بدلاً من الرمادي.. الفلوجة تتصدر أولويات القوات الأمنية في الأنبار

وصول طلائع المستشارين العسكريين الإضافيين إلى المحافظة

بدلاً من الرمادي.. الفلوجة تتصدر أولويات القوات الأمنية في الأنبار
TT

بدلاً من الرمادي.. الفلوجة تتصدر أولويات القوات الأمنية في الأنبار

بدلاً من الرمادي.. الفلوجة تتصدر أولويات القوات الأمنية في الأنبار

أعلن مجلس محافظة الأنبار، أمس، وصول 80 مستشارًا أميركيًا إلى قاعدة الحبانية، 30 كلم شرق مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار، لتدريب القوات الأمنية والعشائر وتقديم الدعم اللوجيستي والخطط العسكرية لها.
وقال عيد عماش، عضو مجلس محافظة الأنبار، لـ«الشرق الأوسط» إن «80 مستشارًا عسكريًا أميركيًا من مجموع 450 مستشارًا عسكريًا قررت الولايات المتحدة الأميركية إرسالهم إلى العراق وصلوا بالفعل إلى قاعدة الحبانية العسكرية». وأضاف عماش أن «هؤلاء المستشارين سيقومون بتدريب القوات الأمنية ومتطوعي العشائر من أبناء الأنبار فضلاً عن تقديم الدعم اللوجيستي والخطط العسكرية للقوات الأمنية في معركتي تحرير مدينتي الرمادي والفلوجة تمهيدًا لتحرير كل مدن الأنبار التي سقطت بيد مسلحي تنظيم داعش».
في غضون ذلك، عاود مسلحو تنظيم داعش شن هجماتهم على ناحية البغدادي (90 كلم غرب الرمادي) واقتربوا من المجمع السكني في الناحية التي تضم قاعدة عين الأسد الجوية، بينما أكد محافظ الأنبار صهيب الراوي سيطرة التنظيم المتطرف على المناطق المحيطة بالبلدة منذ مساء أول من أمس.
وقال الراوي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «قواتنا المشتركة من الجيش والشرطة وأبناء العشائر يسيطرون الآن على جميع مناطق ناحية البغدادي، غرب الأنبار، باستثناء محيطها الذي يخضع حاليًا لسيطرة مسلحي تنظيم داعش، وهناك تعزيزات عسكرية وصلت إلى قاعدة عين الأسد الجوية، من أجل إسناد القوات الأمنية وأبناء العشائر في التصدي لمسلحي التنظيم الإرهابي». وأضاف الراوي أن «تنظيم داعش لا يشكل خطرًا كبيرًا على قاعدة عين الأسد»، عازيًا الهجمات المستمرة على مدينة البغدادي إلى «ضعف الدعم الحكومي للقوات الأمنية ومقاتلي العشائر في البغدادي».
وفي السياق ذاته، أعلن قائد الفرقة السابعة بالجيش، اللواء الركن نومان عبد الزوبعي، عن إحباط هجوم لمسلحي «داعش» على البغدادي. وقال الزوبعي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «مسلحي تنظيم داعش شنوا هجومًا شرسًا من منطقة جبة على البغدادي وتمكنت قوة تابعة للفرقة السابعة من إحباط الهجوم وقتل 21 مسلحًا من التنظيم الإرهابي وتدمير مركبتين».
أتى ذلك، رغم المخاوف بشأن احتدام صراع طائفي، ميليشيات الحشد الشعبي التدفق على محافظة الأنبار ويحدوهم الأمل أولاً في استعادة الفلوجة، أول مدن العراق الكبرى التي سقطت في يد تنظيم داعش العام الماضي.
وتقول الميليشيات المدعومة من إيران، إن «مساعدة التحالف تضر بجهودهم؛ وهو ما يناقض التصريحات الصادرة عن الحكومة العراقية، التي تشير إلى الحاجة لمزيد من الدعم الدولي».
ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» في تقرير لها عن هادي العامري، قائد ميليشيات الحشد الشعبي، للصحافيين عند مركز طليعي على الحدود بين محافظتي صلاح الدين والأنبار، أول من أمس: «نحن نعتقد بأن تحرير الفلوجة سيسمح لنا بدخول الرمادي من دون قتال، ومن ثم فالمعركة التي نستعد لها هي معركة الفلوجة.. سيكون ذلك وشيكًا». وبينما يواصل رئيس الوزراء حيدر العبادي الضغط من أجل الحصول على مزيد من الدعم الدولي في صورة أسلحة، وتدريب، ومساعدات، تريد ميليشيات الحشد الشعبي أن يتراجع التحالف. وقد سخر العامري من فكرة أن «450 خبيرًا إضافيًا سيكونون قادرين على كسب المعركة». وقال العامري: «كان هناك 150 ألف جندي أميركي، وآلاف من الدبابات وقذائف الهاون، ومئات الطائرات، ولم يتمكنوا من عمل أي شيء ضد تنظيم القاعدة في 2006 و2007». وهناك اعتقاد بأن ميليشيات الحشد الشعبي تشكل الآن غالبية المقاتلين في العراق، بحيث جاوز عددهم عدد أفراد الجيش العراقي الرسمي، الذي انهار فعليًا في مواجهة هجوم المتطرفين الخاطف. وقال عدد من أفراد الجماعات المسلحة إن المستشارين الإيرانيين يسلحون ويدربون مقاتليهم، ولكن على الصعيد الرسمي يمكن لميليشيات الحشد الشعبي أن تتلقى الدعم من الحكومة العراقية، وهو ما يترك الولايات المتحدة في حيرة من أمرها بشأن الكيفية التي يمكن العمل من خلالها مع هذه الجماعات المسلحة.
وكانت صور آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى الإيراني، وآية الله علي السيستاني، المرجع الشيعي العراقي الأعلى، تزين نوافذ وأبواب سيارات ميليشيات الحشد الشعبي الوافدة إلى الأنبار، حيث تخفق وسط الرياح والأتربة، أعلام باللونين الأحمر والأخضر، وعليها شعار «لبيك يا حسين»، اسم الميليشيات لعملية الأنبار.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم