بوتين يفاخر بقوة جيشه... ويشيد بـ«حلفاء لا ينحنون»

موسكو حذرت واشنطن من اقتراب «نقطة اللاعودة» في العلاقات

بوتين وشويغو لدى حضورهما «منتدى الجيش 2022» في موسكو أمس (رويترز)
بوتين وشويغو لدى حضورهما «منتدى الجيش 2022» في موسكو أمس (رويترز)
TT

بوتين يفاخر بقوة جيشه... ويشيد بـ«حلفاء لا ينحنون»

بوتين وشويغو لدى حضورهما «منتدى الجيش 2022» في موسكو أمس (رويترز)
بوتين وشويغو لدى حضورهما «منتدى الجيش 2022» في موسكو أمس (رويترز)

سيطرت مساعي موسكو إلى إظهار فشل الغرب في عزل روسيا على أجواء انطلاق أعمال «منتدى الجيش 2022»، الذي افتتح أمس الاثنين، في ضواحي العاصمة الروسية بحضور الرئيس فلاديمير بوتين وممثلين عن عشرات الدول. وبرز تركيز البيانات الرسمية الروسية والتغطيات الإعلامية على أن الحضور الكثيف لـ«حلفاء روسيا» شكل إشارة جديدة إلى المدى الذي تحظى به سياسات الكرملين بدعم دولي رغم الضغوط الغربية المتزايدة.
واستغل بوتين المناسبة ليعلن فخره بإنجازات الجيش الروسي وشركات صناعة السلاح، وأعرب في كلمة افتتاحية عن امتنانه لـ«صانعي السلاح الروسي لتزويدهم الجيش والأسطول بأحدث أنواع الأسلحة؛ بما فيها تلك التي تستخدم في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا».
وقال إن الشعب الروسي «يفتخر بجيشه وأسطوله»، وأضاف أن الجنود الروس «جنباً إلى جنب مع مقاتلي دونباس، يؤدون واجبهم بشرف، ويكافحون من أجل روسيا، من أجل حياة سلمية في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، وينفذون بإتقان المهام كافة المحددة لهم، ويتقدمون خطوة خطوة نحو تحرير أراضي دونباس».
وشدد بوتين على أن لدى بلاده «كثيراً ممن الحلفاء الذين يشاركونها الأفكار في قارات مختلفة والذين لا ينحنون أمام ما تسمى (القوة المهيمنة)».
وأكد أن بلاده مستعدة لتوسيع تزويد «الحلفاء والشركاء» بمختلف طرازات الأسلحة والمعدات الحربية؛ «من الأسلحة الصغيرة إلى المدرعات والمدفعية والطيران الحربي والطائرات من دون طيار (...) ومعظم الأسلحة الروسية المعروضة للتصدير جرى اختبارها أكثر من مرة في ظروف القتال الحقيقي».
كما لفت إلى اهتمام روسيا بإجراء تدريبات عسكرية مشتركة مع البلدان الأخرى، داعياً «الحلفاء والشركاء للمشاركة في تدريبات القيادة والأركان وغيرها من التدريبات»، وقال إن روسيا ترى آفاقاً واسعة في مجال تدريب العسكريين الأجانب.
وشدد بوتين على «ضرورة التصدي بحزم لمحاولات تزوير تاريخ الحرب العالمية الثانية ولمظاهر النازية الجديدة والعنصرية والكراهية لروسيا».
وكانت وزارة الدفاع الروسية؛ التي نظمت المنتدى، أعلنت أن ممثلين عن 50 بلداً تلقوا دعوات للمشاركة فيه، في حين قالت وسائل إعلام روسية إن وفوداً رفيعة من 20 بلداً شاركت في المنتدى الذي تمتد أعماله حتى نهاية الأسبوع الحالي.
وكشف وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، في وقت سابق، عن العقود التي جرى تجهيزها للتوقيع خلال الفعالية، وقال إن وزارته تخطط لتوقيع 36 عقداً حكومياً مع شركات صناعة الدفاع الروسية بمبلغ يتجاوز 522 مليار روبل (نحو 8.7 مليار دولار).
في المقابل، اتجهت موسكو نحو تصعيد لهجتها حيال واشنطن، مع عودة السجالات إلى الواجهة حول مصير معاهدة «ستارت» التي تعد الركن الأساسي في الاتفاقات الدولية المنظمة لنزع السلاح النووي وتبادل الرقابة على التسلح.
