الحوثيون يغتالون مواطنين بمحطات الوقود في الحديدة

المقاومة التهامية الشعبية تُكبّد ميليشيات الحوثي وصالح خسائر فادحة في الأرواح والعتاد العسكري

أطفال يمنيون ينتظرون دورهم للحصول على ملابس مستعملة تقدمها إحدى الجمعيات الخيرية المحلية في صنعاء (إ.ب.أ)
أطفال يمنيون ينتظرون دورهم للحصول على ملابس مستعملة تقدمها إحدى الجمعيات الخيرية المحلية في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يغتالون مواطنين بمحطات الوقود في الحديدة

أطفال يمنيون ينتظرون دورهم للحصول على ملابس مستعملة تقدمها إحدى الجمعيات الخيرية المحلية في صنعاء (إ.ب.أ)
أطفال يمنيون ينتظرون دورهم للحصول على ملابس مستعملة تقدمها إحدى الجمعيات الخيرية المحلية في صنعاء (إ.ب.أ)

تستمر المقاومة التهامية الشعبية في تكبيد جماعة الحوثي المسلحة خسائر فادحة في الأرواح والعتاد العسكري ممثلا بالأطقم العسكرية الخاصة بهم وسقوط العشرات من القتلى الجرحى في حين كثفت جماعة الحوثي المسلحة عملية ملاحقات واعتقالات لجميع الناشطين المناوئين لها، من الذين يطالبون بطردهم من محافظة الحديدة، غرب اليمن، ومن كافة محافظات ومدن إقليم (تهامة)، وخروجهم من جميع المرافق الحكومية التي يسيطرون عليها بما فيها ميناء الحديدة، ثاني أكبر ميناء في اليمن بعد ميناء عدن.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إن «المسلحين الحوثيين خرجوا عن سيطرتهم وزاد تخبطهم وهيجانهم، في حين زادوا من عمليات القتل الغير مبررة للمواطنين في محافظة الحديدة جراء العمليات النوعية التي تنفذها عليهم المقاومة التهامية ما سبب في مقتل العشرات منهم. وقتلت فتاة برصاص المسلحين الحوثيين، أول من أمس، إثر إطلاق النار العشوائي في محطة بترول بالحديدة من قبل الحوثيين، وإن الفتاة التي تدعى نهى عمر قطاعي توفيت على الفور عندما كانت تنتظر دورها لتعبئة سيارتها في إحدى محطات البترول».
وأضاف الشهود: «لم تكن الفتاة نهى، من سكان حارة اليمن بالحديدة، هي من تم قتلها برصاص المسلحين الحوثيين في محطات البترول فقد قتل شاب آخر قبلها بيوم واحد ويدعى نور الدين صلاح المعزبي، برصاص المسلحين الحوثيين في إحدى محطات الوقود إثر خلاف نشب بينه وبين أحد المسلحين الحوثيين من يدعون أنهم يقومون بحماية محطات الوقود، وقبل أسبوع أيضا قتل شاب في مدينة زبيد التاريخية برصاص الحوثيين في إحدى محطات الوقود، وخرج أبناء زبيد يطالبون بتسليم القاتل غير أن الجماعة قامت بملاحقة واعتقال جميع من يطالب بذلك ومنهم من هو فار من الجماعة والأخيرة تبحث عنه».
وفي الآونة الأخيرة، سعت جماعة الحوثي المسلحة وحلفاؤها من جماعة الرئيس السابق علي عبد الله صالح، من بسط سيطرتها بقوة وبشكل كامل على محطات الوقود التابعة لشركات النفط بعدما سيطرت على الوزارة وقامت على تغيير القيادات في شركة النفط، وخصوصا من لا يوافق على تنفيذ مطالبهم واستبدلوهم بآخرين تابعين لهم أو موالين للجماعة.
ويقول أحد العاملين في محطة شركة النفط التابعة للحكومة لـ«الشرق الأوسط»، إن «جماعة الحوثي المسلحة هي من تتحكم بالمشتقات النفطية وإن كانت هناك أي كمية قادمة للمحطة تقوم هي إما بتغيير مسارها أو ببيعها لمن تريد بالإضافة إلى أنه إن كان هناك لدينا مخزون من النفط وبالإمكان بيعه للمواطنين تقوم الجماعة بمنعنا من بيعه وتتحجج للمواطنين بأن الشركة لم تعط المحطة المذكورة أي شيء من البترول أو الديزل، وتمنعنا من البيع لأي شخص كان وبقوة السلاح».
