احتجاجات في مناطق المعارضة تنديداً بالموقف التركي

تحت عنوان «لا تصالح» و «نفنى ولا يحكمنا الأسد»، خرج آلاف السوريين في مظاهرات حاشدة وغاضبة عمت معظم المدن والبلدات السورية الخاضعة لسيطرة المعارضة في شمال وشمال غربي البلاد، احتجاجاً على تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو حول اللقاء الذي عقده مع نظيره السوري فيصل المقداد العام الماضي وعن دعم تركيا لـ«المصالحة» بين النظام والمعارضة.
وشهدت ساحة الساعة وساحات أخرى وسط مدينة إدلب، ومدن جسر الشغور وأريحا وحارم وسلقين وسرمدا والدانا وترمانين وأطمة ومعرتمصرين وبنش وكللي وحزانو، خروج آلاف المدنيين في مظاهرات رُفعت فيها أعلام الثورة السورية، ولافتات تندد بتصريحات وزير الخارجية التركي المتعلقة بالسعي للمصالحة بين المعارضة والنظام السوري، فيما جالت مظاهرات شوارع المدن والأسواق وسط حالة من الغضب. وواصل متظاهرون مسيرهم إلى القاعدة العسكرية التركية في منطقة المسطومة جنوب إدلب، ورددوا هتافات طالبوا فيها الجانب التركي بالكف عن إطلاق تصريحات «تستفز» السوريين أو السعي إلى المصالحة مع النظام السوري بعد ارتكابه «مجازر مروعة» بحق أكثر من مليون سوري، بحسب ما يقول المعارضون.
وفي الوقت ذاته، خرجت عشرات المظاهرات في مدن أعزاز والباب والراعي وسجو وبزاعة ودابق وجنديرس وعفرين وأخترين وجرابلس (ضمن مناطق العمليات التركية) شمال حلب، هتف خلالها المتظاهرون هتافات نصرة للثورة السورية، وأنزلوا العلم التركي من أسطح المباني، وأزالوه من حواجز ومقرات فصائل المعارضة الموالية لتركيا، مؤكدين التمسك بثوابت الثورة الهادفة إلى إسقاط النظام السوري، والتمسك بالحل السياسي وفق قرار مجلس الأمن الدولي (2254)، الذي ينص على وقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع، وانتقال السلطة في سوريا.
من جهته، قال بكار حميدي وهو ناشط ميداني في إدلب إنه «لا يمكن ولا بأي شكل من الأشكال السماح لأي جهة دولية كانت أو إقليمية بالتحكم بمصير الثوار السوريين وفرض حلول تفضي إلى المصالحة مع النظام السوري الذي قتل وهجّر واعتقل ملايين السوريين على مدار 11 عاماً... تصريحات وزير الخارجية التركي الأخيرة حول السعي إلى المصالحة بين المعارضة والنظام خيّبت آمال السوريين بالموقف التركي، وأثارت غضبهم ودعتهم إلى النزول للشوارع والساحات للتنديد بما قاله».
وأصدرت الهيئة السياسية التابعة لـ «هيئة تحرير الشام»، بياناً أمس الجمعة ردّت من خلاله على تصريحات وزير الخارجية التركي بخصوص المصالحة بين المعارضة والنظام، واعتبرتها تصريحات مسيئة للشعب السوري. وجاء في البيان: «انطلاقاً من مواقف الدول التي تعاطفت ودعمت وساندت هذه الثورة المباركة... وفي مقدمتها الجمهورية التركية وحكومتها الكريمة، وتأتي هذه التصريحات في سياق مصلحي لا يليق بمبادئ السياسة التركية المنحازة للقضايا العادلة للشعوب المظلومة». وتابع أنه «لا يخفى على المتابع أن حزب العمال الكردستاني ونظام الأسد هما في الإجرام سواء، فدعم الأخير وتبنيه لتلك العصابات منذ التسعينيات وحتى اليوم معروف مشهور، وإنه من البساطة السياسية المفاضلة بين الطرفين أو استبدال أحدهما بالآخر أو الاستعانة به، وإن الثورة السورية ليست ملكاً لجهة أو دولة لتستخدم كورقة سياسية مقابل دعمها وتبني مواقفها، بل هي الإرادة الحرة التي آمن بها الشعب السوري، وضحى لأجلها مليون شهيد (تقبلهم الله)، و15 مليون مهجر داخل وخارج البلاد، بالإضافة لعشرات الآلاف الذين غيبوا واعتقلوا في مسالخ النظام المجرم».
من جهته، أصدر المجلس الإسلامي السوري بياناً قال فيه: «آلمنا وأزعجنا توالي التصريحات التي تتحدث عن ضرورة المصالحة مع العصابة المجرمة الحاكمة في سوريا، وأن المصالحة ضمان أكيد لاستقرار المنطقة وأمنها في المستقبل». وأكد البيان أنه «من حق الشعب السوري أن يرفض هذا التوجه، وأن يعبر عن تمسكه بحقه في محاسبة المجرمين... ولا يحق لكائن من كان أن يقرر نيابة عن الشعب السوري أو التفاوض على دماء شهدائنا وجرحانا».