الصحافيون اليمنيون يتضامنون مع زملائهم في سجون ميليشيا الحوثي

وقفة احتجاجية في مقر نقابة الصحافيين اليمنيين

الصحافيون اليمنيون يتضامنون مع زملائهم في سجون ميليشيا الحوثي
TT

الصحافيون اليمنيون يتضامنون مع زملائهم في سجون ميليشيا الحوثي

الصحافيون اليمنيون يتضامنون مع زملائهم في سجون ميليشيا الحوثي

نظمت نقابة الصحافيين اليمنيين أمس في العاصمة اليمنية صنعاء وقفة تضامنية مع الصحافيين المختطفين والمخفيين قسرا لدى ميليشيات الحوثيين، منذ أكثر من شهر، وأبرزهم الزميل جلال الشرعبي، والزميل علي سنحان (مختطف) مدير مكتب وكالة الأنباء اليمنية سبأ في محافظة حجة، والزميل وحيد الصوفي المخفي قسريا، إضافة إلى الصحافي هشام السامعي الذي تم الإفراج عنه أمس الأول في تعز بعد مطالبات واسعة في المدينة وضغط شعبي.
وأحتشد العشرات من الصحافيين اليمنيين صباح اليوم للتضامن مع الزملاء المختطفين في مقر النقابة. وقال مروان دماج أمين عام نقابة الصحافيين اليمنيين في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: إن "النقابة استنفدت كل الوسائل السلمية والاحتجاجية للمطالبة بإطلاق سراح الزملاء المختطفين أو السماح، على الأقل، لأسرهم وذويهم بزيارتهم والاتصال بهم، أو معرفة أماكن احتجازهم كحد أدنى"، داعياً ميليشيات الحوثي إلى "احترام المواثيق الدولية والإنسانية"، مطالباً بـ"سرعة الإفراج عن الصحفيين المختطفين في سجونها وعدم الزج بالصحفيين في معترك وتصفيات سياسية، أو احتجازهم في مناطق القتال".
يأتي ذلك بعد أيام قليلة على فاجعة مقتل الزميلين الصحافيين عبد الله قابل ويوسف العيزري (مراسلي قناتي سهيل ويمن شباب) اللذين احتجزا في سجن غير نظامي، في موقع عسكري تابع للحرس الجمهوري في محافظة ذمار، سبق أن تعرض للعديد من الغارات الجوية وكان مدرجاً ضمن بنك أهداف طيران تحالف عاصفة الحزم، في جريمة مروعة جرى استخدام الصحافيين اليمنيين كدروع بشرية من قبل ميليشيات الحوثي، وسبق لـ«الشرق الأوسط» أن نشرت تقريراً يحذر من احتجاز الصحافيين قابل والعيزري في موقع وهران العسكري قبل يومين من مقتلهما في غارة لطيران التحالف العربي.
وأدان عبد الباري طاهر نقيب الصحافيين اليمنيين الأسبق ورئيس الهيئة العامة للكتاب "تواصل الانتهاكات واختطاف الصحافيين واعتقالهم وانتهاك حريتهم وإخفائهم قسريا في سجون غير نظامية وحرمانهم من أية حقوق أبرزها حق الالتقاء بأسرته ومعرفة مكان احتجازه"، وأشار طاهر إلى "تعدد الجهات والقوى الأمنية والميليشياوية التي تستهدف الصحافيين مؤخرا"، معتبرا القوات الموالية للرئيس السابق وبعض القوى النافذة أيضاً "متورطة في انتهاك حرية الصحافيين واختطافهم إلى جانب ميليشيات الحوثي".
وقال نائف حسان رئيس تحرير صحيفة الشارع اليومية (متوقفة عن الصدور حاليا) لـ«الشرق الأوسط» إن "الصحافيين اليمنيين أرادوا من خلال هذه الوقفة التضامنية إيصال أصواتهم ومطالباتهم لإطلاق سراح زملائنا المعتقلين بشكل غير قانوني وفي ظروف صعبة وإجراءات تعسفية تحول حتى دون السماح لأسرهم بزيارتهم ومعرفة أماكن احتجازهم". مشيرا إلى أن أسر وعائلات جميع المختطفين "في حالة قلق غير عادية كون حياة الصحافيين في خطر، وهناك خشية من أن يكونوا محتجزين في مواقع عسكرية تتعرض للقصف من طيران التحالف"، آملا أن "تتم الاستجابة لهذه الوقفات التي ينبغي أن تستمر كونها الوسيلة الوحيدة المتاحة حاليا في ظل الحرب وتعطل كل شيء في البلد".
من جانبه، قال الكاتب والصحافي البارز نبيل سبيع في حديث لـ«الشرق الأوسط»: "إن الوقفة الاحتجاجية تأتي للتضامن مع الزملاء الصحافيين المختطفين والمخفيين قسريا دون توجيه أي تهم، للمطالبة بإطلاق سراحهم، خاصة وأن كل المناشدات ومحاولات التواصل لم يُستجب لها وجرى اختطافهم بشكل خارج القانون، وتم حرمانهم من أبسط الحقوق القانونية، حيث منعت عنهم الزيارة، ولم يسمح لأسرهم بزيارتهم أو الاتصال بهم أو حتى معرفة أماكن احتجازهم، ولا توكيل محامين للدفاع عنهم كونهم معتقلين خارج القانون ولم توجه لهم تهم ولم يحالوا إلى النيابة العامة".
وعبر سبيع عن مخاوفه من احتجاز الصحفيين في مواقع عسكرية تتعرض للقصف"، محملا ميليشيات الحوثي المسؤولية عن حياة الزملاء الصحافيين خاصة بعد الفاجعة المروعة بمقتل الزميلين الصحافيين عبد الله قابل ويوسف العيزري في موقع وهران العسكري بمحافظة ذمار"، متمنيا " ألا تتكرر هذه الفاجعة الأليمة".
ويتعرض الصحافيون اليمنيون لجملة من الانتهاكات والاعتداءات في ظل انفلات الوضع وانهيار الدولة وسيطرة ميليشيا الحوثي على السلطة، وتشمل "الاعتقالات التعسفية خارج القانون، والاعتداء بالضرب، والخطف، والتهديد بالقتل، إضافة إلى نهب واقتحام العديد من وسائل الإعلام والصحف اليومية وحجب العشرات من المواقع الإخبارية".



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.