تحذير من توظيف الشرذمة في الشارع السنّي لسحب التكليف من ميقاتي

تمديد مشاورات تأليف الحكومة يصطدم ببدء الاستحقاق الرئاسي

TT

تحذير من توظيف الشرذمة في الشارع السنّي لسحب التكليف من ميقاتي

لم يعد يسمح ضيق الوقت مع وقوف لبنان على مسافة أيام من الدخول في الاستحقاق الرئاسي بدءاً من أول سبتمبر (أيلول) المقبل، بتمديد المشاورات بين رئيس الجمهورية ميشال عون، والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، والتي ما زالت تراوح مكانها، وهذا ما طغى على الاجتماع الذي عُقد بينهما أمس، من دون أن يؤدي إلى إحداث خرق لإخراج تأليفها من التأزّم نظراً للتباين القديم الجديد بينهما، وإن كان ميقاتي يتوخى من ترحيل مشاورات التأليف إلى الأسبوع المقبل حشر عون لإسقاط الذرائع التي تتهمه بأنه لا يريد العبور بالحكومة الجديدة إلى بر الأمان ويصر على الاحتفاظ بورقة التكليف في جيبه.
فاللقاء الذي عُقد أمس بين عون وميقاتي لم يحمل أي جديد، وكان الحاضر الغائب فيه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، في ضوء ما تردّد بأنه يقضي حالياً فترة من الاستجمام في الجزر اليونانية، فيما لا يبالي السواد الأعظم من اللبنانيين بما سيتوصلان إليه لأن همومهم في مكان آخر ولا يتوقعون أن يأتيهم الترياق من ولادة الحكومة التي ما زالت متعثّرة ويحاصرها تبادل الأفكار المتناقضة بين الرئيسين.
وفي هذا السياق يُنقل عن عدد من المواكبين للمشاورات المفتوحة بين عون وميقاتي قولهم بأنه يصعب التكهّن بما ستؤول إليه لأن لكل منهما وجهة نظره، وإن ظل باسيل يخيّم عليها ويكاد يكون الشريك في المفاوضات التي لن تأتي على قياسه، خصوصاً أن مقاربة ملف التأليف انطلاقاً من تشكيل حكومة موسّعة من ثلاثين وزيراً ومن بينهم وزراء دولة يلقى معارضة من ميقاتي الذي يرفض الخضوع لحملات الابتزاز والتهويل التي بلغت ذروتها في الساعات الماضية بتهديده بسحب التكليف منه.
ويتمسك ميقاتي -حسب هؤلاء- بتطعيم الحكومة الحالية بتغيير وزيري الاقتصاد أمين سلام والمهجرين عصام شرف الدين بوزيرين جديدين من جهة، وبإعفاء وزير الطاقة وليد فياض واستبدال به واحد من اثنين هما وزير الصناعة جورج بوشيكيان، ووزير السياحة وليد نصّار، على أن يشغل فياض حقيبة الوزير الذي سيحل مكانه، ويقولون بأن عون يريد تسمية الوزيرين البديلين من دون أن يسحب من التداول طلبه بتشكيل حكومة موسّعة تتيح لباسيل الإمساك بزمام المبادرة ليكون الشريك الأول في إدارة الفراغ الرئاسي في حال تعذّر انتخاب رئيس جمهورية جديد قبل انتهاء ولاية الحالي الرئيس عون.
ويؤكد هؤلاء أن عون يعود إلى طرح تشكيل حكومة ثلاثينية رغم أنه يدرك أن التركيبة الحالية في البرلمان ليست في وارد منحها الثقة لأنه لا ضرورة لهكذا حكومة مع اقتراب انتهاء ولايته الرئاسية، وبالتالي فإن تعدد الأكثريات النيابية ستتصدى لمحاولة تعويم رئيس الجمهورية لإنقاذ وريثه السياسي باسيل الذي يتطلع لتوفير الضمانات التي من شأنها أن تبقيه فاعلاً على الساحة السياسية لسنوات في حال انتخاب رئيس جديد.
ويلفت المواكبون إلى أن عون بإصراره على تشكيل حكومة موسّعة يراهن على أن يكون معظم الوزراء فيها أدوات طيّعة تدور في فلك صهره باسيل، وهذا ما يرفضه ميقاتي لأنه يقف ضد اقتسامها على أنها جوائز ترضية لهذا الفريق أو ذاك، وبالتالي لن يمرر حكومة تُعدّ ساقطة سلفاً لأن هناك من يبادر إلى إسقاطها سياسياً بذريعة أنها حكومة باسيل برئاسة ميقاتي.
ويتوقف هؤلاء أمام التهويل على ميقاتي بسحب تكليفه بتشكيل الحكومة، مع أن سحبه يعود في الأساس إلى النواب الذين سمّوه لتأليفها ولهم الحق في التوقيع على عريضة نيابية يطلبون فيها عقد جلسة للبحث في إعفائه من تكليفه لأن الدستور لا يعطي صلاحية الإعفاء لرئيس الجمهورية وإن كان لا يُلزمه بتحديد مهلة زمنية لدعوة النواب للاستشارات الملزمة لتسمية مَن يكلَّف بتشكيل الحكومة، وهذا ما ينسحب أيضاً على الرئيس المكلف غير المُلزم بمهلة زمنية لتشكيل الحكومة.
ويحذّر المواكبون من لجوء البعض ممن يقدّمون أنفسهم على أنهم من الفريق السياسي المحسوب على عون وهم يأتمرون بتوجيهات باسيل إلى الاستثمار في شرذمة النواب السنة بغياب المرجعيات السنية عن البرلمان بطلب سحب التكليف من ميقاتي، ويلفتون إلى أن مثل هذا الطلب ما هو إلا الإعداد لمشروع فتنة طائفية ومذهبية يريدون جر البلد إليها، ظناً من أصحاب من يتزعّم التهويل بأن أخذه إلى وضع متأزّم غير مسبوق يمكن أن يمهّد لبقاء عون في سدّة الرئاسة إلى ما بعد انتهاء ولايته.
كما يحذّر هؤلاء من اللعب، من خلال التهويل بسحب التكليف من ميقاتي، بالنسيج اللبناني لأن ذلك يخلّ بمبدأ الشراكة ويطيح بالمعادلة السياسية من خلال استهداف رئاسة الحكومة التي تُعدّ الموقع الأول للسنة في النظام، ويقولون إن ابتزاز الرئيس المكلف سينقلب على من يخطط لتدحرج البلد نحو الفتنة وسيرتدّ ذلك عليه لأنه سيجد نفسه معزولاً حتى من حلفائه لأنهم ينأون بأنفسهم عن اللعب بالنار في مواجهة رد فعل الشارع السنّي الذي سيضطر لإعادة تنظيم صفوفه.
وعليه، فإن التهويل بسحب التكليف من ميقاتي ما هو إلا قنبلة صوتية لن تكون لها مفاعيل سياسية، وكان هذا الفريق السياسي، إذا ما ثبت أنه يقف وراء حملات الابتزاز، قد جرّب في السابق التهويل على رئيس الحكومة السابق سعد الحريري من دون أن يلقى تجاوباً، وجاء اعتذاره على خلفية عدم تفاهمه مع عون الذي استقوى بلجوء باريس إلى سحب شروطها التي كانت قد وضعتها لإنقاذ البلد بدءاً بتشكيل حكومة من اختصاصيين ومن غير المحازبين واضطرارها لدعم تشكيل حكومة بأي ثمن.
إلا أن «السيناريو» الفرنسي الذي استفاد منه عون لن يتكرر، لأن باريس ليست في موقع المقرر في الساحة اللبنانية وإنما تشغل حالياً موقع المواكب لمجريات الأحداث والتطورات.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

«لقاء العقبة» يدعم حكومة «جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

«لقاء العقبة» يدعم حكومة «جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أكَّدت لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا، في اجتماعها بمدينة العقبة الأردنية، أمس، الوقوف إلى جانب الشعب السوري وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الانتقالية، واحترام إرادته وخيارته، داعية إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية جديدة «جامعة».

وشدَّد البيان الختامي الصادر عقب الاجتماع، على دعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية، بما فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية.

في غضون ذلك، قال أحمد الشرع، زعيم «هيئة تحرير الشام»، إنَّ جماعته ليست بصدد الدخول في صراع مع إسرائيل، عادّاً أنَّ «التذرعات التي كانت تستخدمها إسرائيل قد انتهت»، بحسب ما أورد تقرير لوكالة «أسوشييتد برس». أمَّا «وكالة الصحافة الفرنسية» فنقلت عنه قوله: «الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة».

وقال الشرع في مقابلة بثها التلفزيون السوري: «لقد تجاوز الإسرائيليون قواعدَ الاشتباك»، في إشارة إلى الغارات المستمرة منذ أيام التي دمَّرت قواعد وأسلحة للجيش السوري المنهار.

وجاء كلامه فيما أعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أنَّ بلاده أقامت «اتصالاً مباشراً» مع «هيئة تحرير الشام»، في الوقت الذي أعادت فيه تركيا فتح سفارتها في دمشق بعد أكثر من 12 عاماً من إغلاقها.