وأضاف: «كل ما يقوم به المسلحون الحوثيون هو ضمن مساعيهم منذ دخولهم صنعاء في 21 من سبتمبر (أيلول) الماضي، فقد أحكمت سيطرتها بشكل كامل على الدولة ومفاصلها وجميع المرافق الحكومية بما فيها النفطية بجميع المحافظات والمدن اليمنية وبمساعدة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح».
وفي الوقت الذي صعدت فيه المقاومة التهامية الشعبية من عملياتها ضد المسلحين الحوثيين في جميع محافظات ومدن إقليم «تهامة»، ولاقت تأييدا من مشايخ وضباط أبناء تهامة، بالإضافة إلى انضمام العشرات من أبناء تهامة إلى مسلحي المقاومة الشعبية للقتال وتنفيذ هجماتهم ضد ميليشيا الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بهدف «طردهم من إقليم تهامة» اليمني، تزامنا مع إعلان المقاومة الشعبية التهامية المساندة لشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ورفضها إشراك ميليشيا الحوثي والموالين لهم من قوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في مؤتمر الحوار الذي سيُعقد بين كل أطراف الأزمة اليمنية في مدينة جنيف يوم 14 يونيو (حزيران) الحالي، وعدم إتاحة الفرصة لإضفاء مشروعية للانقلاب من خلال التفاوض مع الانقلابيين (الحوثيين) قبل عودتهم عن الانقلاب ووقف الحرب وتسليم السلاح والانسحاب من المدن المحتلة والمؤسسات المنهوبة وإعادة ممتلكات الشعب اليمني تنفيذا لقرار مجلس الأمن 2216؛ الأمر الذي يوضح جليا أن المقاومة تدرك ماهية الوضع الراهن في إقليم تهامة والظروف التي آلت إليه وما ستصل إليه بعملياتها المسلحة ضد المسلحين الحوثيين والإصرار على طردهم من تهامة وجميع المرافق الحكومية التي استولت عليها.
ويقول مصدر مقرب من المقاومة التهامية لـ«الشرق الأوسط» إن «مسلحي المقاومة استطاعوا أن يكبدوا المسلحين الحوثيين خسائر فادحة لم يكونوا يتوقعونها رغم استقدامهم مسلحين من خارج المحافظة بالمئات منذ الشهرين الماضيين، وأن المقاومة استطاعت أن تستهدف سيارتين تابعة لميليشيات الحوثي بالقرب من مفرق الصليف بالحديدة وأنباء عن سقوط الكثير من القتلى والجرحى بصفوف الحوثيين، بالإضافة إلى استهداف طقم لميليشيات الحوثي بالقرب من مكتبة 26 بشارع صنعاء في الحديدة وسقوط قتيل وجرحى آخرين بصفوف المسلحين الحوثيين».
وأضاف: «كما استهدفت المقاومة طاقما للمسلحين الحوثيين بالقرب من جولة شمسان وطاقما آخر في شارع المعدل بالحديدة وأنباء عن سقوط قتلى وجرحى من الحوثيين إصابتهم خطيرة، واستهداف سيارة سنتافي على متنها عدد من أفراد ميليشيات الحوثي تابعة للمدعو نبيل الحداء (أبو عماد) بقنبلة هجومية في شارع صدام بالحديدة وإصابة عدد من الحوثيين بإصابات بليغة بينهم المدعو المكنى بأبو عماد».
وكانت المقاومة التهامية الشعبية قد أعلنت تحذيرا عبر صفحة التواصل الاجتماعي الخاص بها «فيسبوك» موجها للمواطنين بعدم الاقتراب من أي تجمعات أو دوريات أو مواقع (نقاط عسكرية أو مكاتب) تابعة لجماعة الحوثي المسلحة في إقليم تهامة لأنها أهداف لمسلحي المقاومة وقد استهدفوا الكثير من النقاط الخاصة والدوريات وراح فيها عشرات القتلى والجرحى من الحوثيين.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.