن لنا أن نرى قطاع النشر من دون حركة ترجمة نشطة وذات حرفية عالية. الأمر الذي يتطلب من المجتمع الثقافي العربي والمؤسسات الرسمية التعاون من أجل تنظيم حركة ترجمة مستدامة، لها استراتيجيتها ورؤيتها التي تتمحور حول ترسيخ الثقافة العربية وقيمها ومبادئها في ساحة المعرفة العالمية.
ومن أجل أن تؤدي الترجمة وظيفتها بشكل مستدام، لا بد من توفير قاعدة بيانات حول الإصدارات الجديدة ومحتواها وتخصصها وكافة المعلومات المطلوبة عنها، كذلك يجب ترسيخ العلاقة بين الناشرين والمترجمين وتنظيم العلاقة بينهما بحيث يصبح التواصل والتنسيق مستداماً، كل ذلك إلى جانب بناء الشراكات الدولية والتعرف على احتياجات الجمهور من مختلف الثقافات وفهم رغباته وميوله الفكرية.
> أعلنتم مؤخراً عن تأسيس وإطلاق «أكاديمية الاتحاد الدولي للناشرين»، ما هي الأفكار والدوافع التي أدت إلى ولادة هذا المنجز النوعي؟
- لقد شكلت السنتان الماضيتان نقطة تحول في مجتمع النشر، وبرزت الحاجة إلى مهارات جديدة تمنح الناشرين قوة ذاتية للاستمرار مهما اختلفت الظروف، وقد أكدت الأزمة الصحية العالمية حاجة الناشرين إلى تبني مزيد من المهارات التي لها علاقة بمنظومة النشر المتكاملة.
أسست هذه الحاجة البحث والنقاش داخل «الاتحاد الدولي للناشرين»، وبيني وبين أكثر من 150 من كبار المسؤولين والمديرين التنفيذيين في صناعة النشر في أكثر من 40 دولة يمثلون القطاعات والمجالات كافة التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالنشر، وتضمن ذلك دور النشر، والموزعين، والمؤلفين، والمعلمين، ومعارض الكتب، ودعاة الثقافة والمعرفة، ونشطاء حرية التعبير.
وخلصت هذه النقاشات إلى ضرورة تأسيس أداة تعليمية مستدامة، توفر الدعم المعرفي للناشرين وتطور مهاراتهم وتساعدهم على التكيف الإيجابي مع المتغيرات التي يشهدها القطاع، والقطاعات الأخرى، سواء أكانت ثقافية أو اقتصادية أو اجتماعية، فقد أردنا أن يكون لدى كل ناشر في العالم فرصة تطوير مهاراته في النشر والتسويق الإلكتروني والكتب الصوتية والميسرة، إلى جانب التعرف على مستجدات القطاع والاطلاع على التجارب وفهم رغبات القراء وميولهم.
كانت النتيجة من كل ذلك هي «أكاديمية الاتحاد الدولي للناشرين»، التي أعلنّا عنها في 7 مارس 2022 برعاية «هيئة الشارقة للكتاب»، وبالتعاون مع «مركز النشر» التابع لكلية الدراسات المهنية في جامعة نيويورك بالولايات المتحدة، و«مركز أكسفورد العالمي للنشر»، و«المركز التدريبي للنشر» في المملكة المتحدة.
وتوفر الأكاديمية، المتاحة لنحو 15 ألف ناشر من أعضاء الاتحاد، من أكثر من 70 دولة، مجموعة من الدورات والحوارات الافتراضية المجانية لأعضاء الاتحاد.
نحن نؤكد دوماً على أهمية التعلم مدى الحياة، إذا كان قطاع النشر هو قطاع للتعليم والتثقيف والتوعية، فيجب أن يبدأ بهذه المهمة داخلياً.
> تؤكدين دائماً على أهمية تمكين المرأة في قطاع النشر، كيف ترين مكانة المرأة في القطاع؟ وكيف يمكن تعزيزها لتصبح أكثر تأثيراً؟
- أنا أؤمن بأن دعم مساعي الأمم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتحقيق طموحات الشعوب في الاستقرار والازدهار، يحتاج إلى توفير عدة اشتراطات، في مقدمتها أن تستند عملية التنمية للمعرفة العلمية، وأن تمتلك رؤية إنسانية عامة، وهذا يعني أن قطاع النشر مساهم أساسي في توفير القاعدة المعرفية والرؤية الإنسانية المشتركة للعمل والإنتاج والتقدم.
أما الاشتراط الثاني فهو مساهمة المرأة بشكل كامل وشامل في التنمية، فنحن نتحدث هنا عن نحو نصف ما تمتلكه البشرية من طاقات وإبداعات ومواهب، والمرأة طاقة إبداع أثبتت كفاءتها في المجالات كافة، ولو نظرنا للبلدان التي تعاني من تباطؤ عملية التنمية، فسنجد أن مساهمة المرأة هناك محدودة وغير كافية. إلى جانب ذلك، فإن العمل والإنتاج والشراكة في بناء الحضارات هو حق إنساني طبيعي للجميع لا يجوز الانتقاص منه أو تحديده.
على هذه الرؤية، بنيت توجهاتي واستراتيجياتي في دعم تمكين المرأة داخل مجتمع النشر، وفي العام 2019 أعلنت عن إطلاق PublisHer، التي بدأت أعمالها قمة تجمع الناشرات والمختصات في شؤون المرأة والعمل والتنمية والثقافة من مختلف دول العالم لمشاركة الآراء حول تمكين المرأة في قطاع النشر على وجه الخصوص.
ثم بعد ذلك أدركت أننا بحاجة إلى منصة مستدامة للقيام بهذه المهمة، وأن عقد قمة مرة واحدة في السنة لا يكفي، فتحولت PublisHer إلى منصة تعمل على تعزيز التضامن، والتنوع، والعدالة، وتكافؤ الفرص، والمساواة في قطاع النشر، لتمكين الناشرات وإدماجهن في مجتمع النشر ومساعدتهن على تبادل الأفكار، وإبرام الشراكات، والمشاركة في المبادرات الجديدة التي تتناول سبل تعزيز التنوّع والاندماج والعدالة في صناعة النشر. قطاع النشر بوصفه مصدراً للمعرفة، ينبغي أن يكون نموذجاً للعدالة في تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الجنسين، وأنا على ثقة بأن المرأة سترسخ مكانتها في هذا القطاع، كما حققت مكانتها كاتبة وأديبة وصاحبة دار نشر وغيرها من الوظائف التي تعتبر أساسية للقطاع بشكل عام.


