هل ضباط اسكوتلنديارد مثالا لشرطة أميركا؟

فتحت الشرطة في بريطانيا النار بشكل مميت على شخصين اثنين فقط في خلال 3 سنوات

الغالبية العظمى من ضباط الشرطة وآخرون من اسكتلنديارد يقومون بتمشيط الشوارع مسلحين بالهراوات ورذاذ الفلفل (واشنطن بوست)
الغالبية العظمى من ضباط الشرطة وآخرون من اسكتلنديارد يقومون بتمشيط الشوارع مسلحين بالهراوات ورذاذ الفلفل (واشنطن بوست)
TT

هل ضباط اسكوتلنديارد مثالا لشرطة أميركا؟

الغالبية العظمى من ضباط الشرطة وآخرون من اسكتلنديارد يقومون بتمشيط الشوارع مسلحين بالهراوات ورذاذ الفلفل (واشنطن بوست)
الغالبية العظمى من ضباط الشرطة وآخرون من اسكتلنديارد يقومون بتمشيط الشوارع مسلحين بالهراوات ورذاذ الفلفل (واشنطن بوست)

لكي تكون من بين هؤلاء الأفراد القليلين والفخورين الذين يوفرون الخدمات الشرطية في شوارع لندن وهم يحملون سلاحا ناريا، عليك أولا أن تجوب هذه الشوارع لسنوات وأنت أعزل.
بعد ذلك هناك عملية اختيار دقيقة - مجموعة لا هوادة فيها من تمارين اللياقة البدنية، والاختبارات النفسية وامتحانات الرماية. وفي النهاية، هناك التدريب، الذي يتضمن التدرب على عدد لا حصر له من أكثر السيناريوهات الروتينية.
وقال لورنس شيرمان، الباحث في علم الجريمة بجامعة كمبردج: «هم يحاكون مثل تلك الأوضاع كأن يحاول فريق من القوات الخاصة الوصول إلى مجمع بن لادن».
ومع هذا، ففي بلد تقوم فيه الغالبية العظمى من ضباط الشرطة وآخرون من اسكوتلنديارد بتمشيط الشوارع، مسلحين بالهراوات ورذاذ الفلفل، فإن كوادر النخبة من ضباط الشرطة البريطانية الذين يُعهد إليهم بحمل الأسلحة النارية لا يستخدمونها أبدا تقريبا؛ فقد فتحت الشرطة في بريطانيا النار بشكل مميت على شخصين اثنين فقط في خلال ثلاث سنوات.
ويعد هذا أقل من متوسط عدد الناس الذين يتعرضون لإطلاق النار والقتل على يد الشرطة يوميا في الولايات المتحدة على مدار الأشهر الخمسة الأولى من عام 2015، وفقا لتحليل لصحيفة «واشنطن بوست».
وبينما تفكر الولايات المتحدة في هذه الحصيلة - ومع التسرب المستمر لمقاطع فيديو تظهر استخداما للقوة مثيرا للتساؤل من جانب ضباط الشرطة - فإن بريطانيا بتسليحها الخفيف قد تبدو مكانا غير تقليدي للبحث عن حلول، غير أن الخبراء يقولون إن الطريقة التي يتم من خلالها تدريب عناصر الشرطة، وقيادتهم وخضوعهم للتمحيص الدقيق، قد توفر لقوات الشرطة الأميركية برنامج عمل مفيدا لتقليل معدل العنف المميت ونزع فتيل التوتر المشتعل، الملموس في مدن من أقصى البلاد إلى أقصاها.
بالطبع تقوم الشرطة في بريطانيا والولايات المتحدة بتقديم الخدمات الشرطية في مجتمعات مختلفة. لدى الولايات المتحدة بعض من أكثر قوانين الأسلحة النارية تساهلا في العالم، وبعض من أعلى معدلات حيازة الأسلحة النارية. أما بريطانيا، فالعكس، حيث المسدسات الخفيفة والبنادق الهجومية محظورة فعليا.
وهذا بطبيعته يغير الطريقة التي يؤدي بها ضباط الشرطة وظيفتهم. عمل فيل بالمر ضابطا بشرطة بريطانيا لمدة 15 عاما وتعرض للطعن مرتين أثناء تأدية عمله.
«لكن في حياتي كلها، لم أتوقع أبدا أن أتعامل مع أي شخص بسلاح ناري»، يقول بالمر، الذي سرعان ما أدرك، من خلال عام قضاه في الولايات المتحدة يدرس ويعمل مع ضباط شرطة نيويورك، أن لديهم توقعا مغايرا تماما.
وقال بالمر، وهو الآن المدير المشارك لمعهد أبحاث العدالة الجنائية في جامعة ساوثهامبتون البريطانية: «كانوا في غاية الاحترافية. ولكن في كل مرة يخرجون من سياراتهم للحديث إلى شخص ما، كانت أيديهم تحوم حول مسدساتهم». وأضاف: «الشرطة في أميركا أكثر عدوانية، وهذا بظني لأنهم يجب أن يكونوا كذلك».
ولكن ثمة ما يكفي من الظروف المشابهة لأن تكون بريطانيا أنموذجا ذا صلة خاصة. فشأن الولايات المتحدة، بريطانيا بلد كبير، وحضري وديمقراطي ومتنوع. وعلى الشرطة أن تتصدى لعنف العصابات، والجريمة المنظمة والمتطرفين الإسلاميين، وكل هذا في خضم مزاعم بأنهم يستهدفون من دون وجه حق مجتمعات الأقليات.
ويضع هذا بريطانيا في مرتبة مختلفة عن حفنة من البلدان الأخرى التي تتخلى عن الأسلحة النارية إلى حد بعيد أثناء تقديم الخدمات الشرطية، بما في ذلك نيوزيلندا وآيسلندا وآيرلندا والنرويج.
سيجادل البعض هنا بأن الولايات المتحدة ينبغي أن تتبنى نهج بريطانيا شبه الخالي من استخدام الأسلحة النارية. ولكن عددا من ضباط وقادة الشرطة البريطانية ممن انتابتهم مشاعر خوف متزايدة وهم يشاهدون لقطات فيديو لضباط شرطة أميركيين يطلقون النار على مدنيين، يقولون إنهم يأملون أن تتم ترجمة بعض من استراتيجياتهم وممارساتهم في أنحاء الأطلسي.
يقود السير بيتر فاهي، رئيس شرطة مانشستر الكبرى، 6700 شرطيا - 209 منهم فقط مسلحون. وبحسب قوله، يواجه أولئك المخولون حمل أسلحة نارية، قواعد محكمة للغاية، تحكم متى يمكن نشرهم وتحت أي ظرف يمكنهم إطلاق النار؛ فإطلاق النار على عربات متحركة، وعلى أشخاص يشهرون الأسلحة البيضاء ومشتبهين يفرون من مشهد جريمة، محظور بشدة، إلا في ظروف مشددة.

* خدمة «واشنطن بوست» - خاص بـ {الشرق الاوسط}



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».