محكمة تونسية تعلّق تنفيذ قرار رئاسي بعزل نحو 50 قاضياً

قررت المحكمة الإدارية، في تونس، أمس، تعليق تنفيذ قرار أصدره الرئيس قيس سعيّد بعزل نحو خمسين قاضياً، فيما أبقت عليه بحق عدد آخر منهم، وفق ما أفادت به مصادر قضائية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وقال المتحدث باسم المحكمة، عماد الغابري، إن المحكمة نظرت في 53 طعناً رُفعت إليها، موضحاً أن المشمولين بقرار وقف تنفيذ العزل يمكنهم استئناف عملهم، وأن قرار المحكمة سيُنشر في وقت لاحق. كما أوضح الغابري أن المحكمة علقت تنفيذ عزل عدد من القضاة «لأن ملفاتهم لم يتوفر فيها الموجب الواقعي والقانوني» للعزل، في حين أُبقي على عزل آخرين ملفاتهم «معللة وتوفر فيها موجب الإعفاء».
من جهته، قال عضو لجنة الدفاع عن القضاة المعزولين، المحامي كمال بن مسعود، لوسائل إعلام محليّة، إن قرار وقف التنفيذ شمل «نحو 50 قاضياً». لكن لم تتوضح على الفور أسماء القضاة الذين علّقت المحكمة الإدارية قرار عزلهم، علماً بأن مِن بين مَن أعفاهم سعيّد متحدثاً سابقاً باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، ومديراً عامّاً سابقاً للجمارك، ورئيساً سابقاً للمجلس الأعلى للقضاء.
وكان الرئيس التونسي قد أصدر، مطلع يونيو (حزيران) الماضي، مرسوماً يقضي بعزل 57 قاضياً، وبرّر قرار عزلهم بأنهم ارتكبوا تجاوزات، أبرزها «التستر على قضايا إرهابية»، و«الفساد»، و«التحرش الجنسي»، و«الموالاة لأحزاب سياسية»، و«تعطيل مسار قضايا».
وشمل الإعفاء أيضاً قضاة كانوا يشرفون على ما يُعرف بملف قضيّة «الجهاز السرّي» المتعلق بالتحقيق في اغتيال سياسيين اثنين في عام 2013، كما حلّ سعيّد «المجلس الأعلى للقضاء» في فبراير (شباط) الماضي، الهيئة الدستورية المستقلة، التي تأسست في عام 2016، والتي تعمل على ضمان استقلالية القضاء في البلاد، وعيّن بدلاً منه مجلساً أعلى مؤقتاً للقضاء.
ونتيجة لهذه القرارات، نفّذت ستّ نقابات للقضاة إضراباً تواصل لأكثر من ثلاثة أسابيع، قبل أن تعلّقه ثلاث نقابات «مؤقتاً». كما نفّذ ثلاثة قضاة جرى عزلهم إضراباً عن الطعام، قاموا بإنهائه قبل نحو أسبوع «بتوصيات من الأطباء»، وفق ما صرّح حينها رئيس جمعية القضاة التونسيين، أنس الحمادي.
من جهته، قال المستشار بمحكمة التعقيب، محمد عفيف الجعايدي، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، أمس، إن المحكمة الإدارية «طبقت القانون، وقرارها أعلى قوة من الأمر الرئاسي»، مضيفاً أنه «يتعين تطبيق قرار المحكمة على الفور، وهو ما يعني عودة القضاة المعزولين إلى أعمالهم حالاً».
وتتهم نقابات القضاء الرئيس بتصفية قضاة سياسياً، وضرب استقلالية القضاء، واعتماد تقارير سرية في قرارات العزل دون العودة إلى الهياكل التأديبية المتخصصة، فيما يردد الرئيس سعيد أنه يريد تصحيح مسار الثورة، التي أطاحت بنظام الحكم السابق في عام 2011، ومكافحة الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة والقضاء.
بدوره، قال المحامي وعضو هيئة الدّفاع عن القضاة المعفيين، كامل بن مسعود، لوكالة «رويترز»، أمس، إن المحكمة رفضت استئناف سبعة قضاة آخرين على الأقل، مبرزاً أن القضاة الذين لم تتم الاستجابة لمطالبهم بإيقاف تنفيذ قرار إعفائهم لا يمكنهم الاستئناف، لكنه أشار في المقابل إلى أنه بإمكانهم تقديم مطالب جديدة في إيقاف تنفيذ قرار إعفائهم، في حال وجود معطيات جديدة تنفي عنهم التتبع الجزائي.