«منعطف خطر»... رؤية درامية تشويقية تشتبك مع الواقع

مسلسل مصري يفك لغز مقتل «إنفلونسر»

ريهام عبد الغفور وباسم سمرة (منصة «شاهد»)
ريهام عبد الغفور وباسم سمرة (منصة «شاهد»)
TT

«منعطف خطر»... رؤية درامية تشويقية تشتبك مع الواقع

ريهام عبد الغفور وباسم سمرة (منصة «شاهد»)
ريهام عبد الغفور وباسم سمرة (منصة «شاهد»)

احتل مسلسل «منعطف خطر» قائمة الأفضل في مصر على منصة «شاهد VIP»، وحقق تفاعلاً لافتاً على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب أحداثه الدرامية التشويقية.
وبينما تدور الأحداث حول كشف غموض مقتل «الإنفلونسر الشهيرة سلمى الوكيل»، فإن الضابط «هشام مراد» غيّر حساباته وقطع إجازته للتحقيق في هذه الجريمة، ويسعى طيلة الأحداث إلى البحث عن المجرم، وتتوالى الأحداث وتتشابك معها الاتهامات والألغاز.
يقوم ببطولة المسلسل المكون من 15 حلقة، باسل خياط، وريهام عبد الغفور، وسلمى أبو ضيف، وباسم سمرة، وأحمد صيام، ومحمد علاء. ويدور العمل داخل لحظة استثنائية تجسّدها الجريمة التي تفتح سيلاً من الأسئلة تستمر على مدى 15 يوماً حول ماضي الشخصيات والمشتبه بهم وخباياهم وتسمح لنا بالاقتراب الشديد منهم، والغوص في دواخلهم.
لنكتشف أن هذا الحدث يمثل لحظة فارقة في حياتهم التي تغيرت تماماً بعدها، وأنه من غير الممكن عودتها كما كانت قبلها، ولا يتوقف الأمر على الشخصيات الرئيسية وحدها إنما يمتد إلى الشخصيات الهامشية، وكأن المسلسل يؤكد فكرة أنه في حياة كل منّا «منعطف خطر» ولا يوجد من ينجو منه، وفي الوقت ذاته يتفرع من جريمة قتل الفتاة العشرينية مجموعة من الجرائم الأخرى التي تزيد الأحداث إثارة.
هذه التقاطعات المستمرة ما بين الجريمة والحياة الاجتماعية للشخصيات دفعت مؤلف العمل محمد المصري إلى تصنيفه كـ«دراما جريمة»، ويقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أن الجريمة هي المحرك الأساسي للأحداث، فإنها تأخذنا إلى أماكن أخرى مختلفة عن الناس ومفهوم العائلة، ومثلما يثير شغف المشاهد إلى معرفة من القاتل، فإنه أيضاً يدفعه إلى الرغبة في معرفة المزيد عن الشخصيات وتفكيرهم ومشاعرهم؛ فالمسلسل باختصار دعوة للاشتباك مع اللحظة الزمنية التي يمر بها الشخصيات في القاهرة نهاية سنة 2021 حيث تدور الأحداث».
ويتابع: «كنت مشغولاً طوال الوقت أن يحمل المسلسل نبض اللحظة، بمعنى أن يكون قاهرياً في تفاصيله وروحه ومشكلاته وطبيعة شخصياته، وكان قراراً ينبع من كيف يمكن للأحداث أن تحدث خلال 15 يوماً، وأن تجعل المشاهد قريباً من التحقيقات اليومية التي يشهدها».
نقلت الحلقة الأولى للمشاهد إحساساً ظاهرياً بأن ثمة رسائل تقليدية تنتظره في الحلقات التالية، ربما لجذبه تدريجياً إليها، إلا أنه على عكس المتوقع يكتشف أن هناك أطروحات ورؤى جديدة يقدمها له المسلسل، إذ يحمل تساؤلات مهمة حول عدة قضايا خلافية، ومنها العلاقة بين الأجيال المختلفة، ومدى مواكبة الآباء لتغير الزمن، وتمسكهم بكثير من الآراء الثابتة.
