شاشة الناقد: PARADISE HIGHWAY

جولييت بينوش في «بارادايز هايواي»
جولييت بينوش في «بارادايز هايواي»
TT

شاشة الناقد: PARADISE HIGHWAY

جولييت بينوش في «بارادايز هايواي»
جولييت بينوش في «بارادايز هايواي»

PARADISE HIGHWAY
حكاية أميركية من إنتاج سويسري وبطولة فرنسية
(جيد)
الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرجة النرويجية آنا غتّو (اسمها الكامل Anna Guttormsgaard)، اختارته فيلم تشويق يتميز عن كثير من أمثاله بميزة مهمّة: يتحاشى بنجاح المواقف التقليدية، التي تسود سواه في معظم الأحوال. على ذلك، ليس هناك الكثير من المَشاهد التي ترفع من القيمة الفنية المتوخّاة، لكنه الموضوع الجيد عن تجارة الأطفال وتقاعس الأجهزة الحكومية الأميركية في معالجتها، مما يمنح للفيلم بطانة مناسبة.
سالي (جولييت بينوش)، سائقة شاحنة أميركية لديها شقيق (فرانك غريللو) يعمل لحساب عصابة من داخل السجن، الذي سيغادره بعد ثلاثة أيام. يطلب من شقيقته تنفيذ مهمّة لا ترغب فيها، لكنها تقبلها حتى لا يتعرض لسوء. المهمة هي نقل فتاة في الثانية عشرة من العمر، اسمها ليلى (هالا فينلي)، وتسليمها لعصابة تتاجر بالأولاد.
بعد مشادات بين سالي وهالي، تدرك الأولى مسؤوليتها تجاه الطفلة، وتدرك ليلى أن عليها أن تثق بسالي. المواقف بينهما، وتلك التي تقع بينهما وبين العالم الموحش، الذي يحيط بهما، تمر بلا خطابة وبقدر مقبول من سلاسة السرد، وقدر جيد من التركيز على وضعيهما الخاصّين الذي يدفع بسالي، بعدما اكتشفت أن ليلى لا مأوى لها، لتبنّي الفتاة رغم معارضة شقيقها ومن ثَم محاولته خداعها وبيع الفتاة للعصابة.
في خضم كل ذلك، هناك التحريان جَريك (مورغن فريمن)، وفينلي (كاميرون موناهَن)، اللذان يطاردان شاحنة سالي، ويحاولان الكشف عن تلك العصابة. يستفيد الفيلم كثيراً من تمثيل جيد تلقائياً من بينوش، واكتشاف قدرات درامية باكرة لهالا فينلاي. كلاهما سبب قوي لمتابعة الفيلم بالحماسة نفسها عند البداية. هذا ليس للقول إن النهاية (الدقائق العشر الأخيرة) لا تقع على أرض منخفضة قياساً بباقي الفيلم.

‫ ‬CARTER ‬
حل واحد للفيروس والكل يتصارعون عليه
(وسط)
لو كان «كارتر» من النوع الذي يستحق المشاهدة مرّة ثانية، لشوهد مع عدد يحسب عدد القتلى الذين سيتساقطون براً وجواً وبحراً من بداية الفيلم وحتى نهايته. لكن المرء لا يشاهد الأفلام لتعداد القتلى، بل لمشاهدة أمور أهم مثلما هي رسائل الفيلم، وما هي مفاداته، وكيف عالجها المخرج، وهل نجح في ذلك أم لا.
«كارتر» للمخرج الكوري الجنوبي، جونغ بايونغ جيل، يداهمنا بعد دقيقتين أو ثلاث من بداية الفيلم، وحتى دقيقتين أو ثلاث قبل نهايته بمشاهد الأكشن. البداية في حمام سباحة، حيث يقتحم قتلة عارون المكان. بطل الفيلم (جوو وون) يلحظ ذلك، فيهب ليدافع عن نفسه. يد تحمل المنشفة لكي يستر عورته والأخرى تحمل على الأعداء المتقاطرين من كل مكان. هي بضع دقائق قبل أن يهرع كارتر إلى الطريق والمطاردون وراءه. من حسن حطّه أن هناك متجر ملابس قريباً، وإلا لأصيب بالبرد ولم يستطع قتل مطارديه الحاليين، ولا أولئك الذين ينتظرونه في كل صفحة من السيناريو.
هناك عالم كوري اخترع علاجاً لفيروس حديث يحوّل البشر إلى شخوص حمراء اللون. بوجود وباء «كورونا» ومستجداته، يبدو أن المقصود في الواقع هو هذا الوباء. لكن سريعاً ما يتبدّى أن الفيلم يستخدم التوليفة لكي يمنح كارتر، وقد أنقذ حياة ابنة العالم الصغيرة، التي يحاول الأميركيون والكوريون الشماليون خطفها لإجبار والدها على إفشاء سره.
الفيلم لا يرتاح إلا في فصلين متباعدين. الباقي ضرب وهروب، وقتال في البر والجو والبحر، وقتلى يتساقطون بلا حسبان. وعلى المرء أن يعترف بأن وراء هذا كله، موهبة فعلية تصمم وتخطط وتنفذ أفكاراً غير مطروقة في أي فيلم آخر. على الأقل ليس بهذه الكثافة.

‫ ‬LES PROMESSES ‬
دراما فرنسية عن طموحات سياسية شبه مشروعة
يعرض المخرج توماس كرويتوف وضعاً سياسياً جاداً حول محافظ ضاحية من ضواحي باريس اسمها كليمنس (إيزابل أوبير) تحاول معالجة وضع عقيم في تلك الضاحية المكتظة بالمشاكل.
يمهّد الفيلم بالقول إن كليمانس لا تنوي البقاء في منصبها لفترة ثالثة، لكن هذا سيتغيّر عندما يرتفع مستوى الطموحات الشخصية. هناك مجمّع سكاني لمهاجرين وغير مهاجرين يشكو من الإهمال الشديد ويتوعد ساكنوه بعدم دفع التزاماتهم المالية إلى أن يتم التحقيق والإصلاحات. كليمنس ومدير مكتبها (رضا كاتب)، ومساعدتها نادرة (نادرة عيادي)، يحاولون إيجاد مخرج لهذه الأزمة.
خلال سعيها المخلص لإيجاد حلٍ عادل لسكان البناية، يتناهى إليها أن الحديث يدور في الأروقة السياسية عن احتمال تعيينها وزيرة. هذا الاحتمال يتحوّل إلى طموح شخصي يبعدها عن جدية العمل لإنقاذ حياة السكان من أزماتهم. ما بين بحث تطوّرات الوضع على هذا المستوى، والكشف عن أحوال الناس العاديين الذين يعانون من الإهمال، وبين تبيان العلاقة المهنية بين المحافظ ومدير أعمالها، يتولى الفيلم تقديم دراما مدروسة ومُحاكة جيداً مع تمثيل جيد. لا يوجد في النهاية مخرج للأزمة غير متوقع، لكن ما يسبق ذلك رغبة صادقة في طرح مسألة الطموح الذي يتحوّل، وسط المصاعب المحيطة، إلى جزء من الحياة السياسية التي تحرّكها المصالح الخاصّة.



شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز