مؤتمر سوداني يدعو لشراكة بين الجيش والمدنيين في الفترة الانتقالية

المعارضة تقاطع... وعودة «حلفاء البشير» إلى الواجهة

TT

مؤتمر سوداني يدعو لشراكة بين الجيش والمدنيين في الفترة الانتقالية

دعا رئيس مبادرة أهل السودان، الطيب الجد، إلى تأسيس شراكة بالتراضي بين الجيش والقوى السياسية والاجتماعية خلال الفترة الانتقالية، وهو ما تعارضه بشدة القوى السياسية المعارضة، وتطالب بإبعاده كلياً عن المشهد السياسي وعدم إشراكه في أجهزة السلطة المدنية الانتقالية.
وبدأ في العاصمة السودانية «الخرطوم»، أمس، مؤتمر المائدة المستديرة الذي تمخض عن مبادرة «نداء أهل السودان للوفاق الوطني» لحل الأزمة السياسية في البلاد، أطلقها الزعيم الصوفي، الطيب بدر، وقاطعته الأحزاب السياسية المعارضة والفاعلة في الشارع، ممثلة في قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة والحزب الشيوعي السوداني، التي ترى فيه صنيعة «العسكريين» لإيجاد سند سياسي يمكنهم من الاستمرار في السلطة.
ومنذ انطلاقة المبادرة في مطلع أغسطس (آب) الحالي، التفت حولها قوى سياسية من حلفاء نظام الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، يطلق عليها السودانيون «أحزاب الفكة»، ما دفع القوى المعارضة إلى وصفها بمبادرة يتخفى وراءها «الإخوان المسلمون» بدعم من الجيش للعودة إلى المشهد السياسي بعد عزلهم من السلطة بثورة شعبية في أبريل (نيسان) 2019.
وأعادت المائدة المستديرة إلى الواجهة قيادات سياسية تولت مناصب رفيعة في العديد من حكومات «البشير» وحتى سقوطه، من بينهم رئيس حزب الأمة المنشق، مبارك الفاضل المهدي، الذي شغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الاستثمار، ورئيس جبهة الشرق، موسى محمد أحمد، وهو أحد مساعدي الرئيس المعزول عمر البشير، ورئيس حركة العدل والمساواة المنشق، بحر إدريس أبو قردة، وزير الصحة في عهد البشير، وعشرات القيادات الأخرى التي توارت بعد ثورة ديسمبر (كانون الأول).
ولم يسلم السفراء وممثلو البعثات الأجنبية، ورئيس بعثة الاتحاد الأفريقي بالخرطوم، محمد بلعيش، الذين حضروا المؤتمر، من انتقادات حادة لبعض المؤتمرين لما سمّوه «التدخلات الأجنبية السالبة في الشأن السوداني الداخلي».
ودعا رئيس المبادرة، الطيب الجد، خلال خطابه في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، إلى الالتفاف حول الجيش والقوات النظامية ودعمها للحفاظ على تماسكها، في ظل المهددات الخطيرة التي تحيط بالبلاد.
وقال الجد إن أهل السودان يطلبون عون المجتمع الإقليمي والدولي لتجاوز المرحلة الانتقالية التي تؤسس شرعية الحكم الانتقالي على التراضي بين القوات المسلحة والقوى السياسية والاجتماعية.
وتابع مخاطباً السفراء الأجانب: «لكن يسوء شعبنا سعي البعض لتمزيق صفه وإحداث الفتنة بين مكوناته ومن يعرف طبائع السودانيين يدرك أن الطريق لعلاقات تبادل المنافع والمصالح لا يكون بالتدخلات الأجنبية المستفزة للضمير الوطني والمنتهكة للسيادة الوطنية».
وقاطع غالبية السفراء الأجانب لقاء دعا له رئيس المبادرة، الطيب الجد، الأسبوع الماضي، بمسقط رأسه بمنطقة «أم ضوبان» شرقي الخرطوم.
من جانبه، قال رئيس حزب الأمة المنشق، مبارك الفاضل المهدي، إن مبادرة أهل السودان أتاحت الفرصة للخروج بالشأن الوطني من الغرف المغلقة التي سيطر عليها النشطاء وأحزاب الصفوة.
وأضاف أن «هذه الأحزاب أثارت الكراهية ضد القوات المسلحة، لذلك وقفنا ضد هذا الاتجاه الذي ينشد الفتنة بين الشعب والجيش، لأننا رأينا هذا النموذج في اليمن وليبيا وسوريا وفي العراق، ولا نريد أن يصبح الشعب السوداني لاجئاً ونفقد الدولة السودانية».
وتابع بالقول: «علينا أن نتوافق جميعاً على معادلة تلبي مطالب الشعب السوداني وتستصحب القوات المسلحة حتى نستطيع أن نمضي لحكومة منتخبة».
وأشار إلى أن الذين حضروا للمشاركة في مؤتمر المائدة المستديرة «هم القوى المنتجة، وليس لديها وقت للتظاهر في الشوارع وإثارة المشكلات»، في إشارة إلى الاحتجاجات التي تقودها لجان المقاومة في الشارع.
وناشد رئيس جبهة الشرق، مساعد الرئيس المعزول، موسى محمد أحمد، المجتمع الدولي والإقليمي بتوحيد موقفه ودعم الوفاق الوطني لتحقيق الاستقرار في السودان، الذي بدوره يسهم في أمن واستقرار المنطقة والإقليم والعالم.
من جهة ثانية، قال رئيس حركة العدل والمساواة المنشق، بحر إدريس أبو قردة: «يجب أن نرفض رفضاً قاطعاً أي تدخلات أجنبية سالبة تعمل على تمزيق البلد»، مشيراً إلى أن «خطاب الكراهية يصدر من قوى لا تريد خيراً بالبلاد».
وشارك في مؤتمر المائدة المستديرة «التيار الإسلامي العريض» الذي يضم الحركة الإسلامية المرجعية التنظيمية لحزب المؤتمر الوطني «المنحل» وحركة الإصلاح الآن المنشقة منه في وقت سابق، بالإضافة إلى بعض التيارات السلفية المنشقة من جماعة أنصار السنة المحمدية.
وتهدف المبادرة إلى تشكيل حكومة انتقالية من كفاءات مستقلة وإجراء انتخابات في غضون فترة أقصاها عامان.
ومنذ استيلاء الجيش على السلطة في البلاد في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تشهد البلاد احتجاجات متواصلة تطالبه بالعودة إلى الثكنات وتسليم السلطة للقوى المدنية.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

الرئيس التونسي يطالب بـ«حلول جذرية» في مستوى انتظارات الشعب

الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
TT

الرئيس التونسي يطالب بـ«حلول جذرية» في مستوى انتظارات الشعب

الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)

شدّد رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد خلال اللقاء الذي جمعه، أمس الخميس، بقصر قرطاج، برئيس الحكومة، كمال المدوري، على ضرورة مضاعفة الجهود في كل المجالات، واستنباط «حلول جذرية في جميع القطاعات التي تم تدميرها». مؤكداً على أن تكون التشريعات، التي يتم إعدادها، في مستوى تطلّعات الشعب التونسي، وأن يشعر كل مسؤول، مهما كانت درجة مسؤوليته، أنّ تونس تعيش مرحلة تاريخية جديدة، وأن يستحضر في كل وقت معاناة التونسيين، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية.

كما أكد سعيد العمل على اقتراح حلول جذرية، «بعيداً عن الترقيع والرتق»، لأوضاع تحتاج إلى بناء صلب «في مستوى انتظارات الشعب، الذي نهبت ثرواته وتم الاستيلاء على مقدراته، وما زالت بعض الدوائر تسعى إلى عرقلة جهود الدولة لزرع بذور اليأس والإحباط»، حسب نص البلاغ. مشيراً أيضاً إلى أنه «لا مجال للتسامح مع كل مسؤول يُعطّل تقديم الخدمات للمواطنين، ومن يتعمد مثل هذه الممارسات فلا بد أن يتحمل تبعاتها القانونية».

في سياق ذلك، تم التعرض خلال اللقاء إلى وضع حد للحالة التي آلت إليها الأملاك المصادرة، ووضع إطار قانوني جديد، «تعود بموجبه الأملاك للدولة وإلى الشعب التونسي وهي من حقه المشروع، فكثيرة هي العقارات التي تم إهمالها، فتقلصت قيمتها في ترتيب مفضوح للتفويت فيها بأبخس الأثمان، وهو ما يجب التصدي له، ومحاسبة كل من تسبب في هذه الجرائم النكراء»، وفق ما جاء في البلاغ.

والتقى رئيس الجمهورية، أمس الخميس بقصر قرطاج، وزيرة العدل، ليلى جفال، وبحث معها الزمن القضائي الذي يستغرقه البت في العديد من القضايا. وأكد وفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية، أنه «لا يُمكن تطهير البلاد إلا بقضاء عادل، فلا يُظلم أحد ولا يفلت من المحاسبة أحد»، مشيراً في هذا السياق، إلى وجود كثير من القضاة الشرفاء، الذين يعون «أهمية وظيفتهم النبيلة في إرساء العدل، ويتساوى أمامهم كلّ المتقاضين، فالعدل أساس العمران وغيابه مؤذن بخرابه».

في سياق آخر، أكّد رئيس الجمهورية إعادة مشروع تنقيح مجلة الشغل، بما يضمن حقّ العمال بإنهاء عقود المناولة، ومع التحسّب في هذا المشروع لكلّ من يستبدل بعمّالٍ آخرين، حتى لا تنطبق عليه الأحكام الجديدة مع ترتيب آثار جزائية على هذه الممارسات.

وشدد الرئيس سعيد في هذا السياق على وضع حدّ لما يسمى العقود المحدودة في الزمن في أسرع الأوقات، «لأن العلاقة الشغلية يجب أن تكون عادلة، ولأن العامل له الحقّ في أجر مجز، وفي حياة مستقرّة مع التحسّب أيضاً في مشروع نصّ القانون للحالات، التي يمكن أن يستغلّها ليغمطوا العمّال حقوقهم».

وخلّص رئيس الجمهورية إلى التأكيد على أن الاستقرار الاجتماعي «لا يمكن أن يتحقّق إلا على أساس العدل».