ونقلت وسائل إعلام حكومية روسية عن غوستافو زيلوفين، رئيس «مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية»، أن موسكو وواشنطن تفشلان في تجديد المعاهدة التي ينتهي العمل بنسختها الحالية في 2026.
ووفقاً له، فقد يحدث ذلك إذا استمر الوضع الحالي المتمثل في انعدام الاتصالات على أعلى المستويات بين الجانبين.
وأضاف: «إذا استمر الوضع الذي نعيشه اليوم... حالة لا توجد فيها اتصالات رفيعة المستوى بين موسكو وواشنطن، فعندئذ نعم؛ قد نواجه مثل هذا الموقف».
يذكر أن معاهدة «ستارت3» هي الوثيقة الوحيدة المتبقية بين الولايات المتحدة وروسيا في مجال مراقبة الأسلحة النووية بعد انسحاب الطرفين من كل الاتفاقات والمعاهدات الأخرى. ووفقاً للخبراء؛ فإن انقطاع الاتصالات حول آليات تجديد المعاهدة سيعني إطلاق سباق تسلح واسع النطاق.
وكانت روسيا والولايات المتحدة بدأتا مناقشة آليات للاتفاق على معايير معاهدة مستقبلية بشأن الحد من الأسلحة النووية، لكنهما قطعتا الحوار بعد بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
في السياق، جاءت تحذيرات مدير «دائرة أميركا الشمالية» في وزارة الخارجية الروسية، ألكسندر دارتشييف، بأن روسيا والولايات المتحدة قد تصلان قريباً إلى «نقطة اللاعودة» التي ستقود إلى قطع العلاقات مع واشنطن، لتزيد من التوقعات المتشائمة.
ورداً على سؤال بشأن إمكانية خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية بين موسكو وواشنطن، قال دارتشييف لوكالة «تاس» الحكومية الروسية إن «الأمور تتطور بشكل متسارع؛ إذ دمر الغربيون بقيادة الولايات المتحدة القانون الدولي وانتهكوا المحرمات المطلقة للعمل الدبلوماسي».
وأشار إلى المبادرة التشريعية التي يناقشها الكونغرس بشأن إعلان روسيا دولة راعية للإرهاب، مؤكداً أنه «في حال إقرار هذه المبادرة، فسيعني ذلك عبور واشنطن نقطة اللاعودة مع أكثر الأضرار جدية بالنسبة للعلاقات الثنائية، بما في ذلك خفض مستواها أو حتى قطعها. وقد تم إبلاغ الجانب الأميركي بذلك».
على صعيد آخر؛ قالت المتحدثة باسم «الخارجية الروسية»، ماريا زاخاروفا، إن الجانب الروسي يدين بشدة محاولات عرقلة مهمة الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى محطة زابوريجيا النووية.
وجاء حديث الدبلوماسية الروسية رداً على مطالبات غربية لروسيا بتسليم المحطة التي سيطرت عليها القوات الروسية في مارس (آذار) الماضي، إلى الحكومة الأوكرانية. وقالت زاخاروفا: «نبذل قصارى جهدنا لكي يوجد خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية في المحطة لكي يتمكنوا من تقديم تقييم صادق للأعمال التخريبية للجانب الأوكراني». وانتقدت الاتهامات الغربية الموجهة لروسيا بأنها استهدفت المحطة النووية بعمليات قصف، ورأت أن الاتهامات تخفي محاولات لعرقلة الجهود الأممية لزيارة المحطة والاطلاع على الموقع من قرب.
وكانت موسكو اتهمت القوات الأوكرانية مرات عدة بتعمد قصف مدينة إنرغودار ومحطة زابوريجيا النووية.


مقالات ذات صلة

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.

أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.