«الاحتفال بالرسم» في بيروت... 12 ريشة ضبابية تراوغ الواقع

«الاحتفال بالرسم» في بيروت... 12 ريشة ضبابية تراوغ الواقع
TT

«الاحتفال بالرسم» في بيروت... 12 ريشة ضبابية تراوغ الواقع

«الاحتفال بالرسم» في بيروت... 12 ريشة ضبابية تراوغ الواقع

لا يزال انفجار بيروت يطبع بانعكاساته البيئية والإنسانية الفنون مجتمعة. فهذا الحدث الذي هز العاصمة، كما أهلها، لم يستطع لبنان بأكمله أن يتجاوز مفاعيله. فكما أعمال الدراما والمسرح والرقص، فإن الانفجار شغل ريشة الرسامين التشكيليين. وهو ما طبع معارض فنية مختلفة استضافتها غاليرهات معروفة في بيروت.


لوحة زيتية من توقيع غادة الزغبي (الشرق الأوسط)

قدم أهل الريشة موضوعات إنسانية وأخرى خاصة بمدينتهم حسب تجاربهم وأساليبهم. وفي غاليري «جانين ربيز» في منطقة الروشة خصصت مساحة لـ12 فناناً تشكيلياً، كي يتحدثوا عن مشاعرهم تجاه هذا الحدث على طريقتهم.
وتحت عنوان «الاحتفال بالرسم»، اجتمع كل من هنيبعل سروجي، وعايدة سلوم، وغادة الزغبي، وجوزف حرب، وليلى جبر جريديني، وإليسا رعد، وألان فاسويان، إضافة إلى خمسة غيرهم، فحملت جدران غاليري «جانين ربيز» لوحات توزعت على أرجائه. غاص الرسامون في تداعيات الحدث الأليم، وقفزوا من فوق الردم والأحزان بريشة ضبابية تراوغ الواقع.


لوحة «غابة تحترق» للفنان  ألان فاسويان (الشرق الأوسط)

لوحة ضخمة للفنان جميل ملاعب تلفت زائر المعرض، بسبب الضبابية التي تكتنفها، فيقترب منها كي يفكك أسرارها. من بعيد يخيل لناظر هذه اللوحة التي تحمل اسم «لبنان أرض مملكة السماوات»، بأنها مجرد صفحة تحمل بصمات ما. عن قرب نكتشف أنها تزدحم بمشاهد حياة لوجوه منمنمة كل منها تقاوم على طريقتها، فهي تلتصق ببعضها البعض، تمارس فعل إيمان وحب ومقاومة وصلابة وغيرها. وجوه تضحك وأخرى تبكي، وجوه عابسة وثالثة تهتم بطفلها وبشريكها، فصلها ملاعب بريشة عبثية لا تمل من ملاحقة آثارها.
وتقول غادة الزغبي عن لوحتها الزيتية التي تحمل معاني كثيرة، ويتوسطها معلم أثري يرتفع نحو السماء: «في معرض سابق تناولت موضوع العمارات المرتفعة والأعمدة تحديداً. فنحن اعتدنا الاتجاه صعوداً بعماراتنا على طريقة بابل باحثين عما يقربنا من السماء. وفي لوحتي المعروضة في (الاحتفال بالرسم)، تناولت الموضوع نفسه ولكن بسخرية، إذ إن العمود الذي في إمكانه أن يمثل معاني كثيرة لا يوصلنا إلى أي هدف. فهو في رأيي نوع من الآثار التي تشير إلى ميول فاشلة تسكننا». وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «يمكنني اعتبار هذه الشخصية الموجودة في اللوحة والزينة التي تتوج العمود والاستراحة التي نلحظها فيها، بمثابة مشوار طويل قطعتها هذه الشخصية الموجودة فيه، ولكن من دون نتيجة مرجوة».
عادة ما يعمل الرسام بالفطرة فيلحق بريشته دون سابق تخطيط. ولذلك في معرض «الاحتفال بالرسم» نرى ريشة حرة غير مقيدة تحلق في فضاءات واسعة. ومشبعة بجرعات من الفلسفة الذاتية.
بسام جعيتاني، احتفل بالرسم على طريقة حفلات الأقنعة (Bal masque)، فيخيل لمشاهد لوحته المجهولة الاسم، بأن شخصياتها من ألهبة نارٍ تضع الأقنعة لتخفي تعابيرها الحقيقية، فتراها ترقص مرات، تجتاحها العاطفة، ويسود وجهها نوع من السخرية مرات أخرى.
لوحات بأحجام كبيرة وأخرى متوسطة تحتشد فيها مشاعر غامضة، وتلوح فيها تصاميم هندسية أو ملامح من الطبيعة، يتضمنها معرض «الاحتفال بالرسم».
الفنانون الـ12 المشاركون تناولوا الحياة في بيروت، بعد الانفجار المشؤوم، بوجهات نظر مختلفة، بحيث تمثل فلسفة حياة لشباب ثائر ومحطم في آن. فلا يمكنك أن تمر مرور الكرام من أمام أي لوحة تصادفك. فهي تسترعي اهتمامك وتستوقفك كي تفهمها، فتقرأ صفحاتها التي يلامسها فكر متحرك فيه الكثير من الغرابة.
أما لوحة الرسامة ليلى جبر جريديني، فتغرد خارج سرب زملائها الفنانين بوضوحها ضمن تقنية الأكليريك. تفوح من عملها رائحة الأرض التي مهما مرت بصعوبات يبقى ترابها مباركاً لا ينفك عن إعطاء الثمر. وتحت عنوان «عطر الشتاء»، تأخذك ريشة جريديني إلى موسم الحصاد. باقة فواكه وخضار يختلط فيها مشهد التفاح مع العنب والخرما والقشطة والفجل والثوم وغيرها، مفروشة على قطعة قماش قروية تعلمك بأن الدنيا لا تزال بخير.
عناوين لوحات من الغواش والميكسد ميديا والأكليريك والزيت وغيرها، تدلك على الطريق الذي تسلكه في هذه الاحتفالية. «غداً ربما القهوة أقل مرارة»، و«غابة تحترق» و«الحضارة» و«مراوغة بيضاء» وغيرها. وجميعها تنقل فوارق دقيقة لا يمكنك أن تدركها إلا في حالة تأملية عميقة. فخريطة بيروت من فوق تسبح في زرقة البحر لجوزف حرب، وحيوانات تخاف الاحتراق لألان فوساديان، والوحدة القاتلة لإليسا رعد وغيرها من اللوحات تتطلب قراءة ريشتها عين ثالثة.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

أطلقت السعودية خدمة التأشيرة الإلكترونية كمرحلة أولى في 7 دول من خلال إلغاء لاصق التأشيرة على جواز سفر المستفيد والتحول إلى التأشيرة الإلكترونية وقراءة بياناتها عبر رمز الاستجابة السريعة «QR». وذكرت وزارة الخارجية السعودية أن المبادرة الجديدة تأتي في إطار استكمال إجراءات أتمتة ورفع جودة الخدمات القنصلية المقدمة من الوزارة بتطوير آلية منح تأشيرات «العمل والإقامة والزيارة». وأشارت الخارجية السعودية إلى تفعيل هذا الإجراء باعتباره مرحلة أولى في عددٍ من بعثات المملكة في الدول التالية: «الإمارات والأردن ومصر وبنغلاديش والهند وإندونيسيا والفلبين».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق «ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

«ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

تُنظم هيئة الأفلام السعودية، في مدينة الظهران، الجمعة، الجولة الثانية من ملتقى النقد السينمائي تحت شعار «السينما الوطنية»، بالشراكة مع مهرجان الأفلام السعودية ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء). ويأتي الملتقى في فضاءٍ واسع من الحوارات والتبادلات السينمائية؛ ليحل منصة عالمية تُعزز مفهوم النقد السينمائي بجميع أشكاله المختلفة بين النقاد والأكاديميين المتخصصين بالدراسات السينمائية، وصُناع الأفلام، والكُتَّاب، والفنانين، ومحبي السينما. وشدد المهندس عبد الله آل عياف، الرئيس التنفيذي للهيئة، على أهمية الملتقى في تسليط الضوء على مفهوم السينما الوطنية، والمفاهيم المرتبطة بها، في وقت تأخذ في

«الشرق الأوسط» (الظهران)
الاقتصاد مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

تجاوز عدد المسافرين من مطارات السعودية وإليها منذ بداية شهر رمضان وحتى التاسع من شوال لهذا العام، 11.5 مليون مسافر، بزيادة تجاوزت 25% عن العام الماضي في نفس الفترة، وسط انسيابية ملحوظة وتكامل تشغيلي بين الجهات الحكومية والخاصة. وذكرت «هيئة الطيران المدني» أن العدد توزع على جميع مطارات السعودية عبر أكثر من 80 ألف رحلة و55 ناقلاً جوياً، حيث خدم مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة النسبة الأعلى من المسافرين بـ4,4 مليون، تلاه مطار الملك خالد الدولي في الرياض بـ3 ملايين، فيما خدم مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة قرابة المليون، بينما تم تجاوز هذا الرقم في شركة مطارات الدمام، وتوز

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السيسي يراهن على «وعي المصريين» لتجاوز الأزمات والتهديدات الإقليمية

السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يراهن على «وعي المصريين» لتجاوز الأزمات والتهديدات الإقليمية

السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)

راهن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على وعي المصريين وتكاتفهم باعتبار ذلك «الضمانة الأساسية لتجاوز الأزمات الإقليمية والتهديدات». وشدد، خلال لقائه، مساء الأحد، قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية، على أن امتلاك بلاده «القدرة والقوة يضمن لها الحفاظ على أمن وسلامة مقدرات الشعب».

وقال السيسي، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، إن «الدولة تتابع عن كثب الأوضاع الإقليمية والدولية استناداً لثوابت السياسة المصرية القائمة على التوازن والاعتدال اللازمين في التعامل مع الأحداث والمتغيرات المتلاحقة، والعمل على إنهاء الأزمات وتجنيب المنطقة المخاطر المتصاعدة بالانزلاق إلى بؤر جديدة للصراع تهدد استقرار دولها».

وأضاف أن «الظروف الحالية برهنت على أن وعي الشعب المصري وتكاتفه هو الضمانة الأساسية لتجاوز الأزمات الإقليمية والتهديدات المحيطة»، مشيراً إلى «استمرار جهود التنمية الشاملة في كافة ربوع مصر سعياً نحو تحقيق مستقبل يلبي تطلعات وطموحات أبناء الشعب».

جانب من اجتماع السيسي مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)

اجتماع الرئيس المصري مع قادة القوات المسلحة والشرطة المدنية والأجهزة الأمنية المختلفة بمقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، الأحد، حضره رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير الدفاع والإنتاج الحربي عبد المجيد صقر، ووزير الداخلية محمود توفيق، ورئيس أركان القوات المسلحة أحمد خليفة، ورئيس المخابرات العامة حسن رشاد.

وقال متحدث الرئاسة المصرية، إن «اللقاء تناول تطورات الأوضاع الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن القومي المصري»، فضلاً عن «استعراض الجهود التي تبذلها القوات المسلحة والشرطة المدنية والأجهزة الأمنية في حماية حدود الدولة المصرية وجبهتها الداخلية ضد مختلف التهديدات على كافة الاتجاهات الاستراتيجية في ظل ما تموج به المنطقة من أحداث».

وشدد الرئيس المصري على «ضرورة تعظيم قدرات كافة مؤسسات الدولة وأجهزتها»، مؤكداً «أهمية الدور الذي تضطلع به القوات المسلحة والشرطة المدنية في الحفاظ على الوطن، إيماناً منهما بالمهام المقدسة الموكلة إليهما لحماية مصر وشعبها العظيم مهما كلفهما ذلك من تضحيات»، بحسب الشناوي.

وفي سياق متصل، عقد الرئيس المصري اجتماعاً، الأحد، بمقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، مع عدد من الإعلاميين والصحافيين، تناول «تطورات الأوضاع الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك الحرب في غزة والجهود المصرية ذات الصلة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وتبادل الرهائن والمحتجزين، وإنفاذ المساعدات الإنسانية دون عراقيل»، بحسب متحدث الرئاسة المصرية.

الرئيس المصري خلال لقاء مع عدد من الإعلاميين والصحافيين (الرئاسة المصرية)

وتناول اللقاء أيضاً التطورات في سوريا ولبنان وليبيا والسودان والصومال واليمن، والجهود المصرية لتسوية تلك الأزمات، كما تطرق اللقاء إلى «الأمن المائي باعتباره أولوية قصوى لمصر ومسألة وجود»، وفق المتحدث الرئاسي.

وأكد السيسي خلال اللقاء «قوة وجاهزية أجهزة الدولة، وبشكل خاص القوات المسلحة والشرطة المدنية، لمواجهة أي تحديات داخلية أو خارجية»، مشدداً على أن «تماسك المصريين ووحدتهم العامل الأول والأهم في الحفاظ على الدولة».

وأشار الرئيس المصري إلى أن بلاده «مرت في الفترة الماضية بالأصعب فيما يتعلق بتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي وتحقيق التنمية». وقال: «نسير في الطريق الصحيح، الأمر الذي انعكس في ثقة مؤسسات التمويل الدولية في الاقتصاد المصري»، مشيراً إلى «حرص الدولة على توطين الصناعة لتقليل الاعتماد على الاستيراد قدر الإمكان، وبالتالي تخفيض الطلب على العملة الصعبة».

وأكد السيسي أن «الدولة قد قطعت شوطاً كبيراً على طريق الإصلاح في مختلف المجالات»، مشيراً إلى أن «هناك بعض السلبيات التي نعمل بكل إخلاص على إصلاحها لبناء دولة قوية تكون عصيّة أمام أي معتدٍ».