سلطات الجزائر تفتح تحقيقات قضائية حول حرائق الغابات

خلفت 38 قتيلاً وعشرات المصابين... وإجلاء المئات

بقايا حافلة بعد احتراقها في ولاية الطارف أمس (أ.ف.ب)
بقايا حافلة بعد احتراقها في ولاية الطارف أمس (أ.ف.ب)
TT

سلطات الجزائر تفتح تحقيقات قضائية حول حرائق الغابات

بقايا حافلة بعد احتراقها في ولاية الطارف أمس (أ.ف.ب)
بقايا حافلة بعد احتراقها في ولاية الطارف أمس (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة العدل الجزائرية، أمس، فتح تحقيقات قضائية ضد مجهولين حول حرائق الغابات للتأكد من مصدرها، بعد وقوع العديد من الوفيات.
وقالت الوزارة، في بيان أوردته الإذاعة الجزائرية، عبر صفحتها بموقع «فيسبوك»، أمس، إنه «إثر الحرائق التي مسَّت بعض ولايات الوطن، والتي أدَّت إلى وقوع العديد من الوفيات، وإتلاف المساحات الغابية والبنايات، أمرت نيابات الجمهورية المختصة بفتح تحقيقات قضائية ضد مجهولين، حول هذه الوقائع للتأكد من مصدرها، ومعرفة إن كان إجرامياً، وتحديد الفاعلين عند الاقتضاء قصد متابعتهم قضائياً بالصرامة التي تقتضيها خطورة هذه الأفعال، وطبقاً لقوانين الجمهورية».
في سياق ذلك، أعلن الوزير الأول (رئيس الوزراء)، أيمن بن عبد الرحمان، الشروع في تعويض المتضررين من حرائق الغابات، بداية من الأسبوع المقبل. وقال عبد الرحمان من ولاية الطارف، التي حل بها للوقوف على مخلفات الحرائق التي مست الولاية، إنه تم «تجنيد مختلف المصالح المختصة ومؤسسات الدولة، وفي مقدمتها وحدات الحماية المدنية، وقوات الجيش الوطني الشعبي، لإخماد حرائق الغابات، التي مست عدداً من ولايات شرق البلاد، وكذا التكفل بالمصابين والمتضررين، وذلك تنفيذاً لأوامر رئيس الجمهورية».
كما أعلنت وزارة الثقافة الجزائرية تعليق وتأجيل جميع التظاهرات الفنية إلى وقت لاحق، تضامناً مع عائلات ضحايا الحرائق.

