مهرجان «محكى القلعة» ينطلق بحضور عربي واسع

الدورة الـ30 بدأت بحداد على ضحايا الكنيسة... واستهلها عباس وزين عوض

الفنان المصري هشام عباس خلال حفل الافتتاح (المركز الإعلامي لدار الاوبرا المصرية)
الفنان المصري هشام عباس خلال حفل الافتتاح (المركز الإعلامي لدار الاوبرا المصرية)
TT

مهرجان «محكى القلعة» ينطلق بحضور عربي واسع

الفنان المصري هشام عباس خلال حفل الافتتاح (المركز الإعلامي لدار الاوبرا المصرية)
الفنان المصري هشام عباس خلال حفل الافتتاح (المركز الإعلامي لدار الاوبرا المصرية)

على وقع أصوات الموسيقى، وبحضور دبلوماسي رفيع، وفي أجواء صيفية خلابة، انطلقت الدورة الثلاثين من مهرجان «محكي القلعة» للموسيقى والغناء مساء أمس.
وأحيا الفنان المصري هشام عباس حفل افتتاح، بحضور رئيس دار الأوبرا المصرية الدكتور مجدي صابر، وغادة شلبي نائب وزير السياحة والآثار، وعدد من السفراء لدى القاهرة.

قدم عباس خلال وصلته الغنائية 16 أغنية، وسط تفاعل الجمهور، تنوعت ما بين القديم والحديث، بدأها بأغنيته الشهيرة «عامل ضجة»، تلاها بمجموعة من أشهر أعماله، التي حققت نجاحاً في فترة التسعينات، ومنها «قول عليّا مجنون»، و«يتربي في عزو»، و«عيني».
واستكمل الفنان المصري وصلته بتقديم أغنيات «فاكر أيام لمتنا»، و«ما تبطليش»، و«آه من عينها السود»، و«تعالى»، و«سمعتيني»، و«أنا حلمك»، و«شوفي»، و«بليل تنام العيون»، و«يا ليلة» واختتم وصلته بتقديم أغنيتي «فينه»، و«حبيبي ده» المعروفة باسم «ناري نارين».
وسبق صعود هشام عباس على المسرح الوقوف دقيقة حداد على أرواح ضحايا كنيسة «أبي سيفين» بمحافظة الجيزة والتي راح ضحيتها 41 شخصاً، ثم تبعها تكريم 10 رموز فنية أسهمت بشكل كبير في الحركة الثقافة والفنية بدار الأوبرا: عازف الفيولينة الدكتور محمود عثمان، ومطرب الأوبرا مصطفى محمد، والشاعر الغنائي الكبير إبراهيم عبد الفتاح، والمايسترو الدكتور محمد عبد الستار، والمخرجة والمصممة كريمة بدير، بالإضافة لاسم الراحل المايسترو كمال هلال.

وكانت وزيرة الثقافة الدكتورة نفين الكيلاني قد تغيبت عن حضور الحفل، الذي كان سيعد أول ظهور لها بعد توليها مسؤولية الوزارة خلفاً للدكتورة إيناس عبد الدايم.
وقدمت فرقة أوركسترا «الأنامل الصغيرة» بقيادة الدكتور راجي المقدم، أولى فقرات حفل الافتتاح رفقة عدد من الأطفال المصريين الذين لم تتخطَّ أعمارهم 10 سنوات وقدموا عدداً من الأغنيات الشهيرة منها تتر مسلسل «بكيزة وزغلول» وأعقبها فقرة فنية لفرقة قلعة عمان للموسيقى العربية الأردنية بقيادة المايسترو صخر حتر، بمشاركة الفنانة الأردنية زين عوض، التي قدمت أربع أغنيات أردنية ومصرية من بينها أغنية الفنانة اللبنانية القديرة سميرة توفيق «مش موجود اللي يلوعني»، وهي الأغنية الوحيدة التي شدت بها سميرة توفيق في مسيرتها باللهجة المصرية، واختتمتها بأغنية «يا طير يا طاير» للفنان محمد منير.

وكان مقرراً انطلاق الدورة الثلاثين من المهرجان الأحد الماضي، لكنها تأجلت بسبب حالة الحداد التي أعلنتها مصر على ضحايا الكنيسة، كما تسبب التأجيل في تقليص عدد أيام المهرجان إلى 15 ليلة بدلاً من 18 ليلة.
من أبرز مفاجآت الدورة، وجود الفنانة اللبنانية نوال الزغبي، والتي تشارك لأول مرة في مسيرتها في مهرجان القلعة، كما تشهد هذه الدورة حضوراً عربياً متميزاً لم تشهده الدورات السابقة حيث يشارك من لبنان ثلاث فنانات هن تانيا قسيس وتانيا صالح، بالإضافة إلى الزغبي، ومن سوريا، لينا شاماميان، ومن الأردن فرقة قلعة عمان للموسيقى، كما يشهد المهرجان حضور فرقة هندية لأول مرة وهي «لونا بودار» لرقص الكاتاك.
وقال الدكتور خالد داغر رئيس المهرجان، عن هذه الدورة لـ«الشرق الأوسط»: «مهرجان القلعة أحد أهم الأحداث الفنية في المنطقة العربية بسبب التنوع الثقافي الذي يقدمه للجمهور»، مشيراً إلى أنه «يقدم كل الأنماط الموسيقية التي يحبذها الجمهور، فضلاً عن انخفاض سعر التذكرة، وهو ما يمكن العائلات من الحضور.
ولفت داغر إلى أن مهرجان الموسيقى «لم يتعاقد فقط مع مطربي الموسيقى الكلاسيكية والطربية بل ذهب إلى مطربي الغناء الحديث الذي تقدمه فرق (الأندر غراوند) مثل فرق (وسط البلد) و(بلاك تيما) و(دينا الوديدي)».
وأشاد داغر بمواقف جميع الفنانين المشاركين في المهرجان قائلاً: «كل الفنانين المشاركين في هذه الدورة حرصوا على المشاركة، ولم يضعوا أي شروط للظهور وإحياء الحفلات».



«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».