تعلم كل شيء بسرعة وفق قاعدة 85 %

الاندفاع نحو التعلم بشدة يؤدي إلى انهيار الإنسان نفسياً وجسدياً

تعلم كل شيء بسرعة وفق قاعدة 85 %
TT

تعلم كل شيء بسرعة وفق قاعدة 85 %

تعلم كل شيء بسرعة وفق قاعدة 85 %

أظهرت دراسة حديثة أن الإنسان يجب أن يحث نفسه إلى هذه الدرجة – أي 85 في المائة من الجهد المطلوب - تحديداً، أثناء محاولته إتقان مادة جديدة.
عند تعلم التزلج أو لغة أجنبية أو حتى لغة برمجية جديدة، يجب اتباع طريقة حقيقية واحدة موحدة: إذا ضغطتم على أنفسكم بشدة، فسيصبكم شعور بالإحباط (أو ستصابون جسدياً) وسوف تستسلمون، وإذا لم تدفعوا أنفسكم بالدرجة الكافية، فلن تحرزوا تقدماً بالسرعة التي تريدونها.
باختصار، يجب أن تبحثوا عن مستوى المجهود الذي يوسع قواكم بشكلٍ غير مريح، ولكن دون أن يقضي على تلك القوى بسرعة. ولكن أين تقع هذه النقطة بالتحديد؟

قاعدة 85 في المائة
قد يبدو السؤال شخصياً بعض الشيء. أنا مثلاً معروفٌ بأنني لستُ على قدرٍ وافٍ من البراعة، ما يعني أن تعلمي للركمجة أو التزلج سيتطلب وقتاً أطول بكثير من تعلم رياضي محترف لهاتين الرياضتين. ولكن بينما قد تختلف أهليتنا لتعلم مهارة محددة بدرجة كبيرة، يقر العلم بوجود قاعدة واحدة تتيح لأي شخص تحديد مستوى الشدة التي يجب أن يطبقها على نفسه عند تعلمه لأي شيء.
إنها قاعدة الـ85 في المائة التي تساعد أي شخص على التعلم بسرعة. ولكن قبل أن ندخل في التفاصيل، لا بد من الحديث عن بعض أساسيات علم نفس (سيكولوجيا) التعلم. فقد أظهر أحد الأبحاث أن سعي الإنسان لمضاعفة علمه أو معرفته سيؤسس لنوعٍ من العداوة بينه وبين الراحة. في سياق متصل، وجدت دراسة أخيرة أجرتها جامعة يال الأميركية أن دفع الإنسان لنفسه إلى خارج منطقة راحته يؤدي إلى إشعال مراكز التعليم في الدماغ.
من جهة أخرى، يصر بعض الخبراء من علماء فيزيولوجيا الرياضة ومدربين من أعلى المستويات على أن استغلال هذا المبدأ - أي الاندفاع - حتى أقصاه يمكن أن يكون مضراً أيضاً، أي أن حث الإنسان لنفسه بشدة سيؤدي إلى انهياره سريعاً على الصعيدين النفسي والجسدي.
إذن، أين هي النقطة التي توازن بين هاتين الحقيقتين؟ أجرى باحثون من جامعات أريزونا وبرينستون وبراون دراسة مشتركة استخدموا خلالها محاكاة الكومبيوتر لتحديد درجة الضغط أو الحث التي يجب أن يمارسها الإنسان أثناء التعلم.

نتائج صادمة
تباينت النتائج وفقاً لقاعدة بسيطة وثابتة: إذا كنتم لا تفشلون في 15 في المائة من الحالات، فهذا يعني أنكم لم تبذلوا بعد الجهد الأقصى للتعلم.
بمعنى آخر، يدرك الإنسان أنه وصل إلى نقطة التعلم الصحيحة عندما ينجح في أي شيء يحاوله في 85 في المائة من الحالات.
قد تصدم هذه الخلاصة أصحاب النتائج «الممتازة» الذين يرون في درجة «الجيد جداً» مؤشراً على وجود مشكلة ما (لأنهم يريدون: درجة امتياز). ولكن الباحث الرئيسي في الدراسة روبرت ويلسون يستعرض وجهة نظرٍ أخرى ويقول: «إذا كنتم تحضرون صفوفاً سهلة وتحققون فيها أفضل النتائج طوال الوقت، فهذا يعني أنكم على الأرجح لا تحققون الفائدة المرجوة التي يحققها شخصٌ يواجه صعوبات ويكافح للاستمرار والنجاح».
ويوافق أصحاب الإنجازات والتفوق الرأي مع ويلسون. فقد تكون خلاصات ويلسون جديدة بالنسبة للباحثين عن الكمال ولكنها لن تكون مفاجئة بالنسبة للأشخاص من أصحاب الأداء العالي الذين دافع الكثيرون منهم لسنوات عن مفاهيم علمية تقترب من قاعدة الـ85 في المائة.
يدافع رائد الأعمال والكاتب جايمس كلير منذ سنوات عما يسميه «قاعدة الاعتدال» التي تشير إلى أن البشر يمرون بقمة تحفيزهم عندما يعملون على مهام توازي عتبة قدراتهم الحالية، أي ليست صعبة جداً أو سهلة جداً... بمعنى آخر، إنها قاعدة الـ85 في المائة ولكن دون تحديد نسبة مئوية.
من جهتها، تعيد العداءة الأولمبية أليكسي بابيس الكثير من نجاحاتها لـ«قاعدة الثلث» التي تعلمتها من مدربها: «عندما تلاحقون حلماً كبيراً، من المفترض أن يخالجكم شعورٌ جيدٌ في ثلث الحالات، وشعورٌ لا بأس به في ثلث الحالات، وشعورٌ سيئ في ثلث الحالات. وعندما تشعرون أن هذه النسب الثلاث تملكتكم بقوة، فهذا يعني أنكم تلاحقون الحلم بالشكل الصحيح. أما إذا شعرتم أنكم بخير طوال الوقت، فهذا يعني أنكم لا تحثون أنفسكم بالدرجة الكافية».
من جهتها، تتمسك نانديتا باخشي، الرئيس التنفيذية لمصرف «ويست» بمفهومها الخاص لـ«قاعدة الأثلاث». خلال رحلتها صعوداً على سلم النجاح المهني، كانت تذكر نفسها بأن نوع المركز الذي تسعى له ليس مريحاً، بل «ثلثه منطقة راحة، وثلثه الثاني يتطلب مجهودا، وثلثه الثالث هلع».
قد تختلف النسبة الدقيقة بين الفشل والتعاسة والنجاح في هذه الأمثلة ولكنها تقوم على المبدأ نفسه. الخلاصة: لا يجب أن تسعوا للمثالية والكمال إذا كنتم تريدون تحقيق أفضل النتائج على صعيد تحسين الذات والتعلم، بل يجب أن تفشلوا في نسبة معينة من المحاولات. ولكن ما هي نسبة هذا الفشل؟ تشدد أحدث الدراسات العلمية على أنكم إذا كنتم لا تفشلون في 15 في المائة من محاولاتكم، فإذن يجب أن تفكروا في تحدي أنفسكم أكثر.
*«إنك» ـ خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان
TT

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

حقق الذكاء الاصطناعي تقدماً كبيراً في اكتشاف وتوقع جوانب مختلفة في علاج جذور الأسنان المسماة من قِبل عامة الجمهور بـ«حشوات العصب» Endodontics.

الذكاء الاصطناعي يرصد جذر الأسنان

في مجال الاكتشاف، تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الآفات والخراجات حول قمة جذور الأسنان، وكسر التاج والجذر، وتحديد طول الجذر، وكشف تشريح الجذور والقنوات. تشمل مهام التنبؤ تقدير الحاجة إلى إعادة العلاج. تُعد الخراجات حول قمة جذور الأسنان، شائعة وتُشكّل تحديات في التشخيص وتخطيط العلاج للأطباء. ويمكن أن يُحسّن التعرف المبكر على هذه الآفات من نتائج العلاج من خلال منع انتشار المرض إلى الأنسجة المحيطة.

إن علاج جذور الأسنان أو حشوات العصب، المعروف أيضاً باسم «علاج العصب»، فرع من فروع طب الأسنان يركز على تشخيص، ومعالجة أمراض لب الأسنان (العصب) والجذور.

يتضمن هذا العلاج إزالة اللب التالف أو المصاب داخل السن (لب السن المحتوي على العصب والشريان والوريد والأوعية اللمفاوية وكثير من الخلايا لكن الكل يسمي اللب بالعصب!)، وتنظيف وتعقيم القنوات الجذرية، ثم حشوها بمواد طبية خاصة لمنع العدوى المستقبلية، وحماية الأسنان من مزيد من التلف.

أهمية علاج جذور الأسنان

- تخفيف الألم: يساعد علاج الجذور في تخفيف الألم الشديد الناتج عن التهابات العصب، إذ قالت العرب: «لا ألم إلا ألم الضرس».

- إنقاذ الأسنان: يمكن أن يمنع العلاج الفقدان الكامل للسن المتضررة، مما يحافظ على الأسنان الطبيعية بدلاً من اللجوء إلى التعويضات الصناعية.

- منع العدوى: العلاج الفوري والعناية الجيدة تمنعان انتشار العدوى إلى الأنسجة المحيطة والعظام، وقد تم تسجيل بعض حالات الوفاة من انتقال الصديد من خراجات الأسنان إلى الدورة الدموية.

وحسب المكتب العربي في منظمة الصحة العالمية فإن هناك أكثر من 130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان، ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب.

الذكاء الاصطناعي يسابق جراحي الأسنان

* رصد الخراجات: أجرى العالم البريطاني أندرياس وزملاؤه دراسة مقارنة ما بين أداء خوارزمية الذكاء الاصطناعي و24 جراح فم ووجه في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان على الأشعة البانورامية. وخلصت الدراسة إلى أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على التعلم العميق تفوقت على بعض الجراحين. وبالمثل، أظهرت دراسة أخرى أن نماذج الشبكات العصبية التلافيفية CNN، (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي المستلهمة من العصب البصري لتحديد الأشكال)، أدت أداءً أفضل من ثلاثة أطباء استشاريي أشعة فم ووجه، في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان أثناء المحاكاة على الأشعة داخل الفم.

وفي دراسة أخرى نشرت في مجلة «طب الأسنان» البريطانية أخيراً، استخدم العالم أورهان وزملاؤه أكثر من 100 أشعة مقطعية للأسنان لاختبار نظام الذكاء الاصطناعي، وذكروا دقة اكتشاف عالية مقارنة باختصاصي الأشعة.

تشخيص كسور الجذور وأطوالها

* تشخيص كسور الجذور الأفقية والعمودية: وهو مهمة تتطلب الخبرة، ويفشل تقريباً 75 في المائة من الأطباء في تحديدها على الأشعة. تم تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي لاكتشاف كسور الجذور تلقائياً على الصور الشعاعية للأسنان ثنائية وثلاثية الأبعاد.

أظهرت دراسة لفوكودا وزملائه أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة واعدة لتشخيص الكسور الجذرية العمودية على الأشعة البانورامية. وأظهرت دراسة أخرى للدكتور جوهاري من «هارفارد» وزملائه أداءً ممتازاً باستخدام خوارزمية الذكاء الاصطناعي للكشف عن الكسور الجذرية العمودية بدقة 96.6 في المائة.

* تحديد طول الجذر بدقة: خطوة حاسمة لنجاح علاج قناة الجذر أو حشوات العصب، حيث إن 60 في المائة من فشل علاج حشوات العصب بسبب عدم الحساب الدقيق لطول قناة العصب، ما يؤدي إلى قصر أو زيادة الحشوة، ويؤدي بدوره إلى فشل العلاج، وتفاقم الخراج مع خطورة ذلك.

أظهرت الدراسات أن الشبكات العصبية الاصطناعية (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي) يمكن استخدامها لتحديد طول الجذر بدقة. أبلغ الدكتور ساغيري وزملاؤه في بحث منشور أخيراً في مجلة «طب الأسنان» الأميركية أن الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه أداة إضافية لتحديد موقع خروج العصب من قمة جذر الأسنان، وقد أثبت ذلك عدم وجود فروق في قياسات طول الجذر عند مقارنة الذكاء الاصطناعي مع القياسات الفعلية بعد إجراء القياسات الفعلية.

معدلات نجاح عالية

وهكذا فقد أظهرت خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على CNN معدلات نجاح عالية في الكشف التلقائي عن الأسنان وتجزئتها على الأشعة ثنائية وثلاثية الأبعاد.

ويتمتع الذكاء الاصطناعي بمستوى عالٍ، مقارنة بالمراقبين البشريين، ولكن مع أوقات معالجة أسرع بكثير. وبما أن تحديد تشريح الجذور والقنوات هو أمر ضروري لنجاح علاج قناة الجذر، فإن لدى تطبيقات الذكاء الاصطناعي القدرة على المساهمة في هذه المهام.

*رئيس جمعية الذكاء الاصطناعي بطب الأسنان في الشرق الأوسط.

حقائق

130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب