العالم يتساءل: هل عبر التضخم الأميركي ذروته؟

تباطأ في يوليو إلى 8.5 %

كان تراجع أسعار البنزين في يوليو أحد أهم عوامل تباطؤ التضخم الأميركي (أ.ب)
كان تراجع أسعار البنزين في يوليو أحد أهم عوامل تباطؤ التضخم الأميركي (أ.ب)
TT

العالم يتساءل: هل عبر التضخم الأميركي ذروته؟

كان تراجع أسعار البنزين في يوليو أحد أهم عوامل تباطؤ التضخم الأميركي (أ.ب)
كان تراجع أسعار البنزين في يوليو أحد أهم عوامل تباطؤ التضخم الأميركي (أ.ب)

مع نشر أحدث بيانات التضخم الأميركي، والتي أظهرت تباطؤاً أكبر من المتوقع، رغم بقاء المعدلات في منطقة هي الأعلى في 40 عاماً، دار التساؤل - ربما الأهم على مستوى العالم حالياً - هل عبر التضخم الأميركي ذروته بالفعل ما يدفع للاطمئنان إلى أن أكبر اقتصاد في العالم يمكن أن يكون في سبيله للمروق من «عنق زجاجة» إحدى أكبر أزماته في العصر الحديث؟ أم أن الأمر يعتمد بالأساس على عوامل وقتية ربما تمضي لحالها، تاركة الاقتصاد الأميركي - والعالمي - في دوامة مخاطر الركود التضخمي؟
وسجل التضخم الأميركي تباطؤاً أكبر مما كان متوقعاً في يوليو (تموز)، خصوصا بفضل أسعار الوقود في المحطات، لكنه ما زال كبيرا جدا مما قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) إلى رفع أسعار الفائدة بشكل حاد مجددا.
وارتفعت أسعار الاستهلاك بنسبة 8.5 في المائة في يوليو على أساس سنوي حسب مؤشر أسعار المستهلك الذي نشرته وزارة العمل الأربعاء. وعلى مدار شهر واحد، بلغ التضخم صفراً، مما يعني أن الأسعار وخلافا لكل التوقعات، لم ترتفع مقارنة بشهر يونيو (حزيران) السابق عليه.
وكان اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا ارتفاعا بنسبة 0.2 في المائة في مؤشر أسعار المستهلكين الشهري في يوليو في أعقاب انخفاض بنحو 20 في المائة في تكلفة البنزين. وارتفعت أسعار البنزين في النصف الأول من هذا العام بسبب الحرب في أوكرانيا.
وأشار مجلس الاحتياطي الاتحادي إلى أن هناك حاجة إلى الكثير من الانخفاضات الشهرية في مؤشر أسعار المستهلكين قبل أن يتخلى عن تشديد السياسة النقدية المتزايدة التي اتبعها لترويض التضخم الذي يبلغ أعلى مستوياته في أربعة عقود.
وبينما قد تشير الأرقام بوضوح لعبور ذروة الأزمة، ذكرت وكالة أنباء «أسوشيتيد برس»، أنه ربما يكون الأميركيون في النهاية استراحوا من ارتفاع الأسعار بلا هوادة، حتى مع توقع بقاء التضخم مرتفعا بشكل مؤلم لعدة أشهر.
وقالت الوكالة إن توقعات الاقتصاديين، إذا ثبتت صحتها، فسترفع الآمال بأن التضخم ربما يكون قد بلغ ذروته بالفعل، وأن مسار الأسعار المرتفعة بشكل قاسٍ قد بدأ في التراجع قليلا، في ظل إشارات أخرى تبعث على الأمل بأن وتيرة التضخم ربما تكون معتدلة.
وفي الوقت نفسه، تهدد مجموعة من التطورات الاقتصادية الأخرى باستمرار ضغوط التضخم المتزايدة، إذ إن وتيرة التوظيف قوية ومتوسط الأجور يرتفع بشكل حاد، وحتى مع انخفاض أسعار الغاز، فإن التضخم في الخدمات مثل الرعاية الصحية وأسعار الإيجار ووجبات المطاعم تتسارع وتيرتها، وتشير هذه الاتجاهات إلى أن التضخم الكلي قد لا ينخفض بشكل ملحوظ في أي وقت قريب.
