الخرطوم تمنع محقق الجنائية الدولية من مقابلة البشير في سجنه

خان: وعود من البرهان باستئناف مذكرة التفاهم مع المحكمة

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية خلال مؤتمره الصحافي اليوم
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية خلال مؤتمره الصحافي اليوم
TT

الخرطوم تمنع محقق الجنائية الدولية من مقابلة البشير في سجنه

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية خلال مؤتمره الصحافي اليوم
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية خلال مؤتمره الصحافي اليوم

أعلن المدعي العام المحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، أنه منع من مقابلة الرئيس السابق عمر البشير ومساعديه، على الرغم من حديثه عن حصوله على وعود بالالتزام بمذكرة التفاهم الموقع عليها بين مكتبه والحكومة السودانية، بما في ذلك افتتاح مكتب في الخرطوم، والحرص على تحقيق العدالة للضحايا في إقليم دارفور، مشيراً في الوقت نفسه إلى «تراجع مستوى التعاون» بعد إجراءات أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وقال كريم خان، في ختام زيارة للسودان استمرت أياما عدة، إن السلطات سمحت له بزيارة إقليم دارفور للمرة الأولى، وأتاحت له فرصة الالتقاء بأسر الضحايا وزيارة معسكرات النازحين، وإنه بحث معهم حقهم في الحصول على العدالة.
وكان خان قدم إحاطة لمجلس الأمن الدولي للمرة الأولى من داخل الميدان، وقال إنه أبلغ المجلس بـ«امتنانه» لتعاون حكومة السودان، على الرغم من التراجع الذي شهده التعاون بين محكمته والخرطوم عقب إجراءات 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وأضاف: «قلت لمجلس الأمن إن تراجعاً حدث في التعاون بين مكتبي والحكومة السودانية».
وكشف خان عن لقاءين جمعاه بالبرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو «حميدتي» حصل خلالهما على وعود بالتعاون، وقال: «أنا قادم للتو من اجتماع مع رئيس مجلس السيادة، بحضور وزير العدل، وحصلت على التزامات بالاستجابة لمطالب المحكمة وتعاون حكومة السودان، ومواصلة التنسيق عبر وزير العدل».
وأشار إلى أن البرهان أبلغه أن حكومته جادة في تحقيق العدل، وأنها ستستجيب لكل مطالبه وأن «هناك قرارات سيتم اتخاذها» من دون أن يكشف فحواها.
أضاف: «إنه أمر محرج بعد مرور 17 سنة والضحايا لم يحصلوا على العدالة، لقد أبلغت الضحايا أن تأخر العدالة لا يعني حرمان الناس منها... كان يجب أن يقدم المتهمون للعدالة، وإحضار المزيد من الشهود، لأن شعب دارفور يعيش مأساة مزرية، ويجب ألاّ ننساه ونتركه من أجل المصالح السياسية، والضحايا لن يهملوا».
وأوضح أن طلباته تضمنت المساعدة في الوصول لكل المطلوبين، بيد أنه لم يجد ردا على طلبه هذا، كما أن وزير العدل أبلغه رفض المحامين عن المتهمين (عمر البشير، عبد الرحيم محمد حسين، أحمد محمد هارون) الموجودين في الحجز بالسجون السودانية مقابلته.
وبحسب إفادته للصحفيين، فإن خان بحث مع البرهان الاحتمالات كافة بما في ذلك إمكانية انتقال المحكمة للسودان، لكنه عاد للقول: «لم أشهد محاكمات داخلية للمتهمين تعزز رغبة الخرطوم في تحقيق العدالة للضحايا».
وبشأن الوعود التي حصل عليها من البرهان، قال: «هناك أشياء كثيرة لا يمكن شرحها... وعود البرهان جيدة لكني لا أضمن تحققها، والتحدي في ذلك هو تنفيذها».
ونفى محقق لاهاي وجود أي اتجاه لإضافة متهمين جدد من قبل المحكمة بسبب الأحداث الأخيرة، وأكد حصر مهمته على القضية التي بين يديه، وحصوله على المساعدات والتعاون على تنفيذ أوامر القبض التاريخية التي لم تنفذ.
وألمح إلى إمكان اللجوء لمجلس الأمن في حال تعثر التعاون بقوله: «إذا تعثر التعاون فسنلجأ لطرق أخرى من أجل تحقيق العدالة ورفع الحصانات والحيلولة دون الإفلات من العقاب، لأننا لا يمكن أن نستمر إلى ما لا نهاية، وقد نلجأ لطرق أخرى لرفع الحصانات، والحيلولة دون الإفلات من العقاب، فالسلطات السودانية لا يمكنها إلغاء القضية».
وأبلغ المحقق الأممي الصحافيين أن البرهان أبلغه بسريان مذكرة التفاهم الموقعة مع الخرطوم في أغسطس (آب) الماضي، وتعثر تنفيذ بنودها بعد إجراءاته الأخيرة بإقالة حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، بما في ذلك تأسيس مكتب للمحكمة في الخرطوم، وقال: «لا يمكن أن نستمر في التحقيقات من لاهاي، فتح المكتب يمكننا من عقد اجتماعات مباشرة مع مسؤولي الحكومة... متى ما حصلنا على الموافقات فسنفتح المكتب من دون تأخير، وآمل أن يأتي فريق المحكمة في غضون الأسبوعين المقبلين... النسبة للضغوط فهو ليس دوري، بل هو دور مجلس الأمن الذي يمارس الضغوط على الدول الأعضاء».
وقال خان: «أنا حسن النية وأصدق ما قاله رئيس مجلس السيادة، وسنحكم إن كان هناك تعاون بشأن حقوق الضحايا أم لا، فقد أوضحت له أن هناك أوامر قبض يجب تنفيذها، وأن ميثاق روما ينص على عدم ترك من في السلطة ليقتلوا ويدمروا ويذهبوا من دون حساب... وأن أولوياتي تسريع الملف».
وأصدرت محكمة الجنايات الدولية منذ قرابة عقدين مذكرات قبض ضد الرئيس عمر البشير ووزير دفاعه عبد الرحيم حسين ومساعده أحمد محمد هارون وقائد ميليشيا «جنجويد» علي كوشيب، الذي سلم نفسه للمحكمة، على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية، في الأحداث التي شهدها الإقليم في 2003، وقالت الأمم المتحدة وقتها إن أكثر من 300 ألف شخص قتلوا، وأكثر من 2.5 مليون شخص شردوا بين نازح ولاجئ.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تظاهرة في تونس للمطالبة بإطلاق سراح المعارضة عبير موسي

من المظاهرة التي نظمها أنصار الحزب «الحر الدستوري» في تونس العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح عبير موسي (إ.ب.أ)
من المظاهرة التي نظمها أنصار الحزب «الحر الدستوري» في تونس العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح عبير موسي (إ.ب.أ)
TT

تظاهرة في تونس للمطالبة بإطلاق سراح المعارضة عبير موسي

من المظاهرة التي نظمها أنصار الحزب «الحر الدستوري» في تونس العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح عبير موسي (إ.ب.أ)
من المظاهرة التي نظمها أنصار الحزب «الحر الدستوري» في تونس العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح عبير موسي (إ.ب.أ)

تظاهر مئات من أنصار الحزب «الحر الدستوري» المعارض، اليوم (السبت)، في تونس العاصمة، للمطالبة بإطلاق سراح رئيسة الحزب عبير موسي. وتجمع 500 إلى 1000 متظاهر في وسط العاصمة التونسية، حسب صحافيي «وكالة الصحافة الفرنسية» للمطالبة بإطلاق سراح عبير موسي، ورفع العديد منهم أعلاماً تونسية وصوراً لرئيسة الحزب.

أوقفت موسي، النائبة السابقة البالغة 49 عاماً، في 3 من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أمام القصر الرئاسي في قرطاج، عندما حضرت، وفقاً لحزبها، للاحتجاج على قرار اتخذه الرئيس قيس سعيّد. وتواجه عبير موسي تهماً خطيرة في عدة قضايا، من بينها «الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة». وقد قضت محكمة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتخفيف حكم قضائي استئنافي في حق المعارضة من السجن سنتين إلى سنة و4 أشهر، في قضية تتعلق بانتقادها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطلع عام 2023. وأصدرت المحكمة حُكمها على عبير موسي بموجب «المرسوم 54»، الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد عام 2022 لمكافحة «الأخبار الكاذبة»، والذي يواجه انتقادات شديدة من المعارضة ونقابة الصحافيين.

وندد المتظاهرون بـ«المرسوم 54»، الذي أدى تفسيره الفضفاض إلى سجن عشرات السياسيين والمحامين والناشطين والصحافيين. وقال ثامر سعد، القيادي في الحزب «الحر الدستوري»، إن اعتقال عبير موسي لانتقادها الهيئة العليا للانتخابات «لا يليق ببلد يدعي الديمقراطية».

من جانبه، أكد كريم كريفة، العضو في لجنة الدفاع عن عبير موسي، أن «السجون التونسية أصبحت تمتلئ بضحايا (المرسوم 54)»، معتبراً أن هذا المرسوم يشكل «عبئاً ثقيلاً على المجتمع التونسي». وتقبع خلف القضبان شخصيات معارضة أخرى، مثل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، وكذلك عصام الشابي، وغازي الشواشي المتهمَين بالتآمر على أمن الدولة، واللذين سبق أن أعلنا نيتهما الترشح للرئاسة قبل أن يتراجعا. وتنتقد المعارضة ومدافعون عن حقوق الإنسان ومنظمات دولية وتونسية الرئيسَ التونسي، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في أكتوبر الماضي بأكثر من 90 في المئة من الأصوات، وتتهمه بـ«التضييق على الحريات».