الصدر يراهن على نصف جمهور «الإطار»

هاجم «الثالوث المشؤوم» وأعلن تأجيل مظاهرة السبت

أنصار الصدر يحملون صورة له أثناء تجمعهم في مدينة الناصرية في 12 أغسطس (أ.ف.ب)
أنصار الصدر يحملون صورة له أثناء تجمعهم في مدينة الناصرية في 12 أغسطس (أ.ف.ب)
TT

الصدر يراهن على نصف جمهور «الإطار»

أنصار الصدر يحملون صورة له أثناء تجمعهم في مدينة الناصرية في 12 أغسطس (أ.ف.ب)
أنصار الصدر يحملون صورة له أثناء تجمعهم في مدينة الناصرية في 12 أغسطس (أ.ف.ب)

في حين أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، تأجيل المظاهرة المليونية التي دعا إليها الأسبوع الماضي، وحدد لها موعداً هو السبت المقبل، فإن صالح محمد العراقي، أو ما يوصف بوزير الصدر، شن هجوماً حاداً على قوى الإطار التنسيقي الشيعي، ووصفهم بـ«الثالوث المشؤوم».
ويحاول الصدر تحييد نصف جمهور «الإطار»، من خلال الإشادة برئيس «منظمة بدر» هادي العامري، وقائد هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، وتوجيه السباب إلى بقية زعماء «الإطار»، الذين أطلق عليهم صفة «الثالوث المشؤوم».
وفي تغريدة له أمس الثلاثاء، قال الصدر، مخاطباً خصومه في الإطار التنسيقي، «إن كنتم تراهنون على (حرب أهلية)، فأنا أراهن على الحفاظ على السلم الأهلي، وأن الدم العراقي غال بل أغلى من كل شيء»، مؤكداً أن الشعب «سيبقى على اعتصامه حتى تحقيق مطالبه».
لكن الصدر استدرك قائلاً: «لكنني حباً بالعراق وعشقاً لشعبه ومقدساته... أعلن تأجيل موعد تظاهرة يوم السبت إلى إشعار آخر، لكي أفشل مخططاتكم الخبيثة، ولكي لا أغذي فسادكم بدماء العراقيين الذين راح الكثير منهم ضحية لفسادكم وشهواتكم، ولكي تبقى قيادات الفساد تعيث في الأرض فساداً».
وختم الصدر تغريدته بالقول: «هذا ندائي للثوار بالمحافظة على سلمية الاحتجاجات، والحفاظ على دمائكم ودماء القوات الأمنية والحشد الشعبي طاعة لله وحباً بالوطن».
في سياق ذلك، فإن الصدر الذي لم يستجب القضاء العراقي لطلبه بحل البرلمان، لأنه ليس من صلاحياته، مثلما أعلنت السلطة القضائية، في بيان رسمي، فإنه مضى بعيداً، سواء على صعيد التحشيد الجماهيري من خلال بقاء أنصاره في باحة البرلمان، أو من خلال رفع دعاوى قضائية ضد الرئاسات الثلاث أمام المحكمة الاتحادية العليا لمطالبتها بحل البرلمان.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر مطلع أن «دعوى أخرى سيتم رفعها أمام المحكمة الاتحادية العليا من قبل قيادات ونواب بشأن عدم دستورية استقالة نواب الصدر، لأنه لم يتم التصويت عليها من قبل البرلمان». وبين المصدر أنه «في حال اتخذت المحكمة الاتحادية قراراً بذلك، فإن الأزمة سوف تقترب من الحل مع بدء ماراثون جديد بشأن كيفية تشكيل الحكومة، وما إذا كان الثلث المعطل يمكن أن يشتغل مجدداً، بالرغم من أن حليفي الصدر السابقين، وهما (السيادة السني) و(الحزب الديمقراطي الكردستاني) لم يقفا كلياً إلى جانب الصدر في معركته مع خصومه قوى الإطار التنسيقي الشيعي، الأمر الذي يعني عدم إمكانية عودة التحالف القديم المسمى (إنقاذ وطن)».
في السياق نفسه، عاود الصدر عبر وزيره صالح محمد العراقي، وفي تغريدة له، مهاجمة من أطلق عليه «الثالوث المشؤوم» في الإطار التنسيقي، في محاولة منه لاسترضاء نصف جمهور الإطار التنسيقي في رهان يبدو أخيراً لجهة إحداث انشقاق داخل قوى «الإطار». وقال وزير الصدر مخاطباً قوى الإطار التنسيقي، إنه «يجب على الكتل المنضوية في (الإطار) كبح جماح (الثالوث الإطاري المشؤوم) فوراً»، مبيناً أن «هذا الثالوث (يلعب بالنار)، وقد يكون من صالحه تأجيج (الحرب الأهلية) من خلال: (الاعتصام مقابل الاعتصام) أو (المظاهرات مقابل المظاهرات)».
في سياق ذلك، أكد القيادي البارز في التيار الصدري إبراهيم الجابري، في تغريدة لاحقة له، أن المقصود بالثالوث المشؤوم هم كل من «زعيم (دولة القانون) نوري المالكي، وزعيم (عصائب أهل الحق)، قيس الخزعلي، وزعيم (تيار الحكمة) عمار الحكيم».
وبإشادة الصدر بكل من رئيس «منظمة بدر» هادي العامري، المنضوية في «تحالف الفتح»، مسمياً إياه «شيخ الإطار»، وهي تسمية أطلقتها عليه قوى الإطار التنسيقي، وكذلك إشادته بقائد هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، فإن الصدر يراهن على تحييد نصف جمهور الإطار التنسيقي، فضلاً عن شق صفوف قياداته.
وطبقاً للمعلومات التي أفاد بها «الشرق الأوسط»، المصدر المطلع، فإن «هادي العامري سوف يلتقي ما لم تحصل مفاجآت (غداً) الخميس الصدر في مقره بالحنانة»، مبيناً أن «الهدف من اللقاء الذي تم تأجيله أكثر من مرة محاولة إقناع الصدر بالجلوس على مائدة حوار مع الأطراف المعنية، بمن في ذلك قيادات (الإطار)، من أجل التوصل إلى نوع من المقاربة لحل الأزمة الراهنة التي بدأت تنذر بمخاطر كبيرة». وأضاف: «كما أن العامري سوف يطلع الصدر على لقاءاته مع القيادات السنية والكردية، ورؤيتها لحل الأزمة الراهنة».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

فلسطينيون يبحثون عن ذويهم المختفين بعد مداهمات إسرائيلية في غزة

صباح الغرابلي تعرض سلسلة مفاتيح عليها صورة زوجها محمود الغرابلي في منزلها بخان يونس (أ.ب)
صباح الغرابلي تعرض سلسلة مفاتيح عليها صورة زوجها محمود الغرابلي في منزلها بخان يونس (أ.ب)
TT

فلسطينيون يبحثون عن ذويهم المختفين بعد مداهمات إسرائيلية في غزة

صباح الغرابلي تعرض سلسلة مفاتيح عليها صورة زوجها محمود الغرابلي في منزلها بخان يونس (أ.ب)
صباح الغرابلي تعرض سلسلة مفاتيح عليها صورة زوجها محمود الغرابلي في منزلها بخان يونس (أ.ب)

تقول ريم عجور إنها رأت زوجها، وابنتها البالغة من العمر 4 سنوات، آخِر مرة في مارس (آذار) الماضي، عندما داهم جنود إسرائيليون منزلاً عائلياً في شمال غزة. وتُطاردها تلك اللحظات الفوضوية الأخيرة، عندما أمرها الجنود بالرحيل، لتترك وراءها زوجها «طلال» وابنتها ماسة، وكلاهما مصابان.

وبعد ثمانية أشهر، لا تزال الأم، البالغة من العمر 23 عاماً، لا تملك إجابات حول مصيرهما. ويقول الجيش إنه لا يملك إجابات. وقد قامت القوات بتسوية المنزل الذي كانوا يقيمون فيه، بالأرض، بعد وقت قصير من الغارة.

وقالت ريم وهي تبكي، لوكالة «أسوشييتد برس»: «أنا حية وميتة في الوقت نفسه».

وتُعد ريم عجور واحدة من عشرات الفلسطينيين الذين تساعدهم منظمة إسرائيلية تُدعى «هموكيد»، وغرضها «مساعدة الفلسطينيين الذين يتعرضون إلى الاحتلال الإسرائيلي، والذي يسبب انتهاكاً صارخاً مستمراً لحقوقهم»، في البحث عن أفراد الأسرة الذين اختفوا، بعد أن فرَّقهم جنود إسرائيليون أثناء المداهمات والاعتقالات في قطاع غزة.

ريم عجور تجلس بجانب ابنها وائل وتمسك هاتفاً عليه صورة ابنتها ماسة وزوجها طلال المختفيين (أ.ب)

وتقول منظمة «هموكيد» إن حالة عجور، التي لا تشكل سوى جزء ضئيل من الآلاف الذين فُقدوا خلال الحرب التي استمرت 14 شهراً، تسلط الضوء على الافتقار إلى المساءلة في كيفية تعامل الجيش الإسرائيلي مع الفلسطينيين أثناء «العمليات البرية» في غزة.

مداهمة منازل وملاجئ

وطوال الحرب، أجرت القوات العسكرية ما يعادل عملية فحص جماعي للسكان الفلسطينيين من خلال مداهمة المنازل والملاجئ، وإرسال الناس عبر نقاط التفتيش. كما تقوم القوات باعتقال واحتجاز الرجال، من العشرات إلى عدة مئات في المرة الواحدة، بحثاً عن أي شخص يُشتبه في ارتباطه بحركة «حماس»، في حين تُجبر عائلاتهم على الرحيل نحو أجزاء أخرى من غزة. والنتيجة هي تفكك الأُسر، وسط فوضى الحرب.

لكن الجيش لم يوضح كيف يتتبع كل من يفصله عن أسرته أو يعتقله أو يحتجزه. وحتى إذا نقلت القوات الفلسطينيين إلى الاحتجاز العسكري داخل إسرائيل، فيمكنها احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي لأكثر من شهرين، ولا يَعرف مكان وجودهم عائلاتهم أو محاموهم، وفقاً لجماعات حقوق الإنسان.

وتقول منظمة «هموكيد» إنه عندما يختفي الناس، يكاد يكون من المستحيل معرفة ما حدث. وتقول جيسيكا مونتيل، مديرة منظمة «هموكيد»: «لم نواجه قط حالة اختفاء قسري جماعي من غزة، دون تقديم أي معلومات لأسابيع وأسابيع للعائلات».

وأضافت مونتيل أن محكمة العدل العليا في إسرائيل رفضت التدخل للحصول على إجابات، على الرغم من التماسات منظمة «هموكيد».

ولم يردَّ الجيش الإسرائيلي عن حالات عجور وعائلتين أخريين اختفت، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

الأم وطفلتها تنزفان

أصيبت الطفلة ماسة عجور، البالغة من العمر 4 سنوات، برصاصة، ثم انفصلت عن والدتها، وكانت عائلة عجور تحتمي في منزل بمدينة غزة يعود لعائلة طلال، بعد نزوحها من منزلها في وقت سابق من الحرب. وقالت ريم إن القوات الإسرائيلية داهمت المنزل في 24 مارس (آذار)، وفتحت النار عندما اقتحمته.

أصيبت ريم، التي كانت حاملاً في شهرها الثالث، برصاصة في بطنها. وأصيب طلال بجرح في ساقه، وكان ينزف بغزارة. كانت ماسة راقدة مُغمى عليها، مصابة برصاصة في كتفها، على الرغم من أن ريم قالت إنها رأتها لا تزال تتنفس.

وبينما كان أحد الجنود يضمد جرح الطفلة الصغيرة، وجَّه جندي آخر مسدسه إلى وجه ماسة، وأمرها بالخروج من المنزل. وقالت الأم إنها توسلت إليه أنها لا تستطيع ترك ماسة وطلال، لكن الجندي صاح: «اذهبي جنوباً».

ولم يكن أمام الأم ريم خيار آخر، فحملت ابنها الأصغر ونزلت إلى الشارع، وقالت: «لقد حدث كل شيء في غمضة عين. لقد حدث كل شيء بسرعة كبيرة». وكانت لا تزال تنزف، وسارت لمدة ساعتين ونصف الساعة وهي ممسكة ابنها.

وعندما وصلوا إلى مستشفى في وسط غزة، عالج الأطباء جرح بطنها، ووجدوا نبض الجنين. وبعد أسابيع، وجد الأطباء أن النبض توقف. وأجهضت.

شائعة تحيي الأمل

وقالت ريم، لوكالة «أسوشييتد برس»، إنه بعد عدة أسابيع، أخبر فلسطيني أُفرج عنه من سجن في جنوب إسرائيل، أسرتها أنه سمع اسم زوجها يُنادى به عبر مكبر صوت ضمن قائمة من المعتقلين، وقد أبقت الشائعة أمل ريم حياً، لكن الجيش أخبر منظمة «هموكيد» أنه ليس لديه سِجل باعتقال ماسة أو طلال.

وهناك احتمال آخر؛ وهو أنهما لقيا حتفهما في مكان الحادث، لكن لم يتمكن أحد من البحث بين أنقاض مبنى الأسرة؛ لتحديد ما إذا كان هناك أي جثث.

ريم عجور مع ابنها وائل خارج مخيم الزوايدة في غزة (أ.ب)

وجاء اقتحام المبنى في الوقت الذي كانت فيه القوات الإسرائيلية تُقاتل أفراداً من «حماس» في الشوارع المحيطة، أثناء مداهمة مستشفى الشفاء القريب. وأخرجت القوات الإسرائيلية الأُسر من المنازل القريبة، وكثيراً ما دمرت المباني أو أشعلت فيها النيران، وفقاً لشهود عيان في ذلك الوقت.

وقد لا يعرف الجيش نفسه ما حدث للزوج طلال وابنته، كما قالت مونتيل من منظمة «هموكيد». وقالت: «هذا يوضح مشكلة أوسع نطاقاً».

وتُقيم ريم وابنها الآن في مخيم خيام خارج مدينة الزويدة بوسط غزة، وقالت إن ماسة «كانت مصدر سعادتي الأول»، بشعرها الأشقر وعينيها الزيتونيتين ووجهها «الأبيض مثل القمر». وقالت وهي تبكي إن عيد ميلاد ماسة الخامس كان في يوليو (تموز) الماضي. «لقد بلغت الخامسة وهي ليست معي».

هل يوثّق الجيش ما تفعله القوات في غزة؟

وبموجب مراجعة للقانون الإسرائيلي في زمن الحرب، يمكن احتجاز الفلسطينيين من غزة الذين يجري نقلهم إلى الاحتجاز العسكري في إسرائيل لأكثر من شهرين، دون الوصول إلى العالم الخارجي.

وتزعم إسرائيل أن القانون ضروري للتعامل مع العدد غير المسبوق من المعتقلين، في سعيها لتدمير حركة «حماس»، بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ونقل الجيش نحو 1770 من معتقلي غزة إلى سجون مدنية، وفقاً لجماعات حقوق الإنسان، لكنه لم يكشف عن العدد الذي لا يزال قيد الاحتجاز.

في هذا الصدد، تقول ميلينا أنصاري، الباحثة في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، إن إسرائيل ملزَمة، بموجب القانون الدولي، بتوثيق ما يحدث أثناء كل مداهمة لمنزل واعتقال. لكن الجيش ليس شفافاً بشأن المعلومات التي يجمعها عن المعتقلين أو عدد المعتقلين.

وقد طلبت منظمة «هموكيد» من الجيش معرفة مكان وجود 900 فلسطيني مفقود. وأكد الجيش أن نحو 500 منهم محتجزون في إسرائيل. وقال إنه ليس لديه سِجل باحتجاز الأربعمائة الآخرين.

طلبات للجيش والقضاء الإسرائيلي

وقد تقدمت المجموعة القانونية بطلب إلى المحكمة العليا الإسرائيلية للحصول على إجابات في 52 حالة من الفلسطينيين المختفين، بما في ذلك حالة ماسة وطفلين آخرين، حيث شهد شهود بأن القوات تعاملت مع المفقودين قبل اختفائهم.

وقالت مونتيل: «إن القضاة يرفضون القضايا ببساطة، دون حتى الاستفسار عن التدابير التي قد تكون ضرورية لمنع مثل هذه الحالات في المستقبل».

وقال متحدث باسم المحكمة إنها كثيراً ما تطلب من الجيش تقديم معلومات إضافية، لكنها غير مخوَّلة بالتحقيق إذا قال الجيش إنه لا يحتجزهم.

وفي حالات ثلاثة فلسطينيين بالغين مفقودين قدّمتها منظمة «هموكيد»، زعم الجيش أولاً أنه لا يحتجزهم، ثم عثر على سجلات تفيد باحتجازهم، بعد أن ضغطت عليها منظمة «هموكيد»، للتحقق من ذلك.

وفي حالة أخرى، اكتشفت الشرطة العسكرية أن فلسطينيين اثنين كانت قد أنكرت في البداية احتجازهما - أب وابنه البالغ - تُوفيا في الحجز الإسرائيلي. ويقول مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن ما لا يقل عن 53 فلسطينياً معروفين لقوا حتفهم في الاحتجاز الإسرائيلي أثناء الحرب.

سبعيني مريض بالسرطان مختفٍ

كانت آخِر مرة رأت فيها عائلة الغرابلي، الشيخ البالغ من العمر 76 عاماً، محمود الغرابلي، عندما اقتحمت القوات الإسرائيلية منطقتهم في خان يونس، في 4 فبراير (شباط) الماضي. وأمر الجنود السكان بمغادرة المنطقة. وقال نجله أحمد الغرابلي، لوكالة «أسوشييتد برس»، إن عائلة الغرابلي اضطرت إلى حمل محمود، الذي يعاني السرطان، خارج المبنى على كرسي.

وبعد احتجاز بعض الرجال، أمر الجنود الباقين بالمغادرة. وصل محمود الغرابلي إلى تلة رملية بالقرب من المنزل. وقال أحمد الغرابلي إن شقيقه ذهب لمساعدة الأب، لكن الجنود صرخوا عليه ليغادر. وقال: «لقد تركنا والدنا بالقوة، وإلا لكان قد جرى إطلاق النار علينا».

أحمد الغرابلي يُظهر المنطقة التي رأى فيها والده محمود الغرابلي آخر مرة في خان يونس بقطاع غزة (أ.ب)

عادت العائلة بعد شهر، ولم تجد أي أثر لمحمود. قال أحمد الغربلي إنه «سار متراً تلو الآخر»؛ بحثاً عن آثار، فوجد عظاماً، لكنه لم يعرف لمن هي. وهو يحتفظ بها ملفوفة بقطعة قماش في المنزل.

وأبلغ الجيش منظمة «هموكيد» بأنه لا يوجد ما يشير إلى وجوده في الاعتقال الإسرائيلي.

صباح الغرابلي تُظهر بعض الوثائق الخاصة بزوجها محمود الغرابلي في منزلها بخان يونس (أ.ب)

وقالت زوجة محمود، صباح عبد السلام: «والله لا أنام في الليل». وأضافت: «سواء أكان قد اعتُقل أم قُتل، أخبرونا وسنرتاح».

اختفى أثناء البحث عن عائلته

الآثار الوحيدة المتبقية لرجل مفقود آخر؛ وهو محمود المقيد، البالغ من العمر 77 عاماً، هي قميصه وسراويله الممزقة وبطاقة هويته في الجيب. وقد عُثر عليهما في التراب بالقرب من المدرسة التي كان يحتمي بها هو وعائلته، عندما داهمتها القوات الإسرائيلية في 23 مايو (أيار) الماضي، في بلدة بيت لاهيا الشمالية.

وقال ابنه الطبيب راني المقيد، والذي جمع الرواية من شهود عيان وأفراد من الأسرة، إن الجنود أطلقوا سراح المقيد، وأرسلوه مع رجال آخرين إلى ملجأ آخر.

وبمجرد وصوله إلى الملجأ الثاني، عاد المقيد المُسن على الفور، مصمماً على العثور على زوجته وأحفاده الذين تركهم في المدرسة، كما أخبر شهود عيان ابنه. وكان الظلام قد حلَّ، بعد الواحدة صباحاً، وكانت القوات منتشرة في كل مكان بالمنطقة. ولم يرَ المقيد أسرته مرة أخرى.