«الصحة العالمية» تخشى تكرار أزمة «الإيدز» مع طارئة «جدري القردة»

اعتمدت لقاحاً جديداً لـ«كوفيد - 19» يناسب الحوامل

الدكتورة جومانة هيرمز ود. ريشتارد بيرنان خلال المؤتمر الصحافي
الدكتورة جومانة هيرمز ود. ريشتارد بيرنان خلال المؤتمر الصحافي
TT

«الصحة العالمية» تخشى تكرار أزمة «الإيدز» مع طارئة «جدري القردة»

الدكتورة جومانة هيرمز ود. ريشتارد بيرنان خلال المؤتمر الصحافي
الدكتورة جومانة هيرمز ود. ريشتارد بيرنان خلال المؤتمر الصحافي

كان غريباً أن تحلّ جومانة هيرمز، المستشارة الإقليمية لـ«الإيدز» بمكتب شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، ضيفاً على المؤتمر الصحافي الذي نظّمه المكتب الإقليمي (الثلاثاء)، لاستعراض تطوّرات جائحة «كوفيد - 19»، وطارئة «جدري القردة» في بلدان الإقليم، لكنّ الرسالة التي وجّهتها هيرمز خلال المؤتمر، كشفت بوضوح مبرّر مشاركتها.
هيرمز التي عبّرت عن أسفها من أنّ «الاستجابة لفيروس نقص المناعة البشرية، المسبب لمرض الإيدز، لا تزال في إقليم شرق المتوسط في أدنى مستوى مطلوب»، قالت إنّ «السّبب في ذلك، يعود إلى الخوف من الوصم والتمييز، لارتباط الإصابة في الأذهان بالعلاقات الجنسية بين الرجال».
وأوضحت: «يجب ألا نغضّ الطّرف عن أنّ هذه الفئة موجودة في مجتمعنا، لأنّ ذلك حرمنا من تطوير استجابة صحية مناسبة لفيروس نقص المناعة، وأخشى تكرار الأمر ذاته مع فيروس جدري القردة، للسّبب نفسه، مما يؤدّي لانتشار المرض بين تلك الفئة وغيرها من فئات المجتمع».
وحتى الآن، أبلغت سبعة بلدان في إقليم شرق المتوسط المنظمة رسمياً عن 35 حالة إصابة بجدري القردة مؤكّدة مختبرياً، ولم تُسجّل أي وفيات، بينما بلغت الأعداد على الصعيد العالمي، حوالي 40 ألف حالة إصابة مؤكّدة مختبرياً، منها 12 حالة وفاة.
وأضافت هيرمز: «إذا لم نطوّر استجابة مناسبة توازن بين المعطيات الاجتماعية والاشتراطات الصحية، فقد ندفع بعض المرضى إلى عدم طلب العلاج، خشية الوصم والتمييز».
وشدّد أحمد المنظري، المدير الإقليمي للمنظمة على الأمر ذاته، وقال إنّ «المرض يصيب في الغالب الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، ولكن يظلّ الجميع عرضة للخطر، وقد تلقّينا تقارير عن حالات عدوى بين الأطفال والنساء في إقليمنا وفي أنحاء عدّة من العالم».
ولفت إلى أنّ إعلان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في 23 يوليو (تموز) الماضي، جُدري القردة طارئة صحية عامة تسبب قلقاً دولياً، كان بهدف أن يدرك الجميع الخطر ويتّخذوا جميع التدابير الوقائية الممكنة، مشيراً إلى أنّ «الوصم والتمييز السلبي لن يفضيا إلّا لتأخير جهود التصدّي وتشتيت انتباهنا عما ينبغي عمله». وأضاف أنّه «علينا بالمقابل أن نصبّ تركيزنا الجماعي على الخروج باستجابة صحية عامة فعالة وبتصد مؤثر، من شأنه وقف سريان الفاشية واحتواؤها».
من جانبه، قال ريتشارد بيرنان، مدير الطوارئ الصحية الإقليمي، إنّ الدراسات الجارية حالياً حول النسخة الحالية من فيروس جدري القردة، كشفت وجود تغيّر جيني بالفيروس، مقارنة بالنسخة السابقة، لكن لم تتمّ الإجابة إلى الآن على أسئلة تتعلّق بمدى تأثير هذا الاختلاف على درجة شدّة الفيروس ومقاومته للعلاج ومعدّل انتشاره. وأضاف أنّ «الإجابة على هذه الأسئلة لن تغيّر كثيراً من نصائحنا المتعلقة بإجراءات الوقاية العامة من حيث العزل المنزلي للمصابين، وتتبّع المخالطين لهم، والاهتمام بالنظافة الشخصية».
