المعارضة تستبعد تقارباً بين دمشق وأنقرة يؤدي إلى التخلي عنها

دفعت التصريحات الأخيرة حول سعي تركيا للمصالحة بين المعارضة السورية والنظام، واحتمال عقد مفاوضات للتقارب بين الأخير وتركيا، ردود أفعال واسعة في أوساط المعارضة المدنية والعسكرية التي ترى في النظام مجرماً يستحق المحاسبة على جرائمه بحق الشعب السوري لا التفاوض معه ومصالحته.
ويلفت العقيد مصطفى بكور القيادي في الجيش الحر، أن موقف الحاضنة الشعبية للثورة كان أكثر وضوحاً من موقف الفصائل المقاتلة، برفضها أي تقارب مع نظام الأسد، رغم أن أغلب الفصائل أعلنت ولو بشكل غير مباشر من خلال تصريحات وتغريدات عبر وسائل التواصل، رفضها مشروع المصالحة مع نظام الأسد.
أما عن السيناريوهات المتوقعة للعلاقة بين الفصائل وتركيا، فيعتقد البكور، أن «ضغوطات تركية ستحدث على الفصائل الرافضة للمصالحة»، وأن المشهد لن يختلف كثيراً عن سيناريو أستانة، بحيث يمكن أن تنقسم الفصائل «بين رافض تتم محاصرته والتضييق عليه بذريعة رفضه للحل السلمي، وصامت بذريعة أنه ليس بالإمكان أحسن مما كان، وبين موافق عليها ومشجع لها بذريعة تخلي العالم عن الثورة السورية وبقاء تركيا لوحدها تتحمل عبء دعمها، وأنه لا يمكن الخروج من تحت العباءة التركية في هذه الظروف».
أما العميد أحمد حمادة، وهو مستشار في الجيش الوطني السوري، فيرى أن «تركيا دولة إقليمية لها مصالحها وحساباتها الدولية ولا يستطيع أحد أن يؤثر على قراراتها، فإذا ارتأت أن التطبيع ضروري لها، فهذا شأنها، أما الجيش الوطني السوري وقوى الثورة، فيرون في نظام الأسد قاتلاً ومجرماً، والمشكلة معه ليست سياسية، حتى يتم البحث فيها، بل حقوقية جنائية». ومن خلال تصريحات قادة الجيش الوطني السوري في أكثر من مناسبة ولقاء وبيان، وما قاله الشارع، «لا يمكن أن تكون هناك مصالحة مع عصابة الأسد». ويستشهد العميد حمادة، بقبول السوريين المعارضين، بمخرجات جنيف والقرار 2254. دون نتيجة سياسية واضحة «لا جدوى من التفاوض مع نظام الأسد الذي يريد حلاً عسكرياً. وستبقى تركيا داعمة للجيش الوطني السوري ونتشارك معها في محاربة الإرهاب».
في شروط أخرى تسربت لقبول النظام بعودة العلاقات مع تركيا، انسحابها من إدلب وشمال سوريا، فكيف ينظر السوريون في تلك المناطق إلى هذا الاحتمال؟
يجيب أيهم عرابي، وهو ناشط في محافظة إدلب: «ربما سنشاهد قريباً لقاءات دبلوماسية وسياسية على أعلى المستويات بين النظام السوري وتركيا، ولطالما كشفت سلسلة من التصريحات لمسؤولين أتراك عن مفاوضات بهذا الشأن ولكل طرف شروطه. ولكن ليس من السهل الوصول إلى اتفاق يفضي إلى انسحاب تركيا عسكرياً من إدلب، حيث توجد أكثر من 90 قاعدة ونقطة عسكرية تركية على طول خط التماس بين المعارضة والنظام تشكل خطاً دفاعياً مجهزاً بأحدث الأسلحة وأنظمة الدفاعات الجوية والرادارات والمدافع الثقيلة، وأكثر من 30 ألف جندي تركي، إلى جانب القوة العسكرية لفصائل المعارضة وأبرزها (هيئة تحرير الشام)، التي باتت أكثر تجهيزاً واستعداداً لمواجهة قوات النظام السوري فيما لو قرر الهجوم على إدلب. كذلك الانتشار العسكري التركي والفصائل في مناطق (درع الفرات) و(غصن الزيتون) و(نبع السلام)». ويستنتج عرابي أن تركيا غير مستعدة لخسارة الفصائل التي شاركتها في عشرات العمليات العسكرية داخل سوريا وخارجها مثل أذربيجان وليبيا.
ويلفت أن انسحاب تركيا بعد كل ذلك، يعني أنها خسرت أقوى أداة ضغط على النظام السوري وحلفائه (روسيا وإيران) في الملف السوري وملفات دولية أخرى متشابكة، ويستبعد اتفاقاً يفضي إلى انسحاب تركيا من الشمال السوري وتسليم إدلب للنظام. «ربما تتنازل عن بعض المساحات الجغرافية جنوب الطريق الدولي حلب – اللاذقية، أو ما يعرف بطريق الـM4، لإعادة تشغيله أمام القوافل التجارية السورية والتركية والتوصل إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة تمهيداً للحل السياسي التي تصر عليه تركيا وتعبر عنه في أي محفل دولي يخص سوريا».
القيادي العسكري مجد الأتاسي من غرفة عمليات «الفتح المبين» التابعة لفصائل المعارضة السورية المسلحة شمال غربي سوريا، يرى أن «الفصائل الثورية، باتت جاهزة ومستعدة لأي سيناريو، وصد أي عملية عسكرية للنظام السوري وحلفائه أكثر من أي وقت مضى». ويضيف: «طورنا جاهزية الكتائب لدينا من خلال التركيز على القوات الخاصة وتدريبها بآلية عمل تجعلها في حالة جهوزية كاملة وقدرة قتالية عالية يمكن تحريكها في وقت قياسي في حال حدوث أي أمر طارئ، إضافة إلى ذلك، تطوير سلاح القنص بشقيه الليلي والنهاري، الذي أثبت نجاعة منقطعة النظير فأحدث فارقاً جوهرياً بموازين القوى خلال العامين الماضيين».