لبناني يحتجز رهائن بمصرف في بيروت ويستعيد 30 ألف دولار من أمواله

توقعات بتزايد ظاهرة العنف من المودعين مع تقاعس الدولة وغياب الحلول

رجال أمن ومواطنون تجمعوا أمام مقر فرع المصرف الذي تم فيه احتجاز الرهائن (إ.ب.أ)
رجال أمن ومواطنون تجمعوا أمام مقر فرع المصرف الذي تم فيه احتجاز الرهائن (إ.ب.أ)
TT

لبناني يحتجز رهائن بمصرف في بيروت ويستعيد 30 ألف دولار من أمواله

رجال أمن ومواطنون تجمعوا أمام مقر فرع المصرف الذي تم فيه احتجاز الرهائن (إ.ب.أ)
رجال أمن ومواطنون تجمعوا أمام مقر فرع المصرف الذي تم فيه احتجاز الرهائن (إ.ب.أ)

في مشهد ليس جديداً في لبنان، انشغل الرأي العام أمس بحادثة احتجاز أحد المودعين لموظفي مصرف في بيروت، مطالباً باسترداد أمواله المحتجزة، ومهدداً بإشعال نفسه وقتل الموظفين.
وأعادت هذه الحادثة فتح ملف احتجاز أموال المودعين القديم الجديد وتداعياته على المواطنين، بحيث بات اللجوء إلى العنف وسيلة لاستعادة حقوقهم في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يرزحون تحتها وغياب أي حلول لهذه القضية.
وصباح أمس حضر أحد المودعين، ويدعى بسام الشيخ حسين، إلى فرع «فدرال بنك» في منطقة الحمرا في بيروت مسلحاً وبحوزته مادة البنزين، وعمد إلى احتجاز الموظفين وعملاء كانوا في الداخل، مطالباً بتسليمه أمواله التي تبلغ 210 آلاف دولار، ما أدى إلى حالة من الذعر بين الموظفين والزبائن.
وهدد المودع بإشعال نفسه وقتل من في الفرع، شاهراً سلاحه في وجه مدير المصرف، ما أدى إلى حالة ذعر وخوف بين الموظفين الذين تجمعت عائلاتهم في الخارج للاطمئنان عليهم، قبل أن يحضر إلى المكان عناصر من القوى الأمنية والجيش وفرق من الصليب الأحمر والدفاع المدني لمواجهة أي طارئ.
وبعد أكثر من ست ساعات على عملية الاحتجاز التي ترافقت مع انتشار أمني مكثف في محيط المصرف، انتهت المفاوضات مع بسام الشيخ حسين بإعطائه مبلغ 30 ألف دولار أميركي من وديعته، ما أدى إلى فتح باب المصرف وإخراجه كما الموظفين المحتجزين، فيما قام المودعون المتظاهرون أمام المصرف برشق القوى الأمنية بعبوات المياه، وسط حالة من البلبلة.

بسام الشيخ حسين بعد تسليم نفسه لقوى الأمن (أ.ف.ب)

وكان وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي قد تابع من غرفة عمليات المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي مع كل من المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ورئيس شعبة المعلومات العميد خالد حمود، المفاوضات التي تُجريها شعبة المعلومات لتحرير المحتجزين داخل فرع «فدرال بنك» في الحمرا، والإجراءات المتخَذة من القوى الأمنية، مؤكداً حرصه على حماية أمن المواطنين جميعاً.
وأكد الشيخ حسين أنه دخل المصرف بهذه الطريقة للمطالبة بأمواله التي تبلغ 210 آلاف دولار (ولدى أخيه مبلغ 500 ألف دولار) بأن والدهما دخل المستشفى منذ فترة لإجراء عملية من دون استطاعته دفع تكاليفها.
وقال شقيقه لوسائل إعلام لبنانية: «والدنا في المستشفى وقد استدنّا لعلاجه ولا قدرة لنا على تأمين المبلغ المطلوب في حين أن أموالنا محتجزة في المصرف... ولا مشكلة لدينا بدخول أخي إلى السجن».
وفي خطوة منهم لدعم المودع من جهة ولتهدئته من جهة أخرى، دعت جمعية المودعين ورابطة الدفاع عن المودعين إلى التجمع أمام المصرف خلال وجود الشيخ حسين داخله في محاولة منهم لعدم انزلاق الأمور إلى الأسوأ، في وقت نُقل عن مدير المصرف قوله إنه لا يملك كامل المبلغ في الفرع الموجود فيه.

