«تفضيلات المراهقين» تُجدّد الجدل بشأن اتجاه الإعلام لـ«الفيديو»

رسم بياني يوضح ترتيب منصات التواصل عند المراهقين (مركز بيو الأميركي للأبحاث)
رسم بياني يوضح ترتيب منصات التواصل عند المراهقين (مركز بيو الأميركي للأبحاث)
TT

«تفضيلات المراهقين» تُجدّد الجدل بشأن اتجاه الإعلام لـ«الفيديو»

رسم بياني يوضح ترتيب منصات التواصل عند المراهقين (مركز بيو الأميركي للأبحاث)
رسم بياني يوضح ترتيب منصات التواصل عند المراهقين (مركز بيو الأميركي للأبحاث)

يتجدد الجدل مرة أخرى حول أهمية الفيديو، وما إذا كان من الواجب على وسائل الإعلام الاستثمار في هذا المجال، وذلك في ظل تعدد الدراسات التي تتحدث عن إقبال الجمهور خصوصاً المراهقين على منصات التواصل الاجتماعي، التي تعتبر مقاطع الفيديو جزءاً أساسياً من تكوينها. وفي حين يؤكد فيه خبراء الإعلام «أهمية» الفيديو كوسيلة لمخاطبة الجمهور، وخاصة جيل الشباب، فإنهم يطالبون وسائل الإعلام بإنتاج محتوى مناسب لهذه المنصات.
دراسة نشرها مركز «بيو» الأميركي للأبحاث، يوم 10 أغسطس (آب) الجاري، كشفت عن تربّع كل من «يوتيوب» و«تيك توك» على عرش التطبيقات الترفيهية «الأكثر» استقطاباً للمراهقين في الولايات المتحدة الأميركية عام 2022. حيث كان «يوتيوب» التطبيق المفضل لنحو 95 في المائة للمراهقين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 13 إلى 17 سنة، بينما قال 67 في المائة إنهم يستخدمون «تيك توك». وفي حين تراجع عدد مستخدمي «فيسبوك» للفئة العمرية ذاتها من 71 في المائة عام 2015 إلى 32 في المائة عام 2022، ارتفعت نسبة مستخدمي «إنستغرام» من 52 في المائة عام 2015 إلى 62 في المائة حالياً.
رامي الطراونة، رئيس وحدة المنصات الرقمية في صحيفة «الاتحاد» الإماراتية، قال معلقاً على هذه المعطيات: «رغم أن الدراسة اشتملت على شريحة تضمنت يافعين داخل الولايات المتحدة، فإنها تعطي انطباعاً أقرب إلى الدقة على مستوى العالم ككل». وأشار الطراونة في لقاء مع «الشرق الأوسط» إلى «صعود تيك توك كأقوى منصة تواصل اجتماعي خلال العامين الماضيين، ما يؤكد أن النموذج الذي تبنته المنصة في الفيديوهات القصيرة، هو النموذج الأكثر نجاحاً ورواجاً، الأمر الذي دفع منصات أخرى لمحاولة استنساخه».
وحقاً، دفع صعود تطبيق «تيك توك» المملوك للمجموعة الصينية «بايت دانس»، شركة «ميتا» المالكة لـ«فيسبوك» و«إنستغرام» إلى محاولة تقليده عبر استحداث «ريلز»، وهي مقاطع فيديو قصيرة شبيهة بتلك المقدمة على التطبيق الصيني، وكذلك استحدث «يوتيوب» فيديو «شورتس» للغاية نفسها. ومن ثم، أثارت التحديثات المستمرة التي تجريها شركة «ميتا» على «إنستغرام»، من أجل مجاراة «تيك توك»، موجة انتقادات تزعمتها الشخصية الإعلامية - الاجتماعية كيم كاردشيان، مطالبة بـ«الكف عن التشبه بتيك توك!».
هذه الدراسة الأميركية تأتي بعد أقل من شهر، من صدور تقرير أنماط استهلاك الأخبار في بريطانيا خلال عامي 2021 - 2022، كشف عن أن «إنستغرام وتيك توك ويوتيوب باتت تعد أهم ثلاثة مصادر للأخبار بالنسبة للمراهقين في بريطانيا». ووفق التقرير الذي أعدته «الهيئة التنظيمية للاتصالات في المملكة المتحدة» (أوفكوم) فإن «المراهقين في بريطانيا يبتعدون عن القنوات الإخبارية التقليدية، ويعتمدون على إنستغرام وتيك توك ويوتيوب لمواكبة آخر المستجدات»، وهو ما يشير إلى «ضرورة اتجاه وسائل الإعلام إلى هذه المنصات، مع التركيز على الفيديو».
في حديث مع «الشرق الأوسط» قال أبانوب عماد، الصحافي المصري المتخصّص في الإعلام الرقمي، إن «الفيديو يعد نقطة التركيز الأساسية لوسائل الإعلام المختلفة»، وأردف أن «البداية كانت مع فيسبوك الذي أتاح لوسائل الإعلام الحصول على عوائد مادية من خلال نشر الفيديوهات، خاصة أن فيسبوك أتاح انتشاراً سريعاً عبر احتساب عدد المشاهدات من أول 3 ثوان، بعكس يوتيوب الذي يبدأ احتسابها بعد 30 ثانية». لكن الأمر تغير مع الوقت، وفق عماد، الذي يوضح أن «مشاهدات فيسبوك وإنستغرام لم تكن مستقرة، ولا تعبر عن الانتشار الحقيقي... بل هو انتشار لحظي. هذا ما رجّح كفة يوتيوب من جديد، الذي يقدّم انتشاراً أوضح وأكثر استقراراً، وأيضاً يساعد في تكوين شبكة من المتابعين... وبالتالي، دفعت هذه المنافسة وسائل الإعلام لإنتاج نوعين مختلفين من الفيديو، هما: فيديوهات قصيرة تناسب فيسبوك وإنستغرام، وفيديوهات طويلة لمنصة يوتيوب، وهذا قبل أن يظهر تيك توك بخوارزمياته المختلفة التي تقدم انتشارا أكبر».
هنا يقول الطراونة إن «تأثير الإقبال الجماهيري على هذه المنصات، يبدو واضحاً على صناعة الإعلام، وعلى صناع المحتوى الذين أصبحوا يركزون أكثر على إنتاج مقاطع الفيديو القصيرة، بأبعاد تلائم هذه المنصات». ويضيف أن «وسائل الإعلام أصبحت أمام (الترند) الذي أصبح كلمة السر التي لا بد من مراعاتها دوما وتجنب السباحة ضد تيارها... وراهناً يثبت (ترند) الفيديوهات القصيرة يوماً بعد يوم قدرته على الوصول والتأثير... خصوصاً عند فئة الشباب».

