محاكمة أميركيين سوداني وإيراني بتهمة الالتحاق بـ«داعش»

محامي «داعشيي فيرجينيا»: غضب.. لكن عدم نضج

محاكمة أميركيين  سوداني وإيراني بتهمة الالتحاق بـ«داعش»
TT

محاكمة أميركيين سوداني وإيراني بتهمة الالتحاق بـ«داعش»

محاكمة أميركيين  سوداني وإيراني بتهمة الالتحاق بـ«داعش»

قال، أمس، جوزيف فلاد، محامي علي شكري أمين (17 عاما)، الأميركي السوداني، وواحد من «داعشيي فيرجينيا»، مع رضا نكنجاد (18 عاما)، الأميركي الإيراني الذي سافر إلى سوريا للانضمام إلى «داعش»، إن سبب ما فعل أمين، الذي لم يسافر، واعتقل، وقدم إلى محكمة في الكسندريا (ولاية فرجينيا)، هو «غضب على النظام في سوريا، وتصوره أن الولايات المتحدة أيدت النظام».
وأضاف المحامي: «أمين مسلم. وتصور أفعاله انعكاس عقيدته الدينية الراسخة. لكن، أيضا، عدم نضج، وعزلة اجتماعية، وإحباطا، وعدم فعالية وسائل غير عنيفة لمعارضة ذلك النظام الإجرامي. يختلف هذا الفعل الذي قام به مع قيم عائلة كادحة تربي عليها. ويبقى الأمل في أن ما فعل أمين، وباعترافه أنه تعلم من أخطائه، سيقنع الآخرين بأن يكونوا اجتماعيين، وأن يلتزموا بالأفعال غير العنيفة من أجل التغيير».
وظل والدا أمين، المهاجران من السودان، يرفضان الحديث للصحافيين.
وأول من أمس، الخميس، اعترف أمين، أمام محكمة الكسندريا (ولاية فيرجينيا، ضواحي واشنطن) بذنبه. ويتوقع أن يُحاكم بالسجن لثلاث سنوات.
وحسب وثيقة الاتهام التي قدمت إلى المحكمة، كانت شرطة مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) تتابع أمين منذ العام الماضي، وذلك بسبب شغفه بمتابعة مواقع «داعش»، ومحاولته تجنيد آخرين في المدرسة الثانوية التي يدرس فيها. وأنه، فعلا، نجح في تجنيد نكنجاد.
وحسب الوثيقة، اعتقل أمين في يناير (كانون الثاني) الماضي. وحافظت شرطة «إف بي آي» على سرية الاعتقال بهدف متابعة نشاطات شبان آخرين لهم صلات بالشابين.
غير أن نكنجاد كان سافر إلى سوريا. وقال في اتصال تلفوني مع والدته إنه يحارب «الذين يضطهدون المسلمين»، وإنه سوف يقابلها «في الدار الآخرة».
أمس، قالت دانا بوينتي، المدعية الفيدرالية التي قدمت القضية: «تذكرنا هذه القضية بصورة تقشعر لها الأبدان، بما هو موجود في الإنترنت من دعايات منتشرة لتنظيم (داعش). وتذكرنا بقدرة المنظمة على جذب الشباب الأميركي».
وأضافت: «ليس هناك مثال لاستخدام (داعش) لهذه الدعاية في مواقع الاتصال الاجتماعية. ليس هناك مثال لهذا النشاط الذي يدعو للتقزز». وقالت: «يصيرون مثل فيضان يملأ الإنترنت».
وإنه «حتى الآن، في جميع أنحاء البلاد، يوجد قرابة 50 شخصا أدينوا، فعلا، بتهم مساعدة، أو محاولة لمساعدة (داعش)».
وقال اندرو مكابي، مساعد مدير في مكتب «إف بي آي» في واشنطن العاصمة: «يجب ألا نخدع أنفسنا. هذه القضية هي المأساة بعينها».
وحسب وثيقة الاتهام، أدار أمين سلسلة مواقع واتصالات لها صلة مع «داعش»، حتى اعتقل في بداية هذا العام. وكان يدير موقع «أميركي ويتناس» (شاهد أميركي) الذي لم يكتفِ بتأييد «داعش» فقط، ولكن أيضا، بالتعليق على تصريحات مسؤولين أميركيين. وبنشر أجزاء من المؤتمرات الصحافية للخارجية الأميركية. وبدعم مظاهرات السود في فيرغسون (ولاية ميزوري) التي شهدت مواجهات بين السود والشرطة البيضاء.
حتى اعتقاله، نشر أمين أكثر من 7000 تغريدة في موقع «تويتر». وبلغ عدد الذين تابعوه أكثر من 4000 شخص.
بالنسبة لزميل أمين، نكنجاد، قالت المدعية الفيدرالية إنها لا تعرف كثيرا عنه بعد أن سافر إلى سوريا. لكنه كان يكتب كثيرا في الإنترنت أيضا. وكتب في واحدة من تغريداته في «تويتر»: «توجد بعض المفاهيم الخاطئة أننا جميعا (المسلمين) إرهابيون. لكن، يمنع القرآن قتل شخص لآخر، بما في ذلك تفجير قنابل».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.