إلى جانب سهولة تبني أحكام وانطباعات مسبقة متوارثة أو مأخوذة عن أعمال درامية سابقة، وفق المصري الذي أضاف قائلاً: «طرحنا أسئلة صادمة مثل ما الخطأ أن تكون سلمى إنفلونسر؟ وما العيب أن يكون لها مقاطع فيديو على (تيك توك)؟ ولماذا لا يكون من حقها أن يكون لها أصدقاء من الجنس الآخر، وهي فتاة مهذبة ولا تقدم على أي تصرف خاطئ؟ أو أن تسافر للدراسة في الخارج؟ وكيف كان من الممكن أن يمثل استيعاب الأسرة لذلك كله ودعمها لها حماية لها بدلاً من تعرضها للقتل؟».
في السياق ذاته يناقش المسلسل مدى مشروعية الهجوم المستمر على «السوشيال ميديا»، إذ يُظهر كيف أن الإعلام قد اخترق خصوصية الأسرة أكثر مما فعلته وسائل التواصل الاجتماعي مثل طريقة تناوله للجريمة، ومطاردة الأسرة ومحاولة تصويرها من دون موافقتهم، وأن هذا العداء تجاهها هو جزء من اللحظة: «دوماً يكون الحديث عنها (السوشيال ميديا) كأنها شر يهدد الجميع، على الرغم من أنها مثل الإعلام فيها ما هو جيد، وما هو سيئ»، على حد تعبيره.
تُعد العلاقة بين الضابطين المعنيين بالقضية نوعاً آخر من كسر الثوابت ومناقشة الفوارق بين الأجيال، فبينما يعمل الضابط الأكبر سناً «هشام» على نقل خبرته الطويلة في مجال الجنايات إلى الأصغر «مصطفى» فإن الأخير يساعد «هشام» على فهم اللحظة أو التغير في المجتمع، وما تحمله السوشيال ميديا من تغيرات وأسرار لا سيما أنه قادم من «مباحث الإنترنت».
لكن استوقف كثير من المشاهدين وأثار تعليقاتهم أن عمل الضابط الرئيسي «هشام» جاء أقرب إلى المحقق، وهو ما يبرره المصري قائلاً: «حرصت على الإخلاص لعمق الجريمة أو من فعل ذلك؛ فبالتالي اخترت أن أجعله محققاً وأتجاوز الواقع في هذه النقطة نحو تناول أكثر سينمائية ودرامية، فإذا كان من المنطقي في مصر أن كل التحقيقات في الغالب تحدث في قسم الشرطة بجانب التحريات، إلا أنني رأيت أن هذا سيكون ضعيفاً من الناحية الدرامية، ولذلك جعلته يشتبك مع سائر الشخصيات، وتم الاقتراب من حياته الشخصية ليتلاقى في النهاية مع مشكلة سلمى».
بهدف الدقة استعان المؤلف بخبرة محمود موسى، وهو باحث متخصص في مراجعة المعلومات والحقائق المرتبطة بالعمل الجنائي والطب الشرعي، إلى جانب الاطلاع المتعمق الواسع، ويميز المسلسل أسلوب الإخراج المستند -مثل الكتابة- إلى السرعة والتكثيف والإلمام الواعي بأطراف القضية فالشغف بمعرفة من القاتل يسايره ويتوازى معه بنفس القدر الخط الدرامي المرتبط باستكشاف الشخصيات: «المخرج سدير مسعود يقدم فناً جديداً يقوم على رؤى وتقنيات مختلفة، وقد ساعد التحضير المشترك معه لمدة 4 أشهر قبل التصوير على توازن جوانب العمل، وكان أهم شيء هو فهمه الكامل للورق وروح العمل».


مقالات ذات صلة

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يوميات الشرق هنا الزاهد بطلة المسلسل (الشركة المنتجة)

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يراهن صناع مسلسل «إقامة جبرية» على جاذبية دراما الجريمة والغموض لتحقيق مشاهدات مرتفعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

يؤدي خالد النبوي في مسلسل «سراب» شخصية «طارق حسيب» الذي يتمتّع بحاسّة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحققها.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

تصبح المهمة أسهل حين تكتب شخصية مشهورة مذكراتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد مكي يقدم شخصية «شمس الغاوي» في رمضان 2025 (حسابه بموقع فيسبوك)

«الغاوي» رهان أحمد مكي الجديد في الدراما الرمضانية

يراهن الفنان المصري أحمد مكي على خوض ماراثون «الدراما الرمضانية» المقبل بمسلسل «الغاوي» الذي يشهد ظهوره بشخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه من قبل.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)

قدامى المحاربين يطالبون ترمب بإعادة توطين الأفغان المعرضين للخطر

أفغاني يترجم لجندي أميركي خلال حديثه مع عجوز في كابول (أرشيفية)
أفغاني يترجم لجندي أميركي خلال حديثه مع عجوز في كابول (أرشيفية)
TT

قدامى المحاربين يطالبون ترمب بإعادة توطين الأفغان المعرضين للخطر

أفغاني يترجم لجندي أميركي خلال حديثه مع عجوز في كابول (أرشيفية)
أفغاني يترجم لجندي أميركي خلال حديثه مع عجوز في كابول (أرشيفية)

أظهرت رسالة اطلعت عليها رويترز أن المئات من المحاربين القدامى والمسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين يريدون من الرئيس المنتخب دونالد ترمب الإبقاء على البرامج الأميركية الخاصة المتعلقة بالتأشيرات وإعادة توطين الأفغان المعرضين لخطر الانتقام بسبب عملهم لصالح الولايات المتحدة خلال الحرب التي استمرت 20 عاما ضد حركة طالبان.

وسيتم إرسال الرسالة، التي وقعها محاربون قدامى ومسؤولون وآخرون، إلى ترمب وقادة الكونغرس. وقد أعدها تحالف (#أفغان إيفاك) الرائد للمجموعات التي تعمل مع الحكومة الأميركية لمساعدة الأفغان على بدء حياة جديدة في الولايات المتحدة.

وجاء في مسودة للرسالة «لقد عمل العديد منا عن قرب مع مترجمين وجنود وأسر أفغانية، وقد خاطروا بكل شيء لحمايتنا وإرشادنا... والتخلي عنهم الآن سيكون خيانة للقيم التي ناضلنا للدفاع عنها والثقة التي بنيناها عبر سنوات من النضال والتضحية المشتركة». وتحث الرسالة ترمب وقادة الكونغرس على مواصلة تمويل إعادة توطين الأفغان المعرضين للخطر وأسرهم، كما تدعو الكونغرس إلى الموافقة على 50 ألف تأشيرة هجرة خاصة إضافية.

ومن المتوقع أن يتم استخدام الحد الأقصى الحالي البالغ 50500 تأشيرة هجرة خاصة إضافية بحلول أواخر الصيف القادم أو أوائل الخريف. ولم يرد فريق ترمب الانتقالي على الفور على طلب للتعليق. وجعل ترمب من الهجرة قضية رئيسية في حملته الرئاسية، ووعد بتعزيز الأمن على الحدود وترحيل أعداد قياسية من المهاجرين غير الشرعيين. وقد حاول خلال فترة ولايته الأولى وضع قيود على الهجرة الشرعية.

ووفقا لوزارة الخارجية، فقد جرت إعادة توطين أكثر من 183 ألف أفغاني وأفراد عائلاتهم المعرضين للخطر في الولايات المتحدة منذ سيطرة طالبان على كابول مع انسحاب آخر القوات الأميركية في أغسطس (آب) 2021. ولا يزال الأفغان الذين عملوا لصالح الجيش الأميركي أو الوكالات المدنية أو غيرها من المنظمات التابعة للولايات المتحدة يواصلون السعي للحصول على إعادة توطين وسط تقارير من الأمم المتحدة تفيد بأن طالبان قتلت واعتقلت وعذبت مئات المسؤولين والجنود السابقين.

وتنفي حركة طالبان، التي أعلنت عفوا عاما عن المسؤولين والقوات التابعة للحكومة السابقة التي كانت مدعومة من الولايات المتحدة، اتهامات الأمم المتحدة.