ميردوخ يتخلى عن إدارة «فوكس القرن الحادي والعشرين» ويسلمها إلى ابنيه

أبعد مطلقته الصينية وابنتيه منها

ميردوخ وابناه جيمس ولاكلان (غيتي)
ميردوخ وابناه جيمس ولاكلان (غيتي)
TT

ميردوخ يتخلى عن إدارة «فوكس القرن الحادي والعشرين» ويسلمها إلى ابنيه

ميردوخ وابناه جيمس ولاكلان (غيتي)
ميردوخ وابناه جيمس ولاكلان (غيتي)

قطعت أمس قناة «فوكس» إرسالها، وأعلنت أن روبرت ميردوخ، الأميركي الأسترالي، وصاحب أكبر مجموعة إعلامية في العالم، قرر أن يسلم رئاسة أكبر شركات المجموعة «فوكس القرن الحادي والعشرين»، إلى ابنيه. وبالتالي يتأهلان للسيطرة على كل المجموعة، بما في ذلك شركة «نيوز كورب» الأخت. قبل عامين، ورثت الشركتان مجموعة «نيوز كوربوريشن» التي كانت تجمع كل الشركات.
جاءت هذه التطورات بعد عامين من طلاق ميردوخ لزوجته الصينية، وإبعادها بعد أن كانت تنافس، مع ابنتيها، الولدين اللذين هما من زوجة بريطانية سبقت الزوجة الصينية.
ويتبع تلفزيون «فوكس»، الذي حقق السبق الصحافي، شركة «فوكس القرن الحادي والعشرين»، التي تدير، أيضا «فوكس السينمائية»، ومجموعات إعلامية أخرى. وتظل صحف مثل «وول ستريت جورنال» و«نيويورك بوست»، ودار نشر «كولنز هاربر» تحت إدارة شركة «نيوز كورب».
وحسب خبر تلفزيون «فوكس»، سيتسلم الابن جيمس إدارة أكبر الشركات، شركة «فوكس القرن الحادي والعشرين»، وسيساعده شقيقه لاكلان. وسيحتفظ الأب برئاسة المجموعة، على أن ينظر مجلس الإدارة في من سيخلف الأب. ولم يقدم تلفزيون «فوكس» تفاصيل أكثر.
لكن، قال تلفزيون «فوكس» إن الأب قرر ذلك بسبب كبر سنه (84 عاما).
وقبل أربع أعوام، تشوهت سمعة الابن جيمس بسبب فضيحة التجسس على التلفونات في بريطانيا، وهو التجسس الذي قادته صحيفة «نيوز أوف ذا ويرلد» والتي أمر الأب بإغلاقها نهائيا بسبب الفضيحة.
وفي عام 1966 انضم جيمس إلى أعمال والده، وفي عام 2003 أصبح أصغر مدير تنفيذي في شركة «بي سكاي بي» التابعة للمجموعة. وبعد نجاحه في إدارة «بي سكاي بي» برز كوريث واضح لوالده. وفي 2005، استقال لاشلان بشكل مفاجئ. وعاد من لندن إلى أستراليا. لكن، مهد ذلك الطريق أمام جيمس. لكن، ظهر لاشلان منافسًا مرة أخرى عندما عاد إلى أعمال العائلة بعد 9 سنوات عاشها في أستراليا.
أما إليزابيث (46 عامًا)، أخت الأخوين من الزوجة البريطانية، التي تدير شركة إعلامية خاصة بها في بريطانيا، فلم تكن ظاهرة في مناصب قيادية في إمبراطورية والدها. وفي عام 2011. تركت الإمبراطورية، وأسست شركة «شاين» الحالية. ولم تسع إلى أي منصب كبير في شركة «نيوز كورب»، ولا في شركة «فوكس القرن الحادي والعشرين». وكانت دائمة الانتقاد لجيمس خلال أزمة التجسس على التلفونات.
وحسب برنامج عن عائلة ميردوخ في تلفزيون «سي إن إن» المنافس، مع زيادة نفوذ الولدين، قل نفوذ ويندي دنغ، زوجة ميردوخ الصينية الأصل. ثم طلقها. وصار واضحا أن الطلاق كان جزءا من خطة تحرم الزوجة من إدارة الشركة. رغم أنه، في ذلك الوقت، قال متحدث باسم الأب إنه تقدم للمحكمة بأوراق طلاق زوجته لأن زواجهما «انهار، ولا يمكن إصلاحه».
ولدى الزوجان، اللذان تزوجا على متن يخت خاص عام 1999 في نيويورك، ابنتان هما غريس، وكلويه. وكان ميردوخ قابل الزوجة عام 1997 في حفل كوكتيل في هونغ كونغ، وتزوجا بعد ذلك بعامين، بعد طلاقه زوجته الثانية، البريطانية.
ذهبت الأولى، الأسترالية، بعشرة ملايين دولار. وذهبت الثانية، البريطانية، بمليار دولار. ويعتقد أن الثالثة، الصينية، حصلت على ملياري دولار.
وحسب برنامج «سي إن إن» المنافس، لم تكن صدفة أن الطلاق أعلن بعد يومين من تقسيم «نيوز كوربوريشن» الأم العملاقة إلى شركتين: واحدة للفنون (شركة «فوكس للقرن الحادي والعشرين» السينمائية). وواحدة للنشر (شركة «نيوز كورب»).
وقال تلفزيون «سي إن إن»: «يوضح هذا محاسن، ومساوئ، الشركات العائلية. بينما تزيد العلاقات العائلية القدرة على التخطيط والتنسيق، وتزيد الثقة وسط كبار المسؤولين، تخلط بين العمل التجاري والعلاقات العائلية». وأضافت: «يرقى كبار المسؤولين، أو يفصلون لأسباب عائلية. ويحتار العاملون بسبب ذلك. ولا بد أن يتأثر العمل بصورة أو أخرى، آجلا أو عاجلا».
في ذلك الوقت، كتب ديفيد كار، مسؤول الشؤون الإعلامية في صحيفة «نيويورك تايمز»: «في كثير من الحالات، تساعد الروابط العائلية على الدخول في رهانات كبيرة، ومواجهة مخاطر حقيقية». وأضاف: «لكن، يشتكى مساهمون (من خارج هذه العائلات) من عدم وجود مساءلة، ومن روابط غير صحية بين العلاقات العائلية وإدارة الشركات. ولهذا، ابتعد بعض المستثمرين عن الاستثمارات في هذه الشركات الإعلامية».
لكن، تظل هذه الشركات العائلية تحقق أرباحا أكثر من غيرها.
وقال كار: «قل ما تريد عن جيمس ميردوخ (سيدير الإنتاج الفني). شكك في مقدرته كثير من الناس، وأنا واحد منهم. لم يكن مشاركا مشاركة حقيقية في مجال الأعمال التجارية مع والده. ودخل في مشاكل. خاصة خلال فضيحة القرصنة في بريطانيا. لكن، برهن جيمس على قدرته على توسيع نطاق الشركة في الأسواق العالمية».



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.