وقعت مهمة الجيش الألماني في مالي ضحية الصراع المستمر بين الغرب وروسيا، إذ اضطرت الحكومة الألمانية لإعلان تعليق عمليات جنودها المنتشرة في الدولة الأفريقية ضمن مهمة للأمم المتحدة منذ 10 سنوات، بسبب «عدم تعاون» الحكومة المالية المقربة من موسكو مع برلين. وأعلنت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبريشت أن عمليات الجيش الألماني سيتم تعليقها «حتى إشعار آخر»، مضيفة أن السلطات المالية سحبت «حقوق التحليق» من القوات الألمانية ما منعها من استبدال جنودها في عملية دورية تجريها القوات الألمانية هناك. وقالت لاميريشت لصحيفة «دي فيلت»، إن رئيس الحكومة المالية الانتقالية (اسيمي) غويتا والذي هو أيضا قائد الجيش: «يقول كلاما مختلفا عن تصرفاته»، مشيرة إلى تعهده لها في مكالمة هاتفية في وقت سابق بأن القوات الألمانية سيمسح لها بالتحليق لاستبدال قواتها. وتبدل ألمانيا جنودها المتمركرين في مالي كل 4 إلى 6 أشهر، ولكن السلطات المالية تعوق حركة طائرات الجيش الألماني منذ أشهر، ما تسبب في عدم قدرة مئات الجنود الألمان من مغادرة مالي منذ يوليو (تموز) الماضي كما كان مخططا له. ورغم إعلان تعليق عملياتها، قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفان هيبيشترايت، إنه: «من حيث المبدأ فإن ألمانيا ما زالت جزءا من قوات حفظ السلام الدولية، ولكن الأمر منطقي فقط في حال كان هناك دعم من الحكومة». وستبقى القوات الألمانية موجودة في مالي من دون أن تشارك بأي عمليات ضمن مهمة الأمم المتحدة». وتنشر الأمم المتحدة قوات حفظ سلام هناك قوامها قرابة 13 ألف جندي، وتشارك ألمانيا بـ1400 جندي يعنون بشكل أساسي بالمسائل اللوجيستية. وفي فبراير (شباط) الماضي، أعلنت فرنسا سحب قواتها العاملة ضمن مهمة الأمم المتحدة بسبب مشاكل مع الحكومة العسكرية التي تسلمت السلطة في انقلاب بالبلاد عام 2020.
وكتبت صحيفة «ديل فيلت» الألمانية أن روسيا تقدم دعما كبيرا لحكومة غويتا، حتى إنها ترسل أسلحة ومعدات عسكرية لها من ضمنها طائرات مقاتلة ومضادات للصواريخ وأجهزة رادار متطورة. وأضافت الصحيفة أن يوم الثلاثاء الماضي، سلمت روسيا مالي 4 مقاتلات حربية وطائرة هليكوبتر استقبلها شخصيا الكولونيل غويتا في مطار باماكو. وأشارت الصحيفة إلى أن غويتا اتصل ببوتين يوم الأربعاء الذي تلا تسليم هذه المقاتلات، وكتب بعد ذلك على تويتر بأنه يثمن «قيمة العلاقة مع روسيا». وخلصت الصحيفة في تقريرها إلى أن الكرملين يحاول التوسع في غرب أفريقيا، وأنه منذ انقلاب غويتا في عام 2020، فإن موسكو تحاول مساعدته على تثبيت قبضته على السلطة من خلال إرسال مجموعات المرتزقة المعروفة بـ«فاغنر». ونقلت الصحيفة عن رئيس لجنة الدفاع في البوندتساغ (البرلمان الألماني) ماري أغنيس شتراك تزيمرمان، قولها إن بوتين «غير مهتم بمقاتلة المتطرفين في الساحل وتأمين السلام، بل يريد أن يكون لديه خيار إثارة الفوضى في المنطقة بهدف زيادة الضغط على أوروبا، مثلا من خلال التسبب بأزمة لاجئين تصل إلى أوروبا مرة جديدة».
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الألمانية متخوفة من إمكانية «سيطرة روسيا على المجال الجوي المالي في المستقبل القريب»، مضيفة أنه في حال حصل ذلك «فإن مهمة القوات الألمانية تصبح مستحيلة هناك لأن أنظمتها الدفاعية ستصبح مكشوفة أمام الأسلحة الروسية»، التي أرسلتها موسكو إلى مالي. ورغم أن الحكومة الألمانية لم تتخذ القرار النهائي بعد بسحب قواتها من هناك، فإن موقع «دير شبيغل» نشر أن هناك خططا جاهزة لنقل القوات الألمانية إلى النيجر المجاورة.
وقالت صحيفة «ديل فيلت» إنه بعد تعليق القوات الألمانية عملها، وقرار فرنسا سحب قواتها، فإن مهمة الأمم المتحدة قد لا تتمكن من الصمود طويلا، ورجحت بأن تبدأ الدول الأخرى من الانسحاب من المهمة تباعا أيضا، مثل بريطانيا وإسبانيا التي تساهم بعدد جنود أقل من ألمانيا في القوات التابعة للأمم المتحدة. وأشارت إلى أن القوات الأخرى من دول أفريقية وآسيوية المساهمة في القوات، قد تبقى ولكنها سيئة التجهيز ومعداتها غير كافية. وتحدثت الصحيفة كذلك عن استمرار انسحاب القوات الفرنسية من مركزها في مالي التي ستكمل انسحابها بحلول 18 أغسطس (آب)، مشيرة إلى أن «الروس ينتقلون فورا إلى المراكز التي كان يشغلها الفرنسيون، أحيانا بعد ساعات قليلة على مغادرتهم، وفي مواقع ملاصقة لقوات حفط السلام الدولية في بعض الأحيان».
ألمانيا تعلّق عملياتها العسكرية في مالي حتى إشعار آخر

وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبريشت أكدت أن عمليات الجيش الألماني سيتم تعليقها «حتى إشعار آخر» (د.ب.أ)
ألمانيا تعلّق عملياتها العسكرية في مالي حتى إشعار آخر

وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبريشت أكدت أن عمليات الجيش الألماني سيتم تعليقها «حتى إشعار آخر» (د.ب.أ)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة