«دولة ميليشيات»...قراءة في صعود «فصائل الحشد» بالعراق

«دولة ميليشيات»...قراءة في صعود «فصائل الحشد» بالعراق
TT

«دولة ميليشيات»...قراءة في صعود «فصائل الحشد» بالعراق

«دولة ميليشيات»...قراءة في صعود «فصائل الحشد» بالعراق

في ظل الصراع المحتدم حالياً على السلطة في العراق، يأتي كتاب «دولة ميليشيات»، للزميلة بارعة علم الدين، ليقدم خريطة مفصلة لتوازن القوى بين الفصائل الشيعية المتنافسة لا غنى عنها لأي متابع للشأن العراقي، إذ يسلّط الكتاب الصادر عن دار «نوماد»، الضوء على المسار التصاعدي لفصائل «الحشد الشعبي» وحلولها إلى حد كبير محل الدولة الوطنية في العراق، مقدماً شرحاً مفصلاً لكل فصيل من فصائل «الحشد» ومدى قربه، أو بعده، من إيران.
وعلى الرغم من أن الكتاب يعنى تحديداً الفصائل العراقية، فإن الكاتبة تركّز، في الواقع، اهتمامها أيضاً على رصد الدورالإيراني في العراق وعموم المنطقة العربي.
تبدأ علم الدين كتابها بالعودة إلى ثورة 1958 في العراق وبدايات نشوء حزب الدعوة الذي ارتبط إلى حد كبير بشخص آية الله محمد باقر الصدر حتى مقتله في سجون الرئيس السابق صدام حسين عام 1980. وتلفت الكاتبة إلى أن هذا الحزب انتقل إلى إيران في ذلك العام وصار مؤيداً لفكرة «ولاية الفقيه»، ما تسبب في خلافات وانشقاقات في صفوفه. وتتحدث بالتفصيل عن «الصلة الإيرانية» للفصائل العراقية الشيعية التي اتخذت من «قاعدة رمضان» في مهران على الحدود الإيرانية - العراقية مركزاً لنشاطها. وهناك برزت شخصيات مثل هادي العامري وأبو مهدي المهندس وأبو مصطفى الشيباني الذين كانوا أعضاء في ألوية بدر وفي لواء القدس بالحرس الثوري الإيراني في الوقت ذاته، كما تقول علم الدين.
وهذه الصلة الإيرانية بالغة الأهمية لفهم كيف تمكنت إيران من التغلغل في مفاصل الدولة العراقية في أعقاب الغزو الأميركي عام 2003.
وفي هذا الإطار، تشرح الكاتبة بالتفصيل العلاقات التي أقامتها الفصائل الشيعية مع إيران في فترة ما بعد إطاحة صدام حسين، وكيف تغيّرت التحالفات لاحقاً، مشيرة إلى أن الإيرانيين دعموا لفترة مقتدى الصدر الذي بات ممثلاً لمرجعية عمه محمد باقر الصدر ووالده محمد صادق الصدر الذي اغتيل عام 1999، قبل أن يستقطبوا جزءاً من أتباعه الذين انشقوا عليه وأسسوا فصائل خاصة بهم لكنها مرتبطة مباشرة بالحرس الثوري. وكان الدعم الإيراني للصدر واضحاً عندما خاضت قواته - جيش المهدي - صراعاً دامياً على السلطة ضد حكومة نوري المالكي (حزب الدعوة) عام 2008، وهو صراع وقف فيه التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة إلى جانب حكومة المالكي ضد الصدر الذي كانت قواته تقوم بهجمات ضد من تصفهم بالمحتلين الأميركيين وتريد طردهم من العراق، وهو هدف الإيرانيين في نهاية المطاف.
لكن الصورة تصبح أكثر تعقيداً لاحقاً مع ظهور «داعش» على الساحة وانفجار الساحة السورية إثر الثورة ضد نظام الرئيس بشار الأسد. ويرصد كتاب «دولة الميليشيات»، في هذا الإطار، توسع فصائل الحشد الشعبي إثر فتوى المرجع الشيعي آية الله السيستاني بالتطوع لصد «داعش» في العراق بعد اكتساح هذا التنظيم المدن السنية الكبرى واقترابه من العاصمة بغداد. وتستعرض الكاتبة، في هذا الإطار، الفصائل الأساسية التي تشكل منها هذا «الحشد»، ومدى قرب قياداتها من إيران، أو من المرجعيات الشيعية العراقية في النجف المستقلة عن إيران. وتتطرق الكاتبة إلى التغيير الديموغرافي الذي يشهده العراق، مشيرة إلى تقلص المناطق التي كان السنة يشكلون غالبية سكانها في بغداد قبل عام 2003، وكذلك انحسار الوجود السني في مناطق أخرى مثل محافظة ديالى، وفي جرف الصخر جنوب بغداد.
يقدم كتاب «دولة الميليشيات» قراءة سلسة ومنصفة لموضوع بالغ الحساسية والتعقيد، معتمداً على مقابلات خاصة مع مسؤولين غربيين لعبوا أدواراً مهمة في العراق في فترة ما بعد صدام، وكذلك على أقوال قادة «الحشد الشعبي» أنفسهم في شأن علاقتهم بإيران وحرسها الثوري. كتاب مرجعي يجب أن تحويه مكتبة أي مهتم بشؤون الفصائل الشيعية العراقية، وتحديداً خريطة تحالفاتها مع إيران.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

فرنسا: مناقشة رفع عقوبات الاتحاد الأوروبي عن سوريا سابقة لأوانها

آلية للمعارضة السورية المسلحة في حمص 8 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
آلية للمعارضة السورية المسلحة في حمص 8 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

فرنسا: مناقشة رفع عقوبات الاتحاد الأوروبي عن سوريا سابقة لأوانها

آلية للمعارضة السورية المسلحة في حمص 8 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
آلية للمعارضة السورية المسلحة في حمص 8 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

قالت فرنسا، الخميس، إنه من السابق لأوانه أن يبحث الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات عن سوريا بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، وإن التكتل سيركز أولاً على تحديد موقفه من عملية الانتقال في سوريا.

ورحّبت معظم حكومات الاتحاد الأوروبي بسقوط الأسد، لكنها تدرس مدى قدرتها على العمل مع مقاتلي المعارضة، بما في ذلك «هيئة تحرير الشام»، وهي جماعة يصنفها الاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية.

ويجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل الأسبوع المقبل، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال كريستوف لوموان، المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية للصحافيين، ردّاً على سؤال عمّا إذا كان بوسع باريس الضغط من أجل رفع العقوبات عن سوريا، خصوصاً فيما يتعلق بقطاع الطاقة: «نحن نتعامل مع هذا بطريقة منظمة، خطوة بخطوة».

وأضاف لوموان: «نعلم أن نظام العقوبات على سوريا شديد القسوة، لكن المناقشات في بروكسل ستُركز بشكل خاص حالياً على موقف الأوروبيين من الانتقال السياسي. وقد تأتي مسألة العقوبات تالياً».

ومنذ قطع العلاقات مع الأسد عام 2012، لم تسعَ فرنسا إلى تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، ودعّمت المعارضة العلمانية عموماً في الخارج والقوات الكردية في شمال شرقي سوريا.

واجتمع مسؤولون فرنسيون مع ممثلين لهذه الجماعات، وقالت باريس إن الانتقال السياسي في سوريا يتعيّن أن يتسم بالمصداقية، وأن يكون احتوائياً للجميع في اتساق مع إطار العمل الذي وضعته الأمم المتحدة.

ويقول دبلوماسيون غربيون إنهم يريدون أن يروا نهج الجماعات في التعامل مع عملية الانتقال قبل اتخاذ قرارات كبيرة، مثل رفع العقوبات ورفع «هيئة تحرير الشام» من قوائم الإرهاب، وصولاً إلى تقديم الدعم المالي لسوريا في نهاية المطاف.