وشدّد على أهمية الاهتمام بوجه خاص بالفئات الضعيفة والمعرّضة للخطر، مضيفاً أنّه «إذا كان معظم المصابين بجدري القردة يمكن علاجهم بأمان في المنزل، فإنّ المرض قد يُسبب مضاعفات خطيرة قد تؤدّي إلى الوفاة لدى تلك الفئات».
وحول اللقاحات المتاحة للمرض، قال إيفان هيوتن، مدير قسم الأمراض السارية بالمكتب الإقليمي، إنّ اللقاح المتاح حالياً لجدري القردة، كان معداً من أجل مرض الجدري التقليدي، وجرت هندسته من أجل أن يكون ملائماً لجدري القردة، وهو غير متوفّر بالقدر الكافي حتّى الآن.
واستعاد هيوتن ما أشار إليه بيرنان حول إجراءات الوقاية العامة، وقال: «الأدوات المتوافرة بين أيدينا الآن هي الالتزام بتلك الإجراءات لمنع انتشار المرض وانتقاله».
وأشار إلى أنّ إرشادات المنظمة بشأن لقاح جدري القردة في حال توفّره لم تتغير، إذ توصي المنظمة بالتطعيمِ الموجّه لمن يتعرّضون أو يخالطون شخصاً مصاباً بجدري القردة، ومن يواجهون مخاطر تعرّض مرتفعة، كالعاملين الصحيين والعاملين في المختبرات.
من ناحية أخرى، وعلى صعيد جائحة «كوفيد - 19»، أعلن المنظري اعتماد المنظمة مؤخراً لقاحاً جديداً، وهو لقاح (ڤالنيڤا VLA2001)، مشيراً إلى أنّ هناك توصية جديدة محدّدة تمنح الأولوية لهذا اللقاح في حالة الحوامل، نظراً للتّبعات السلبية لمرض كوفيد - 19 في أثناء الحمل من جهة، وما يمتاز به لقاح (ڤالنيڤا) على صعيد السلامة والأمان من جهة أخرى.
وشدّد المنظري على أنّ جائحة (كوفيد - 19) لم تضع أوزارها بعد، والفيروس ليس في طريقه إلى الزوال، مؤكّداً أنّه «سيتعيّن علينا أن نتعلم كيفية التعايش مع الفيروس، ولكنّ ذلك لا يعني تجاهل تدابير الحماية».
ولفت هيوتن، إلى أنّه من الأخبار السارة عام 2022 أنّ دول الإقليم لديها من اللقاحات ما يكفي لتحقيق الهدف الذي أعلنته المنظمة بتطعيم 70 في المائة من السكان، لكنّ الخبر السيئ، هو أنّه لا يوجد إقبال كاف من المواطنين على التطعيم.
وحصل حتّى الوقت الراهن ما يقرب من 46 في المائة من الأشخاص في إقليم شرق المتوسط على التطعيم كاملاً، بإجمالي جرعات وصل إلى 790 مليون جرعة، ولا يزال الكثير من الناس لم يتلقّوا اللقاح حتى الآن، وما زالوا معرّضين لخطر المرض الشديد أو الوفاة، حيث لا تقدّم لقاحات «كوفيد - 19» حماية كاملة من الإصابة، لكنّها فعّالة في الوقاية من التعرّض للمضاعفات الشديدة والوخيمة والوفيات.
وأبلغ إقليم شرق المتوسط عن أكثر من 23 مليون حالة إصابة منذ بداية الجائحة، وما يقرب من 350 ألف حالة وفاة.
وشهد الأسبوع الماضي وحده، إصابة أكثر من 80 ألف شخص بالعدوى، ووفاة ما يزيد على 600 شخص، فيما أُبلغ عن أكثر من 5.4 مليون حالة جديدة، و15000 وفاة على مستوى العالم.
ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول دور العدوى البكتيرية المصاحبة لكوفيد - 19 في هذا العدد من الوفيات، لم ينكر بيرنان تسجيل عدوى بكتيريّة مصاحبة للفيروس في الحالات الشديدة من الإصابة، لكنّه شدّد على أنّ ذلك ليس الأساس، وقال: «الإصابات معظمها بسبب الفيروس وحده، لذلك ليس هناك مبرّر لوصف المضادات الحيوية ضمن بروتكولات العلاج».
وأشار بيرنان إلى أنّ المنظّمة رصدت إسرافاً في استخدام المضادات الحيوية خلال جائحة «كوفيد - 19»، وهذا من شأنه أن يزيد من وباء مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، ويُضعف من كفاءتها في مواجهة الأمراض التي تستدعي بالفعل استخدامها.


مقالات ذات صلة

أموريم في مؤتمره الصحافي الأول... ماذا قال وماذا يعني؟

رياضة عالمية روبن أموريم تحدث باستفاضة في أول مؤتمر صحافي له مدرباً ليونايتد (أ.ف.ب)

أموريم في مؤتمره الصحافي الأول... ماذا قال وماذا يعني؟

أكد كبار المسؤولين في مانشستر يونايتد أن أول لقاء لروبن أموريم مع وسائل الإعلام المجتمعة كان مجرد مؤتمر صحافي قبل المباراة.

The Athletic (مانشستر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

المشرق العربي عمال يزيلون الأنقاض من موقع غارة جوية إسرائيلية على احد المنازل في بعلبك (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 5 في قصف إسرائيلي على بعلبك

أفادت تقارير إعلامية لبنانية اليوم (السبت) بمقتل خمسة في قصف إسرائيلي استهدف بلدة شمسطار في بعلبك.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» تشارك في تمرين عسكري خلال جولة إعلامية نُظمت في عرمتى بلبنان (أرشيفية - رويترز)

«حزب الله» يستخدم صواريخ استنسختها إيران من طراز إسرائيلي

«حزب الله» اللبناني استخدم نوعاً من الصواريخ استنسخته إيران من طراز إسرائيلي استولى عليه الحزب في حرب 2006.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

قضت محكمة تونسية، مساء أمس (الجمعة)، بتخفيف حكم قضائي استئنافي في حق المعارضة عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، من السجن سنتين إلى سنة و4 أشهر.

«الشرق الأوسط» (تونس)

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
TT

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)

تقام «أيام بنغلاديش» في حديقة السويدي بالعاصمة السعودية الرياض، والتي انطلقت لياليها، الثلاثاء، ضمن مبادرة تعزيز التواصل مع المقيمين التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية، بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه، تحت شعار «انسجام عالمي»، وتستمر حتى السبت، بهدف تعزيز التواصل الثقافي بين المجتمع السعودي والمقيمين، وإبراز التنوع الثقافي الغني الذي تحتضنه السعودية.

وتشهد الفعاليات عروضاً فنية متنوعة تقدمها الفرقة الشعبية، حيث تألق المشاركون بتقديم عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي، إلى جانب أغنيات مستوحاة من أعمال أبرز شعراء بنغلاديش.

عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي (الشرق الأوسط)

كما يضم الحدث منطقة مخصصة لعرض التراث البنغالي، حيث تُتيح للزوار فرصة استكشاف الجوانب الغنية للثقافة البنغالية عن قرب؛ إذ تشمل المنطقة معروضات للأزياء التقليدية المزينة بالزخارف اليدوية التي تعكس المهارة الحرفية والفنية المتميزة، حيث يتم عرض الساري البنغالي المصنوع من أقمشة الحرير والقطن الفاخرة، إضافة إلى الملابس التقليدية للرجال مثل البنجابي والدوتي، كما تعرض الإكسسوارات اليدوية التي تشتهر بها بنغلاديش، بما في ذلك المجوهرات التقليدية المصنوعة من المعادن والأحجار الكريمة، والحقائب والمطرزات التي تعكس ذوقاً فنياً عريقاً.

الفعاليات شملت استكشاف التراث البنغالي (الشرق الأوسط)

واشتملت الفعاليات على قسم مخصص للأطعمة من بنغلاديش؛ إذ يٌقدم للزوار فرصة تذوق أشهى الأطباق التقليدية التي تمثل المطبخ البنغالي المعروف بنكهاته الغنية وتوابله المميزة، وتشمل الأطباق المقدمة أكلات شهيرة مثل البرياني البنغالي، والداكا كاكوري كباب، وسمك الهيلشا المطهو بطرق تراثية، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الحلويات التقليدية مثل الروشا غولا والميزان لادّو.

وتضيف هذه المنطقة بعداً مميزاً للفعالية، حيث لا تقتصر التجربة على الفنون والعروض، بل تمتد لتشمل استكشاف التراث البنغالي بشكل متكامل يعكس الحياة اليومية والعادات والتقاليد، مما يجعلها تجربة غنية تُثري التفاعل الثقافي بين الزوار.

معروضات للأزياء التقليدية (الشرق الأوسط)

وحظيت الفعاليات منذ انطلاقها بإقبال واسع من الزوار الذين عبروا عن إعجابهم بجمال الفلكلور البنغالي وتنوع العروض الفنية المقدمة، كما أبدى العديد من الحاضرين تقديرهم لهذه المبادرات التي تسهم في تعزيز التفاهم والتفاعل بين الثقافات.

وأكّد المسؤولون أن هذه المبادرة تأتي جزءاً من سلسلة برامج ثقافية تهدف إلى تعزيز المشهد الثقافي في المملكة، بما يتماشى مع «رؤية السعودية 2030» التي تدعم التنوع والانفتاح الثقافي.