جونا وسر قدرتها في التنويم المغناطيسي؟

أشيع عنها طاقاتها الهائلة التي أذهلت البعض

جونا وسر قدرتها في التنويم المغناطيسي؟
TT

جونا وسر قدرتها في التنويم المغناطيسي؟

جونا وسر قدرتها في التنويم المغناطيسي؟

آشورية الأصل (يفغينيا دافيتاشفيلي) التي اشتهرت باسم «جونا»، ولدت في منطقة كراسنودار بجنوب غربي روسيا. كانت جونا المعالجة الروحانية التي تعمل سرًا مع مسؤولين من الكرملين، حسبما قال المنتج الموسيقي إيغور ماتفيينكو الذي تزوجها لشهر واحد فقط، في أواخر الثمانينات.
تعرف جونا عن نفسها على أنّها عالمة فلك وشاعرة، كما تدّعي امتالكها لقوى تعالج السرطان وتطيل العمر، مما دفع النخب في موسكو إلى الاصطفاف لتلقي علاجاتها التي بدأت عام 1970.
لطالما تباهت جونا بأصولها الآشورية فلقّبت بـ «الملكة الأشورية». وذاع صيتها في نهاية سبعينات القرن الماضي في مدينة تبليسي (عاصمة جورجيا حاليا)، ونقلت بعدها إلى موسكو لتعالج مسؤولا حزبيا كبيرًا آنذاك، وبعد تعافي المسؤول سكنت جونا في شارع أربات الشهير بالعاصمة موسكو، بالقرب من الكرملين. وقيل إن الأمين العام للحزب الشيوعي السوفيتي ليونيد بريجنيف المصاب بعدة أمراض كان يستدعيها دائما ويلجأ لخدماتها في الطب الشعبي للتخفيف من آلام أمراضه. وكانت سيارات الليموزين الموفدة من الكرملين تأتي بانتظام لتأخذها من شقتها التي تحولت إلى مقصد يتوافد إليه السياسيون والفنانون للاستشارة. وعرفت بتكتمها، فلم تكن يومًا تكشف عن المشورات التي تقدمها.
وفي فترة تألقها دار جدل بين العلماء تناولته صفحات الجرائد والمجلات، يتساءل عن قدرة جونا في معالجة الأمراض، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أصبحت هي نفسها موضوع محاجات عنيفة، وخضعت لأبحاث علمية دقيقة استمرت طوال ثلاث سنوات في مختبر معهد التقنية اللاسلكية والالكترونية. وقد أثبتت التجارب حقيقة أن يدي جونا تسخنان أثناء استخدامها لهما في عمليات علاجية، إلى درجة تتمكنان معها من التأثير بجلد الانسان عن بعد وتأثيرهما قوي خصوصا في أماكن الألم. واستنتج أن هذه الظاهرة عبارة عن «تدليك من دون لمس»، بواسطة الأشعة تحت الحمراء التي تنبعث من يدي جونا التي تمتلك هبة الادراك فوق الحسي. وأظهرت التجارب أيضًا أنها تستطيع بقوة ارادتها زيادة قدرة مجالها البيولوجي عدة أضعاف؛ بحيث تستطيع جونا قياس ضغط الدم بنفس دقة الاجهزة الطبية، وتشخيص التهاب جذور الاعصاب واضطرابات نبضات القلب وغيرها العديد من الأمراض المستعصية.
وفسّر بعض العلماء «ظاهرة جونا» على أنها عبارة عن تنويم مغناطيسي يخفف عن المريض حالته النفسية. فالتنويم المغناطيسي قادر على شفاء المرضى.
وقد صدر في أواخر الثمانينات في كلّ من النمسا وألمانيا وسويسرا، كتاب بعنوان «جونا»، وكان من أكثر الكتب رواجا، كما كرست لها إحدى أكبر الشركات التلفزيونية الاميركية برنامجا يستغرق ساعة ونصف الساعة تحت اسم «جونا تبوح بأسرارها».
مارست جونا الطب الشعبي وكانت منجمة وفيلسوفة وفنانة تشكيلية، وقد أعلنت نفسها أنّها «آخر ملكة آشورية» للشعب الآشوري.
منحت لقب بطلة العمل الاشتراكي للاتحاد السوفيتي ووسام صداقة الشعوب. ولديها عضوية في المجلس الاستشاري لدى الرئاسة الروسية واتحاد الرسامين الروس واتحاد الكتاب الروس.
ولكن بعد مقتل ابنها الوحيد في حادث مرور عام 2001، عاشت في عزلة عن البشر. وقيل إنها فقدت قدرتها الساحرة على شفاء الناس.
فارقت الحياة في 8 يونيو (حزيران) الحالي، عن عمر ناهز 66 سنة.
وقال رئيس مدرسة التنجيم الروسية ألكسندر زارايف إن «أبراجها»، يمكن أن تقارن بأبراج الشاعر فيسوتسكي من حيث تأثيرها على روح الشعب. مضيفًا «لقد حكم عليها بأن تكون متنبئة عصرها، وأن تكون صاحبة رسالة سامية تهدف إلى تنوير أبناء الشعب. فهي لم تمت لأن علم التنجيم لا يعرف الموت. لقد غيرت شكل العيش بانتقالها من العالم الثلاثي الأبعاد إلى عالم متعدد الأبعاد».



القاهرة الخديوية «المرهَقة» تسعى إلى استعادة رونق الزمن الجميل

ميدان طلعت حرب في قلب القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)
ميدان طلعت حرب في قلب القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)
TT

القاهرة الخديوية «المرهَقة» تسعى إلى استعادة رونق الزمن الجميل

ميدان طلعت حرب في قلب القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)
ميدان طلعت حرب في قلب القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)

جولة قصيرة في شوارع القاهرة الخديوية، المعروفة بوسط البلد، كافية لإدراك الثروة المعمارية التي تمثّلها المنطقة، ما بين طُرز معمارية متنوّعة، وأنماط في البناء وتخطيط للشوارع، وزخارف ورسوم على الواجهات التراثية، تعكس حسّاً فنياً يستدعي نوستالجيا من عصور مضت.

وتعرَّضت القاهرة الخديوية في الأعوام الـ50 الماضية إلى طفرات من النزوح والتغيير، ليقبع هذا الحيّ الذي أمر الخديوي إسماعيل ببنائه عام 1872، بهدف محاكاة باريس، تحت وطأة التحوّلات الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية. ويبدو أنّ طبيعة المكان بوصفه مركزاً تجارياً جعلته عرضة لتغييرات جذرية نالت من هيئة مبانيه وعادات سكانه وروحه.

تسعى مصر إلى استعادة القاهرة الخديوية برونقها القديم، وهو ما أكده رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، لتصبح هذه المنطقة جاذبة سياحياً وتجارياً وثقافياً؛ معلناً أنّ مشروع التطوير سيتطلّب تخصيص عدد من شوارع القاهرة الخديوية للمشاة فقط.

يأتي هذا التوجه ضمن خطة يُشرف عليها الجهاز القومي للتنسيق الحضاري تتضمّن 4 مراحل، وفق ما يورده الجهاز في كتابه السنوي. وتستهدف الخطة تطوير منطقة وسط المدينة وإعادة إحيائها، وتحويل مشروع القاهرة الخديوية وجهةً سياحيةً وثقافيةً عالميةً، مع تعزيز رونق العاصمة التاريخي والحضاري، بالتعاون بين الجهاز ومحافظة القاهرة والجهات المعنية.

ممر «بهلر» من الطُرز المعمارية المميّزة في القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)

وزار عدد من المسؤولين، قبل أيام، مُثلث البورصة وشارع الشريفين لرفع كفاءتهما، وكذلك رفع كفاءة شارع الألفي وسرايا الأزبكية، والشوارع المتفرّعة منها. وأعلن الجهاز التدخّل على مستويين، هما التصميم العمراني وتطوير الواجهات، وفق تصوّر لإعادة إحياء الميادين الرئيسية في القاهرة الخديوية والمباني التراثية المطلّة عليها.

وقد رُمِّمت واجهات المباني وعُدِّلت واجهات المحلات، وأُزيلت جميع التعدّيات والمخالفات على واجهات المباني التراثية، في نطاق شارع قصر النيل، بدايةً من ميدان طلعت حرب، حتى ميدان مصطفى كامل، وفق إفادة رسمية.

وخلال مداخلة تلفزيونية، أكد عضو اللجنة العليا في جهاز التنسيق الحضاري، الدكتور أسامة النحاس، مواصلة العمل بشكل مكثّف على مشروع «تطوير القاهرة الخديوية»، لإعادة القاهرة التاريخية إلى سابق عصرها بكونها واحدةً من أهم المدن التراثية في العالم وأكبرها؛ موضحاً أن «جميع التعدّيات أُزيلت مِن على الواجهات والمباني التاريخية، سواء من المحلات أو الإعلانات وجميع الإشغالات التي تشوّه الصورة البصرية للقاهرة الخديوية»، ومؤكداً الحرص على تعزيز رونق العاصمة التاريخي والحضاري الناجم عن تفاعل العمارة المصرية الفرعونية بالغربية.

في المقابل، أشار متخصّصون في العمارة التاريخية، من بينهم مديرة «بيت المعمار المصري» سابقاً، الدكتورة هبة صفي الدين، إلى أكثر من مسار لتطوير القاهرة الخديوية، موضحة لـ«الشرق الأوسط» أنّ «التطوير لا يقتصر على الأنماط المعمارية فقط، وإنما يمتدّ لاستعادة روح المكان، وما يمثّله من تاريخ عريق، إلى جانب ترميم وإعادة تأهيل المباني ذات الطراز المعماري المميّز».

أحد العقارات قيد التطوير (الجهاز القومي للتنسيق الحضاري)

وكلّف الخديوي إسماعيل، المعماري الفرنسي هاوسمان، بتصميم القاهرة الخديوية وتنفيذها في وسط مدينة القاهرة عام 1867، وتصل المساحة التي خُصصت لذلك إلى 20 ألف فدان، وتضمَّنت طُرزاً معمارية فريدة أسهم فيها معماريون فرنسيون وإيطاليون وألمان ومصريون، وفق خبراء ومؤرخين.

وتشهد منطقة وسط البلد أعمال تطوير وترميم؛ الأمر الذي يظهر في واجهات عدد من المباني، لتستعيد طابعها المعماري التراثي. وبعضها، إنْ لم يكن تراثياً، فله طراز معماري مميّز، وفق تصريح تلفزيوني لرئيس جهاز التنسيق الحضاري، المهندس محمد أبو سعدة، الذي أشار في السياق عينه إلى وجود خطة موسَّعة لتطوير منطقة وسط البلد، واستخدام المباني التاريخية بالطريقة المناسبة.

وبالتوازي والتنسيق مع الجهود الحكومية، تعمل شركة «الإسماعيلية» التي تمتلكها مجموعة من رجال الأعمال على ترميم وإعادة تأهيل 25 عقاراً ضمن أصول الشركة بوسط البلد، «القاهرة الخديوية»، باستثمارات وصلت إلى نحو 500 مليون جنيه (الدولار يساوي 50.56 جنيه مصري)، وفق تصريحات إعلامية سابقة لرئيسها.

«الحفاظ على القاهرة الخديوية نمطاً حضارياً في المعمار يجب أن توازيه استعادة ثقافة المكان عبر سلوك البشر، فلا يصحّ ترك الأمر لتغيّرات الزمن التي سمحت للعشوائية بالزحف إلى أماكن عدّة في وسط البلد»، وفق صاحب مشروع «القاهرة عنواني»، محمود التميمي، لاستعادة الطابع التراثي وروح المدينة، الذي يشيد بجهود جهات عدّة تسعى إلى استعادة رونق القاهرة الخديوية، لكنه يُشدّد على ضرورة ربط تطوير المعمار وترميمه بالحفاظ على سلوكيات المكان وثقافته.

مبنى تراثي مفترض ترميمه في المرحلة الثالثة (الجهاز القومي للتنسيق الحضاري)

وتضمّ القاهرة التاريخية أحياء عدّة، مثل: عابدين، وقصر النيل، والزمالك، وبولاق أبو العلا، وميادين التحرير وطلعت حرب ومصطفى كامل والأوبرا بالعتبة؛ وشوارع شهيرة؛ مثل: قصر النيل، وطلعت حرب، وباب اللوق، وشريف، وعدلي، ونوبار، وعماد الدين، ومحمد فريد، و26 يوليو (شارع فؤاد سابقاً).

وبينما يستعيد صاحب مشروع «القاهرة عنواني» نمطاً مميّزاً للنوادل في أربعينات القرن الماضي وخمسيناته، حين كانوا يرتدون أزياء أنيقة تتمثّل في القميص الأبيض وربطة العنق على شكل فراشة، والجاكيت الأبيض، والبنطلون الأسود، كما في أفلام الأبيض والأسود؛ يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا يصحُّ أن تُرمَّم وتُطوَّر العقارات المميّزة، ثم أجد تحتها مقهى يضمّ كراسي بلاستيكية، ونادلاً يرتدي الجينز و(تي شيرت) غريب و(شبشب) في قدمه». ويوضح: «على كراسي المقاهي في هذه المنطقة التحلّي بـ(كود) يُوضع بطريقة تليق بطبيعة المكان ولا يتحرّك من مكانه».

وفي كتابه «مقتنيات وسط البلد»، يرصد الكاتب المصري الراحل مكاوي سعيد عدداً من الأماكن التي لا تزال تحتفظ ببريقها، وكان لها دور فاعل في الحياة الثقافية والترفيهية في القاهرة التاريخية والحكايات التي تدور حولها، مثل: مقاهي «ريش»، و«غروبي»، و«النادي اليوناني»، و«ستوريل»، و«أسترا»، و«علي بابا»، وقهوة «الحرية»، وكثير من الأماكن التي لا يزال بعضها باقياً، والآخر أزاحته محلات الأحذية والوجبات السريعة.

ويلفت إلى أنّ بعض الأماكن الثقافية والترفيهية، مثل: «كلوب محمد علي»، وهو حالياً «النادي الدبلوماسي»، و«كافيه ريش»، لعبت دوراً في تطوّر الحياة الثقافية والفنّية في مصر، مضيفاً: «كذلك فندق (سافوي) الذي بُنيت مكانه عمارات (بهلر)، ودور العرض السينمائي التي اشتهرت بها المنطقة، ومنحتها طابعاً ثقافياً مميّزاً نتمنّى استعادته ضمن خطط التطوير الجديدة».