«تسهيلات رمضان» تفتح شهية الفلسطينيين لزيارة القدس والداخل

ممنوعون منذ 16 عامًا يأملون في السماح لهم بدخول إسرائيل

«تسهيلات رمضان» تفتح شهية الفلسطينيين لزيارة القدس والداخل
TT

«تسهيلات رمضان» تفتح شهية الفلسطينيين لزيارة القدس والداخل

«تسهيلات رمضان» تفتح شهية الفلسطينيين لزيارة القدس والداخل

اندفع عشرات من الشبان الفلسطينيين إلى مكاتب هيئة الارتباط المدني، بشكل مبكر، من أجل تقديم الطلبات للحصول على تصاريح لدخول إسرائيل، بعد إعلان هيئة الشؤون المدنية عن مجموعة من التسهيلات التي تم الاتفاق عليها مع الجانب الإسرائيلي خلال شهر رمضان وعيد الفطر.
ويجرب شبان طالما كانوا ممنوعين من دخول إسرائيل حظهم هذه المرة، آملين في أن تساعدهم تسهيلات رمضان على العبور إلى إسرائيل. وقال أحمد تيم (35 سنة) إنه سيقدم طلبا جديدا من أجل السماح له بدخول إسرائيل بعدما منع من ذلك لسنوات طويلة. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «سنختبر جدية هذه التسهيلات ونرى». وعبر تيم عن شوقه لزيارة القدس ومدن أخرى، وقال «إذا ما تحقق ذلك سيكون مثل حلم». وتابع «منذ 16 عاما وأنا ممنوع من دخول القدس.. رفضوا إعطائي تصاريح على الدوام على الرغم من أنني لم أعتقل ولا ليوم واحد».
ومثل تيم يطمح آلاف من الشبان الفلسطينيين في الضفة الغربية في دخول إسرائيل هذه المرة. ويُتوقع مع بداية رمضان أن تشهد مكاتب الارتباط حضورا كثيفا لعائلات بأكملها وشبان من كل الأعمار تود زيارة إسرائيل. ويستهدف كثير من الفلسطينيين الصلاة في المسجد الأقصى، وينشد آخرون السياحة في إسرائيل نفسها.
ومنذ بدأت الانتفاضة الثانية عام 2000، منعت إسرائيل الفلسطينيين من تخطي بوابات الجدران الكبيرة التي تحيط بالضفة، ولم تمنح التصاريح إلا لعدد قليل ضمن شروط معقدة، تستلزم أن يكون المتقدم تجاوز حاجز الـ35 ومتزوجا ولديه أولاد ويريد التصريح لأسباب تجارية أو صحية، وحتى كثير من هؤلاء رفضوا لأسباب أمنية.
وقال إياد الحروب (40 عاما) إن إسرائيل منعته من دخول القدس من أجل إجراء عملية في القلب في أحد مستشفيات المدينة قبل أسبوع واحد فقط. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «سأجرب ثانية ما دام هناك حديث عن تسهيلات، وإلا سأغادر إلى الأردن».
وتبرز قضية الحروب حاجة الفلسطينيين الملحة لدخول القدس، إذ لا يقتصر الأمر على الصلاة والسياحة، وإنما الحاجة إلى العلاج أيضا. وأعطت إسرائيل هذه المرة الفلسطينيين تسهيلات أوسع من ذي قبل. وقالت هيئة الارتباط المدني إنه تم الاتفاق مع الجانب الإسرائيلي على منح من يرغب من الفلسطينيين تصاريح زيارة إلى الأهل داخل الخط الأخضر، تكون سارية المفعول اعتبارا من 17 إلى 22 من الشهر الحالي، من دون تحديد العمر وطيلة أيام الأسبوع، باستثناء أيام الجمعة والسبت، والاتفاق يشمل كل من تجاوزت أعمارهم سن الثانية عشرة ولا يشترط حصولهم على بطاقة ممغنطة.
وأضافت الهيئة: «تم الاتفاق بين الجانبين على السماح لمن تتراوح أعمارهم بين الـ35 عاما والأربعين بالحصول على تصاريح للصلاة في المسجد الأقصى طيلة أيام الأسبوع باستثناء أيام الجمعة والسبت، في حين يسمح لمن تجاوزوا الـ40 عاما من الرجال بالدخول أيام الجمعة إلى المسجد الأقصى من دون الحاجة إلى تصريح، وللنساء من كل الأعمار يسمح لهن بالدخول أيام الجمعة من دون أي تصاريح».
وجاء أيضا «يسمح لن يرغب من النساء والرجال فوق سن الـ40 عاما بطلب تصريح لزيارة الأهل في قطاع غزة، شريطة وجود قرابة من الدرجة الأولى، وبموجب معاملة مكتملة حسب الأصول». ودعت هيئة الشؤون المدنية كل المواطنين الراغبين في الحصول على تصاريح لزيارة الأهل للتوجه إلى مكاتبها لتقديم طلب الحصول على تصريح اعتبارا من يوم الأحد المقبل.
وبدأت إسرائيل قصة التسهيلات قبل 3 أعوام فقط، وجربتها على نطاق أقل من ذلك، لكن العام الماضي أوقفتها في ظل الحرب على قطاع غزة. وتقول إسرائيل إنها ستطبق سلسلة التسهيلات بسبب شهر رمضان وعيد الفطر. لكن كثيرا من الفلسطينيين يعتقدون أن الإجراءات الإسرائيلية تخفي وراءها أهدافا سياسية أو اقتصادية أو أمنية، ومن بينها تشجيع السلام الاقتصادي وفتح نافذة لتنفيس الاحتقان، وتقوية نفوذ الإدارة المدنية للجيش عند الفلسطينيين على حساب السلطة.
وقال تجار لـ«الشرق الأوسط» إن من شأن المسألة دفع الحركة الاقتصادية في إسرائيل وضربها في الضفة الغربية. لكن رائد عودة، الذي يملك مكتبة للألعاب في بيت لحم، قلل من فرص تفوق السوق الإسرائيلية على الفلسطيني لأسباب مختلفة. وقال عودة لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح هذا سيضعف الحركة الشرائية في الضفة الغربية لكن ليس إلى حد كبير».
وأضاف: «تسعى إسرائيل من أجل دفع الاقتصاد هناك، لكن أسعارنا منافسة للغاية، سيجرب الناس السوق الإسرائيلية وسيعودون إلينا». وتابع: «المقدسيون وعرب 48 يتسوقون على الدوام من الضفة بسبب الأسعار الأدنى. الغلاء في إسرائيل كبير».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.