تجنّب الأخبار!
في سياق متصل، وبالتزامن مع إقبال الشباب على منصات التواصل الاجتماعي واعتمادهم عليها كمصادر للأخبار، تتحدث الدراسات عن «تجنب» الجمهور للأخبار. ووفقاً لتقرير «معهد رويترز» لدراسة الصحافة عن حال الإعلام الرقمي، الصادر في يونيو (حزيران) الماضي، فإن 38 في المائة من الأشخاص الذين شملتهم الدراسة قالوا إنهم يتجنبون بشكل انتقائي القصص الإخبارية المهمة مثل جائحة (كوفيد - 19) والحرب في أوكرانيا، وأزمة ارتفاع تكلفة المعيشة. إلا أن أبانوب عماد يرى أن هذا لا يعني «عدم الاهتمام نهائياً بالأخبار». ويشير إلى أن «الأزمة الروسية - الأوكرانية كانت انطلاقة مهمة لتطبيق تيك توك مع بدء استخدامه في نشر أخبار الحرب، وبذلك تحول التطبيق الذي بدأ خفيفاً إلى منصة لنشر المحتوى السياسي الجاد... لكن تيك توك، على عكس المنصات الأخرى، لم يدخل حتى الآن في شراكات مع المؤسسات الإخبارية، ولم يقدم لها دعما كما يفعل فيسبوك وغوغل»، حسب الصحافي المصري.
وبالفعل، كان قد تصاعد الاهتمام بتطبيق «تيك توك» مع بداية الحرب الروسية - الأوكرانية. بل وصف مراقبون وخبراء تلك الحرب بأنها «أول حرب تخاض على تيك توك»، وهو ما وثقه مركز «مرونة المعلومات» البريطاني، الذي يعمل منذ سنوات على تحليل مضامين الفيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي. إذ ذكر بنيامين ستريك، مدير التحقيقات بالمركز، في تصريحات نقلتها مجلة «ذا أتلانتيك» خلال فبراير (شباط) الماضي، أن «بين 80 في المائة إلى 90 في المائة من الفيديوهات التي وثقها المركز عن الحرب، كان مصدرها حسابات مدنيين على تيك توك، أصحابها يعيشون حياتهم اليومية وينشرون لقطات لكلابهم أو طعامهم، ولكن مع بدء العمليات العسكرية صاروا يوثقون دخول الدبابات والوحدات العسكرية لبلادهم».
لا شك في أن انتشار الفيديو وإقبال الجماهير عليه أعاد جدلاً قديماً حول ما يسمى بـ«التحول نحو الفيديو». ووفق موقع معهد «نيمان لاب»، المتخصص في دراسات الإعلام، عبر تقرير نشره نهاية الشهر الماضي: «في كل مرة يُثار موضوع التحوّل نحو الفيديو، تكون مبادئ الصحافة هي أول ما يُضحّى به». وهنا يؤكد أبانوب عماد أن «التحدي الأكبر الماثل الآن أمام وسائل الإعلام هو تقديم محتوى خبري بشكل يناسب جمهور هذه المنصات». ويلفت إلى أنه «حتى الآن لا توجد تجربة عربية مميزة على منصة تيك توك، والتي تتطلب إنتاج محتوى بمواصفات معينة يختلف عن ذلك المنشور على فيسبوك ويوتيوب». أما رامي الطراونة فيؤكد أن «وجود صنّاع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي لم يعُد أمراً كمالياً ولا رفاهية؛ بل هو جزء أصيل من الصناعة الإعلامية».


مقالات ذات صلة

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.