هل تعيد منصات المشاهدة تقييم سياستها في المنطقة العربية؟

بعد رفض أفلام متهمة بالترويج لمضامين «غير لائقة»

أحد الأعمال المعروضة على المنصات الأميركية
أحد الأعمال المعروضة على المنصات الأميركية
TT

هل تعيد منصات المشاهدة تقييم سياستها في المنطقة العربية؟

أحد الأعمال المعروضة على المنصات الأميركية
أحد الأعمال المعروضة على المنصات الأميركية

تسعى منصات رقمية عالمية من بينها «ديزني» و«نتفليكس» لإعادة تقييم سياساتها في المنطقة العربية، بعد رفض دولها عرض بعض أفلام هذه المنصات في دور السينما، بتهمة «الترويج للمثلية».
ورفضت كل من مصر والسعودية والإمارات والكويت وقطر، عرض فيلم الرسوم المتحركة « لايت ييير Light year» من إنتاج «ديزني»، لـ«مخالفته معايير المحتوى الإعلامي المعمول به في هذه الدول»، وكذلك فيلم الحركة والفانتازيا «دكتور استرانج 2 – Doctor Strange2»، الذي أنتجته «ديزني»، والجزء الرابع من فيلم «Thor Love and Thunder» لاحتوائها على مشاهد وُصفت بأنها «غير لائقة»، وذلك بعد انتقادات حادة تم توجيهها لفيلم «أصحاب ولا أعز» الذي أنتجته «نتفليكس».
وبينما اتخذت منصة «ديزني» قراراً بعدم عرض فيلم «لايت ييير» عبر منصة «ديزني+» في منطقة الشرق الأوسط إثر الجدل الواسع الذي أحاط به، منوهةً إلى أنها لن تضيف الأفلام التي تستهدف فئة الأولاد إذا لم تراعِ الاعتبارات الثقافية الخاصة بالمجتمع العربي، فهل يشير ذلك إلى حدوث تغيير مرتقب في سياسات المنصات الأجنبية تجاه المحتوى الذي يخص الشرق الأوسط والدول العربية والإسلامية؟!
يرى الناقد السينمائي عصام زكريا أنه إذا حدث تغيير في سياسة المنصات الأميركية فهو لأسباب تجارية بالدرجة الأولى، وليس انتصاراً لأفكار المجتمع العربي والإسلامي، أو اقتناعا بها، لا سيما أن محدودية سوق الشرق الأوسط لا يؤثر على أي فيلم أميركي، فإذا كان أكبر فيلم أميركي يحقق لأصحابه إيرادات تقدر بـ50 مليون جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 19.4 جنيه مصري)، في مصر، فإن فيلم «سبايدر مان» حقق أرباحاً تقدَّر بـ60 مليون دولار أميركي لدى عرضه في روسيا قبيل الحرب الروسية - الأوكرانية، لذا تظل المنطقة العربية عموماً سوقاً محدودة، «فنحن غير مؤثرين على مستوى السوق العالمية».
ويوضح زكريا: «لا يوجد فيلم واحد ممنوع في مصر ولا في أي دولة عربية، لأن قرار المنع ينطبق على الأفلام التي تتحكم بها الرقابة فقط للعرض في صالات السينما، أما ما يُعرض على الفضائيات والمنصات والإنترنت فلا أحد يملك التحكم فيه، لأن الفيلم سيكون متاحاً بعدة نسخ، والناس ستذهب لمشاهدة النسخة الكاملة، مثلما حدث مع الأفلام التي تم منعها في مصر، فالمنع بات فكرة خيالية، والتصنيف العمري للأفلام حل هذه المشكلة».
وبدأت شركة «نتفليكس» التوسع في تقديم خدماتها حول العالم في أكثر من 190 دولة، منذ عام 2016، ومن بينها دول المنطقة العربية ما عدا سوريا، وأعلنت الشركة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2018 عن زيادة عدد مشتركين الخدمة ليصل إلى 137 مليون مشترك من جميع أنحاء العالم، من ضمنهم 58 مليون مشترك في الولايات المتحدة.
وفي يوليو (تموز) ذكرت شركة «نتفليكس» أنها فقدت 970 ألف مشترك في الربع الثاني من عام 2022، معتبرةً هذه الخسارة «أقل بكثير من توقعات شركة البث العملاقة بخسارة مليوني مشترك في الفترة ذاتها».
وتعرضت الفنانة المصرية منى زكي قبل عدة أشهر لانتقادات لاذعة بسبب دورها في فيلم «أصحاب ولا أعز»، إنتاج منصة «نتفليكس»، بسبب مشاهد لها بالفيلم وُصفت بأنها «جريئة».
وبينما شهد العراق عرض فيلم «دكتور استرانج 2» الذي رفضته دول عربية أخرى بسبب محتوى وُصف بأنه «يروّج للمثلية»، أكد الناقد العراقي مهدي عباس لـ«الشرق الأوسط» أنه إذا اتخذت منصة «ديزني» مثلاً قراراً يتماشى مع طلبات الرقابة عندنا، فهو لن يخرج عن كونه مجاملة، وليس انتصاراً لنا». ويلفت: «أقف بشكل عام ضد المنع والقيود على الأفلام وأساند بقوة حرية التعبير مهما كانت، سواء قبلنا أفكار الفيلم أو لم نقبل، وهناك أساليب أخرى تُتخَذ في كل بلدان العالم كأن يُعرض الفيلم للكبار فقط أو لسن معينة، إذا كان به ما لا يناسب الأطفال أو صغار السن عموماً».
ويوضح عباس: «أعتقد أن الرقابة في بلداننا العربية تضحك على نفسها، ففي تكنولوجيا اليوم من موبايل ومنصات، كل شيء متاح بما فيه الأفلام الإباحية والمثيرة للنعرات والأفلام التي تنتقد حتى الأديان. كما أن مجتمعاتنا العربية لا تخلو من أي شيء، لذا أنا مع عرض الأفلام مع التنويه والتوضيح وتحديد الفئات العمرية المناسبة لها».
وتتفوق شركة «والت ديزني» على «نتفليكس» بإجمالي مشتركين بلغ 221 مليوناً، مقابل 220 لـ«نتفليكس»، وأعلنت «ديزني» أنها سترفع الأسعار للمشتركين الراغبين في مشاهدة محتوى منصتي «ديزني+» أو «هولو» دون إعلانات تجارية.
وسترفع شركة الوسائط الإعلامية العملاقة التكلفة الشهرية لخدمة «ديزني+» من دون إعلانات بنسبة 38% إلى 10.99 دولار في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
واحتفلت منصة «ديزني بلس» التابعة لشركة «والت ديزني» في دبي خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي، بإطلاق خدماتها في مصر و15 دولة أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وحاولت «الشرق الأوسط» الحصول على تعليقات من شركتي «نتفليكس» و«ديزني» بشأن تغيير سياستيهما في المنطقة العربية، عبر مراسلتهما بالبريد الإلكتروني لكنها لم تتلقَّ رداً.
وتقول الناقدة والباحثة الأردنية نجوى قندقجي إن «اختيار الأفلام التي تقدَّم لمنطقة الشرق الأوسط ليس بريئاً تماماً، إما لوجهة نظر خاطئة عن طبيعة الجمهور لدينا، أو بهدف التوجيه، لأن هناك تركيزاً ليس فقط على موضوعات تتعلق بالمثلية، إنما أيضاً في تقديم الأعمال البعيدة عن العمق والتركيز على كل ما هو شهواني».
وتستبعد قندقجي إعادة النظر في محتوى المنصات، حسبما تقول لـ«الشرق الأوسط»: «ربما سايروا ردة الفعل العربية على بعض الأفلام فقرروا وقف عرض بعضها، لكن لا أظن أن هذا سيدفعهم لتغيير محتواهم لأنه يمثل جزءاً من ثقافتهم، كما أنهم يتعاملون معنا كسوق ليست هو الوحيدة في العالم، وموضوع المثلية الجنسية هو جزء من جو عام نتمنى أن ينتهي قريباً، فنادراً ما نجد فيلماً إلا وفيه تطرق لهذا الموضوع، ولا أظن أنهم سيغيّرون في محتواهم حتى لا يُتهموا بخيانة مبدأ حرية التعبير الذي يقوم عليه الفن والإبداع لديهم».
ومن أجل تجاوز تلك الأزمة، يطالب زكريا بـ«نشر ثقافة كيفية مشاهدة الأعمال الأجنبية دون التأثر بها، لأن حالة (الفوبيا) من مشاهد لا تتوافق مع مجتمعاتنا أخلاقياً أو دينياً سيثير اهتمام الشباب والأطفال بالموضوع بشكل أكبر».


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.