قرار حوثي في صنعاء بنهب رواتب موظفي «الصناعة والتجارة»

صورة متداولة بمواقع التواصل الاجتماعي لمبنى وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء
صورة متداولة بمواقع التواصل الاجتماعي لمبنى وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء
TT

قرار حوثي في صنعاء بنهب رواتب موظفي «الصناعة والتجارة»

صورة متداولة بمواقع التواصل الاجتماعي لمبنى وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء
صورة متداولة بمواقع التواصل الاجتماعي لمبنى وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء

فقد موظفو قطاع «الصناعة والتجارة» في صنعاء، آخر مصدر دخل يقتاتون منه منذ مايو (أيار) الماضي. وانضموا إلى مئات الآلاف من موظفي مؤسسات الدولة التي تسيطر عليها الميليشيات الحوثية والذين لا يتقاضون رواتب أو مستحقات، في الوقت الذي تواصل فيه الميليشيات إحلال عناصرها في المناصب والمواقع المهمة في هذا القطاع.
ونظم موظفو الصناعة والتجارة في صنعاء الأسبوع الماضي وقفة احتجاجية على إيقاف صرف مستحقاتهم منذ شهر مايو 2022 من قِبل القيادي الحوثي المعين في منصب وزير الصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها محمد شرف أمير الدين المطهر، المعين أواخر أبريل (نيسان) الماضي بقرار من مهدي المشاط، رئيس ما يعرف بالمجلس السياسي الأعلى (مجلس حكم الانقلاب الحوثي)، مطالبين بسرعة صرف كامل مستحقاتهم دون مماطلة أو تسويف، نظراً لزيادة الأعباء المعيشية وبدء العام الدراسي.
واستغرب الموظفون أن يكون أول إجراء اتخذه القيادي المطهر بعد تعيينه، كان إيقاف مستحقاتهم المالية المقرّة قانوناً، من دون مبرر، محذرين من أن يكون هناك مخطط يتجاوز مصادرة مستحقاتهم إلى مصادرة وظائفهم، وإقصائهم من الوزارة.
رفض موظفو الوزارة التسويف أو المماطلة، واتهموا المطهر، بعدم الوفاء أو الالتزام بوعوده، والتسبب في بقاء أطفالهم حبيسي المنازل وعدم القدرة على الالتحاق بالمدارس، خصوصاً أن الميليشيات أقرت رسوماً جديدة للالتحاق بالمدارس وأضافت رسوماً أخرى بمسميات مبتكرة، لترتفع كلفة التحاق الطالب الواحد بالمدرسة 60 ضعفاً.
وذكر مصدر في قطاع التجارة والصناعة، أن لدى الموظفين شكوكاً ومخاوف من أن أحد الأهداف من إيقاف مستحقاتهم هو دفعهم إلى التغيب والانقطاع عن العمل، أو البحث عن أعمال أخرى من أجل استبدالهم بعناصر تابعة للميليشيات؛ لأن أول إجراء اتخذه القيادي الحوثي المطهر هو إيقاف مستحقات الموظفين، إلا أن غالبيتهم ملتزمون بالدوام لتفويت هذه الفرصة على الميليشيات.
إلا أن المصدر أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن الإحلال قائم ومستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات، بطريقة يتم فيها تجاهل التخصص والكفاءة، وتأتي الميليشيات بأفراد عديمي الخبرة، ومن انتماء أسري سلالي؛ ما يلحق الضرر البالغ بمهنية وأداء إدارات وأقسام الوزارة، ويحرمها من الخبرات والكفاءات، ويقلل من جودة خدماتها، حسب المصدر.
المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه حفاظاً على سلامته، أوضح أن الميليشيات الحوثية تعمل منذ ثلاث سنوات على إحلال عناصرها بالتدريج، بدءاً بالمناصب العليا في الوزارة، مروراً بالمواقع الوسطية، ووصلت هذا العام إلى مديري الإدارات والأقسام والمختصين، مع إزاحة غير الموالين للميليشيات إلى إدارات هامشية، حيث لا توجد مهام كبيرة أو امتيازات. وبحسب المصدر، فإن تعيين الوزير الحوثي الجديد من المقربين للقيادات العليا للميليشيات يأتي ضمن سياسة ممنهجة تم اتباعها في عدد من المؤسسات، بغرض السيطرة التامة على هذا القطاع الحيوي وتجيير أنشطته لصالح المشروع الحوثي، وإفراغه من التزاماته نحو المجتمع، وإزاحة كادره الوظيفي وإحلال عناصر حوثية بدلاً عنهم.
وينتمي القيادي الحوثي المطهر إلى الجناح الموالي لعبد الكريم الحوثي عم عبد الملك الحوثي زعيم الميليشيات، وهو متهم بالاختلاس في مناصب سابقة عُين فيها، منذ العام 2016 حين كان نائباً لمدير شركة الغاز، ووجّه محامي الأموال العامة المعين بدوره من قِبل الميليشيات، بإحالته إلى التحقيق بتهمة الاختلاس ونهب المال العام في أواخر العام 2017.
واتهم تقرير صادر عن هيئة الرقابة والشفافية ومكافحة الفساد التابعة للميليشيات المطهر باختلاس 26 مليون ريال يمني، والتلاعب بأسعار الغاز ونهب فارق السعر، وتعيين أقاربه في مناصب أخرى، مستفيداً من علاقته بعبد الحيكم الخيواني، إضافة إلى بيع ناقلات النفط، وإدارة نقاط بيع في السوق السوداء (الدولار نحو 600 ريال)
وتواصل ميليشيات الحوثي إفراغ الجهاز الإداري للدولة من كوادره وموظفيه، وإحلال عناصرها فيها بشكل ممنهج، ضمن مخطط للسيطرة على بنية الدولة، وتجيير مؤسساتها لصالح مشروعها، وفي سبيل ذلك تُجري الميليشيات عمليات إفراغ لعدد من تلك المؤسسات من مضمونها، مثل المؤسسة التعليمية.
وخلال الأسابيع الماضية أزاحت الميليشيات عدداً من مديري المدارس والمجمعات التربوية، في عدد من مديريات محافظة إب جنوب العاصمة صنعاء، وأقدمت على فصل أكثر من 20 ألف معلم بعد أن قطعت رواتبهم منذ 6 أعوام، لإحلال عناصرها بدلاً عن المعلمين المفصولين.
كما أعلنت الميليشيات إيقاف عشرات من العاملين في السلك القضائي تمهيداً لمحاكمتهم، وإحلال العناصر السلاليين والطائفيين مكانهم لاستكمال السيطرة على القضاء، وهي خطوة تلت تأسيس ما سُمي بـ«المنظومة العدلية»، وهي كيان موازِ لمؤسسة القضاء، يرأسها محمد علي الحوثي الذي أعلن بنفسه إيقاف 70 من القضاة وأعضاء النيابات تمهيداً لمحاكمتهم بتهم مختلفة.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.