سيطرت مساعي موسكو إلى إظهار فشل الغرب في عزل روسيا على أجواء انطلاق أعمال «منتدى الجيش 2022»، الذي افتتح أمس الاثنين، في ضواحي العاصمة الروسية بحضور الرئيس فلاديمير بوتين وممثلين عن عشرات الدول. وبرز تركيز البيانات الرسمية الروسية والتغطيات الإعلامية على أن الحضور الكثيف لـ«حلفاء روسيا» شكل إشارة جديدة إلى المدى الذي تحظى به سياسات الكرملين بدعم دولي رغم الضغوط الغربية المتزايدة.
واستغل بوتين المناسبة ليعلن فخره بإنجازات الجيش الروسي وشركات صناعة السلاح، وأعرب في كلمة افتتاحية عن امتنانه لـ«صانعي السلاح الروسي لتزويدهم الجيش والأسطول بأحدث أنواع الأسلحة؛ بما فيها تلك التي تستخدم في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا».
وقال إن الشعب الروسي «يفتخر بجيشه وأسطوله»، وأضاف أن الجنود الروس «جنباً إلى جنب مع مقاتلي دونباس، يؤدون واجبهم بشرف، ويكافحون من أجل روسيا، من أجل حياة سلمية في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، وينفذون بإتقان المهام كافة المحددة لهم، ويتقدمون خطوة خطوة نحو تحرير أراضي دونباس».
وشدد بوتين على أن لدى بلاده «كثيراً ممن الحلفاء الذين يشاركونها الأفكار في قارات مختلفة والذين لا ينحنون أمام ما تسمى (القوة المهيمنة)».
وأكد أن بلاده مستعدة لتوسيع تزويد «الحلفاء والشركاء» بمختلف طرازات الأسلحة والمعدات الحربية؛ «من الأسلحة الصغيرة إلى المدرعات والمدفعية والطيران الحربي والطائرات من دون طيار (...) ومعظم الأسلحة الروسية المعروضة للتصدير جرى اختبارها أكثر من مرة في ظروف القتال الحقيقي».
كما لفت إلى اهتمام روسيا بإجراء تدريبات عسكرية مشتركة مع البلدان الأخرى، داعياً «الحلفاء والشركاء للمشاركة في تدريبات القيادة والأركان وغيرها من التدريبات»، وقال إن روسيا ترى آفاقاً واسعة في مجال تدريب العسكريين الأجانب.
وشدد بوتين على «ضرورة التصدي بحزم لمحاولات تزوير تاريخ الحرب العالمية الثانية ولمظاهر النازية الجديدة والعنصرية والكراهية لروسيا».
وكانت وزارة الدفاع الروسية؛ التي نظمت المنتدى، أعلنت أن ممثلين عن 50 بلداً تلقوا دعوات للمشاركة فيه، في حين قالت وسائل إعلام روسية إن وفوداً رفيعة من 20 بلداً شاركت في المنتدى الذي تمتد أعماله حتى نهاية الأسبوع الحالي.
وكشف وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، في وقت سابق، عن العقود التي جرى تجهيزها للتوقيع خلال الفعالية، وقال إن وزارته تخطط لتوقيع 36 عقداً حكومياً مع شركات صناعة الدفاع الروسية بمبلغ يتجاوز 522 مليار روبل (نحو 8.7 مليار دولار).
في المقابل، اتجهت موسكو نحو تصعيد لهجتها حيال واشنطن، مع عودة السجالات إلى الواجهة حول مصير معاهدة «ستارت» التي تعد الركن الأساسي في الاتفاقات الدولية المنظمة لنزع السلاح النووي وتبادل الرقابة على التسلح.
ونقلت وسائل إعلام حكومية روسية عن غوستافو زيلوفين، رئيس «مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية»، أن موسكو وواشنطن تفشلان في تجديد المعاهدة التي ينتهي العمل بنسختها الحالية في 2026.
ووفقاً له، فقد يحدث ذلك إذا استمر الوضع الحالي المتمثل في انعدام الاتصالات على أعلى المستويات بين الجانبين.
وأضاف: «إذا استمر الوضع الذي نعيشه اليوم... حالة لا توجد فيها اتصالات رفيعة المستوى بين موسكو وواشنطن، فعندئذ نعم؛ قد نواجه مثل هذا الموقف».
يذكر أن معاهدة «ستارت3» هي الوثيقة الوحيدة المتبقية بين الولايات المتحدة وروسيا في مجال مراقبة الأسلحة النووية بعد انسحاب الطرفين من كل الاتفاقات والمعاهدات الأخرى. ووفقاً للخبراء؛ فإن انقطاع الاتصالات حول آليات تجديد المعاهدة سيعني إطلاق سباق تسلح واسع النطاق.
وكانت روسيا والولايات المتحدة بدأتا مناقشة آليات للاتفاق على معايير معاهدة مستقبلية بشأن الحد من الأسلحة النووية، لكنهما قطعتا الحوار بعد بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
في السياق، جاءت تحذيرات مدير «دائرة أميركا الشمالية» في وزارة الخارجية الروسية، ألكسندر دارتشييف، بأن روسيا والولايات المتحدة قد تصلان قريباً إلى «نقطة اللاعودة» التي ستقود إلى قطع العلاقات مع واشنطن، لتزيد من التوقعات المتشائمة.
ورداً على سؤال بشأن إمكانية خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية بين موسكو وواشنطن، قال دارتشييف لوكالة «تاس» الحكومية الروسية إن «الأمور تتطور بشكل متسارع؛ إذ دمر الغربيون بقيادة الولايات المتحدة القانون الدولي وانتهكوا المحرمات المطلقة للعمل الدبلوماسي».
وأشار إلى المبادرة التشريعية التي يناقشها الكونغرس بشأن إعلان روسيا دولة راعية للإرهاب، مؤكداً أنه «في حال إقرار هذه المبادرة، فسيعني ذلك عبور واشنطن نقطة اللاعودة مع أكثر الأضرار جدية بالنسبة للعلاقات الثنائية، بما في ذلك خفض مستواها أو حتى قطعها. وقد تم إبلاغ الجانب الأميركي بذلك».
على صعيد آخر؛ قالت المتحدثة باسم «الخارجية الروسية»، ماريا زاخاروفا، إن الجانب الروسي يدين بشدة محاولات عرقلة مهمة الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى محطة زابوريجيا النووية.
وجاء حديث الدبلوماسية الروسية رداً على مطالبات غربية لروسيا بتسليم المحطة التي سيطرت عليها القوات الروسية في مارس (آذار) الماضي، إلى الحكومة الأوكرانية. وقالت زاخاروفا: «نبذل قصارى جهدنا لكي يوجد خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية في المحطة لكي يتمكنوا من تقديم تقييم صادق للأعمال التخريبية للجانب الأوكراني». وانتقدت الاتهامات الغربية الموجهة لروسيا بأنها استهدفت المحطة النووية بعمليات قصف، ورأت أن الاتهامات تخفي محاولات لعرقلة الجهود الأممية لزيارة المحطة والاطلاع على الموقع من قرب.
وكانت موسكو اتهمت القوات الأوكرانية مرات عدة بتعمد قصف مدينة إنرغودار ومحطة زابوريجيا النووية.
بوتين يفاخر بقوة جيشه... ويشيد بـ«حلفاء لا ينحنون»
موسكو حذرت واشنطن من اقتراب «نقطة اللاعودة» في العلاقات
بوتين يفاخر بقوة جيشه... ويشيد بـ«حلفاء لا ينحنون»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة