قضاة لبنان في إضرابٍ مفتوح لتحسين الأوضاع ورفضاً لـ«القهر والإذلال»

عبّود لـ«الشرق الأوسط»: لن نستقيل من مسؤولياتنا وسنبقى ركيزة بناء الدولة

قضاة لبنان في إضرابٍ مفتوح لتحسين الأوضاع ورفضاً لـ«القهر والإذلال»
TT

قضاة لبنان في إضرابٍ مفتوح لتحسين الأوضاع ورفضاً لـ«القهر والإذلال»

قضاة لبنان في إضرابٍ مفتوح لتحسين الأوضاع ورفضاً لـ«القهر والإذلال»

دقّ قضاة لبنان ناقوس الخطر، بإعلانهم الإضراب المفتوح والانقطاع التامّ عن العمل، احتجاجاً على الأوضاع المالية والاجتماعية التي بلغها القضاة، ورفضاً لـ«القهر والإذلال»، الذي يتعرّض له الجسم القضائي برمته، مما أدى إلى تعطيل العمل بدوائر التحقيق ومعظم المحاكم على اختلاف درجاتها، والمفارقة غير المسبوقة التي سجّلها هذا التحرّك تمثّلت بانضمام قضاة كبار إلى الإضراب بينهم أعضاء في مجلس القضاء الأعلى، وآخرين في ديوان المحاسبة ومجلس شورى الدولة، فيما جزم رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، بأن «القضاء لن يستقيل من مسؤولياته، وسيبقى الركيزة الأساسية لبناء الدولة».
وينطلق القضاة المتوقفون عن العمل من ثابتة، أن أزمة القضاء بلغت ذروتها ولم يعد مقبولاً السكوت عنها، بعد أن أوصلت القضاء كسلطة إلى أسوأ حال. ورأى أحد القضاة الذين ساهموا بخطة الإضراب المفتوح، أن «القضاء يتعرّض لحرب قاسية، بدءاً من التدخل السياسي في الملفات القضائية، ومحاولة تقويض التحقيق بالملفات الحساسة وعرقلة عمل القضاة ومن ثم تحميلهم مسؤولية العرقلة». القاضي الذي رفض ذكر اسمه، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «محاولات السلطة السياسية إذلال القضاة وقهرهم لن تمرّ، وهذا يشكل استهدافاً مباشراً للسلطة القضائية سيرتدّ عليهم». وقال: «لم يعد مقبولاً تقويض القضاء والنيل من كرامة القضاة».
ويعيش قضاة لبنان أوضاعاً صعبة للغاية، فبالإضافة إلى الظروف المادية القاسية التي يعانونها جرّاء انهيار العملة الوطنية، وفقدان القيمة الشرائية لرواتبهم، تغرق قصور العدل في الظلام يومياً نتيجة انقطاع الكهرباء والمياه أيضاً وغياب النظافة، عدا عن فقدان القرطاسية وأدوات العمل اليومي، حيث يضطر القضاة لشرائها من جيوبهم من أجل تسيير أمور محاكمهم. ويضيف القاضي الذي ساهم في تنظيم الإضراب: «فقدنا القدرة على التحمّل، والمطلوب إيجاد الحلول سريعاً». وعن الموعد المحتمل لإنهاء هذا التحرّك، يشدد على أن «تعليق الاعتكاف رهن بحلّ المشاكل التي أفقدتنا الصبر والقدرة على التحمّل». ويختم بالقول: «يجب أن يعرف المسؤولون أن القضاء سلطة توازي السلطتين التشريعية والتنفيذية وليس مجرّد إدارة وموظفين، ولا يمكن أن تستقيم الأمور قبل إعادة الاعتبار والاحترام للقضاء ولمفهوم العدالة، فلا قيامة لأي بلد بلا قضاء مستقل ومتحرر من كلّ الضغوط والتدخلات».
صرخة قضاة لبنان أيّدها رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود، الذي عبّر عن احترامه لموقف زملائه وتبنّيه كل مطالبهم، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «مجلس القضاء الأعلى والقضاة جسم واحد». واعتبر أن «مطالب القضاة أكثر من محقّة، إذ لا يمكن الاستمرار في ظلّ الأوضاع والظروف المأساوية التي يعانيها الجسم القضائي على كلّ الصعد». وشدد على أن «مجلس القضاء ليس مستقيلاً من مسؤولياته وسيعمل على معالجة كلّ المشاكل التي تواجه القضاة، ضمن الأصول المؤسساتية، فالقضاء كان وسيبقى الركيزة الأساسية في بنيان الدولة».
ويفرض إضراب القضاة وتوقّف سير العدالة، تحركاً سريعاً لمعالجة تداعيات هذا الإضراب الذي يلحق ضرراً كبيراً بمصالح الناس الذين يلاحقون قضاياهم في المحاكم، وأعلن رئيس مجلس القضاء الأعلى، أنه «كثّف في الأيام والساعات الماضية لقاءاته واتصالاته مع المراجع المختصة بغية الوصول إلى تحقيق المطالب المحقة للقضاة». وفي وقت جزم بأن «مجلس القضاء سيعمل على تحقيق مطالب القضاة ويضع القيادات السياسية أمام مسؤولياتها»، وجّه نداء إلى القضاة قائلاً: «كما أن حقّكم مقدّس ولن نتراجع عنه، نحن أيضاً مسؤولون أمام الشعب اللبناني الذي تحكمون باسمه، وهناك قضايا عالقة أمامكم لا تحتمل الانتظار».
وتشكّل الأزمة المالية العنصر الأساسي في معاناة القضاة، بعد أن فقدت رواتبهم قيمتها بسبب انهيار العملة، سيما وأن عدداً من القضاة لم يتقاضوا راتبهم عن شهر يوليو (تموز) الماضي، كما أن القضاة الذي ترأسوا لجان القيد للانتخابات البرلمانية التي حصلت في شهر مايو (أيار) الماضي، لم يتقاضوا أتعابهم عنها حتى الآن، لكنّ مصدراً مواكباً للتحرك الجديد، دعا إلى «عدم فهم الخطوة التصعيدية على أنها موقف اعتراضي على أوضاعهم المالية فحسب». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخطر الأكبر يتمثّل في تجاهل السلطة السياسية للقرارات التي يتخذها القضاء، وعدم تنفيذ هذه القرارات، مثل تجميد مرسوم التشكيلات القضائية الشامل (مجمّد عند رئيس الجمهورية ميشال عون)، والتشكيلات الجزئية لرؤساء محاكم التمييز (مجمّد لدى وزير المال يوسف خليل)». وأبدى أسفه كيف أن القضاء «يتخذ قرارات قانونية ومؤسساتية، ثم يبرمون حولها صفقات على حساب العدالة».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
TT

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.

وأضافت الخارجية، في بيان أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أنها تنظر بخطورة بالغة لقرار وزير الدفاع الإسرائيلي إلغاء الاعتقال الإداري بحق المستوطنين «الذين يرتكبون جرائم وانتهاكات ضد المواطنين الفلسطينيين، علماً بأن عدد الذين تم اعتقالهم قليل جداً، وعلى مبدأ اعتقالات شكلية بنمط الباب الدوار».

ورأت الوزارة أن هذا القرار يشجع المستوطنين المتطرفين «على ممارسة الإرهاب ضد الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم، ويعطيهم شعوراً إضافياً بالحصانة والحماية».

وطالبت الخارجية الفلسطينية «بتحرك دولي فاعل للجم إرهاب ميليشيات المستوطنين، ووضع حد لإفلاتهم المستمر من العقاب، وحماية شعبنا من تغول الاحتلال».

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، أنه قرر إنهاء استخدام الاعتقال الإداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة.

وقال كاتس في بيان إنه قرر «وقف استخدام مذكرات الاعتقال الإداري ضد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، في واقع تتعرض فيه المستوطنات اليهودية هناك لتهديدات إرهابية فلسطينية خطيرة، ويتم اتخاذ عقوبات دولية غير مبررة ضد المستوطنين».

وأضاف: «ليس من المناسب لدولة إسرائيل أن تتخذ خطوة خطيرة من هذا النوع ضد سكان المستوطنات»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».