من جانبه، أشار الرئيس الأميركي جو بايدن إلى انخفاض أسعار الغاز، كعلامة على أن سياساته، تساعد في مواجهة ارتفاع التكاليف التي أضرت بميزانيات الأسر، لا سيما بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض.
ويستعد مجلس النواب، يوم الجمعة المقبل، لموافقة الكونغرس النهائية على حزمة الضرائب والمناخ التي تم إحياؤها والتي دفع بايدن والنواب الديمقراطيون باتجاه تمريرها، ومن المتوقع أن يخفض مشروع القانون، الذي يهدف من بين أمور أخرى إلى تخفيف أسعار الأدوية عن طريق السماح للحكومة بالتفاوض بشأن تكاليف الأدوية، عجز الميزانية الفيدرالية بمقدار 300 مليار دولار على مدى عقد من الزمان.
ومع ذلك، يقول خبراء الاقتصاد إن هذا الإجراء، الذي أطلق عليه مؤيدوه قانون خفض التضخم، سيكون له تأثير ضئيل فقط على التضخم خلال السنوات الكثيرة القادمة على الرغم من أنه ربما يبطئ من زيادات الأسعار في وقت لاحق من العشر سنوات المقبلة.
وقال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إن الاحتياطي الفيدرالي بحاجة إلى رؤية تراجع في سلسلة من قراءات التضخم الأساسية الشهرية قبل أن يفكر في إيقاف رفع أسعار الفائدة.
ورفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، سعر الفائدة القياسي قصير الأجل خلال اجتماعاته الأربعة الماضية لتحديد سعر الفائدة، بما في ذلك زيادة قدرها ثلاثة أرباع نقطة في كل من يونيو ويوليو الماضيين، وهي أولى زيادات كبيرة بهذا الحجم منذ عام 1994. بينما تراهن الأسواق المالية على أن نظام الاحتياطي الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة عدة مرات هذا العام، إلى نطاق من 3.5 إلى 3.75 في المائة، ولكن سيتعين عليه في النهاية خفض أسعار الفائدة بحلول الصيف المقبل لأن التجار يتوقعون أن تؤدي المعدلات الأعلى إلى حدوث ركود.
وأظهر مسح أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك يوم الاثنين الماضي، أن الأميركيين يتوقعون الآن انخفاضا في التضخم في السنوات القليلة المقبلة مقارنة بما كانوا عليه قبل شهر.
وقال يونغ يو ما، كبير محللي الاستثمار في بنك «بي إم أو» الأميركي، إن توقعات التضخم المنخفضة قد تسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بالتفاعل بشكل أقل حدة مع التقارير، مثل الزيادة الكبيرة في معدلات التوظيف في الشهر الماضي، والتي تشير إلى أن الاقتصاد لا يزال قويا وأن التضخم ربما يظل مرتفعا.


مقالات ذات صلة

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

الاقتصاد يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
الاقتصاد إعلان توظيف على نافذة مطعم «شيبوتل» في نيويورك (رويترز)

الطلبات الأسبوعية لإعانات البطالة الأميركية تنخفض على غير المتوقع

انخفض، الأسبوع الماضي، على غير المتوقع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات بطالة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

مقترحات ترمب الاقتصادية تعيد تشكيل سياسة «الفيدرالي» بشأن الفائدة

قبل بضعة أسابيع، كان المسار المتوقع لبنك الاحتياطي الفيدرالي واضحاً. فمع تباطؤ التضخم وإضعاف سوق العمل، بدا أن البنك المركزي على المسار الصحيح لخفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.