وحمّل أحد مؤسسي رابطة الدفاع عن المودعين والباحث الاقتصادي نزار غانم، مسؤولية ما يحصل للسلطة السياسية والقضائية على حدٍّ سواء، متوقعاً أن نشهد في المرحلة المقبلة حوادث مماثلة في ظل غياب أي حلول لإعادة الأموال إلى أصحابها. وفيما ذكّر غانم بحادثة المودع عبد الله الساعي الذي قام بنفسه بالحصول على أمواله البالغ قيمتها 50 ألف دولار أميركي بعدما هدّد موظفي المصرف في جب جنين في البقاع، قال لـ«الشرق الأوسط»: «اليوم نرى المشهد نفسه لأن المشكلة عامة وليست هناك من آلية حقوقية وُضعت لاستحصال المودعين أموالهم»، بل على العكس من ذلك تقوم السلطة السياسية بمحاولة إقرار قوانين على غرار الكابيتال كونترول والسرية المصرفية تعطي براءة ذمة للمصارف وللمصرف المركزي، سائلاً: «إذا كانت المصارف مفلسة لماذا لا يتم تسييل أملاكها لتسديد أموال المودعين؟». ويلفت غانم إلى أنه وفق تقرير البنك الدولي فإن أزمة لبنان مفتعلة والحل ممكن لكنّ النافذين في لبنان يوقفونه».
من جهته، رأى رئيس جمعية المودعين اللبنانيين حسن مغنية أن «سياسة اللامبالاة التي اعتُمدت بشأن حقوق المودعين في المصارف أوصلتنا إلى ما نشهده الآن»، محذراً من أنه «إذا لم تعالَج الأمور سريعاً مع ضمان حقوق المودعين، فإن الوضع سيتفاقم أكثر وسنشهد حالات كثيرة من هذا النوع، إذا لم تتبلور الصورة وتعلن الحكومة والمعنيين على أي أساس ستحفظ حقوق المودعين». وحمّل مغنية «السلطة السياسية والمؤسسات المصرفية في لبنان مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع».
وأعادت حادثة الشيخ حسين إلى الأذهان حوادث مماثلة وقعت منذ بدء الأزمة في لبنان عام 2019 ولا سيما ما قام به قبل أشهر المودع عبد الله الساعي الذي عمد إلى أخذ أمواله بالقوة وقيمتها 50 ألف دولار أميركي وسلّم نفسه إلى القوى الأمنية بعدما تمكّن من تهريب المبلغ إلى زوجته، ليعود بعدها القضاء ويطلق سراحه بعد احتجازه نحو 16 يوماً مقابل كفالة مالية قيمتها 200 ألف ليرة لبنانية. وهذه الحادثة ذكّر بها غانم، مؤكداً أن «ما قام به الساعي ليس جرماً كسرقة الأموال لأنه استعاد أمواله التي يحتجزها المصرف، وهو ما من شأنه أن يفتح الباب أمام محاولات مماثلة في المرحلة المقبلة من المودعين الذين يعانون من المشكلة نفسها في بلد بات نحو 80 في المائة من أبنائه تحت خط الفقر».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

الحساسيات العشائرية السورية تهدد النفوذ الإيراني في البوكمال

صورة نشرها «المرصد السوري لحقوق الإنسان» لعناصر من الميليشيات الإيرانية
صورة نشرها «المرصد السوري لحقوق الإنسان» لعناصر من الميليشيات الإيرانية
TT

الحساسيات العشائرية السورية تهدد النفوذ الإيراني في البوكمال

صورة نشرها «المرصد السوري لحقوق الإنسان» لعناصر من الميليشيات الإيرانية
صورة نشرها «المرصد السوري لحقوق الإنسان» لعناصر من الميليشيات الإيرانية

لا تزال التوترات تتفاعل في مدينة البوكمال وريفها على الحدود السورية العراقية، شرق دير الزور، التي تعد من أكبر قواعد النفوذ الإيراني في سوريا، رغم مساعي السلطات المحلية السورية لاحتواء التوتر الذي أدى إلى حدوث اشتباكات بين أبناء العشائر وميليشيا «الفوج 47» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني. وأفادت مصادر إعلامية محلية بأن مجموعة من أبناء عشيرة «الحسون» قامت باختطاف عنصر من ميليشيا «الفوج 47» وأحرقت سيارته، الجمعة، قبل تسليمه للسلطات الحكومية السورية، وذلك بعد إزالة حواجز عدة «للفوج 47» من منطقة البوكمال. وقالت مصادر أهلية في دير الزور إن زعيم عشيرة الحسون، الشيخ أيمن دحام الدندل، المعروف بولائه لدمشق، التقى مع مسؤولين أمنيين وحزبيين سوريين تعهدوا بإلقاء القبض على المتورطين في اعتداء على منزله من قبل. كما أشارت المصادر إلى رفض زعماء وجهاء عشيرة «الحسون» وأبناء عمومتهم التفاوض مع متزعمي الميليشيات الإيرانية، داعين إلى طردها من البوكمال. وأكدت المصادر أن وضع الميليشيات الإيرانية في المنطقة لا يحتمل إثارة العشائر العربية ضدها، لا سيما أن كثيراً من أبناء العشائر مجندون في صفوفها، وأي مواجهة مع العشائر التي تعد موالية لدمشق ستتسبب بتصدعات داخل الميليشيات.

مقاتلون من العشائر في البوكمال (متداولة)

ووفق المصادر، فإن «الحرس الثوري» الإيراني بات يعتمد أكثر على عناصره من غير الجنسيات السورية (عراقية وأفغانية وباكستانية وإيرانية)، وهو ما أثار استياء المجتمع المحلي. ومنذ سيطرة القوات الحكومية والميليشيات الرديفة التابعة لإيران، على مناطق في دير الزور والبوكمال بعد طرد تنظيم «داعش» منها عام 2017، أنشأت إيران مقرات عسكرية على امتداد الحدود مع العراق، بهدف تأمين الطريق البري الواصل بين إيران وسوريا عبر جنوب العراق، حيث يوجد أكبر عدد من عناصر الميليشيات التابعة لإيران في البوكمال، منهم ميليشيا «فاطميون» و«حزب الله» و«النجباء» و«عصائب أهل الحق» بتعداد يقدر بنحو 800 عنصر، بالإضافة إلى «الفوج 47» الذي لا تتوفَّر معلومات حول عدد عناصره.

ومنذ بدء التصعيد الإسرائيلي ضد «حزب الله» بلبنان في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي أصبحت البوكمال وجهة رئيسية لعناصر الحزب وعائلاتهم الآتية من لبنان تمهيداً لانتقالهم إلى العراق. وجاء تفجر التوتر في البوكمال في وقت تعمل فيه إيران على إعادة تموضع ميليشياتها في سوريا على خلفية الاستهداف الإسرائيلي لمواقعها داخل الأراضي السورية.