وواصل أمس رجال الإطفاء الجزائريون مكافحة الحرائق، التي أودت في حصيلة غير نهائية بحياة 38 شخصاً على الأقل، وخلّفت دماراً واسعاً، في حين باتت حرائق الغابات المميتة كارثة تواجهها البلاد سنوياً.
وأشارت مصادر متعدّدة، من بينها صحافيون محليون وخدمات الإطفاء، إلى مقتل ما لا يقل عن 38 شخصاً، معظمهم في ولاية الطارف في شمال شرقي الجزائر، قرب الحدود مع تونس، حيث بلغت الحرارة 48 درجة مئوية. كما عانى ما لا يقل عن 200 شخص آخر من حروق، أو مشكلات في الجهاز التنفسي بسبب الدخان، بحسب وسائل إعلام جزائرية.
ووصف صحافي في الطارف «مشاهد دمار» على الطريق إلى القلعة على الساحل في أقصى شمال شرقي البلاد. وقال في اتصال هاتفي مع «وكالة الصحافة الفرنسية» إنّ «إعصاراً من النيران اجتاح كل شيء في ثوانٍ»، مضيفاً أنّ «معظم الذين لقوا حتفهم حوصروا أثناء زيارتهم لمتنزه الحياة البرية». كما أشار إلى أنّ خدمات الطوارئ كانت لا تزال تكافح حريقاً حول بحيرة طونغا.
وأفاد فريق الوكالة عن انبعاث رائحة دخان قوية في المكان، مشيراً إلى تخوف السلطات من أن تؤدي الرياح القوية إلى اندلاع حرائق جديدة. كما عاين أيضاً أضراراً كبيرة في متنزه الحياة البرية، حيث قال شاهد (طلب عدم ذكر اسمه) إن 12 شخصاً احترقوا أحياءً داخل حافلتهم، أثناء محاولتهم الفرار.
واندلع حريق مهول في منطقة سوق اهراس الجبلية، حسبما أفاد به صحافي في المكان، وصف مشاهد الذعر في المدينة، التي يبلغ عدد سكانها نصف مليون نسمة، حيث تمّ إجلاء ما يقرب من 100 امرأة، و17 طفلاً حديثي الولادة من مستشفى بالقرب من الغابة. وقد عرض التلفزيون الجزائري لقطات لأشخاص يهربون من منازلهم المحترقة، ونساء يحملن أطفالاً بين أذرعهن. فيما قالت وسائل إعلام محلية إنّ نحو 350 شخصاً فرّوا من منازلهم.
واجتاح نحو 39 حريقاً أجزاء مختلفة من شمال الجزائر، بحسب خدمة الإطفاء. وكانت هناك مخاوف من أن تؤدّي الرياح الحارّة إلى اندلاع حرائق جديدة، في الوقت الذي تبدو فيه السلطات غير مجهّزة لمكافحتها.
وقد أثارت المشاهد النيران التي تلتهم في طريقها كل شيء مخاوف من تكرار حرائق العام الماضي، التي أودت بحياة 90 شخصاً على الأقل، ودمّرت 100 ألف هكتار من الغابات والأراضي الزراعية في شمال البلاد.
وأطلقت كارثة العام الماضي انتقادات لاذعة للسلطات، بسبب نقص طائرات مكافحة النيران. كما دعا خبراء إلى بذل جهود أكبر من أجل تعزيز القدرة على مكافحة النيران في أكبر دولة أفريقية تضم أكثر من أربعة ملايين هكتار من الغابات.
وقال أحد الخبراء لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم الكشف عن اسمه، إنّ الجزائر كانت تملك في الثمانينات 22 طائرة من طراز «غرومان» لمكافحة حرائق الغابات، لكنّها «بيعت بثمن بخس، من دون اقتراح أي حلّ بديل».
ووافقت الجزائر على شراء سبع طائرات لمكافحة الحرائق من شركة «بليسا» الإسبانية، غير أنّها ألغت العقد، إثر خلاف دبلوماسي في يونيو (حزيران) الماضي، وفقاً لموقع «مينا ديفينس» المتخصّص. ومنذ أوائل أغسطس (آب) الحالي، اندلعت 106 حرائق في البلاد، دمرت 800 هكتار من الغابات و1800 هكتار من الغطاء النباتي، وفقاً لوزير الداخلية كامل بلجود، الذي قال إنّ بعض هذه الحرائق كان متعمّداً.
- تونس تؤكد السيطرة على حرائق جندوبة بنسبة 80%
> أكد المدير الجهوي للحياة المدنية التونسية بالنيابة، أسامة عيادي، أمس أنه تمت السيطرة على الحرائق المندلعة بجندوبة بنسبة 80%، وأنه تم تسجيل عدد 10 حرائق متوسطة الى شديدة الخطورة، خاصة في منطقة طبرقة الأكثر تضررا، مشيرا إلى أنّه لم يتم تسجيل أي أضرار بشرية. لكن سُجلت في المقابل العديد من الأضرار المادية بالمنازل المحاذية للمناطق الغابية. كما أدت موجة الحر إلى اندلاع حرائق في غابات ومرتفعات جبلية، أمس، خصوصا في ولايتي باجة وجندوبة المتجاورتين غرب البلاد على مقربة من الحدود مع الجزائر، التي شهدت أيضا حرائق ضخمة ووفيات.
وأبدى عدد كبير من المواطنين التونسيين أمس خوفهم الشديد من عودة الحرائق، التي ضربت أكثر من نطقة خلال الأيام القليلة الماضية، خاصة بعد أن رفع معهد الرصد الجوي التونسي أمس درجة الإنذار في سبع ولايات، بسبب موجة الحر الشديدة التي تجتاح البلاد منذ يومين.
وأسند المعهد اللون البرتقالي إلى ولايتي القيروان وسيدي بوزيد في الوسط، وولايات توزر وقبلي وتطاوين وقابس ومدنين في الجنوب، حيث تمتد الصحراء على مساحات واسعة. ويعني اللون البرتقالي درجة إنذار عالية، تستوجب اليقظة التامة بسبب ظواهر جوية خطيرة متوقعة، وهي تسبق درجة المخاطر القصوى ذات اللون الأحمر.
وتسبب انحباس الأمطار لفترات طويلة، وموجات الحر المتكررة، في حالات جفاف بتونس في ظل تقلص كبير لمواردها المائية، وتراجع مخزون المياه في السدود إلى نحو 40% من طاقة استيعابها حتى منتصف يوليو (تموز) الماضي.


مقالات ذات صلة

البرازيل تكافح حرائق الغابات... وتحقق في أسبابها (صور)

أميركا اللاتينية عنصر إطفاء يحاول إخماد الحريق في حقول قصب السكر قرب مدينة دومون البرازيلية (رويترز)

البرازيل تكافح حرائق الغابات... وتحقق في أسبابها (صور)

أعلنت وزيرة البيئة البرازيلية مارينا سيلفا، أمس (الأحد)، أن البرازيل «في حالة حرب مع الحرائق والجريمة»، في وقت أُعلِنت فيه حالة الطوارئ في 45 مدينة.

«الشرق الأوسط» (ريبيراو بريتو (البرازيل))
أميركا اللاتينية انخفاض الرطوبة وارتفاع الحرارة متخطية 35 درجة مئوية يفاقم الظروف المواتية للحرائق (رويترز)

استدعت إصدار أعلى درجات التحذير... حرائق غابات تستعر في البرازيل

امتدت حرائق غابات أمس (الجمعة) في أنحاء ولاية ساو باولو، أكثر ولايات البرازيل اكتظاظاً بالسكان، ما استدعى إصدار أعلى درجات التحذير في 30 مدينة.

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
شؤون إقليمية حرائق الغابات لا تزال مستمرة في إزمير وسط جهود للسيطرة عليها (إكس)

تركيا تعلن السيطرة على حرائق الغابات بشكل كبير

نجحت السلطات التركية في السيطرة على حرائق الغابات المستمرة منذ أسبوع بصورة كاملة في بعض المناطق، في حين تتواصل الجهود للسيطرة على بقيتها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صورة جوية تُظهر خلايا نحل محترقة بعد حريق الغابات في قرية سنجقلي (أ.ف.ب)

الحرائق تحول قرية سنجقلي الخلابة في إزمير التركية إلى جحيم (صور)

كانت قرية سنجقلي توفر منظراً خلاباً من مرتفعات إزمير على ساحل تركيا الغربي، حتى حوّلت ألسنة اللهب أقساماً واسعة منها إلى أثر بعد عين.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية منظر عام لمنطقتي بايراكلي وكارشياكا بعد الحريق مع استمرار جهود الإطفاء والتبريد في اليوم الثاني من حريق إزمير الكبير (د.ب.أ)

حريق غابات لا يزال يهدد مناطق سكنية في إزمير التركية

يستمر حريق غابات في تشكيل تهديد لمناطق سكنية في إزمير ثالثة مدن تركيا من حيث عدد السكان.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

​اليمن يسجل أعلى المعدلات في تدني استهلاك الغذاء

محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)
محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)
TT

​اليمن يسجل أعلى المعدلات في تدني استهلاك الغذاء

محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)
محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

سجل اليمن أعلى معدلات تدني استهلاك الغذاء؛ وفقاً لبيانات حديثة وزعها برنامج الأغذية العالمي، وأكد فيها أن نسبة الحرمان الشديد من الغذاء ارتفعت إلى 79 في المائة بمناطق سيطرة الحوثيين، وأن أربع مناطق دخلت مرحلة حرجة للغاية من سوء التغذية.

وفي التحديث الشهري للأمن الغذائي في اليمن، أوضح برنامج الغذاء العالمي أنه خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، أبلغ 62 في المائة من الأسر عن استهلاك غير كافٍ للغذاء، وهو أعلى رقم مسجل على الإطلاق بنسبة 64 في المائة بمناطق سيطرة الحكومة الشرعية، و61 في المائة بمناطق سيطرة الحوثيين.

62 % من الأسر اليمنية أبلغ عن استهلاك غير كاف للغذاء (الأمم المتحدة)

ووفق بيانات البرنامج الأممي بلغت نسبة الحرمان الشديد من الغذاء ذروتها عند 36 في المائة بين الأسر في كلتا المنطقتين، لكن مناطق سيطرة الحوثيين شهدت زيادة بنسبة 79 في المائة في الحرمان الشديد من الغذاء على أساس سنوي، فيما شهدت مناطق سيطرة الحكومة اليمنية زيادة بنسبة 51 في المائة.

وذكر البرنامج أن المحافظات اليمنية التي كانت أكثر تضرراً هي: الجوف، وحجة، والحديدة، والمحويت (خاضعة لسيطرة الحوثيين)، ومحافظة حضرموت الخاضعة لسيطرة الحكومة، وتعز التي يتقاسم الحوثيون والحكومة السيطرة عليها.

وحدّد «الغذاء العالمي» أربعة عوامل رئيسية مسببة لانعدام الأمن الغذائي، وهي تدهور الظروف الاقتصادية، وتأخير المساعدات الغذائية، ومحدودية فرص كسب العيش، وبداية موسم الجفاف. وأضاف إليها الفيضانات المدمرة التي شهدتها عدة محافظات خلال شهري يوليو وأغسطس (آب)، وقال إن تأثيرها كان أكبر على محافظات الحديدة وحجة ومأرب وصعدة وتعز.

حالات خطرة

بخصوص تحليل سوء التغذية الحاد رجّح برنامج الأغذية العالمي أن تواجه المديريات في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، حالات خطرة أو حرجة من الآن حتى أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وقال إن الأوضاع في أربع مديريات في هذه المناطق وصلت إلى مرحلة حرجة للغاية من سوء التغذية، وهي المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.

ووفق هذه البيانات الأممية انخفضت قيمة الريال اليمني في مناطق سيطرة الحكومة بنسبة 26 في المائة على أساس سنوي، مدفوعة بانخفاض الاحتياطيات الأجنبية، وتعليق صادرات النفط الخام، في حين ظل الريال في مناطق سيطرة الحوثيين مستقراً نسبياً، حيث انخفض بنسبة 2 في المائة فقط.

3.6 مليون شخص في مناطق الحكومة اليمنية حصلوا على مساعدات مخفضة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لهذه البيانات بلغت أسعار البنزين والديزل مستويات قياسية مرتفعة في مناطق الحكومة، حيث ارتفعت بنسبة 22 في المائة و26 في المائة على التوالي، بسبب انخفاض قيمة العملة، وارتفاع أسعار النفط عالمياً.

وفي المقابل وصلت تكلفة سلة الغذاء الدنيا إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، حيث ارتفعت بنسبة 13 في المائة منذ بداية العام، و18 في المائة على أساس سنوي، مدفوعة بارتفاع أسعار المواد الرئيسية، مثل الزيت النباتي، والسكر، ودقيق القمح، والفاصوليا الحمراء.

الواردات

ذكر برنامج الغذاء العالمي أنه خلال الأشهر السبعة الماضية، ارتفعت واردات الوقود عبر موانئ البحر الأحمر التي يسيطر عليها الحوثيون بنسبة 24 في المائة على أساس سنوي، بينما انخفضت الواردات عبر الموانئ التي تسيطر عليها الحكومة بنسبة 27 في المائة.

وقال إن الضربات الإسرائيلية على ميناء الحديدة دمرت 33 خزاناً للنفط، ونحو 800 ألف لتر من الوقود المملوكة للبرنامج، ورغم ذلك استأنف الميناء عملياته بشكل كامل.

السيول في اليمن جرفت المنازل والطرقات والأراضي الزراعية (إعلام محلي)

وأكد البرنامج زيادة واردات الأغذية عبر الموانئ البحرية اليمنية بنسبة 15 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وذكر أنه دعم 3.6 مليون شخص في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً بحصص غذائية مخفضة، ولم يكمل سوى دورتين من المساعدات الغذائية العامة بحلول أغسطس الماضي بسبب قيود التمويل.

وبشأن توزيع المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحوثيين، أكد البرنامج أنها لا تزال متوقفة، وقال إن ذلك يؤدي إلى تفاقم الحرمان من الغذاء، وأوضح أن خطة الاستجابة السريعة لحالات الطوارئ تستهدف 1.6 مليون شخص في المناطق الساخنة.

ومع ذلك اشتكى البرنامج الأممي من قلة التمويل، وذكر أن تمويل خطته القائمة على الاحتياجات لم يتجاوز نسبة 42 في المائة للفترة من سبتمبر (أيلول) 2024 إلى فبراير (شباط) من العام المقبل.