المساحات والمعارض الفنية في السعودية تؤشر لحقبة ثقافية جديدة

تتسع جدران المعارض لأعمال التعبير والتأمل لدى فنانين ومبدعين من السعودية والعالم (واس)
تتسع جدران المعارض لأعمال التعبير والتأمل لدى فنانين ومبدعين من السعودية والعالم (واس)
TT

المساحات والمعارض الفنية في السعودية تؤشر لحقبة ثقافية جديدة

تتسع جدران المعارض لأعمال التعبير والتأمل لدى فنانين ومبدعين من السعودية والعالم (واس)
تتسع جدران المعارض لأعمال التعبير والتأمل لدى فنانين ومبدعين من السعودية والعالم (واس)

تحمل مواسم الفن التي تستضيفها المدن السعودية باستمرار، في شكل معارض فنية ومتاحف تاريخية ومساحات لألوان متعددة من الفنون، تجسيداً لحقبة ثقافية جديدة يشهدها القطاع الفني والإبداعي، بعد أن أطلقت «رؤية 2030» وعداً بتطوير حالة الفن والثقافة، وزيادة مستوى مشاركة الفنانين والمبدعين في دعم مشاريع الوعي والفكر والفن والثقافة ضمن معادلة بناء المستقبل.
وبين معارض محلية، تتسع جدرانها لأعمال التعبير والتأمل لدى فنانين ومبدعين من السعودية، وبين مشاركات في محافل ومعارض دولية، تسافر عبرها أعمال الفنانين السعوديين، وتحمل على متنها وجهات نظر مبتكرة وجديدة تجاه الحياة، وتعكس مضامين الأوعية الفكرية والاجتماعية الجديدة التي تختبرها السعودية في زمنها الثقافي الراهن.

يأتي هذا، بعد أن كان الرعيل الأول من فناني السعودية يلوذون باجتهاداتهم ومبادراتهم الشخصية، التي أسست نواة لحالة فنية قطعت أشواطاً في المجالات التعبيرية، واستضافة المعارض الفنية، منذ حقبة السبعينات وما تلاها، قبل أن تطلق «رؤية 2030» منظومتها التي تلبي طموحات الفنانين والمبدعين، وتتوج تلك الجهود بإنشاء وزارة الثقافة عام 2018 التي انخرطت مباشرة في إطلاق المبادرات وتنظيم الفعاليات لتطوير القطاع الثقافي السعودي بمختلف مساراته الإبداعية.
وعبر مجموعة من العاملين في الحقول الفنية المختلفة، في حديث مع «الشرق الأوسط»، عن تفاؤلهم بالمرحلة المقبلة، وأن عدداً من القرارات التي صدرت، وعلى رأسها توجيه الدوائر الحكومية بقصر اقتناء الأعمال الفنية على إنتاج المبدعين من السعودية، فضلاً عن مواسم سخية بمواعيد الفن والمعارض والمناسبات التي تضمنتها الاستراتيجية الوطنية للثقافة، وأثر ذلك في انتعاش حالة الفن وترويج الثقافة السعودية وتشجيع القطاع الثقافي المحلي وزيادة المشاركة المجتمعية.

وأكدت الفنانة نجلاء محمد السليم، أن حالة الفن في السعودية، تعيش مرحلة ذهبية مشجعة، قد تكون هي الأولى من نوعها، منذ ازدهر الفن في السبعينات، وكان للسعودية خلالها حضور فني ووجهة تشكيلية إبداعية قيمة، ولكن ذلك الازدهار لم يكن بنفس مستوى ما تعيشه الحقول الفنية في السعودية اليوم.
وأضافت «كان حضور الفنانين في تلك الفترة يعكس بيئتهم وقناعاتهم الإبداعية، عبر مشاركاتهم الدولية، ومن خلال الاجتهادات الشخصية للفنانين، كمعارض شخصية خارج المملكة، أو جهود مدعومة في المعارض الجماعية خارج البلاد وداخلها، إما من رعاية الشباب أو وزارة الثقافة والإعلام أو جمعية الثقافة والفنون».
وأشارت السليم إلى أن ما تبنته «رؤية 2030» من تشجيع لحالة الفن والاهتمام به، متضمناً الكثير من أشكال الاهتمام والرعاية بالفنون المتعددة، ومن بينها حرف إنسانية كادت تندثر لولا الروح الجديدة التي بثتها الرؤية في كل المجالات والقطاعات، عبر تأسيس 11 هيئة متخصصة تحت مظلة وزارة الثقافة، والدفع بعجلة الفنون وحراكها بتسارع غير مسبوق.

وأكدت على أهمية أن يكون كل أطراف العملية الفنية، الفنان والمتلقي والرعاة، على قدر المسؤولية من الوعي والإدراك الحضاري في قراءة المرحلة بطريقة سوية وصحيحة، حتى يتم استثمارها على نحو ناجح ومنتج.
من جهتها، قالت الفنانة إلهام الدوسري، بأن حالة الفن تمر بمرحلة صحية في السعودية، يتمتع فيها الفنان، بزمن مختلف ومجتمع متجدد ومتطلع لتطوير علاقته مع الفن.

وأضافت «نحن في مرحلة تحول جديدة، تحتم على الفنانين أن يتعلموا من جديد، لبناء وعي حديث، نتوقف معه عن استقطاب المدارس والأساليب الفنية ومناهج النقد من الخارج، ونطور ما يناسبنا ويعبر عن مجتمعنا، وفهم التكوين الاجتماعي والتشكل الفني بطريقة موضوعية، والدمج بين تجارب المرحلة السابقة، وأنواع الفنون التقليدية التي كان لها حضور واسع، مثل الفن التشكيلي والنحت، في سياق من التطور مع الفن الحديث والمعاصر».


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

أطلقت السعودية خدمة التأشيرة الإلكترونية كمرحلة أولى في 7 دول من خلال إلغاء لاصق التأشيرة على جواز سفر المستفيد والتحول إلى التأشيرة الإلكترونية وقراءة بياناتها عبر رمز الاستجابة السريعة «QR». وذكرت وزارة الخارجية السعودية أن المبادرة الجديدة تأتي في إطار استكمال إجراءات أتمتة ورفع جودة الخدمات القنصلية المقدمة من الوزارة بتطوير آلية منح تأشيرات «العمل والإقامة والزيارة». وأشارت الخارجية السعودية إلى تفعيل هذا الإجراء باعتباره مرحلة أولى في عددٍ من بعثات المملكة في الدول التالية: «الإمارات والأردن ومصر وبنغلاديش والهند وإندونيسيا والفلبين».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق «ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

«ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

تُنظم هيئة الأفلام السعودية، في مدينة الظهران، الجمعة، الجولة الثانية من ملتقى النقد السينمائي تحت شعار «السينما الوطنية»، بالشراكة مع مهرجان الأفلام السعودية ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء). ويأتي الملتقى في فضاءٍ واسع من الحوارات والتبادلات السينمائية؛ ليحل منصة عالمية تُعزز مفهوم النقد السينمائي بجميع أشكاله المختلفة بين النقاد والأكاديميين المتخصصين بالدراسات السينمائية، وصُناع الأفلام، والكُتَّاب، والفنانين، ومحبي السينما. وشدد المهندس عبد الله آل عياف، الرئيس التنفيذي للهيئة، على أهمية الملتقى في تسليط الضوء على مفهوم السينما الوطنية، والمفاهيم المرتبطة بها، في وقت تأخذ في

«الشرق الأوسط» (الظهران)
الاقتصاد مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

تجاوز عدد المسافرين من مطارات السعودية وإليها منذ بداية شهر رمضان وحتى التاسع من شوال لهذا العام، 11.5 مليون مسافر، بزيادة تجاوزت 25% عن العام الماضي في نفس الفترة، وسط انسيابية ملحوظة وتكامل تشغيلي بين الجهات الحكومية والخاصة. وذكرت «هيئة الطيران المدني» أن العدد توزع على جميع مطارات السعودية عبر أكثر من 80 ألف رحلة و55 ناقلاً جوياً، حيث خدم مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة النسبة الأعلى من المسافرين بـ4,4 مليون، تلاه مطار الملك خالد الدولي في الرياض بـ3 ملايين، فيما خدم مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة قرابة المليون، بينما تم تجاوز هذا الرقم في شركة مطارات الدمام، وتوز

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

براعم الذكاء الاصطناعي تفتحت في وادي الرافدين

براعم الذكاء الاصطناعي تفتحت في وادي الرافدين
TT

براعم الذكاء الاصطناعي تفتحت في وادي الرافدين

براعم الذكاء الاصطناعي تفتحت في وادي الرافدين

لطالما كانت منطقتنا في طليعة التطورات العلمية والفكرية على مر العصور، إذ كانت بلاد ما بين النهرين، التي غالباً ما يُشار إليها باسم «مهد الحضارة»، مركزاً لأقدم أشكال الكتابة والرياضيات والهياكل الاجتماعية المعقدة.

السومريون والبابليون

وابتكر السومريون، الذين سكنوا هذه المنطقة نحو 3000 قبل الميلاد، نظام الكتابة المسمارية على ألواح الطين، ما أتاح لهم توثيق بعض أقدم الخوارزميات المسجلة. وقد استخدمت هذه الخوارزميات لأغراض متعددة مثل حساب مساحات الأراضي، وتوزيع الموارد، والرصد الفلكي.

ثم جاءت الحضارة البابلية التي حققت تقدماً كبيراً في مجال الرياضيات. إذ طوّر البابليون نظاماً عددياً يعتمد على قاعدة 60، ما زال يُستخدم اليوم في قياس الوقت والزوايا. كما أبدع الرياضيون البابليون خوارزميات لحل المعادلات التربيعية والمشكلات الرياضية الأخرى. وهذه الطرق الحسابية الأولية وضعت الأساس لتفكير خوارزمي أكثر تعقيداً، مما مهّد الطريق لاستخدام الخوارزميات في مجالات أخرى كثيرة لاحقاً.

العصر الذهبي الإسلامي: ازدهار المعرفة

امتد العصر الذهبي الإسلامي من القرن الثامن إلى القرن الرابع عشر، وكان فترة ملحوظة من الإنجازات الفكرية والعلمية. فقد قدم العلماء في العالم الإسلامي إسهامات كبيرة في الرياضيات والفلك والطب والهندسة. ومن بين الشخصيات البارزة كان الخوارزمي، عالم الرياضيات، الذي قدم مفهوم الخوارزمية. وفي الواقع، اشتقت كلمة «الخوارزمية» من اسمه.

ألف الخوارزمي كتاب «الكتاب المختصر في حساب الجبر والمقابلة»، الذي وضع أسس علم الجبر. كانت طرقه في حل المعادلات الخطية والتربيعية ثورية، وأثرت في الرياضيات الإسلامية والأوروبية. ولعبت ترجمات أعماله إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر دوراً حيوياً في تطور الرياضيات في العالم الغربي.

علم التشفير والمنطق

وقدّم علماء آخرون مثل الكندي والفارابي إسهامات كبيرة في علم التشفير والمنطق، وهي مكونات أساسية في الذكاء الاصطناعي الحديث. إذ عمل الكندي على تحليل الترددات ووضع الأساس للتقنيات التشفيرية الحديثة، بينما أثرت استكشافات الفارابي في المنطق والفلسفة في التطورات اللاحقة في نظرية الحوسبة.

بهذا فإن أجدادنا قد وضعوا أسس الذكاء الاصطناعي من خلال اكتشاف اللغة المكتوبة والخوارزميات وعلم المنطق والتشفير، وهي الأساس الذي نبني عليه اليوم في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة التي تشكل جزءاً من حياتنا اليومية.