أهالي مفقودي «زورق الموت» يريدون «الجثث» أو «الحقيقة»

غواصة تبحث عنهم توقفت عن العمل بسبب ارتفاع موج البحر

تحضيرات لإطلاق الغواصة بحثاً عن ضحايا «زورق الموت» أمام مرفأ مدينة طرابلس أمس (أ.ف.ب)
تحضيرات لإطلاق الغواصة بحثاً عن ضحايا «زورق الموت» أمام مرفأ مدينة طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

أهالي مفقودي «زورق الموت» يريدون «الجثث» أو «الحقيقة»

تحضيرات لإطلاق الغواصة بحثاً عن ضحايا «زورق الموت» أمام مرفأ مدينة طرابلس أمس (أ.ف.ب)
تحضيرات لإطلاق الغواصة بحثاً عن ضحايا «زورق الموت» أمام مرفأ مدينة طرابلس أمس (أ.ف.ب)

كان رائد الدندشي على متن أحد القوارب التي انطلقت من مرفأ طرابلس في الصباح الباكر أمس، لمواكبة عمل غواصة طال انتظارها، استجلبت خصيصاً للبحث عن المفقودين الذين غرقوا في «زورق الموت» قبل أربعة أشهر وتحديداً في 23 أبريل (نيسان) الماضي، وبقوا من حينها في قعر الماء على عمق يقدّر بـ470 متراً، ولم يتمكن أحد من انتشالهم.
ولكن ما كاد أهالي المفقودين، يتنفسون الصعداء، مع انطلاق عمل الغواصة، حتى أعلن عن توقف البحث دون أن تتمكن من القيام بمهمتها. وأعلنت قيادة الجيش اللبناني عبر حسابها على «تويتر» عن «تأجيل مهمة البحث عن المركب الغارق قبالة مدينة طرابلس بسبب ارتفاع موج البحر ما قد يهدد سلامة الغواصة وطاقمها». ورغم التعليقات التي انطلقت متهمة المسؤولين بعدم الجدية، لأن حالة الطقس ليست مفاجئة ويمكن معرفتها سلفاً، فإن أحد البحارة المواكبين للمهمة أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه كان من الضروري إيقاف العمليات «لأن الونش الذي كان يحمل الغواصة، يمكن أن يتعرض للاهتزاز والانقلاب».
رائد الدندشي نجا بأعجوبة من الحادثة يومها، وغرقت زوجته وعثر على جثة ابنه بهاء (8 سنوات) وبقيت ابنته (غزل 13 سنة) في عداد المفقودين. يقول رائد: «الروح أصبحت عند ربها، لكن الله قد يكرمنا، وقد نعثر على جثثهم كما هي، أو لا نجد أحداً. كل شيء ممكن. وفي حال لم تبرد قلوبنا بالعثور عليهم، بمقدور هذه الغواصة أن تصوّر على عمق سحيق، وتأتينا باللقطات التي توضح أن المركب قد انكسر بالفعل، وأنه تعرض لاعتداء، ولم يغرق وحده كما يقولون. فمعرفة الحقيقة، مسألة جوهرية بالنسبة لنا».
وكان الناجون وأهالي الضحايا في الحادثة التي وقعت قبل أربعة أشهر، قد اتهموا عناصر في الجيش اللبناني بمطاردتهم بزورق، في محاولة لثنيهم عن إكمال طريقهم إلى أوروبا، وأنه صدمهم عمداً، ما تسبب بغرق ما يقارب 32 شخصاً بقوا في عداد المفقودين، وتم إنقاذ 45 آخرين، فيما انتشلت 6 جثامين.
وأصيبت عائلة الدندشي التي تسكن منطقة الريفا في طرابلس بالألم الأكبر. كان على متن المركب رائد الدندشي مع أخويه عميد وبلال وجميعهم مع نسائهم وأطفالهم. نجا عميد وزوجته، وفقدا أولادهما الثلاثة، كما نجا الشقيق الثالث بلال، وفقد زوجته وولديها ليث ورزان. 7 أطفال لعائلة واحدة وزوجات، وعدد من الأقرباء الآخرين، مما يرفع عدد ضحايا عائلة الدندشي إلى عشرة.
يقول رائد الذي بقي له من عائلته أربعة أولاد يعيلهم دون والدتهم التي توفيت: «هل يعقل أن أشخاصاً عاديين، وجمعية لبنانية في أستراليا، تمكنت من الإتيان بغواصة، ومساعدتنا، ولم نر مبادرة من رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة ابن طرابلس، ولا كلمة عزاء. اليوم تحديداً، كل لبنان من شماله إلى جنوبه، كان متأثراً يتابع أخبار الغواصة، ورئيس حكومتنا، لم يصدر بياناً!».
أما مازن منذر طالب (24 سنة) الذي ينتظر انتشال أمه (48 سنة) ووالده (48 سنة) وشقيقيه الأكبر (26 سنة) والأصغر (10 سنوات)، فلم يتمكن من دخول المرفأ ومواكبة العمليات، لأن عدد الذين سمح لهم بالإبحار من الأهالي ومرافقة الجيش في عمليات البحث، محدود. وبقي هو على مسافة يعاين الغواصة من بعيد. يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يريد أن يفقد الأمل رغم توقف عمل الغواصة، مشيراً إلى أنه كله أمل أن يعود البحث مع انبلاج الضوء.
وعقد قائد القوات البحرية في لبنان العقيد الركن هيثم ضناوي مؤتمراً صحافياً في القاعدة البحرية في مرفأ طرابلس صباح أمس، تناول فيه تفاصيل مهمة غواصة الإنقاذ التي انطلقت من مرفأ طرابلس عند الساعة السابعة والنصف باتجاه موقع غرق «زورق الموت»، وقال إنها «ستبدأ عملها نحو الساعة العاشرة صباحاً مبدئياً بحثاً عن الزورق والضحايا. وأوضح: «العملية هي نتيجة تضافر جهود من قبل المواطنين اللبنانيين، مدنيين وعسكريين، شاركوا بجعلها واقعاً». وأوضح أن الغواصة يبلغ طولها 5.68 أمتار وعرضها 2.24 متر وتصل إلى عمق 2180 متراً، مشيراً إلى أن طاقم الغواصة مؤلف من أشخاص هم من يديرونها. وتبقى على اتصال دائم مع مدير الغواصة، وهي غير موصولة بأسلاك إلى السطح وبالتالي تذهب لتنفذ كامل مهمتها وتعود مع التسجيلات والملاحظات.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

غالبية القيادات العسكرية والأمنية لنظام الأسد لا تزال داخل سوريا

الرئيس المخلوع بشار الأسد يصافح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في دمشق عام 2020 (أ.ف.ب)
الرئيس المخلوع بشار الأسد يصافح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في دمشق عام 2020 (أ.ف.ب)
TT

غالبية القيادات العسكرية والأمنية لنظام الأسد لا تزال داخل سوريا

الرئيس المخلوع بشار الأسد يصافح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في دمشق عام 2020 (أ.ف.ب)
الرئيس المخلوع بشار الأسد يصافح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في دمشق عام 2020 (أ.ف.ب)

علم «المرصد السوري» من مصادر موثوقة، أن غالبية القيادات العسكرية والأمنية التابعة لنظام الأسد لا تزال داخل الأراضي السورية، لكن خارج العاصمة دمشق، باستثناء قلة قليلة تمكنت من المغادرة إلى الخارج.

سهيل الحسن المعروف بالنمر

وقال مدير «المرصد» لـ«الشرق الأوسط» إن سهيل الحسن الذي يلقب بالنمر، والذي كان قائد «لواء 25» في القوات المسلحة السورية، أو ما يعرف بـ«قوات النمر النخبوية» التابعة له، كان قد التجأ إلى مطار حميميم (القاعدة الجوية الروسية قرب اللاذقية) ليلة سقوط النظام، لكن لا مزيد من الأخبار تسربت عن مصيره إن كان الروس نجحوا في نقله إلى موسكو أو أنه لا يزال في «حميميم»، بحسب مدير المرصد.

وتقول التسريبات إن بشار الأسد رفض إلقاء خطاب التنحي عن السلطة بعد تسارع الأحداث التي ابتدأت بسيطرة إدارة العمليات العسكرية بقيادة «هيئة تحرير الشام» على حلب.

وتتقاطع هذه المعلومة مع ما نشرته «الشرق الأوسط» بعد انطلاق الهجوم الذي «توفرت لموسكو معلومات دقيقة حول توقيته، وحجمه، وأهدافه، وأنه سرعان ما اتُّخذ القرار في موسكو بترتيب خروج آمن».

ووفقاً للمستشار رامي الشاعر، المقرب من أوساط اتخاذ القرار الروسي: «كان القرار صعباً بسبب أن المعطيات الاستخباراتية المتوفرة أكدت أن الأمر لا يتعلق فقط بدرجة الإعداد للهجوم من جانب الفصائل، بل بوجود حاضنة شعبية واسعة النطاق تؤيد هذا التحرك، ووفقاً لتلك المعطيات فإنه (في حال حصول تقدم واسع النطاق فإن نحو 80 في المائة من السوريين سوف يدعمونه بقوة)».

الرئيس بوتين ينظر إلى الأسد وهو يصافح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في دمشق عام 2020 (أ.ف.ب)

المصادر الخاصة المطلعة على تفاصيل ليلة هروب بشار الأسد وسقوط نظامه في 8 ديسمبر (كانون الأول)، قالت لـ«المرصد» إن الأسد كان يعول على دعم إيران ومساندتها في حربه الأخيرة مع شعبه، لكن الميليشيات الإيرانية تخلت بعد معركة حلب، كما تخلى عنه الروس عسكرياً بعد انكسار قوات النظام السابق في حماة.

وقالت المصادر إنه بعد منتصف ليلة الأحد الماضي، أي الليلة الأخيرة قبل هروبه من سوريا، حلّ الأسد الجيش بأوامر منه، ثم وصل الأمر إلى القطعات العسكرية عبر اللاسلكي بحل الجيش وخلع البزة العسكرية وارتداء اللباس المدني ومغادرة القطعات والثكنات العسكرية إلى منازلهم.

سهيل الحسن مع عناصر لواء 25 المدربة في روسيا

وهرب الأسد بطائرته رافضاً إلقاء خطاب التنحي عن السلطة، ومنحته روسيا حق اللجوء الإنساني مع عائلته، كما هو معروف.

ومن المعلومات التي تسربت، أنه مع تسارع الأحداث يوم السبت 7 ديسمبر، وتعنت الأسد ورفضه إلقاء خطاب التنحي، غادرت قيادات الجيش والأفرع الأمنية الضباط والمسؤولين من دمشق إلى منازلهم في القرى، عصر السبت، خوفاً من عمليات الاغتيال.

تدمير الترسانة

في سياق متصل، أكدت مصادر «المرصد السوري» أن قرار تدمير ترسانة الجيش السوري من قِبَل إسرائيل، جاء بموافقة روسية، وقد نفذت إسرائيل منذ هروب بشار الأسد، أكثر من 352 غارة جوية على 13 محافظة سورية، ودمرت أهم المواقع العسكرية في أنحاء البلاد، شملت مطارات سورية، وما تحتويه من مستودعات، وأسراب طائرات، ورادارات، ومحطات إشارة عسكرية، والعديد من مستودعات الأسلحة والذخائر في مواقع مختلفة بمعظم المحافظات السورية، إضافة إلى مراكز أبحاث علمية أسفرت عن تدميرها بشكل كامل وتعطيل أنظمة الدفاعات الجوية وإخراج تلك المواقع عن الخدمة.