مقالات ذات صلة

من «إيخمان في القدس» إلى «من أجل السماء»

كتب ميشيل فوكو

من «إيخمان في القدس» إلى «من أجل السماء»

حين تكون الضحية نتاجاً لثنائية متضامنة: غياب العقل وعبثية الشر.

شرف الدين ماجدولين
كتب محمد مبوغار صار

القائمة الأولى لـ«الغونكور»... حضور مميّز للكتاب الأفارقة

بعد أيام من انطلاق الموسم الأدبي، كشفت أكاديمية «الغونكور» عن القائمة الأولى للكتاب المرشحين للفوز بالجائزة الأدبية هذه السنة.

أنيسة مخالدي (باريس)
كتب غلاف الرواية

الكاتبة السعودية عائشة مختار في «الريح لا تستثني أحداً»

تقدم الكاتبة السعودية عائشة مختار عملها «الريح لا تستثني أحداً» بوصفه «مُتتالية قصصية»، ينهض معمارها على فن القصة القصيرة المُكثفة

منى أبو النصر (القاهرة)
يوميات الشرق على مدى عشرة أيام تزين فعاليات معرض الكتاب العاصمة السعودية (هيئة الأدب)

علوان: معرض الرياض للكتاب أيقونة ثقافية وأكبر المعارض العربية في مبيعات الكتب

بات معرض الرياض الدولي للكتاب عنواناً للريادة الثقافية للسعودية منذ انطلاقه قبل خمسة عقود وتحقيقه سنوياً لأعلى عوائد مبيعات الكتب بين المعارض العربية.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق ترتبط نورة بعالم لغة الإشارة بشكل شخصي بسبب قصة شقيقتها الكبرى (تصوير: أمنية البوحسون) play-circle 02:39

مترجمة سعودية تفتح نوافذ المعرفة لجمهور الصمّ بـ«معرض الرياض للكتاب»

تقوم مترجمة لغة إشارة سعودية بنقل ما يرِد فيها على لسان متخصصين كبار تباينت مشاربهم وخلفياتهم الثقافية إلى جمهور من الصمّ يتطلع لزيادة معارفه وإثراء مداركه.

عمر البدوي (الرياض)

القائمة الأولى لـ«الغونكور»... حضور مميّز للكتاب الأفارقة

محمد مبوغار صار
محمد مبوغار صار
TT

القائمة الأولى لـ«الغونكور»... حضور مميّز للكتاب الأفارقة

محمد مبوغار صار
محمد مبوغار صار

بعد أيام من انطلاق الموسم الأدبي، كشفت أكاديمية «الغونكور» عن القائمة الأولى للكتاب المرشحين للفوز بالجائزة الأدبية هذه السنة. وضمت القائمة 16 عملاً روائياً، تليها قائمة ثانية من 8 أسماء ثم القائمة الأخيرة من 4 أسماء إلى أن يتم أخيراً الإعلان عن اسم الفائز في الرابع من شهر نوفمبر (تشرين الثاني).

القائمة الأولى تميزت بحضور قوي لكتاب من أفريقيا، طغت على أعمالهم إشكاليات الذاكرة والهوية والمنفى والحداثة من منظور تجاربهم الشخصية والثقافية. أبرز هؤلاء: الجزائري كمال داود عن روايته «الحور» (دار نشر غاليمار)، وغاييل فاي وروايته «الجاكرندا» (دار نشر غراسي) والمغربيان عبد الله الطايع عن روايته «معقل الدموع» (دار نشر غوليار)، وروبين باروك عن عمله «كل ضجيج كليز» (دار نشر ألبان ميشيل).

كمال داود

هذه الأعمال الروائية لفتت انتباه النقاد فأشادوا بقيمتها الأدبية، ومعها بالتأثير المتزايد للأقلام الأفريقية ومساهمتها الإيجابية في بعث الحيوية في المشهد الأدبي الفرنكفوني. اثنان من الروائيين الأربعة مرشحان للفوز بجائزة «الغونكور» لسنة 2024، حيث نقلت كثير من وسائل الإعلام أن كلاً من غاييل فاي وكمال داود يملكان حظوظاً قوية للفوز بالجائزة الأدبية هذه السنة. وقد سبق للكاتب غاييل فاي (42 سنة) أن فاز بعدة جوائز عن روايته الأخيرة «وطني الصغير» (دار نشر غراسي) التي استحضر فيها معاناة طفل حاصّرته ذكريات الطفولة والأحداث البهيجة والمأساوية التي عاشها قبل أن يغرق وطنه الأم رواندا في بحر من المجازر الدموية. غاييل فاي عاد هذه السنة وبعد غياب دام ثمانية أعوام برواية «جاكاراندا» التي يواصل فيها استكشاف إشكالات المنفى والذاكرة والهويات المتعددة من موطنه رواندا التي يعيش فيها الآن.

في حوار مع صحيفة «لوموند» بعنوان: «الجاكرندا المسلسل الأدبي...»، وصف غاييل فاي عمله الأخير بما يلي: «جذور شجرة الجاكرندا تغوص في أراض كثيرة مثل قصّة حياتي، وأزهارها البنفسجية الجميلة تشهد على ميلاد مزيج جميل من المنفى والقدرة على التأقلم».

غاييل فاي

الكاتب الجزائري كمال داود يعد أيضاً من أقوى المرشحين، وكان قد اقترب من الجائزة دون أن يفوز بها عام 2014 بفضل نجاح روايته المثيرة للجدل «مرسو القضية المضادة» (دار نشر غاليمار) التي كان قد استوحاها من رواية ألبير كامو ذائعة الصيت (الغريب 1942) معيداً سرد أحداث الرواية من وجهة نظر الضحية. في عمله الجديد «الحور» (دار نشر غاليمار) يستكشف الكاتب الجزائري التوترات بين التقاليد والتحولات التي تمر بها المجتمعات العربية من خلال قصّة «فجر»، وهي فتاة تنجو من الذبح في عملية إرهابية تعرضت لها وهي طفلة، فتعيش خرساء لكنها تصبح صوتاً لضحايا العشرية السوداء التي مرت بها الجزائر في حقبة التسعينات.

عبد الله الطايع

رواية الكاتب المغربي عبد الله الطايع «معقل الدموع» (دار نشر غوليار) لاقت هي الأخرى اهتمام النقاد وهي تروي بشجاعة وحساسية إشكاليات الحب والتهميش في مجتمع مغربي لا يزال محافظاً للغاية. خلال عرض تقديمي لكتابه، قال الكاتب المغربي المقيم في فرنسا: «(معقل الدموع) صرخة ونداء للإنسانية. إنها قصّة أناس يحبون ويعيشون بشكل مختلف، ويبحثون رغم كل شيء عن مكانهم في عالم لا يفهمهم دائماً».

الروايات الأفريقية المرشحة تعالج إشكالات الذاكرة والهوية والمنفى والحداثة

ويُكمل هذه القائمة روبن باروك، وهو كاتب من أصول يهودية سيفاردية وقد نقل من خلال روايته الجديدة «مع كل ضجيج كليز» (دار نشر ألبان ميشيل) صورة حيّة لمدينة مراكش التي عرفت مولد أجداده. تميز العمل بتحليل دقيق للتحولات التي يشهدها المجتمع المغربي عامة والجالية السيفاردية بصّفة خاصة من خلال شخصية جدتّه بوليت. الحضور القوي للكتاب ذوي الأصول الأفريقية في قوائم المرشحين لـ«جائزة الغونكور» ليس وليد اليوم، بل هو جزء من تقليد قديم وعلامة قوية على الاعتراف المتزايد بالأدب الأفريقي على الساحة العالمية بصفة عامة ومساهمته في إثراء الأدب الفرنكفوني بصفة خاصة. وقد كان رينيه ماران أول كاتب أسود يفوز بـ«جائزة الغونكور» عام 1921 عن روايته «باتوالا»، التي انتقد فيها الاستعمار بشّدة وشكلت نقطة تحول في تاريخ الأدب الفرنسي، ثم الكاتب المغربي الطاهر بن جلون في 1987 عن روايته «الليلة المقدّسة». وآخرهم كان الكاتب السنغالي محمد مبوغار صار الذي حاز على الجائزة الأدبية المرموقة سنة 2021 عن روايته: «الذاكرة الأكثر سرّية للرجال» (دار نشر فيليب راي)، حيث استكشفت الرواية المستوحاة من قصّة «كاتب أفريقي منسي» بأسلوب أشاد به النّقاد إشكالات الذاكرة والأدب وهويات ما بعد الاستعمار، في الوقت الذي نسجت فيه روابط معقدة بين أفريقيا والغرب. ورغم أن الفائز لا يحصل على أي مكافأة مالية كبيرة، فإن جائزة «الغونكور»، إضافة لأنها تجسيد لاعتراف الوسط الأدبي، فهي أيضاً مرادفة لنجاح شعبي ومادي كبير. فوفقاً لأرقام معهد «أديستا» وصلت مبيعات الرواية الأخيرة الفائزة «الاعتناء بها» للكاتب جان باتيست أندريا إلى 570 ألف نسخة وقبله رواية محمد مبوغار صار «ذاكرة الرجال» بـ560 ألف نسخة رغم أن الكاتب لم يكن معروفاً قبلها.