البنك الدولي: دول الشرق الأوسط تحقق نموًا مستقرًا بـ2.2 % رغم الاضطرابات

الدول النامية تواجه تحديات خلال عام 2015 مع ارتفاع تكلفة الاقتراض وانخفاض أسعار النفط

البنك الدولي: دول الشرق الأوسط تحقق نموًا مستقرًا بـ2.2 % رغم الاضطرابات
TT

البنك الدولي: دول الشرق الأوسط تحقق نموًا مستقرًا بـ2.2 % رغم الاضطرابات

البنك الدولي: دول الشرق الأوسط تحقق نموًا مستقرًا بـ2.2 % رغم الاضطرابات

أشار تقرير «الآفاق الاقتصادية العالمية لعام 2015»، الذي أصدره البنك الدولي، مساء أمس، إلى أن البلدان النامية ستواجه مجموعة من التحديات الصعبة هذا العام، منها ارتفاع تكلفة الاقتراض مع سعى هذه البلدان للتكيف مع مرحلة جديدة من انخفاض أسعار النفط والسلع الأولية، ليكون عام 2015 هو العام الرابع على التوالي من النمو الاقتصادي المخيب للآمال.
وفي حين تواجه البلدان النامية تحديات صعبة، تحقق الدول المرتفعة الدخل انتعاشا كبيرا؛ حيث تحقق الولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان معدلات نمو تتجاوز اثنين في المائة.
وتوقع التقرير أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.8 في المائة العام الحالي، و3.3 في المائة عام 2016، و3.2 في المائة عام 2017.
وتوقع التقرير أن تبقى معدلات النمو مستقرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عند معدل 2.2 في المائة خلال عام 2015. وقال التقرير: «يمثل تراجع أسعار النفط تحديا جسيما في البلدان المصدرة للنفط التي يواجه معظمها تحديات أمنية خطيرة خاصة في العراق وليبيا واليمن، أو صعوبات محدودة لتخفيف أثر الصدمات».
أما البلدان المستوردة للنفط، فإن الآثار الإيجابية المحتملة لانخفاض أسعار النفط ستتلاشى جزئيا مع التأثيرات غير المباشرة من بلدان أكثر هشاشة في المنطقة، ومنها انخفاض تحويلات المغتربين، والمخاطر الأمنية.
ويلقي التقرير الضوء بشكل كبير على المعوقات الهيكلية القائمة منذ وقت طويل بوصفها عقبة مزمنة في طريق تسريع وتيرة النمو في منطقة الشرق الأوسط. وتوقع التقرير أن تحقق منطقة الشرق الأوسط انتعاشا في معدلات النمو الإقليمي لتصل إلى 3.7 في المائة في عامي 2016 و2017. ويرجع ذلك إلى تحسن الطلب الخارجي وتدعيم الثقة بما يؤدي إلى تعزيز الاستثمارات في بعض البلدان المستوردة للنفط وبصفة خاصة مصر والأردن.
وبصفة عامة، توقع التقرير أن تسجل الدول النامية نموا بنسبة 4.4 في المائة خلال عام 2015، مع احتمالات أن يرتفع النمو إلى 5.2 في المائة عام 2016، وإلى 5.4 في المائة عام 2017.
وقال رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم: «كانت البلدان النامية محركا للنمو العالمي في أعقاب الأزمة المالية، ولكنهم الآن يواجهون بيئة اقتصادية أكثر صعوبة». وأضاف: «إننا سوف نفعل كل ما بوسعنا لمساعدة البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل لتصبح أكثر مرونة بحيث يمكن إدارة هذا التحول بشكل آمن، ونحن نعتقد أن البلدان التي تستثمر في تعليم الناس وصحتهم، وتحسين بيئة الأعمال، وخلق فرص عمل من خلال تحديث في البنية التحتية، ستخرج أقوى بكثير في السنوات المقبلة. وهذه الأنواع من الاستثمارات مساعدة لمئات الملايين من الناس على انتشال نفسها من براثن الفقر».
ومع التوقعات العالية لزيادة أسعار الفائدة الأميركية، يقول التقرير إن ارتفاع الفائدة الأميركية، سيجعل تكلفة الاقتراض للاقتصادات الناشئة والنامية عالية على مدى الأشهر المقبلة. وسيتضح ذلك مع استمرار عملية التعافي الاقتصادي الأميركي، فيما ستظل أسعار الفائدة منخفضة في الاقتصادات العالمية الرئيسية الأخرى.
وحذر تقرير البنك الدولي من مخاطر «لا يستهان بها» وقال: «أول زيادة سيجريها المجلس الاتحادي الأميركي لأسعار الفائدة منذ الأزمة المالية العالمية، قد تؤدي إلى اضطراب الأسواق وانحسار تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة بنحو 1.8 نقطة مئوية من إجمالي الناتج المحلي».
وتوقع التقرير أن ينكمش الاقتصاد الروسي الذي تضرر من هبوط أسعار النفط والعقوبات، بنسبة 2.7 في المائة. وتوقع أن يبلغ معدل النمو في تركيا في المائة خلال العام الحالي، وتوقع أن يتراجع معدل النمو في منطقة أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي إلى 0.4 في المائة؛ حيث تواجه دول أميركا اللاتينية تحديات اقتصادية محلية، منها تفشي موجات الجفاف، وضعف ثقة المستثمرين، وانخفاض أسعار السلع الأولية. وتوقع التقرير أن يتراجع النمو في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادي إلى 6.7 في المائة العام الحالي، وأن يبقى مستقرا خلال العامين التاليين، ويرجع ذلك إلى استمرار بطء النمو في الصين. ونظرا لأن منطقة شرق آسيا مستوردة للنفط، فإنه من المتوقع أن تستفيد من تراجع أسعار الوقود، لكن إندونيسيا وماليزيا – وهما من مصدري السلع الأولية - ستواجهان ضغوطا جراء تراجع الأسعار العالمية للنفط والغاز والفحم.
أما الدول الأفريقية، فيقول التقرير إن تراجع أسعار النفط أدى إلى انخفاض كبير في معدلات النمو في البلدان المصدرة للسلع الأولية، مثل أنجولا ونيجيريا، وإلى بطء النشاط الاقتصادي في القطاعات غير النفطية. وتوقع أن تكون جنوب أفريقيا إحدى الدول المستفيدة من انخفاض أسعار النفط. وتوقع التقرير أن يتراجع النمو في منطقة دول أفريقيا وجنوب الصحراء إلى 4.2 في المائة، وهو معدل أقل مما أشارت إليه التوقعات السابقة للبنك، ويرجع ذلك إلى إعادة تقييم التوقعات عقب الهبوط الحاد في أسعار النفط والصعوبات في توفير إمدادات الكهرباء في جنوب أفريقيا.
في المقابل، يتوقع التقرير أن تحقق البلدان المرتفعة الدخل، زخما كبيرا مع انتعاش النمو في منطقة اليورو واليابان واستمرار النمو في الولايات المتحدة، وتتجه البلدان المرتفعة الدخل نحو تسجيل نمو بنسبة اثنين في المائة خلال العام الحالي، و2.4 في المائة عام 2016، و2.2 في المائة عام 2017.
وقال كوشيك باسو، رئيس الخبراء الاقتصاديين والنائب الأول لرئيس البنك الدولي: «يشهد الاقتصاد العالمي تحولا بطيئا، لكنه مؤكد؛ حيث تفادت الصين مخاطر التعثر الاقتصادي، ونجحت في تحقيق معدل نمو 7.1 في المائة، ومن المتوقع أن تحقق الهند معدل نمو 7.5 في المائة، وتأتي الهند للمرة الأولى على رأس الدول النامية في معدلات النمو».
والشيء الرئيسي الذي يلقي بظلاله على المشهد، هو رفع الولايات المتحدة أسعار الفائدة في نهاية المطاف، وقد يضعف هذا الأمر تدفقات رؤوس الأموال، ويرفع تكلفة الاقتراض، وهذا الرفع سيضر بشدة بلدان الأسواق الناشئة، وسيزيد من مواطن الضعف، وتراجع آفاق النمو، وستعاني البلدان النامية المصدرة للسلع الأولية التي تكافح بالفعل للتكيف مع انخفاض أسعار هذه السلع، وستعاني البلدان التي تتسم بحالة من الغموض وعدم اليقين في ما يتعلق بسياساتها.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).