منح غياب الدولة الليبية وانقسام المؤسسة العسكرية، منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي قبل 11 عاماً، فرصة لاختراق سماء البلاد بطائرات حربية و«درون مجهولة الهوية» تُسيِّرها «أجهزة استخباراتية عديدة».
وأعادت الطائرة المُسيَّرة التي تم تدميرها في سماء منطقة بنينا بمدينة بنغازي، مساء أمس، إلى أذهان الليبيين تاريخ «الدرون المجهولة» عبر السنوات التي تلت الانقسام السياسي في البلاد. ولذلك يعوّل جل السياسيين على توحيد المؤسسة العسكرية: «كي تتمكن من الحفاظ على سيادة ليبيا ووحدة أراضيها»، مشيرين إلى أن ليبيا «شهدت طائرات كثيرة تجوب سماءها خلال سنوات الانفلات الأمني، وبعضها يسقط دون اتخاذ موقف من الدول التي أرسلتها».
ووفقاً لتقارير محلية ودولية، فقد سمحت الأوضاع المنفلتة في ليبيا باستخدام طائرات من دون طيار لأغراض متعددة، من بينها تمشيط الصحراء لمعرفة مخابئ تنظيم «داعش»، أو لرصد الأوضاع العسكرية والأمنية المفككة في البلاد.
وقال جمال شلوف، رئيس مؤسسة «سلفيوم» للدراسات والأبحاث، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، إن نشاط الطيران المسيَّر في ليبيا خلال الفترة الماضية «لم يقتصر دوره على المراقبة فقط؛ بل امتدّ إلى المشاركة في الاستهداف والعملية العسكرية»؛ لافتاً إلى أن «أشهر عملية إسقاط تمت كانت لطائرة تابعة لسلاح الجو الإيطالي نهاية عام 2019، وبعدها بيومين أسقطت طائرة أخرى تابعة لقوات (الأفريكوم) الأميركية»، منوهاً بـ«الدور الذي قام به الطيران التركي المسيّر في ليبيا خلال حرب طرابلس».
واعتاد الليبيون -وخصوصاً في مناطق غرب وجنوب البلاد- على سماع أزيز الطائرات، والتعرف على أشكالها، وربما أنواعها؛ خصوصاً بعد أن زادت وتيرة هذه الطلعات منذ عام 2014 لرصد الأوضاع في مدن سرت ودرنة. وفي الفترة التي سعى فيها تنظيم «داعش» إلى تحويل المدينتين إلى معقلين للتنظيم الإرهابي، شهدت سرت ودرنة تحليقاً واسعاً لطائرات مجهولة في سمائهما، وخصوصاً الحربية منها، وهو ما فسرته مصادر أمنية حينها بأن هذه الطائرات تستكشف مواقع عناصر التنظيم، مشيرة إلى «عدم معرفتها الجهة التي تتبعها هذه الطائرات».
وقبل 3 أعوام أسقطت قوات «الجيش الوطني» طائرة إيطالية من دون طيار، كانت تحلق فوق منطقة خاضعة لسيطرتها في غرب البلاد. وسارعت إيطاليا بالاعتراف بتحطم الطائرة التي قالت إنها تابعة لسلاح الجو الإيطالي، فوق مدينة ترهونة (غرب) في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، وبررت وزارة الدفاع الإيطالية حينها ذلك بأن حكومة «الوفاق الوطني» وقتها وافقت على خط سير الطائرة المُسيَّرة.
وقبل أن ينتهي عام 2019، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية فقدان طائرة مُسيَّرة في أجواء ليبيا، بينما قالت «أفريكوم» وقتها إن الطائرة غير المسلحة «فُقدت فوق طرابلس»، موضحة أن هناك تحقيقاً جارياً بشأن هذه الحادثة، وأنها «تقود عمليات لطائرات من دون طيار في ليبيا، بهدف تقييم الوضع الأمني، ومراقبة النشاط المتطرف العنيف». وبررت ذلك بأن «هذه العمليات ضرورية لمواجهة النشاط الإرهابي في ليبيا، ويتم تنسيقها بالكامل مع المسؤولين الحكوميين المناسبين».
ودائماً ما ترصد مؤسسة «سلفيوم» حركة طيران من وإلى ليبيا، وخصوصاً تلك التي تنقل السلاح. وفي هذا السياق أوضح شلوف أن الطائرة التي أسقطت أمس في شرق ليبيا من طراز «MQ-9»، وهو الطراز نفسه للطائرتين اللتين أسقطتا عام 2019، وقال إن «عدم وجود منظمة دفاع جوية كافية ساهم ربما في أن تكون الأجواء الليبية منتهكة، سواء من الطيران الحربي أو المُسيَّر»؛ مشيراً إلى أنه «لوحظ في الآونة الأخير وجود طيران مُسيَّر يجري عمليات مراقبة، وخصوصاً في غرب ليبيا، وهناك طائرات لدول مختلفة تقوم بعمليات مراقبة يومياً، سواء تابعة لحرس السواحل الإيطالي، أو القوات الجوية النفطية، أو ما يتبع حلف (الناتو)، أو مجهولة الهوية».
كيف أصبحت سماء ليبيا مفتوحة لـ«الدرون المجهولة» منذ رحيل القذافي؟
بعضها تسيِّره «أجهزة استخباراتية»... والبعض الآخر غير معروف
كيف أصبحت سماء ليبيا مفتوحة لـ«الدرون المجهولة» منذ رحيل القذافي؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة